أم من غزة: أمسكت برأس جنيني وقطعت حبله السري..وأطفالي الصغار يبكون من شدة الخوف
"كنت أشعر أن الأمر قد ينتهي بموتي، وموت جنيني، حالة من الألم والخوف، كنت أعيشها، عندما فاجأتني آلام الولادة، الساعة الرابعة فجراً، دون وجود أحد يساعدني، وأطفالي الصغار يبكون من شدة الخوف، وأنا أتألم أمامهم، ولا أعلم ما الذي سيحدث لي خلال دقائق".
ذلك ما روته القابلة ياسمين أحمد، التي تعمل في قسم القيصريات بمستشفى الشفاء، في قطاع غزة، عندما اضطرت لأن تقوم بدور القابلة لنفسها، لإنقاذ حياتها وحياة جنينها، بعد العجز في الحصول على الرعاية الصحية.
وتتضح حجم المعاناة بالنظر إلى تقديرات منظمة الصحة العالمية، في أبريل/ نيسان الماضي، التي تقول إن عدد النساء الحوامل في غزة يقدر بنحو 55 ألف امرأة، ويعاني ثلثهن من حمل عالي الخطورة. ويولد نحو 130 طفلاً يوماً، 27 في المئة منهم بالولادة القيصرية، ونحو 20 في المئة من المواليد الجدد يولدون قبل تمام الحمل، أو يعانون نقص الوزن عن الولادة، أو مضاعفات أخرى.
* الأمومة لأول مرة في غزة: "ابنتي هي النور في أرض غارقة بالظلام"
تقول ياسمين إن زوجها هرع إلى الخارج، ليطلب مساعدة الإسعاف، أو يجد أي وسيلة لنقلها إلى المستشفى، لكن دون جدوى.
كانت آلام الولادة التي شعرت بها ياسمين أسرع من كل شيء، ولم يكن أمامها سوى أن تكون القابلة لنفسها.
تقول ياسمين :"في ذلك الوقت نسيت كل شيء وقررت أن أجهز نفسي للولادة، طلبت من أطفالي أن يضعوا لي فرشاً على الأرض، لم يكن لدي فرصة، للحصول على أي مسكنات للألم".
وتضيف ياسمين :"قررت أن أكون أقوى امرأة في العالم، حتى جاء طفلي، وأمسكت برأسه وجسده، وشعرت أن جميع الأصوات توقفت، ولم أعد استمع إلا لصوت طفلي وصوتي، وشعرت أنني ولدت مجدداً مع طفلي، لأنني كنت أشعر أنني أواجه الموت أثناء الولادة. قطعت الحبل السري لطفلي، وألبسته الثياب، وبدأت الرضاعة الطبيعية من أول دقيقة".
استخدمت سكيناً لقطع الحبل السري
تعاني القابلات في قطاع غزة من الافتقار إلى أبسط مستلزمات الرعاية الصحية، وقد تضطر للتعامل مع حالات حمل، أو ولادة مرتفعة الخطورة، لعدم وجود أماكن، يُمكن نقلها إليها، أو لصعوبة النقل.
تروي القابلة سحر عادل عقل الصعوبات التي واجهتها، عندما ذهبت، لمساعدة صديقتها، التي شعرت بآلام الولادة في الشهر السابع من الحمل، بينما كانوا محاصرين في حي الزيتون، ويتعرضون لأحزمة نارية. تقول سحر:"لم يكن لديّ أي أدوات لاستخدامها في عملية الولادة، لم يكن لديّ حتى قفازات، استخدمت سكيناً، بعد تسخينه على النار، لقطع الحبل السري للمولود، واستخدمت مناديل ورقية معطرة كضمادات".
تقول وزارة الصحة الفلسطينية إن القابلات في قطاع غزة يعشن ظروفاً معقدة وواقعاً صحياً كارثياً، في ظل الحرب الإسرائيلية. وأضافت الوزارة أن الواقع الصحي الكارثي في قطاع غزة انعكس سلباً على مزودي الخدمات الطبية والصحية، ومن بينهم القابلات. وناشدت الوزارة بوقف قتل القابلات في غزة، ووقف الانتهاكات الصارخة للمواثيق الدولية، وحماية المنشآت الصحية والعاملين فيها.
وأضافت أن القابلات يقمن بعمليات الولادة، وإنقاذ الحياة في الحالات الطارئة، وعند تعذر وصول طواقم الإسعاف للنساء الحوامل، في المناطق المحاصرة.
* أحلام الإنجاب في غزة تتلاشى لدى الآلاف بسبب الحرب
وترى القابلة سحر أن إحدى أصعب حالات الولادة كانت عندما نزحت إلى معهد الأمل، وطُلب منها المساعدة للتوليد في عيادة مجاورة، ولكن القوات الإسرائيلية كانت تحاصر المكان، وأي شخص يتحرك كان يتعرض لإطلاق نار من طائرات الكوادكبتر. لم تتمكن القابلة سحر من الوصول للحالة، ووقفت على مسافة من العيادة، تنادي المرافقين لها، وترشدهم عن كيفية التعامل معها، وتبلغهم بالتعليمات ،التي يتعين عليهم اتباعها، مثل أن يطلبوا من الأم أن تتنفس.
تقول سحر :"عندما وصلت وجدت رأس الطفل قد خرج، بينما كانت الأم خائفة، وكان لون بشرة الطفل أزرق، فقمت بإنعاش القلب، ولكن الطفل كان بحاجة إلى حضانة، وهو أمر صعب للغاية".
تقول منظمة الصحة العالمية إن إمداداتها المتعلقة بصحة الأم والطفل انخفضت إلى مستويات حرجة للغاية، وخصوصاً مستلزمات العمليات القيصرية، والتخدير للولادة وتسكين الألم، والسوائل الوريدية، والمضادات الحيوية، وخيوط الجراحة، ووحدات الدم اللازمة للولادات المعقدة.
وأوضحت أنه لم يُسمح بدخول المعدات والأدوية الأساسية، مثل الحاضنات المحمولة، وأجهزة التنفس للعناية المركزة لحديثي الولادة، وأجهزة الموجات فوق الصوتية، ومضخات الأكسجين، إلى جانب 180000 جرعة من اللقاحات الروتينية المخصصة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي