"خيانة صامتة: كيف تهدر الحكومة ورقة المقاومة ويغرق لبنان؟"

"الوزراء يغنون على ليلاهم.. والشعب يدفع الثمن!"

 

Telegram

رشيد حاطوم

استهلال: سبعة أشهر من الوهم والخيبة

 

بعد سبعة أشهر على تسلّم حكومة الرئيس نواف سلام مهامها، يطلّ اللبنانيون على واقعٍ مريرٍ؛ واقعٌ يقول إن "الحكومة كالحاطب في الليل"، ترفع الشعارات وتتغنى بالإصلاح، لكن النتائج على الأرض تُشبه "زرعاً في البحر". لقد تولّت هذه الحكومة زمام الأمور في واحدة من أحلك المراحل التي مرّت بها البلاد، حيث الانهيار الاقتصادي والمالي ينهش جسد الدولة، والخدمات الأساسية غدت أثراً بعد عين. لكنّ المحصّلة، وللأسف، لم تختلف عما عهده اللبنانيون من حكومات سابقة: وعودٌ تتبارى في الفضاء، وأداءٌ يغيب في الميدان.

 

ورقة المقاومة: حضور مصلحي وغياب رؤية وطنية

 

في واحدة من أقسى مفارقات الواقع اللبناني، يُلاحظ أن وجود سلاح المقاومة هو الذي منح لبنان هامشاً من الأهمية السياسية وجعل منه محط أنظار المبعوثين والوفود الدولية. فبدون هذه المعادلة، لَما تسنّى للبنان أن يستقبل هذه الزيارات المتعاقبة التي تبحث عن استقراره أو تخشى تأثيره.

 

لكن المفارقة الأكثر مرارة هي أن "البيادق" المحلية التي اختارتها القوى الدولية للتعاطي مع الملف اللبناني، هم أنفسهم يعيشون على وجود هذه المقاومة ويبنون أهميتهم عليها. فهم يُقدّمون في المحافل الدولية بوصفهم "المُطّلعين" على بيئة المقاومة و"القادرين" على إدارتها أو كبح جماحها، وبالتالي المجاهرة في نزع سلاح المقاومة.

ولكنْ، لو انحسر هذا الملف وزال، فإن هؤلاء سيُرمَون في سلة النسيان الدولي، كما أُلقيت بيادقٌ أخرى في ساحاتٍ لم تعد تهمّ أحداً، ونموذج أفغانستان لا يفارق الذاكرة.

 

في الجانب الآخر، نجد أن الحكومة، عوضاً أن تستفيد من هذه الورقة التفاوضية القوية لتحقيق مكاسب وطنية – سواء في ترسيم الحدود أو جذب الدعم أو تحسين شروط التفاوض – نراها غارقة في تناقضاتها الداخلية، "بمئة رأس"، و"كُل وزير يغني على ليلاه"، مما أفقد البلاد فرصة تاريخية لتوحيد الموقف وتحقيق منفعة عامة.

 

وزارة الداخلية: بصمة ضوء في ظلام العتمة

 

في مشهدٍ عامٍ تطغى عليه صورة العجز والتردّد، برزت وزارة الداخلية والبلديات كمؤسسةٍ وحيدةٍ بدت وكأنها تمتلك رؤية واضحة وخطة عمل ممنهجة. ففي وقتٍ كانت فيه معظم الوزارات تتخبّط في روتينها أو تغرق في تصريحاتها، قدّمت هذه الوزارة انجازات ملموسة بوجود الوزير احمد الحجار،الذي يتمتع بصفات حميدة مهني ويحمل رؤية واضحة لعلاج العراقيل والفوضى التي كانت سائدة على  أكثر من صعيد:

 

· تعزيز الأمن المجتمعي: من خلال تطوير آليات العمل الأمني واعتماد خطط استباقية ساهمت في استقرار الوضع الداخلي رغم الظروف الصعبة.

· إدارة الملف البلدي: حيث عملت على دعم البلديات وتحسين أدائها، في محاولةٍ لتعويض تقصير الدولة في تقديم الخدمات الأساسية.

· الانفتاح على الناس: تميّز أداؤها بدرجة ملحوظة من الاستماع لهموم المواطنين، بعيداً عن التعقيدات الإدارية التي طالما شكّلت عائقاً.

 

هذا الأداء يثبت أن الإرادة الواعية والقادرة على قيادة التغيير ليست مستحيلة، بل هي غائبة عند من يختزل "الوزارة" بكرسيٍّ وامتيازات، وينسى أنها مسؤولية وتكليف.

 

عجز الوزارات الخدماتية: وعود لا تُنفذ وأزمات لا تُحل

 

أما في قطاع الخدمات، فالصورة أكثر قتامة. فوزارات الطاقة والاتصالات والاقتصاد وغيرها، لم تقدم أي حلول جذرية للأزمات المزمنة، واكتفت بترديد "سنقوم" و"سنتخذ الإجراءات"، في مشهدٍ يُذكّر بمقولة "ما حكّ جلدك مثل ظفرك". فالشعب لا يزال يعاني من:

 

· انقطاع الكهرباء المزمن، وغياب أي رؤية لإنقاذ القطاع.

· اتصالات متعثرة، تُعيد إلى الأذهان زمن البدائيات.

· انهيار القدرة الشرائية، في غياب أي حماية حقيقية للمستهلك من جشع التجار واحتكاراتهم.

 

الوزارات السيادية: انشطار في المواقف وتغيب في الرؤية

 

لم يكن أداء الوزارات السيادية بأفضل حال. فوزارة الخارجية، بدلاً من أن تكون أداةً لتعزيز المصالح الوطنية وجذب الدعم الدولي للبنان، حولتها الأجندات الضيقة إلى منصة للصراعات الحزبية. أما الدفاع، فبقي غارقاً في التحديات الأمنية دون خطط واضحة. ووزارتي البيئة والتربية، وهما حجر الزاوية في أي مجتمع، تُعانيان من الإهمال والتهميش، في وقتٍ يحتاج فيه اللبنانيون إلى أدنى مقوّمات العيش الكريم.

 

جذور الأزمة: محاصصة وفساد

 

يكمن الخلل الأساسي في جذور النظام القائم على المحاصصة الطائفية والفساد المالي والإداري، الذي استشرى في مؤسسات الدولة على مدى عقود. فالحكومة، رغم نوايا بعض أعضائها، تبقى أسيرة هذه المعادلة، حيث يتحوّل "الوزير" إلى ممثلٍ لطائفته أو حزبه، لا لصاحب كفاءةٍ ومسؤوليةٍ أمام الشعب.

 

ختاما النجاح ممكن.. عندما توجد الإرادة.. والابتعاد عن الاملاءات. 

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram