كتب رشيد حاطوم.....
تمرُّالذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الأمين العام السابق لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، في أجواء يطغى عليها مشروعان: مشروع الحزن والألم على فراق قائدٍ شكّل علامة فارقة في تاريخ المقاومة، ومشروع التقدير والاحترام لرجلٍ ترك إرثاً سياسياً وعسكرياً ضخماً. وفيما يستعدّ الحزب وأنصاره لإحياء هذه الذكرى بمشاركةٍ جماهيرية واسعة، تتحوّل أنظار الدوائر الدبلوماسية والإقليمية لرصد حجم المشاركة وطبيعتها، وخصوصاً مستوى الحضور الخارجي الذي يُعتبر مقياساً دقيقاً لمدى التأثير الإقليمي والدولي الذي ما زال يتمتع به الراحل واستمرارية نفوذ "حزب الله".
تراقب العواصم العالمية والعربية، عن كثب، التحضيرات الجارية لإحياء الذكرى، حيث يُتوقّع أن تشهد العاصمة بيروت، والضاحية الجنوبية على وجه الخصوص، حضوراً جماهيرياً حاشداً يؤكد المكانة التي لا تزال تحتلها شخصية السيد نصر الله في وجدان أنصاره ومؤيديه.
غير أن بؤرة التركيز الدبلوماسي، بحسب مصادر مطلعة، ليست على الحشود المحلية فحسب، بل تتجه بقوة نحو نوعية وكثافة المشاركة من خارج لبنان. فالوفود الرسمية والشعبية المتوقعة من دول محورية مثل إيران والعراق وسوريا واليمن، بالإضافة إلى ممثلين عن فصائل المقاومة الفلسطينية، تحمل في طياتها رسائل سياسية بالغة الأهمية.
هذا الحضور الإقليمي المكثف يُفسر على النحو الآتي:
1. تأكيد على عمق التحالفات: يشكّل الحضور الرسمي الرفيع المستوى من طهران ودمشق وبغداد تأكيداً على متانة محور المقاومة الذي كان السيد نصر الله أحد أبرز أعمقته، وإشارة إلى استمرارية هذا التحالف الاستراتيجي رغم غياب قائده الكاريزمي.
2. قياس درجة الدعم الإقليمي: سيكون حجم الوفود ومستوى تمثيلها مؤشراً واضحاً للدول الغربية والخصوم على مدى التزام حلفاء "حزب الله" بمواصلة دعمه سياسياً ومعنوياً في المرحلة المقبلة.
3. رسائل تضامن واستمرارية: إن مشاركة شخصيات إقليمية بارزة وفصائل مقاومة هي في جوهرها رسالة تُفيد بأن مسيرة السيد نصر الله ومشروعه لم يتوقفا بوفاته، وأن "حزب الله" ما زال جزءاً من نسيج إقليمي واسع يمتد من طهران إلى بيروت وغزة وصنعاء.
لا تقتصر ذكرى استشهاد السيد حسن نصر الله على كونها مناسبة للوفاء والحداد فحسب،بل هي محطة سياسية ودبلوماسية بالغة الحساسية. المشهد الذي سترسمه هذه الذكرى، وخصوصاً من خلال زخم المشاركة الخارجية وطبيعتها، سيكون بمثابة بطاقة اقتراع إقليمية على مكانة "حزب الله" الحالية والمستقبلية في المعادلات الإقليمية المعقدة. وهو ما يجعل من هذه الذكرى حدثاً ترقبه الأوساط السياسية والدبلوماسية بترقب، لاستقراء معالم المرحلة القادمة واستخلاص العبر حول مستقبل نفوذ الحزب ودور محوره في المنطقة.
بقلم: رشيد حاطوم
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :