لبنان بين الدولة والمقاومة: سلاح لا يُساوم عليه، وغزة هي البوصلة

لبنان بين الدولة والمقاومة: سلاح لا يُساوم عليه، وغزة هي البوصلة

يقف لبنان على مفترق طرق لم يشهده من قبل الكبير بتاريخ

 

Telegram

بقلم سومر أمان الدين

يواجه مخاطر تحويله الى سلطة تنفذ ما يفرض عليها من قرارات واملاءات دون اكتراث لمصلحة الشعب وسيادة الدولة

تقف المقاومة بكل اطيافها موقفا استثنائيا تحاول فيه تعطيل المشروع بحنكة سياسية تعمل على عدم الانجرار الى الصدام والحفاظ على مصادر القوة واهمها السلاح كمصدر قوة وعامل استقرار وتستمد قوتها من وعي بيئتها وحرصها على انجازات تعمدت بدماء الشهداء والجرحى وعذابات وآلام ودموع حفظت وحمت لبنان لعقود

 

من يريد أن يفهم جوهر المعركة في لبنان عليه أولاً أن يفهم حقيقة واحدة: السلاح ليس ترفاً سياسياً أو أداة ابتزاز — هو خطّ دفاع وجودي عن شعبٍ يقف أمام مشروع استيطاني استبعدته كل الاتفاقات «المدنية». من يراه عبئاً على الدولة، ينسى أن تاريخ الدول العظيمة عرف مَن يفنى دون مقاومة، ويعرف مَن يبقى لأنّ له مناعة تحميه من الابتلاع.

 

الحديث الأخير عن تفاهم أو اتفاق محتمل بين حزب الله والسعودية يجب أن يُقاس بمقاييس الوطن لا بمقاييس أروقة السياسة. نعم، أي تقاربٍ إقليمي قد يحمل فرصاً: فتح قنوات اقتصادية، تخفيف احتقان دبلوماسي قد ينعكس إيجاباً على اقتصادٍ يئنّ، وإمكانية خلق ظروف تشغيلية تقلّل من حِمْل المدنيين. ولكن… وهذا «ولكن» هو الجسر الذي يفضح نوايا المساومات:

 • أولاً، كل اتفاقٍ لا يقدّم ضمانات دستورية وسيادية حقيقية هو تهديد مُجمَّل لحرية القرار الوطني. فإذا صار التفاهم وسيلةً لحشر المقاومة داخل حدود اصطناعية قانونية وسياسية، فحينها نكون قد باعنا حصننا باثمانٍ وهمية.

 • ثانياً، هناك مخاطر تحويل التفاهم إلى ورقة ضغط لإخضاع السلاح لآليات رقابية لا تضمن الأمن بل تضمن العزل. الحِكْم هنا: الشراكة مع الدول لا تُقاس بالقبول بالابتزاز أو بمقايضة الكرامة برزمة مساعدات مالية أو وعود استثمار.

 • ثالثاً، أي تفاهم يُخبِّئ خلفه شروطاً إقليمية أو دولية لتجاوز القضية الفلسطينية أو لتقديم «تسويات» قد تقوّض المشروع المقاوم — فهو صفقة على حساب شعبٍ آخر: غزة.

 

وعن غزة… كيف نغفلها أو نتجاهلها؟ غزة ليست موضوعاً جانبيًّا في أي معادلة لبنانية أو إقليمية — هي قلب الصراع، هي امتحان الشجاعة والأخلاق. من يطلب منا خفض صوتنا عن الجرائم التي تُرتكب في غزة تحت ذريعة «الاعتدال» أو «الحلول الدبلوماسية» يُطلب منه أن ينسى تاريخ هذه الأمة بأكمله. غزة دافعٌ وملهمةٌ ونقطةُ التقاءٍ لكل مقاومٍ شريف.

 

كل حسابات الربح والخسارة للتفاهم المحتمل يجب أن تُطرح أمام معيارٍ واحد: هل يُعزّز التفاهم قدرة المقاومة على حماية الأرض والناس، أم أنه يضعفها تدريجياً حتى تُصبح ذكرى جميلة؟ إذا كان الجواب هو الأخير، فليس للتفاهم مكان بيننا. أما إذا كان فعلاً سيمنح لبنان قَدَرةً أكبر على الصمود، ويُحسّن من وضع الناس المعيشي، ويحافظ على خيار المقاومة كخط أحمر لا يُمسّ — فحينها نأخذ منه ما ينفع ونرفض ما يضر.

 

نحن نعيش في زمنٍ تحوّلت فيه الكيانات السياسية إلى مُشترٍ وبائع: يبيعون الوطن لأجل مقاعد ومناصب. لكن المقاومة ليست سلعة في مزاد. المقاومة هي عهدٌ يورِثه الشعب، هي ذاك السلاح الذي صان كرامتنا، هو العِصمة التي لم تترك بيروت أو نابلس أو غزة تنكسر أمام آلةٍ لا ترحم.

 

الاستحقاق الأخلاقي والسياسي أمامنا واضح:

 • أن ندافع عن الدولة ونُطالبها بالعمل الحقيقي لبناء مؤسسات قوية تقف على قدميها.

 • أن نتمسك بالمقاومة كقيمة استراتيجية لا تُساوم، لكن في الوقت نفسه نطالبها بالحكمة السياسية: أن تبقى متصلة بالشعب، متضامنة مع قضاياه، وغير مُنعزلة في «جيوب» سلطة أو مشاريع طائفية.

 • أن نجعل غزّة معياراً لكل قرار؛ فإذا لم يضع أي تفاهم حمايتها في مركز الأولويات — نفشهُ وَردًا، ورفضناه.

 

في الختام: من يريد أن يعيد للبنان وطنه ويعيد لفلسطين كرامتها، لا يطلب منا أن ننسى أو نُخَفِّض صوتنا — بل أن نُصعِّد الفعل السياسي والعلمي والإعلامي والإنساني. المقاومة ليست شعاراً؛ هي عمل يومي نبنيه سوية: في المدارس، في المشافي، في ساحات العمل، وفي ساحات القتال.

 

لن نخسر سلاحنا لأنّ خسارته ستعني التنازل عن الآلاف من الأرواح التي صنعت منه رمحاً للدفاع، ولن نتخلّى عن غزة لأنّ تخليّنا عنها سيعني أننا قبلنا الدور الوضيع للمُتفرّجين. إذا كان هنالك تفاهم—فليكن تفاهمًا يَعتَمِد على تعزيز المقاومة والشعب معاً، وإلا فنحن نقولها بصوتٍ واحد: لا مساومة على السلاح، ولا تَحويل لغزة إلى قلقٍ بعيد عن حساباتِنا.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram