البيت المسيحي على صفيح ساخن: قرار قضائي بإيقاع سياسي يهدد بإشعال مواجهة بين "القوات" و"الكـتائب"

البيت المسيحي على صفيح ساخن: قرار قضائي بإيقاع سياسي يهدد بإشعال مواجهة بين

 

Telegram

كتب رشيد حاطوم

قرار قضائي يتعلق بملف عمره نصف قرن كفيل بإشعال أزمة سياسية جديدة داخل البيت المسيحي اللبناني. فتعيين وزير العدل الكتائبي عادل نصّار لقاضي تحقيق في جريمة اغتيال الوزير طوني فرنجية وعائلته في إهدن عام 1978، لم يكن مجرد إجراء قانوني روتيني، بل تحوّل فوراً إلى قنبلة سياسية أعادت فتح جراح الماضي وأطلقت شرارة مواجهة مفتوحة بين حزب "القوات اللبنانية" بقيادة سمير جعجع وحزب "الكتائب".

 

الخلفية الدموية: إهدن 1978

 

تشكل مجزرة إهدن الوجه الدموي الأبرز في الخلاف التاريخي بين القوى المسيحية، حيث قاد سمير جعجع بنفسه العملية المسلحة التي استهدفت منزل طوني فرنجية، ما أسفر عن مقتله وزوجته وابنته وعدد من مرافقيهم. العملية التي حاول جعجع تبريرها كـ"تحييد للقوة العسكرية لفرنجية"، بقيت في الذاكرة الجمعية للمسيحيين كجريمة تصفية سياسية بامتياز، ومقدمة لحروب الإلغاء الداخلي التي شهدها البيت المسيحي.

 

مسيرة مثيرة للجدل: من حرب الجبل إلى إسقاط عون

 

لم تتوقف المسيرة المثيرة للجدل لسمير جعجع عند إهدن، بل امتدت إلى محطات مفصلية أخرى شكلت جرحاً عميقاً في الوجدان المسيحي:

 

· حرب الجبل (1983-1984): أدت الاستراتيجيات العسكرية المتنافسة للقوات اللبنانية بقيادة جعجع إلى تهجير آلاف المسيحيين من مناطقهم التاريخية في الجبل، مما أفقد المسيحيين أحد أهم معاقلهم الديموغرافية والجغرافية.

· التآمر على العماد عون (1990): مثلت الضربة القاضية للبيت المسيحي، حيث انحاز جعجع إلى النظام السوري في حصاره للقصر الرئاسي في بعبدا، مما أسفر عن إسقاط آخر حكومة مسيحية منتخبة وتمكين الوجود السوري من البيت المسيحي.

 

السبب المباشر: "الطعنة السياسية"

 

اعتبرت قيادة "القوات اللبنانية" قرار وزير العدل الكتائبي "طعنة سياسية" موجّهة إليها. ووفقاً لمصادر مطّلقة، فإن القيادة رأت في إعادة فتح ملف "إهدن" بعد 46 عاماً محاولة مبيتة من "الكتائب" لاستهداف صورة سمير جعجع مباشرةً وتاريخه النضالي، وتسويق فكرة "المحاسبة على مجزرة إهدن" كسلاح في المعركة السياسية الدائرة بين الحزبين.

 

الرد الاستراتيجي: "حرب إلغاء سياسي"

 

لم تتردد "القوات" في الرد، حيث أعلنت عن نيتها خوض "حرب إلغاء سياسية" ضد "الكتائب". وتتمثل الخطة، وفقاً للمصادر ذاتها، في شن حملة ممنهجة تهدف إلى عزل الحزب المنافس مسيحياً وشعبياً، وذلك في مختلف الدوائر الانتخابية ذات الثقل المسيحي، واستمراراً حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة.

 

 العدالة كساحة صراع

 

في المقابل، تؤكد مصادر كتائبية أن التعيينات القضائية جاءت في إطار مسار إصلاحي أوسع وشملت ملفات عديدة، نافية أي نية لاستهداف جهة محددة. كما تشير إلى أن "العدالة لا يمكن أن تكون انتقائية"، وأن من يخاف من المحاسبة هو من لديه ما يخفيه.

 

الماضي يطغى على الحاضر

 

تُظهر هذه الأزمة، مرة أخرى، كيف أن جراح الماضي وآلياته لا تزال قادرة على تفجير الصراعات في الحاضر اللبناني. فالقرارات القضائية التي يفترض أن تخدم العدالة والمستقبل، تتحول بسرعة إلى أوراق في الصراع على النفوذ داخل البيت المسيحي، حيث يُستخدم الماضي سلاحاً، وتُستدعى الذاكرة للتجييش ضد الخصوم في معارك الحاضر، فيما تبقى الحقيقة أن جراحاً مثل إهدن ستظل نازفة في الذاكرة اللبنانية.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram