تغير المناخ يتسبب في انكماش سريع لأكبر بحر داخلي في العالم
بعد أن كان في الماضي ملاذا لطيور الفلامنغو وسمك الحفش وآلاف الفقمات، وموطنا لبيئة فريدة، المياه المتراجعة بسرعة تحوّل الساحل الشمالي لبحر قزوين إلى مساحات قاحلة من الرمال الجافة، بفعل التغيرات المناخية السريعة والحادة.
وفي بعض الأماكن، يتراجع مستوى البحر لأكثر من 50 كيلومترا، وتتحول الأراضي الرطبة بسرعة إلى صحارى، وتُترك موانئ الصيد مرتفعة وجافة، وتقوم شركات النفط بحفر قنوات أطول باستمرار للوصول إلى منشآتها البحرية في البحر.
يُسهم تغير المناخ في هذا التراجع الحاد في أكبر بحر غير ساحلي في العالم. يقع بحر قزوين على الحدود بين أوروبا وآسيا الوسطى، وتحيط به أذربيجان وإيران وكازاخستان وروسيا وتركمانستان، ويعيش عليه نحو 15 مليون نسمة.
يُعد بحر قزوين مركزا لصيد الأسماك والشحن وإنتاج النفط والغاز، ويكتسب أهمية جيوسياسية متزايدة نظرا لموقعه الإستراتيجي الذي تلتقي فيه مصالح القوى العظمى العالمية.
ومع ضحالة مياه البحر، تواجه الحكومات تحديا بالغ الأهمية يتمثل في الحفاظ على الصناعات وسبل العيش، مع حماية النظم البيئية الفريدة التي تدعمها.
في العقد الأول من القرن الـ21، كانت الزاوية الشمالية الشرقية من البحر عبارة عن فسيفساء من أحواض القصب والمسطحات الطينية والقنوات الضحلة التي كانت تعج بالحياة، موفرة موائل للأسماك التي تتكاثر، والطيور المهاجرة، وعشرات الآلاف من الفقمات التي كانت تتجمع هناك لتطرح ريشها في الربيع.
وباتت هذه المناطق البرية النائية أرضا جافة، تتحول إلى صحراء مع تراجع مستوى البحر، والقصة نفسها تتكرر في مناطق رطبة أخرى حول البحر. تُشابه هذه التجربة تجربة المجتمعات الساحلية، التي تشهد عاما بعد عام انحسار المياه عن مدنها وأرصفة الصيد وموانئها، تاركةً البنية التحتية عالقةً على أرض جافة حديثا، وسكانها قلقين بشأن المستقبل.
ويشير العلماء إلى أن العواقب البيئية ستكون وخيمة، إذ إن 4 من أصل 10 أنواع من النظم البيئية الفريدة في بحر قزوين ستختفي تمامًا. فقد تفقد فقمة قزوين المهددة بالانقراض ما يصل إلى 81% من موطن تكاثرها الحالي، وسيفقد سمك الحفش القزويني إمكانية الوصول إلى موطن تكاثر حيوي.
وكما حدث في كارثة بحر آرال، حيث اختفت بحيرة ضخمة أخرى في آسيا الوسطى بالكامل تقريبا، فسوف ينطلق الغبار السام من قاع البحر المكشوف، مما يحمل مخاطر صحية خطيرة.
وتبعا لذلك، سيواجه ملايين الأشخاص خطر النزوح مع انحسار البحر، أو يواجهون ظروفًا معيشية متدهورة للغاية. ويُعد رابط البحر الوحيد بشبكة الشحن العالمية عبر دلتا نهر الفولغا (الذي يصب في بحر قزوين)، ثم عبر قناة في اتجاه المنبع إلى نهر الدون، مما يوفر اتصالًا بالبحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط وأنظمة نهرية أخرى. إلا أن نهر الفولغا يعاني بالفعل من انخفاض عمق المياه.
وتحتاج موانئ مثل أكتاو في كازاخستان وباكو في أذربيجان إلى أعمال تجريف لضمان استمرارية عملها. وبالمثل، تضطر شركات النفط والغاز إلى حفر قنوات طويلة تؤدي إلى منشآتها البحرية في شمال بحر قزوين.
كما يُعد بحر قزوين محوريًا لـ"الممر الأوسط "، وهو طريق تجاري يربط الصين بأوروبا، ومع انخفاض منسوب المياه، يجب تقليل أحمال الشحن، وترتفع التكاليف، وتُصبح المستوطنات والبنية التحتية معرضة لخطر الانعزال على بُعد عشرات أو حتى مئات الكيلومترات من البحر.
وفي ظل هذه المتغيرات، تضطر الدول المطلة على بحر قزوين إلى التكيف، ونقل موانئها، وحفر ممرات ملاحية جديدة. لكن هذه الإجراءات قد تتعارض مع أهداف الحفاظ على البيئة.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
.اضغط هنا
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي