حراك جيل “زد” في المغرب.. مطالب اجتماعية بنكهة سياسية

حراك جيل “زد” في المغرب.. مطالب اجتماعية بنكهة سياسية

 

Telegram

منذ السبت الماضي، يُواظب “سليمان” وعدد من الشبان على القدوم عند الساعة الخامسة مساء إلى شارع محمد الخامس بالرباط، للاحتجاج على الحكومة المغربية والمطالبة بإصلاحات اجتماعية واقتصادية.

يبلغ سليمان 21 سنة ويدرس في إحدى المعاهد العليا الخاصة والمتخصصة في الهندسة المعلوماتية، بالنسبة له القدوم للاحتجاج هو تلبية لدعوة وطنية أطلقتها مجموعة شباب سُميت ب “GENZ212″، على تطبيق التواصل “Discord” الذي يستخدمه هو وزملائه وكل الشباب في سنه، وأيضا للتعبير عن معاناته وسخطه عن المنظومة الصحية والتعليمية والفساد الذي ينخر البلاد.

يقول سليمان في تصريح “للوكالة العربية الإفريقية للأنباء” أن “والدته المريضة بمرض عضال تُعاني من تأخر مواعيدها في المشفى العمومي أكثر من معاناتها من المرض”، مضيفا أن “مرضها يتطلب تسريعا للعلاج ومواكبة طبية يومية، وهذا يتوفر فقط في المصحات الخاصة، بينما هم لا يستطيعون دفع أثمان العلاج الباهظة هناك”، ولذلك ولأسباب أخرى “نزلت للاحتجاج لأن الأمر لم يعد مقبولا في مغرب متطور من جهة ومتأخر من جهات ثانية”.

غليان متواصل في الشارع المغربي

تتواصل الوقفات الاحتجاجية في مختلف مدن المغرب لليوم السابع على التوالي، بفعل دعوات مجموعة “GENZ212” التي لاقت إقبالا في صفوف الشباب فيما يتزايد عدد المشاركين يوما بعد آخر، خاصة في كبريات مدن المغرب الرباط والدار البيضاء وطنجة ومراكش وفاس ووجدة.

الحكومة المغربية التي يقودها عزيز أخنوش، سارعت إلى الإعلان عن رغبتها في الحوار مع المحتجين شريطة الكشف عن لجنة أو تنسيقية رسمية تمثّلهم، فيما يرفض الشباب حتى اللحظة دعوات الحكومة بل ويطالبون بإسقاطها، مُعتبرين أن الحلول للأزمة الحالية يجب أن تكون فورية وسريعة ولا تحتمل الجلوس في طاولة الحوار التقليدية، كما أن لائحة المطالب المنشورة رسميا وُجّهت بشكل مباشر ولافت إلى العاهل المغربي محمد السادس.

في هذا الصدد يقول الأكاديمي والباحث في العلوم السياسية محمد شقير إن “الحركة تتطلع إلى تدخل ملكي من خلال إرسال بيان يتضمن مجموعة من المطالب السياسية تتمثل في اقالة حكومة اخنوش والدعوة إلى انتخابات مبكرة”، مشيرا إلى أنه “من المنتظر أن يتضمن الخطاب الملكي يوم الجمعة المقبل بعض التوجيهات فيما يتعلق بهذا الشأن”.


الباحث محمد شقير
وأضاف شقير في تصريح خاص للوكالة العربية الإفريقية للأنباء أن “الحكومة وجهّت فعلا دعوة إلى الحوار مع ممثلي الحركة، سواء من قبل رئيس الحكومة أو عدد من الوزراء خاصة وزير الصحة ووزير التشغيل”، لكن وبحسب شقير فإن “الشباب المحتجين يطالبون بإعطاء ضمانات لاتخاذ إجراءات مستعجلة تهم إصلاح منظومة التعليم وتسهيل الحصول على الخدمات الصحية واتخاذ إجراءات عاجلة للحد من الفساد بالإضافة إلى المطالبة بالافراج عن ما تبقى من معتقلي الريف”.

الجيل “Z” حركة احتجاجية ممتدة في كل العالم

على مدار سنتين، شهدت عدة دول في العالم احتجاجات كثيرة ضد الحكومات والأنظمة السياسية وبعضها أدّى لسقوطها، خاصة في نيبال وبنغلادش، كما أن عدد الجامعات الأوروبية والأمريكية لم تهدأ من الاحتجاجات يتزعمها فئة الشباب المسماة “جيل Z”، وصولا إلى المغرب اليوم.

ويرى محمد شقير أن “على الرغم من من صعوبة الإحاطة التحليلية التي ما زالت في المهد إلّا أنّه لا يمكن فصلها عن الحركية الاحتجاجية التي تعرفها عدة دول في العالم سواء بأمريكا أو أوربا بسبب تداعيات حرب غزة وما صاحبها من إبادة جماعية”، ملفتا إلى “تزعم شباب وطلاب جامعات غربية احتجاجات تندد بالحرب الإسرائيلية ضد المدنيين في غزة”، ومشددا على “وجود قاسم مشترك بدليل أن المدن المغربية بدورها قد عرفت نفس الاحتجاجات سواء بطنجة أو بالدار البيضاء أو مدن أخرى”.

 

يركز الباحث الأكاديمي في حديثه على “أن تبني هذه الحركة لرمز Z يعكس التأكيد على الانتماء إلى جيل منتصف التسعينات وبداية الألفية الشيء الذي تشترك فيه مع حركات شملت عدة دول أفريقية ككينيا او آسيوية كبنغلاديش”، لكنّه يفصل حركة “جيل Z” المغربية عن الحركات الأخرى بدعوى أنها “تؤكد على سلميّتها وتشبثها بالثوابت بدليل رفعها للعلم المغربي كشعار لها وكذا تبنيها للرمز الهاتفي 212 دليلا على تشبثها بالوطنية في الوقت التي تؤكد فيه على ضرورة إصلاح الخدمات الصحية والتعليمية بالإضافة إلى محاربة الفساد”.

تخوفات أمنية “مشروعة” وغيابات تأطيرية

في الأيام الثلاث الأولى لبداية الاحتجاجات، حدثت اصطدامات بين الشباب المحتجين وعناصر الشرطة والأمن، تخلّلتها توقيفات واعتقالات جماعية ومحاولات لمنع وتفرقة المحتجين، وقد روى لنا “سليمان” تفاصيل نجاته من الاعتقال آنذاك، فيما عدد من زملائه اعتُقلوا وأطلق سراحهم فيما بعد بكفالة مالية على أن تتم متابعتهم قضائيا في حالة سراح.

وبالنسبة للباحث شقير، فإن “السلطات عمدت إلى اعتقال بعض نشطاء الحركة بحجة عدم الحصول على ترخيص قانوني، بل قامت بمنعها في مدن أخرى كورزازات وازيلال وغيرها”، مؤكدا في الوقت ذاته أن “السلطات تتخوف على ما يبدو من أن تكون هذه الاحتجاجات مسيسة خاصة في سنة انتخابية بامتياز أو تكون موظفة من طرف قوى معادية في ظرفية يعرف فيها ملف الصحراء منعطفا حاسما وتتهيأ فيها المملكة لاحتضان كأس أفريقيا والاستعداد لتنظيم كأس العالم 2030”.

على جهة أخرى، يُوضح المحلل السياسي ذاته أن هذه “الحركة هي انعكاس لضعف تأطير التنظيمات الحزبية والنقابية للمطالب الشعبية والفراغ الذي تركته في هذا المجال”، مشددا في ختام حديثه على أنها “تعكس فقدان جيل الشباب خاصة أجيال منتصف التسعينات وبداية الألفية ثقتها في هذه الأحزاب والبحث عن رفع مطالبها في إطار حركات مستقلة عنه”.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram