اكتشاف 85 بحيرة "نشطة" تحت جليد أنتاركتيكا
اكتشف العلماء مؤخرا 85 بحيرة مخفية تحت الجليد في القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، ليضيفوا بذلك فصلا جديدا إلى فهمنا لهذا العالم الجليدي الغامض.
وهذا الكشف المهم الذي تم عبر تحليل بيانات الأقمار الاصطناعية على مدى عقد كامل، لا يقتصر على كونه إنجازا علميا فحسب، بل يحمل دلالات عميقة حول مستقبل كوكبنا.
وما يميز هذه البحيرات المكتشفة حديثا هو طبيعتها "النشطة"، حيث أنها لا تبقى على حالها، بل تمر بدورات متكررة من الامتلاء والتفريغ، ما يؤدي إلى تغير مستمر في حجمها وشكلها على مدى الأشهر والسنوات. وهذه الديناميكية غير المتوقعة تحدث تحكم طبقات الجليد السميكة، وتكشف عن نظام هيدرولوجي تحت جليدي أكثر تعقيدا مما كنا نتصور.
ويقودنا هذا الاكتشاف إلى تساؤلات مهمة حول كيفية تأثير هذه التغيرات تحت الجليدية على استقرار الصفائح الجليدية فوقها. وعندما تمتلئ هذه البحيرات أو تفرغ، فإنها تعمل مثل نظام تزييت طبيعي تحت الجليد، حيث تسهل انزلاق الكتل الجليدية فوق الصخور الأساسية، ما قد يسرع من حركة الجليد نحو المحيط، وبالتالي يؤثر على مستويات سطح البحر عالميا.
وكان التحدي العلمي الذي واجه العلماء كبيرا، فمراقبة هذه العمليات تحت آلاف الأمتار من الجليد مهمة بالغة الصعوبة. قبل هذه الدراسة، كان العلماء قد تتبعوا 36 دورة كاملة لامتلاء وتفريغ البحيرات تحت الجليدية حول العالم، وقد أضافت هذه الأبحاث 12 دورة جديدة إلى هذا السجل، ما يمثل تقدما مهما في قدرتنا على فهم هذه الظاهرة.
وتمكن العلماء من تحقيق هذا الكشف بفضل القمر الاصطناعي Cryosat-2 التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، والمزود بتقنية رادار متطورة قادرة على رصد تغيرات طفيفة في ارتفاع السطح الجليدي، حتى تلك الناتجة عن حركة المياه في الأسفل.
وتكمن الأهمية الحقيقية لهذه الاكتشافات في تجاوزها مجرد زيادة عدد البحيرات تحت الجليدية المعروفة، حيث تمثل إضافة نوعية حاسمة لنماذج التنبؤ بتغير المناخ. فالنماذج الحالية المستخدمة لتقدير مساهمة الصفائح الجليدية في ارتفاع مستوى سطح البحر تفتقد إلى عامل حيوي يتمثل في ديناميكيات المياه تحت الجليدية. وبدمج هذه البيانات الجديدة حول مواقع البحيرات وتغير أحجامها ودورات تفريغها وامتلائها، ستصبح التوقعات المستقبلية أكثر موثوقية ودقة، ما يمكن العلماء من رسم صورة أوضح لمستقبل ارتفاع منسوب البحار.
في المقابل، توجد بحيرات تحت جليدية مستقرة، مثل بحيرة فوستوك الشهيرة، التي تحوي كميات هائلة من المياه ولكنها لا تمر بهذه الدورات من الامتلاء والتفريغ. وهذا الاختلاف يثير تساؤلات حول العوامل التي تحدد استقرار هذه الأنظمة المائية تحت الجليدية.
ويذكرنا هذا الاكتشاف بأن فهمنا للقارة القطبية الجنوبية ما يزال في بدايته، وأن كل طبقة من الجليد تخفي تحتها عالما معقدا يؤثر بشكل مباشر على مستقبل مناخنا.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
.اضغط هنا
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي