حكومة رئيسي: عبد اللهيان للخارجية ووحيدي للداخلية… وواشنطن مستعجلة للعودة الى فيينا خلط أوراق نيابي عشية الجلسة… وبري يستغرب مواقف الكتل المقاطعة تقدّم نسبي حكومياً… وإعلان رفع الدعم رسمياً… ونصرالله: لا للشتائم
بين التحضيرات المتسارعة لقمة بغداد الإقليمية، وآخر المدعوين كان أمس الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي، وزيارة مدير وكالة المخابرات الأميركية وليام بيرنز لكيان الإحتلال تحت شعار العودة قريباً الى محادثات فيينا، قدم الرئيس الإيراني تشكيلة حكومته الى مجلس الشورى الإيراني لنيل الثقة مسمّياً الدبلوماسي الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الناطق باللغة العربية بطلاقة، والداعم لقوى المقاومة، والمعروف بدعوته لتحسين علاقات إيران بدول الجوار وبالدول الشرقية، بدلاً من إنفاق الجهد والوقت على العلاقات الميؤوس منها مع الغرب، وسمّى رئيسي لوزارة الداخلية القائد السابق لفيلق القدس قبل توليه من قبل الجنرال قاسم سليماني، وزير الدفاع السابق الجنرال أحمد وحيدي، في ظلّ معلومات عن دعوة ستوجهها الدول الأوروبية لاستئناف المحادثات في فيينا فور نيل حكومة رئيسي الثقة في البرلمان الإيراني، في ضوء الاتصال الذي أجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالرئيس الإيراني أول أمس.
لبنانياً بدا المشهد السياسي عبارة عن لعبة كلمات متقاطعة صعبة الحلّ، في ضوء خلط الأوراق النيابي تجاه جلسة اليوم المخصّصة للبت بالعريضة الاتهامية الموقعة من عدد من النواب، بحق الوزراء الذين وجه المحقق العدلي لهم اتهامات في قضية تفجير مرفأ بيروت، وفيما كان متوقعاً معارضة تكتل لبنان القوي وتكتل الجمهورية القوية للعريضة، كانت مقاطعة الجلسة من التكتلين المسيحيين الأكبر لافتة كمحاولة للطعن بميثاقية الجلسة في حال انعقادها، لكن الأكثر إثارة للاستغراب كان موقف كتلة اللقاء الديمقراطي، رغم العلاقة الخاصة التي تربط النائب السابق وليد جنبلاط برئيس مجلس النواب نبيه بري على الصعيدين السياسي والشخصي، وفيما وجه بري استغرابة لموقف التيار الوطني الحر وتكتله النيابي، ورغم السجال الذي تواصل بين نواب التكتل ونواب كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها بري، لم يتضح ما اذا كانت كتلة المستقبل ستنضمّ للحضور أم للمقاطعة، في ظلّ توقعات بأنّ تُرجأ الجلسة صباح اليوم، بسبب التظاهرات التي تستهدف منع النواب من الوصول الى قصر اليونسكو.
في المسار الحكومي تقدّم نسبي حققته الجلسة التي ضمّت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، حيث قالت مصادر على صلة بالمسار الحكومي إنّ تثبيت صرف النظر عن اعتماد المداورة كان أبرز التفاهمات في لقاء الأمس ما يسهّل رسم صورة توزيع الحقائب على الطوائف، ويتيح الانتقال الى التسميات، التي لا تزال عند عقد أسماء وزيري الداخلية والعدل، والوزيرين المسيحيين المختلف عليهما وعلى كيفية تسميتهما بين الرئيسين منذ الإنتقال الى صيغة الـ 24 وزيراً مع الرئيس السابق سعد الحريري، في ظل رغبة رئيس الجمهورية بتغيير اسم وزير المالية وسط تسريبات عن عدم ممانعة من الرئيس بري بتسمية بديل.
في الشأن السياسي أيضاً تحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في سياق إطلالاته بمناسبة ذكرى عاشوراء، متناولاً الشتائم التي تشكل لغة للتخاطب في الحياة السياسية، مؤكداً رفض وإدانة هذه اللغة، داعياً جمهور المقاومة إلى عدم الانخراط في الردّ على الشتيمة بمثلها، وعدم الاشتراك في أيّ إساءات للأشخاص من مقامات وغير مقامات، مشيراً الى كلام البطريرك بشارة الراعي داعياً الى اعتماد المناقشة العقلانية وممارسة حق الاختلاف والدفاع عن المقاومة بلغة الحجة والبرهان.
في الشأن الاقتصادي والمعيشي، حيث كلّ شيء مفقود في الأسواق أعلن مصرف لبنان أخيراً توقفه عن دعم استيراد المحروقات، بعدما كان أوقف دعم استيراد الأغذية، وبعدما أنفق في الدعم العبثي خمسة عشر مليار دولار تؤكد الجهات الإحصائية أنّ أقلّ من ربعها كان يستهدف مستحقيها، والباقي كان باباً للتهريب ولتحويل الأموال للخارج.
يزداد المشهد الداخلي تعقيداً على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحكومية، ما يفتح الباب على كافة الاحتمالات في ظل عملية خلط الأوراق السياسية التي تظهرت جلياً في مواقف الكتل والقوى السياسية من الجلسة النيابية التي دعا إليها الرئيس نبيه بري اليوم للنظر في قرار الاتهام في تفجير المرفأ وفقاً للمادة ?? معطوفة على المادة 20 من القانون 13/90، وما تتضمنته هذه المواقف من أبعاٍد سياسية انتخابية تؤشر إلى أنّ استحقاق الانتخابات النيابية بات هو الأولوية لدى أغلب هذه القوى وليس استحقاق تأليف الحكومة ومعالجة الأزمات الحياتية وإنجاز الإصلاحات الاقتصادية والمالية، ما يعني أنّ الأزمات الحياتية ستبقى مفتوحة في ظل القرار الأميركي الغربي بحصار لبنان مالياً واقتصادياً، لا سيما بالمحروقات، فيما المعارك السياسية والانتخابية قد فتحت على مصراعيها وستشتد في الشهور المقبلة.
انعقد أمس اللقاء السابع بين الرئيس عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي وتحدثت المعلومات عن تقدم إيجابي في بعض العقد، وأشارت مصادر إلى أنّ الرئيس المكلف يعمل على بحث نقاط الخلاف والالتقاء في لائحة دفعة واحدة مع رئيس الجمهورية، ما يسرّع هذا المسار ويقلّص الوقت. ويتركز السعي على تقليص دائرة الخلاف بين الرئيسين.
وبعد الاجتماع، غادر ميقاتي ولم يدلِ بأي تصريح، وقال في دردشة مع الصحافيين: "عم نتابع والأمور تسير بالمسار الصحيح". وأضاف: "اليوم سنعقد اجتماع آخر". وأكد "أننا نواصل البحث وهناك صيغة مسودة توصلنا إليها".
وفيما يواظب قصر بعبدا على بثّ الأجواء الإيجابية، لفتت مصادر مطلعة على موقف عون لـ"البناء" إلى أنّ "الرئيس عون منفتح على كافة الصيغ ويسعى والرئيس المكلف للتوصل إلى صيغة توافقية للحكومة وهو يبذل قصارى جهده في هذا السياق ويعمل على إيجاد الحلول التوافقية للعقد، لا سيما على صعيد بعض الوزارات"، مؤكدة أنّ "رئيس الجمهورية يريد تأليف حكومة في أقرب وقت لإطلاق مسار المعالجات على مختلف المستويات". وقالت مصادر وزارية مقربة من بعبدا لـ"البناء" إنّ "نسبة تأليف الحكومة توازي نسبه الفشل واعتذار الرئيس المكلف، وهذا رهن بمسار ونتيجة المفاوضات الجارية بينهما". وعلمت "البناء" أنّ "العقد لا تزال على حالها وتتمثل بالداخلية والعدل والخلاف المستجد على اسم وزير المالية يوسف خليل الذي يرفضه عون ويطلب استبداله باسم آخر وأنّ الرئيس بري غير متمسك باسم محدّد".
ونقلت مصادر إعلامية عن أوساط مواكبة للملف الحكومي، قولها إنّ "عملية التأليف سجلت تقدماً ملموساً باتجاه الاتفاق على النقاط الأساسية في المسودة التي أعلن عنها ميقاتي"، لافتة إلى أنه "تمّ التسليم ببقاء القديم على قدمه، بالنسبة للتوزيع الطائفي للحقائب السيادية".
وأوضحت أنّ "التوزيع الطائفي للحقائب أصبح شبه مكتمل بانتظار بعض الاتصالات التي سيجريها رئيس الجمهورية وميقاتي"، وأكدت المصادر أن "الخطوة المقبلة بعد التوزيع الطائفي ستكون إسقاط الأسماء". وبحسب المصادر، فإنّ "وزارة الطاقة ستكون من حصة رئيس الجمهورية، والأشغال من حصة حزب الله، والتربية من حصة ميقاتي والاتصالات من حصة المردة، أما نائب رئيس الحكومة سيكون بالاتفاق بين عون وميقاتي". ورغم الأجواء الإيجابية، استبعدت المصادر أن تتشكل الحكومة اليوم.
وفي موقف سعودي من الملف اللبناني، ذكرت وكالة الأنباء السعودية، نقلاً عن بيان لمجلس الوزراء السعودي قوله إنّ "أي مساعدة تقدَّم إلى الحكومة الحالية أو المستقبلية تعتمد على قيامها بإصلاحات جادة وملموسة، مع ضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها وتجنب الآليات التي تمكّن الفاسدين من السيطرة على مصير لبنان". بدوره، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن تقديم حوالي 100 مليون دولار من المساعدات الإنسانية الجديدة للبنان.
وعلى وقع تعثر تأليف الحكومة، تتفاقم الأزمات الحياتية والاقتصادية ويشتدّ الخناق على المواطنين الذين تُركوا لمصيرهم ومعاناتهم المأساوية، فيما تشير معلومات "البناء" إلى أنّ حزب الله والقوى الحليفة لن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء سياسة الحصار وتجويع الشعب اللبناني وتدمير المؤسسات والدولة التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، وبالتالي تتحدث المعلومات عن بدء إدخال النفط والأدوية والمواد الغذائية من سورية إلى لبنان في وقت قريب للحدّ من الأزمات ومعاناة المواطنين"، متوقعة أنّ يعلن حزب الله على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله عن مفاجآت في هذا الإطار في إحدى خطاباته العاشورائية بين يوم وآخر.
وبرز في هذا السياق، قول المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في خطبته خلال مراسم إحياء ذكرى عاشوراء، إنّ "جهات دولية وإقليمية تعمل بجهد جبّار لتجفيف البلد من مادة المازوت وتنفيذ خطط كارثية تطال الأدوية والطحين والمحروقات والسلع الغذائية والأساسية بما يساعد على إعدام أكثرية الشعب اللبناني"، لافتًا إلى أنّ "الكارثة الآن تطال القدرات التشغيلية للمستشفيات ومصانع الأدوية والمطاحن والأفران وكبرى المؤسّسات الحيوية، ورغم ذلك فإنّ حاكم المركزي يتعامل كمندوب أميركي سامي توازياً مع دبابات سياسية ومالية ونقدية وإعلامية تؤدّي دور الغول الناعم".
وفيما بلغت الأزمات ذروتها، انعقد المجلس الأعلى للدفاع أمس في بعبدا، بدعوة طارئة من رئيس الجمهورية، وبحث الأوضاع الأمنية والمعيشية في غياب رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب لوجوده في الحجر المنزلي لاحتمال إصابته بوباء كورونا.
إلا أنّ عقد الاجتماع كان محط انتقاد من المراجع السياسية للطائفة السنية، لا سيما من الرئيس فؤاد السنيورة الذي اعتبر أنّ "انعقاد المجلس في غياب رئيس الحكومة لا يجوز وغير دستوري" ، فيما اعتبره الرئيس سعد الحريري "مخالفة دستورية أقدم عليها رئيس الجمهورية"، محذراً من "الإمعان في مخالفة الدستور وتطبيقه بشكل استنسابي ومحاولة فرض أعراف سبق أن أودت بالبلد إلى الهلاك والخراب والدمار".
إلا أنّ مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية ردّ على الحريري والسنيورة من دون أن يسمّيهما، مشيراً إلى أنّ دياب أبلغ رئيس الجمهورية "موافقته على عقد الاجتماع بغيابه وفضل عدم تأجيله، وتمّ احترام الأصول القانونية والتنظيمية التي ترعى عمل المجلس".
وكانت أزمة المحروقات قد طالت مختلف المؤسّسات والقطاعات الحيوية وهدّدت استمرار عملها، ما يهدّد بتوقف كامل للمؤسسات وبالتالي للخدمات والمواد الأساسية ومقوّمات عيش المواطن، ما يمهّد لفوضى اجتماعية وأمنية هائلة. فقد شدّد نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون على أنّ "انقطاع مادة المازوت عن المستشفيات ضربة قاضية تُضاف إلى أزمة الأدوية الكارثية"، مشيراً إلى أنه تبلّغ من نقيب مستوردي الأدوية "أنّ ما من طلبيات جديدة لاستيراد الدواء نتيجة الإشكاليات بين النقابة ومصرف لبنان وكذلك بالنسبة إلى المستلزمات الطبية".
بدوره، تخوّف نقيب أصحاب الأفران علي إبراهيم من "أزمة طوابير خبز"، مؤكداً "أنّ الأفران "لم تتبلّغ أي أخبار في خصوص تأمين المازوت وأنّ عدداً جديداً من الأفران أقفل أبوابه صباحاً". وقال نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والملاهي خالد نزهة: "إذا بقيت الأمور على ما هي عليه فذاهبون إلى الإقفال وإلى مصيبة كبيرة ونحن في مرحلة خطرة".
وأعلنت العشرات من المطاعم ومحال السناك في مدينة صيدا إغلاق أبوابها واعتذرت عن عدم استقبال الزبائن حتى إشعار آخر، بسبب عدم تمكن أصحابها من تأمين مادة المازوت وتشغيل المولدات لضمان استمرارية العمل. وقد رفعت إدارات عدد منها على أبوابها لافتات كتب عليها "إلى زبائننا الكرام نظراً للظروف التي تمر بها البلاد من أزمة مازوت وإطفاء مولدات وحفاظاً على سلامة غذائكم قررنا إغلاق المطعم حتى إشعار آخر".
وبعد غياب طويل عن التصريحات، أوضح وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر بعد اجتماع الدفاع الأعلى: "أننا في مرحلة الذروة في الحاجة للكهرباء. حاجتنا هي 3000 ميغاواط والقدرة الإنتاجية بحسب الفيول المتوفر لا تتجاوز الـ750 ميغاواط". وأشار إلى أنّ "حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أبلغ المجلس الأعلى بأنه لم يعد قادراً على دعم شراء المحروقات". وأكد أنّ "الحل يكون باقتراح قانون في مجلس النواب بطلب صرف اعتمادات لكهرباء لبنان من أجل شراء الفيول لأنها الحل الأوفر على المواطن حتى ولو تمّ رفع التعرفة عليه"، ولفت إلى أنه في حال "توقف الدعم للمحروقات فالسعر يتحرّر ويصبح موحداً".
بدوره، أوضح مصرف لبنان في بيان أنه "اعتباراً من تاريخ 12/8/2021 سيقوم مصرف لبنان بتأمين الاعتمادات اللازمة المتعلقة بالمحروقات، معتمداً الآلية السابقة إياها، ولكن باحتساب سعر الدولار على الليرة اللبنانية تبعاً لأسعار السوق".
ويعود لوزارة الطاقة تحديد الأسعار الجديدة للمحروقات.
في غضون ذلك، تتجه الأنظار اليوم إلى الجلسة التي دعا إليها الرئيس بري في الاونيسكو للنظر في قرار الاتهام في تفجير المرفأ وفقا للمادة 22 معطوفة على المادة 20 من القانون 13 /90. وعشية الجلسة حدّدت الكتل النيابية موقفها منها، فأعلنت كتل "القوات" و"لبنان القوي" و"اللقاء الديمقراطي" و"ضمانة الجبل"، إضافة إلى بعض النواب المستقلّين، مقاطعتهم للجلسة، فيما لم تحدّد كتلة "المستقبل" موقفها النهائي حتى الساعة، وسط معلومات تفيد بأنّ الكتلة ستنضم إلى الكتل المقاطعة لكي لا تقع في الإحراج أمام الرأي العام.
وفيما أفادت مصادر قناة "أو تي في" بأنّ "هناك توجهاً نحو تأجيل جلسة مجلس النواب لعدم توفر النصاب لانعقادها، لا سيما أنّ خمسة نواب ممن كانوا سيحضرون هم خارج البلاد، يضاف إليهم العدد الكبير من النواب الذي أعلنوا مقاطعة الجلسة"، أكدت مصادر عين التينة لـ"البناء" أنّ "الجلسة في موعدها حتى الآن إلا إذا أعلنت بعض الكتل عدم حضورها كالمستقبل ومن الممكن أن لا يكتمل النصاب إذا تم إقفال الطرقات صباح اليوم أمام النواب".
ودعا الحريري في بيان لمكتبه الإعلامي "النواب بالسير دون إبطاء أو تأخير باقتراح وضع جميع الرؤساء والوزراء والنواب والقضاة والمحامين والمديرين العامين والأمنيين دفعة واحدة وفوراً في تصرف المحقق العدلي والحقيقة في هذه القضية". وأضاف: "كما أضع الكتل النيابية المتلكئة أمام مسؤولياتها: إما أن يعلق تطبيق مواد من القوانين والدستور على الجميع في هذه القضية التي لا تحتمل أي تذاكٍ أو تلاعب أو تطييف، أو أن يطبق القانون والدستور كاملاً بحذافيره على الجميع".
واللافت هو موقف كتلة رئيس "الاشتراكي" وليد جنبلاط بمقاطعة الجلسة، وأشارت الكتلة في بيان إلى أنّ "الجلسة المرتقبة وعلى جدول أعمالها بند واحد هو النظر في طلب الاتهام الموقع من عدد من النواب بما يؤدي إلى قيام هيئة محاكمة الرؤساء والوزراء للنظر في هذه القضية بما يعيق مهمة المحقق العدلي ويعيق الوصول إلى الحقيقة".
وتلاقت "القوات" مع موقف "لبنان القوي" الذي أكد رئيسه النائب جبران باسيل عبر "تويتر"، أنّ "جلسة مجلس النواب، غير شرعية لأنه لم يتم التقيد بالآلية القانونية المنصوص عنها في المادة 93 من النظام الداخلي لمجلس النواب والمادة 20 و22 من قانون أصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى، ما ينزع عن الجلسة قانونيتها ويجعل من جميع إجراءاتها غير قانونية".
وردّ الرئيس بري على المقاطعين بالقول: "لمن يتذرع بغير الشرعية وبعدم القانونية وما هم من مهارة في هذه الميادين … أسألكم ما قيمة نصوص الدستور المواد ، 60، 70، 71 ، 80؟". وأضاف: "ما قيمة القانون رقم 13/90 ؟ وماذا كنتم تفعلون عندما انتخبتم إضافة إلى ثمانية قضاة برئاسة رئيس مجلس القضاء الأعلى سبعة نواب أعضاء أصيلين في هذا المجلس من بينهم الزملاء السادة: جورج عقيص، جورج عطالله هاغوب بقرادونيان هذا عدا عن نواب الاحتياط ؟." وأردف: "وبالتالي قيام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء إلا إذا كنتم على استعداد لإلغاء هذه المواد طالما لستم بحاجة لها كما تفعلون . وأنتم لا تدرون ماذا تفعلون!".
واستدرج موقف بري سجالاً واسعاً بين عين التينة والتيار الوطني الحر الذي أوضح مكتبه الإعلامي موقف التكتل بأنّ "أسباب المقاطعة تعود من جهة إلى الشكل والنظام، ومن جهة أخرى إلى المضمون. ففي الشكل والنظام، لم تحترم الدعوة إلى الجلسة أمرين". مشيراً إلى أنّ "مخالفة النظام الداخلي لمجلس النواب بشكل فاضح، وأيضاً المخالفة الواضحة للآلية المنصوص عنها في قانون أصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى، تعنيان عدم توفر العناصر القانونية لصحة التئام الجلسة، وتجعل قراراتها وإجراءاتها غير قانونية". واعتبر البيان أنّ "التكتل يعتبر أن المجلس النيابي لم يتحرك طيلة سنة بإحالة قضية انفجار المرفأ بتحويلها إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والنواب، إلا بعدما أحال إليه المحقق العدلي طلبه رفع الحصانات. وبالتالي إن ما يقوم به الآن من محاولة إحالة المسألة إلى المجلس الأعلى هو التفاف على عمل القضاء العدلي، ويؤدي إلى وقف التحقيق من قبله مع المشتبه بهم، نواباً او وزراء، في الوقت الذي يطالب التكتل برفع الحصانات أمام القضاء العدلي لاستمرار التحقيقات بما يؤدي إلى تبرئة من تثبت براءته ومحاسبة المرتكبين، خاصةً أن الكلمة الفصل تبقى لقضاء الحكم أي المجلس العدلي".
في المقابل، ردت مصادر في كتلة التنمية والتحرير بالتأكيد "أنّ مُصدِّر البيان غير مطلع بتاتاً على مجريات العمل النيابي أو أنه يتعمد صراحة الكذب لتغطية موقفه شعبوياً حيث أنّ كل النواب قد وصلتهم أجوبة الأشخاص المعنيين قبل عشرة أيام على الأقل وفق نص المادة 20 من القانون 13/90"، مذكرة بأنّ "المجلس النيابي قد بادر إلى تلقف طلب المحقق العدلي السابق كما الحالي وطلب معطيات وملف لكي يقوم بدوره وهذا لم يؤمنه القاضيان"، مشيرة إلى أنّ "التحدي أمام التكتل المذكور هو الموافقة على إلغاء الحصانات عن الجميع وأن لا يختبئ خلف بيانات شعبوية وليوافق معنا على رفع الحصانات عن الجميع ولا يحاول أن يحمي رئيس الجمهورية الذي يخالف الدستور يومياً من عدم انتخاب بديل للنواب المستقيلين وصولاً إلى جلسة مجلس الدفاع الأعلى محمياً بحصانته". وختمت: "ارفعوا الحصانات إلا إذا كنتم تريدون إبقاء دموع عوائل الشهداء في خدمة الأهداف الانتخابية".
********************************************************************
وقف دعم المحروقات: السلطة تُعدِم اللبنانيين
إنه حُكم بالإعدام أصدره رياض سلامة بحق عموم السكان، بإعلانه وقف دعم استيراد المحروقات. يقول إنه لم يعد في مصرف لبنان ما يكفي من دولارات لتغطية دعم المحروقات، ثم يعلن أنه سيؤمن الدولارات لتغطية فتح اعتمادات استيراد المحروقات... لكن وفق سعر صرف الدولار في السوق! ماذا يعني ذلك؟ يعني عملياً مضاعفة أسعار المحروقات بأكثر من أربعة أضعاف أسعارها الحالية (قد يتجاوز سعر صفيحة البنزين الـ 330 ألف ليرة). ما يريده رياض سلامة هو خفض استهلاك الوقود، وجمع الدولارات من السوق. وكأضرار ربما يراها جانبية، سيؤدي قراره إلى غلاء فاحش في أسعار كل السلع والخدمات، وانكماش الاقتصاد، وتجفيف الدم من عروق أي عمل إنتاجي وإجبار السكان على قضاء غالبية وقتهم من دون كهرباء... وكأضرار ربما يراها جانبية أيضاً، لا بأس بانفجار اجتماعي. هنا لا يُقرأ قرار مماثل إلا من منظار سياسي. كان متوقعاً أن يُرفع الدعم من ضمن إجراءات الحد الأدنى لتحمي الأكثر فقراً من جزء ولو ضئيل من تبعاته. لكنه صدر أمس كقرار بالإعدام، ما يفتح البلاد على احتمالات الانهيار الشامل ولو بشكله الأمني، مع ما يرافقه من مآسٍ على المستويات كافة
خلاصة جلسة المجلس الأعلى للدفاع أمس، أنّ السلطة السياسية: رئاسة الجمهورية، الحكومة، الوزراء، النواب... تآمرت مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على سَحق السكّان أكثر وأكثر. تآمرت معه حين فوّضته صلاحيات مطلقة في السلطة النقدية، ثمّ سمحت له أن يُقرّر في احتياجات السكان المعيشية. وارتكبت جريمة عدم فرض أي حلّ بديل، رغم وجود المئات منها، والتسبّب بأسوأ أزمة في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية. إلغاء الدعم عن السلع الرئيسية ليس محصوراً بالمزيد من انهيار العملة وتآكل قيمة الأجور والغلاء الجنوني لكلّ شيء. بل الانتقال إلى رفع الدعم تحديداً عن الطاقة، وهي عصب الاقتصاد. رفع الدعم عن استيراد المحروقات، كإجراء من دون أي خطة تواكبه على الأقل، ومن دون الحد الأدنى المتمثل ببدء تفعيل البطاقة التمويلية للأسر الفقيرة (ولو أنه خيار غير كافٍ)، ومن دون أي بديل جدّي يعني أنّ مؤسسات ستُقفل، ومصانع لن تعمل، وإدارات عامة ستتعطّل، ومستشفيات لن تستقبل سوى الميسورين، ومدارس غير مضمون فتح أبوابها، ومواد غذائية ستفسد في المنازل، وسيارات لن تُستخدم لنقل الموظفين إلى أعمالهم... وعمّال سيفقدون وظائفهم. باختصار، للأزمة وقع الدومينو، وكل قطعة منها مهما طالت من قطاعات، فإن الضرر سيصيب الناس في صحتهم وطعامهم ومعيشتهم. يواجه السكّان في لبنان نوعاً آخر من الأزمات لا يُشبه ما قاسوه سابقاً، والأخطر في هذه المرحلة أنّ نتيجة هذا الانهيار وإلى أين قد يودي بالمجتمع، غير واضحة.
مُجدّداً، رفع الدعم لم يكن قدراً، والانهيار لم يكن قدراً، والأزمة تتحمّل مسؤوليتها السلطتان السياسية والنقدية. بلى، كانت لدى السلطة حلول بديلة اختارت عدم تطبيقها: التعامل مع الدواء والمحروقات بوصفهما سلعاً حيوية لا يُمكن العيش من دونهما، وعقد اتفاقيات من دولة إلى دولة لاستيرادهما وتوزيعهما مباشرةً على السكان وإخراجهما من لعبة السوق. وضع اليد على الدولارات المتبقية في مصرف لبنان والتعامل معها كأنّها ثروة وطنية، عوض تركها بين يدَي سلامة يستخدمها لإنقاذ القطاع المصرفي وأصحاب الثروات. مصادرة الدواء والمازوت والبنزين والقمح والمأكولات المخزّنة. التنسيق مع القوى الأمنية لضرب تجّار السوق الموازية. كانت السلطة قادرة على التصرّف وإنقاذ بلد ناتجه المحلي كان يبلغ أكثر من 50 مليار دولار، فبات يواجه انهياراً نقدياً واقتصادياً ومالياً واحتمال التضخّم المُفرط والمزيد من الانكماش الاقتصادي. كيف للناس أن يتحمّلوا كلّ هذا البؤس دفعةً واحدة ويقتنعوا بالاكتفاء بـ"كفاف يومهم" بعد أن سُلب منهم حقّ التخطيط لمستقبلٍ، أبعد من تأمين رغيف خبز، فيما هم يرون السياسيين والمصرفيين ورجال الأعمال والتجّار والمحتكرين وكلّ "أبناء النظام" يسوحون ويأكلون ويتعلمون ويستملكون ويُطبّبون وينيرون منازلهم، من ثرواتٍ راكموها على حساب عامة الناس؟
ممّن يُطلب أن يشعر مع عائلة تبيع قوّة عملها لتعيش ولا تملك مدخولاً آخر غير راتبها؟ عائلة مضطرة إلى حَمل همّ عدم المرض لأنّ الدواء منقطع والتأمين توقّف عن تغطية الخدمات الاستشفائية والضمان على باب الإفلاس ومصنع المصل توقّف عن الإنتاج والمستشفى يُلوّح بالإقفال... وهمّ تأمين الحدّ الأدنى من الغذاء بعد أن ارتفعت أسعار كلّ السلع الأساسية، وفي مقدمتها ربطة الخبز، والبكتيريا تغزو الأجبان والألبان، وانقطاع الكهرباء يؤثّر في صلاحية المأكولات... وهمّ التفكير بحلّ لأزمة التنقّل، فـ"السرفيس"، قبل رفع الدعم، بات يُساوي بدل النقل لنهار عمل كامل، مقابل ارتفاع أسعار البنزين وندرته، والخوف من تعطّل قطعة غيار في سيّارة فُرض استعمالها في بلد لم يُبنَ فيه نظام نقل عام... وهمّ تأمين دراسة لائقة للتلاميذ والطلّاب، وتكلفة شراء حاسوب لمتابعة الدراسة عن بُعد، ثمّ ضمان وجود تغذية كهربائية ليتمكن الأولاد من الدرس، والخوف من أن تُقفل بعض المدارس نهائياً. فمن أين يأتي المسؤولون بكلّ هذا الفجور الأخلاقي حتى يهدروا سنتين، تفرّجوا خلالها على الانهيار، وامتنعوا عن اتخاذ قرارات طارئة تُحاكي حجم الكارثة، بالتوازي مع بدء العمل على خطة إصلاحية إنقاذية أساسها توزيع الخسائر بطريقة عادلة، لا كما يحصل حالياً بتدفيعها للفقراء والطبقة المتوسطة مقابل إنقاذ الأغنياء والسارقين والمحتكرين؟
"الأعلى للدفاع": تغطية سلامة!
ما حصل في المجلس الأعلى للدفاع أمس خير دليل على تواطؤ السياسيين مع رياض سلامة، في إطلاق يده ليس فقط في السياسة النقدية للبلد، بل أيضاً في القرارات المُجتمعية التي تمسّ أمن السكّان، وصولاً حتى تهديد حياتهم. فقد حضر حاكم البنك المركزي قسماً من اجتماع "المجلس الأعلى" في قصر بعبدا، مُبلّغاً الحاضرين عدم قدرته على الاستمرار في الدعم، وبأنّه يملك في حساب التوظيفات الإلزامية 14 مليار دولار، "لا يُمكنني قانونياً التصرّف بها"، لذلك قال بأنّه "لن أتمكّن من فتح اعتمادات لشراء المحروقات". وأضاف بأنّه عقد أمس اجتماعاً مع وزير الصحة حمد حسن، "على أن أتسلّم منه اللوائح الأخيرة لأدوية الأمراض المزمنة والمستعصية. مضطر أن أُكمل دعم استيراد هذه الأدوية، رغم أنني اقتربت من الخط الأحمر للصرف". سأل الرئيس ميشال عون عن سعر تنكة المازوت بعد رفع الدعم، فردّ وزير الطاقة ريمون غجر إنّها ستصل إلى "245 ألف ليرة، لأنّ سعرها 12 دولاراً، وتُضاف إليها رسوم بحدود الـ5 آلاف". يُعلّق أحد الحاضرين بأنّ "سعر تنكة المازوت لن يبقى 245 ألف ليرة وقد يصل إلى 500 ألف ليرة، لأنّ رفع الدعم يعني لجوء التجّار إلى السوق لتأمين الدولارات، يعني ارتفاع سعر الصرف". فأكّد سلامة أنّ "مصرف لبنان سيتدخل ليمنع سعر الصرف من الارتفاع إلى معدّلات عالية". مرّ هذا التصريح من سلامة مرور الكرام في جلسة المجلس الأعلى للدفاع، فلم يُنبّه أي من الحاضرين إلى أنّه ومنذ صيف عام 2019 يُراقب انهيار الليرة والتبدّل في سعر الصرف من دون اتخاذ إجراءات لحماية استقرار العملة، لا بل بيّنت التحقيقات القضائية سابقاً أنّ مصرف لبنان مُضارب على العملة. فضلاً عن أنّه قبل أن يعرض خدماته لضبط سعر الصرف، كان يدّعي عدم إمكانية التصرّف بالدولارات المتبقية، فمن أين سيأتي بالدولار للدفاع عن الليرة في السوق؟
في ختام النقاش، توجّه عون لسلامة: "نفهم منك أنّه لا يوجد حلّ إلا بتحرير سعر المحروقات؟"، فأكّد الحاكم على ذلك. "ما بقا بدنا منك شي فيك تفل"، قال الرئيس لسلامة، فـ"فلّ" مُعتبراً أنّه نال تغطية سياسية لرفع الدعم عن المحروقات. وهو بذلك "مُحقّ"، فلا عون ولا أي من المشاركين في الاجتماع منع سلامة من التوقّف عن الدعم قبل طرح بديل جدّي. وأصدر سلامة ليلاً بياناً بأنّه سيقوم بتأمين المحروقات "باحتساب سعر الدولار على الليرة تبعاً لأسعار السوق، ويعود لوزارة الطاقة تحديد الأسعار الجديدة للمحروقات". وبحسب المعنيين في وزارة الطاقة، فستُحضّر جدولاً للتسعيرة الجديدة وفق الأخيرة ستبقى تصدر جدول التسعير على السعر المتفق عليه للدعم، أي على سعر 3900 ليرة، إلى أن يُصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً، فتصدر بدورها تسعيرة السعر غير المدعوم. وبحسب "الدولية للمعلومات"، فإن إلغاء الدعم عن المحروقات سيعني وصول سعر صفيحة البنزين إلى 336 ألف ليرة، وسعر صفيحة المازوت إلى 278 ألف ليرة! هذه التقديرات مبنية على سعر السوق الحالي، فيما المتوقّع أن يؤدي رفع الدعم إلى المزيد من الانهيار في سعر الصرف، ما يعني ارتفاع أسعار المحروقات أكثر وأكثر، رغم زعم سلامة أنه سيتدخّل لحماية سعر الصرف!
***********************************************************************
الإختناق في الذروة… وسلامة لن يتراجع
قد لا تكون ثمة مغالاة في القول أن يوم أمس شكل احد أسوأ أيام الفوضى الزاحفة والمتدحرجة بسبب التخبط الهائل في تحمل الدولة لتبعات المسرحيات السياسية والسلطوية الفاقعة التي تجري على وقع عذابات الناس وذلّهم وسط تحوّل لبنان جحيماً بكل ما للكلمة من معنى ومحتوى دراماتيكيين. وتمادت مهزلة الصراع بين السلطة السياسية ممثلة خصوصاً بالعهد وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول قرار رفع الدعم عن المحروقات، وسط انكشاف الملابسات الفاضحة التي سبقت وواكبت القرار، بما يثبت ان السلطة التي تفصح بلا خجل بأنها تستبيح الاحتياط الالزامي، كانت تغض الطرف بل تنتظر قرار رفع الدعم لتختبئ وراءه. وفي غضون ذلك، بدا لبنان بأسره بكل مناطقه وبكل القطاعات عرضة لبلوغ الاختناق ذروة غير مسبوقة مع الشلل الذي أصاب كل شيء بفعل العجز او التقاعس المتعمد لعدم حسم قرار اصدار جدول اسعار المحروقات. ولم يقف الامر عند حدود التفاقم القياسي في أزمات اختفاء البنزين والمازوت وانعدام ساعات التغذية الكهربائية، وتهديد قطاع خدمات الانترنت للمرة الأولى جدياً وبخطورة عالية، وتفاقم مخيف في مأساة المستشفيات وتهديد مجمل القطاعات الإنتاجية والخدماتية بالانقطاع الطويل للتيار الكهربائي… اذ بالإضافة الى هذا الواقع الكارثي، بدا المشهد السياسي متجهاً نحو مزيد من التخبط في ظل اتجاه سياسي واضح لدى العهد متأثراً بقوة لافتة باندفاعات رئيس تياره السياسي النائب جبران باسيل نحو محاولة اسقاط حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتحويل ملف رفع الدعم مناسبة شعبوية بامتياز حتى حدود التحريض.
بعبدا والسرايا
وبدا ذلك واضحاً من خلال تصعيد الحملة التي يشنها “التيار الوطني الحر” على سلامة عبر مواقف جديدة لرئيسه وتكرار تظاهر انصار التيار لليوم الثاني امام منزل سلامة مساء امس في الصفرا حيث حصلت صدامات بينهم وبين قوى الامن بعد محاولاتهم اقتحام المنزل. وهو الامر الذي تناغم ووجد ترجمة مباشرة له مع تطور خطير حاول رئيس الجمهورية تمريره عبر عقد جلسة لمجلس الوزراء للحكومة المستقيلة في محاولة من شأنها خرق الدستور وتشكيل مطية لاجتهادات انقلابية ضد وضع حاكم مصرف لبنان. ولكن التطور الأبرز تمثل في فشل هذه المحاولة بفعل رفض الرئيس حسان دياب الدعوة الى عقد هذه الجلسة باعتبارها خرقاً للدستور. وأعلنت رئاسة الجمهورية مساء ان الرئيس عون “دعا مجلس الوزراء إلى الانعقاد بصورة استثنائية للضرورة القصوى بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب، على أن تخصص هذه الجلسة لمعالجة أسباب أزمة عدم توافر المشتقات النفطية على أنواعها في السوق المحلية وانقطاعها من جراء قرار حاكم مصرف لبنان الأحادي بوقف الدعم عن هذه المواد وما يسببه ذلك من تداعيات خطيرة على سبل عيش المواطن اللبناني والمقيم على أرض لبنان على مختلف الصعد”. واستند الرئيس عون في دعوته إلى الفقرة 12 من المادة 53 من الدستور.
ووزعت بعبدا نص رسالة عون الى دياب وجاء فيها “في ضوء استفحال ازمة عدم توافر المشتقات النفطية على انواعها في السوق المحلية وانقطاعها، من جراء قرار حاكم مصرف لبنان الاحادي بوقف الدعم عن هذه المواد، وتداعيات هذه الازمة الخطيرة على سبل عيش المواطن اللبناني والمقيم على ارض لبنان على مختلف الصعد سيما التداعيات التي تصيب لقمة العيش والاستشفاء وحق التنقل والانتفاع من التيار الكهربائي والسياحة الموسمية، فضلا عن التداعيات الامنية،
وبما ان حاكم مصرف لبنان لا يزال مصراً على موقفه بالرغم من القوانين والقرارات التي تمكنه من العودة عن قراره واعادة توفير الدعم للمشتقات النفطية، لاسيما قانون البطاقة التمويلية الذي اقره مجلس النواب وبما ان اللجنة الوزارية المعنية بالعمل على وضع اسس البطاقة التمويلية قد انهت اعمالها ووضعت الآلية اللازمة لتنفيذها وتوزيعها والمتوقع صدورها قريباً …وبما ان المصرف المركزي هو شخص من اشخاص القانون العام، وان الحكومة هي التي تضع السياسات العامة في كل المجالات على ما يرد صراحةً في المادة 65 من الدستور، وبما ان “تصريف الاعمال بالمعنى الضيق” لا يحول على الاطلاق دون انعقاد مجلس الوزراء عند توافر عناصر الضرورة القصوى، لذلك، يدعو رئيس الجمهورية مجلس الوزراء الى الانعقاد بصورة استثنائية للضرورة القصوى بالتوافق مع السيد رئيس مجلس الوزراء، على ان تخصص هذه الجلسة لمعالجة اسباب هذه الازمة وتداعياتها وذيولها الخطيرة”.
وعلى الأثر صدر عن المكتب الإعلامي في رئاسة مجلس الوزراء البيان الاتي: “بما أن الحكومة مستقيلة منذ 10 آب 2020، و التزاماً بنص المادة 64 من الدستور التي تحصر صلاحيات الحكومة المستقيلة بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، ومنعاً لأي التباس، فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب ما يزال عند موقفه المبدئي بعدم خرق الدستور وبالتالي عدم دعوة مجلس الوزراء للاجتماع “.
سلامة لـ”النهار”
في المقابل أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في اتصال مع “النهار” أنه مصر على موقفه من رفع الدعم على المحروقات، وأنه لن يتراجع عن هذا الموقف الا في حال تم التشريع لاستخدام الاحتياط الإلزامي خصوصا وأن الأموال المتبقية هي أموال المودعين وهي ملكية خاصة ليس للدولة حق التصرف بها. وأكّد سلامة أن “جميع المسؤولين في لبنان كانوا يعلمون بقرار رفع الدعم، بدءً من رئاسة الجمهورية مروراً بالحكومة وليس انتهاءً بمجلس الدفاع الأعلى”.
ورداً على سؤال في حال لم يتم التشريع، فهل هذا يعني ان رفع الدعم سيطاول ايضا الطحين والأدوية؟ اجاب سلامة أن مصرف لبنان أمن بعض الاحتياط لزوم دعم هاتين المادتين وأنه لا داع للقلق في هذا الشأن.
وعما إذا كان ما يحصل هدفه الضغط عليه للاستقالة اكتفى سلامة بالقول “لا تعليق”.
وحتى ولو تم التشريع لاستخدام الاحتياط، فإن المتخصص في الرقابة القضائية على المصارف المركزية وأجهزة الرقابة التابعة اليها المحامي الدكتور باسكال فؤاد ضاهر، يؤكد لـ”النهار” أن “الاحتياط الالزامي غير قابل لاي مسّ لانه مال مخصص الأهداف واي قانون يشرع هذا الاعتداء سيكون مخالفاً للدستور ومقدمته والاتفاقات الدولية اضافة الى المبادئ القانونية الاساسية التي بني عليها النظام اللبناني. وتالياً ستقع تلك المخالفة تحت رقابة المجلس الدستوري كما وأنه يفتح المجال لمقاضاة الدولة عن مسؤوليتها عن الاعمال التشريعية”.
وكان النائب باسيل واصل حملته العنيفة على سلامة فكتب على “تويتر”: “للحاكم ولكل يلي عم يغطّوه سياسياً بقراره وهم كتار ومكشوفين: اوقفوا الانفجار! رفع الدعم بيصير تدريجياً. متل ما رفعتوه عن المحروقات من الـ1500 للـ3900 إرفعوه لرقم جديد لحين توزيع البطاقة التمويلية… رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة رفضوا القرار، ولازم حكومة تصريف الأعمال تثبّت انها هي السلطة التنفيذية وتؤكد على خطتها. الحكومة الجديدة لازم تطلع بسرعة، والإنقلاب عليها وعلى الرئيس لازم يفشل… عم تغتالوا شعب بكامله بس شعبنا ما بيموت”.
كما ان نائب الأمين العام لـ”حزب الله ” الشيخ نعيم قاسم رأى أن “حاكم مصرف لبنان يتحمل مسؤولية كبيرة وخطيرة في ما آلت إليه الأوضاع في البلد ويجب أن يحاسب”، متسائلا: “كيف يمكن أن يحاسب إذا لم يتم السير بالتدقيق الجنائي”، مؤكدا أن “المسؤولية تقع أولاً وأخيراً على الحكومة التي يجب أن تتشكل وتأخذ دورها وتقرر بقاء الحاكم من عدمه”.
يوم مشحون
اما الواقع على الارض، فشهد امس يوماً مشحوناً مع استفحال ازمة المحروقات اذ عادت الطوابير لتمتد كيلومترات امام المحطات القليلة التي فتحت لتوزيع البنزين، في وقت شحّ المازوت وانقطع تماماً من السوق، متسبباً بتغذية كهربائية صفر وبتعثر عمل اوجيرو وشركات الانترنت والادارات الرسمية والمؤسسات الخاصة، وسط بلبلة عارمة في تحديد سعر بيع البنزين اذا توافر. وشهدت المحطات اضطرابات واسعة بين المواطنين في مختلف المناطق ويخشى ان تتمدد الازمة الى الثلثاء المقبل بعد عطلة عيد السيدة العذراء الاثنين، لان أي ملامح لإعادة اصدار جدول الأسعار الجديد لم تتضح في ظل الصراع السياسي داخل السلطة.
وكما البنزين والمازوت كذلك الغاز، فقد اعلن ان مخزون الغاز لا يكفي الا خمسة أيام كما تفاقمت ازمة الخبز. وفي ظل استفحال هذه الازمات عمت عمليات قطع الطرق وسط بيروت وضواحيها ومداخلها ومعظم المناطق على فترات متقطعة ولكنها شهدت كثافة في ساعات المساء والليل .
***************************************************************************
رئيس الجمهورية طالب ميقاتي بالسير في “محاكمة الحاكم”
“المنظومة” الحاكمة مذعورة… وسلامة “يكذّب” عون!
على قاعدة “القلّة بتولّد النقار”… بدأ أركان الأكثرية الحاكمة يتناهشون بعضهم البعض ويتقاذفون كرة الانهيار الملتهبة، ليسود التخبط والتناطح على أكثر من جبهة أمس مع بلوغ الأزمة المعيشية مستويات من التدهور غير مسبوقة طغت فيها حالة من العتمة الشاملة والشلل التام على مختلف نواحي الخريطة الوطنية. وفيما عقد في اليرزة اجتماع استثنائي لقادة الأجهزة الأمنية بحث الأوضاع، اتسعت امس رقعة الاحتجاجات وقطع الطرقات في كل أنحاء لبنان مترافقة مع حوادث متفرقة كان آخرها ليلا إشكال أثناء وجود نائب «حزب الله» حسين الحاج حسن في حسينية علي النهري واشتباكات في بعلبك.
ومن “صغيرها” إلى “كبيرها”، بدت “المنظومة” خلال الساعات الأخيرة مذعورة أكثر من أي وقت مضى تحت وطأة انفضاح وهنها وعجزها حتى عن الاستمرار في سياسة الترقيع وتنفيس الاحتقان في الشارع ووقف تساقط قطاعات الانتاج التي أطفأت محركاتها وبدأت تنهار كأحجار الدومينو في شتى المجالات الحياتية والاستشفائية والحيوية…
فمن وزير الاقتصاد راوول نعمة الذي خاطب نقابة الأفران إثر تبلغه بإغلاق عشرات المخابز أبوابها بالقول: ”ما خصني روحو شوفو وزارة الطاقة”، إلى رئيس الجمهورية ميشال عون الذي دفعته حالة الضياع والتفليسة إلى انتحال صفة رئيس الحكومة ودعوة مجلس الوزراء للانعقاد بـ”الاتفاق” مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، الأمر الذي سرعان ما ردّ عليه دياب ببيان مقتضب صدّ فيه عون وجدّد التزام “موقفه المبدئي بعدم خرق الدستور وعدم دعوة مجلس الوزراء إلى الاجتماع”.
وإذ برر رئيس الجمهورية دعوته بالاستناد إلى “الفقرة 12 من المادة 53 من الدستور”، بدا رئيس الحكومة المستقيلة حازماً في التشديد على وجوب “التزام نص المادة 64 من الدستور التي تحصر صلاحيات الحكومة المستقيلة بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال”، ونقلت مصادر قيادية في 8 آذار أنّ دياب تعرّض خلال الساعات الأخيرة إلى “جملة ضغوط لكنه بقي على موقفه رافضاً الامتثال لرغبة عون و”حزب الله” في دعوة مجلس الوزراء للانعقاد في سبيل بحث أزمة المحروقات” على خلفية قرار حاكم المصرف المركزي رياض سلامة رفع الدعم عن فتح الاعتمادات اللازمة لتمويل شراء الفيول من دون تشريع قانون في المجلس النيابي يتيح له المسّ بالاحتياطي الإلزامي من أموال المودعين بالعملة الصعبة.
وبينما سعى العهد وتياره بشكل مفضوح إلى استثمار قرار رفع الدعم شعبوياً ومحاولة التنصّل من تبعاته الرئاسية والسياسية، على أساس الادعاء بأنّ رئيس الجمهورية تفاجأ بهذا القرار ولم يكن على دراية مسبقة به، كسر سلامة حاجز الصمت مساءً فكّذب عون مؤكداً أنّ “جميع المسؤولين في لبنان كانوا يعلمون بقرار رفع الدعم، بدءاً من رئاسة الجمهورية مروراً بالحكومة وليس انتهاءً بمجلس الدفاع الأعلى”، وأضاف: “أبلغت الجميع بأنهم إن ارادوا الإنفاق من الاحتياطي الإلزامي فعليهم إقرار قانون في مجلس النواب يسمح لنا بذلك”، منتقداً بعنف رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ولفت رداً على الاتهامات التي طالته إلى أنّ “سبب استفحال الأزمة هو تعطيل تشكيل الحكومة منذ سنة”.
وفي سياق متصل، رأت مصادر واسعة الاطلاع أنّ الحملة الشعواء التي شنها عون وباسيل على سلامة خلال اليومين الماضيين كانت “حملة معدّة سلفاً وقد تعمّدا الإيحاء له بالمضي قدماً في تغطية قرار رفع الدعم عن المحروقات خلال اجتماع مجلس الدفاع الأعلى الذي عقد في قصر بعبدا في سبيل إيقاعه في الفخ”، كاشفةً أنّ رئيس الجمهورية كان قد فاتح رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في أحد اللقاءات معه في مسألة “محاسبة ومحاكمة حاكم المصرف المركزي” طالباً نيل موافقة ميقاتي على هذا الموضوع ضمن إطار التفاوض على المرحلة اللاحقة لتأليف الحكومة.
************************************************************************
لبنان الى الهاوية: سلطة فاشلة.. قلق أمني وتحذير من الفوضى
عبثاً يحاول اللبنانيون أن يوجدوا لهم منفذاً او مخرجاً للنجاة من حرب الإبادة التي تُشن عليهم.
وعبثاً تحاول سلطة الفشل ان تنأى بنفسها عن المسؤوليّة، فقرار رفع الدعم عن المحروقات أقلّ ما يُقال فيه إنّه جائر وظالم، لا بل قرار قاتل، جاء في وقت تخطّى فيه المواطن اللبناني ذروة اختناقه. فلماذ اتُخذ الآن هكذا بشكل صادم؟ ولماذا لم يتمّ التدرّج فيه على غرار دول اخرى؟ ومن اتخذه؟ هل حاكم مصرف لبنان وحده؟ أم الحاكم والمجلس المركزي للمصرف؟ وقبل كلّ ذلك، هل ثمّة بدائل تحصّن المواطن في موازاة قرار كهذا، او قرارات مماثلة يمكن ان تُتخذ بعد؟
بالتأكيد لا يتحمّل طرف وحده مسؤولية اتخاذه، بل كلّهم مسؤولون؛ من اتخذ القرار، ومن تسبّب به، ومن دفع اليه، ومن شارك فيه، ومن أوصل البلد الى هذه الأزمة وهذه العتمة الحالكة، ومن سلب المواطن اعزّ ما يملك وأفقده امواله وأمانه ومدخراته، وقبل كل ذلك، من رفعوا الدعم عن البلد دولة وشعباً ومؤسسات، وألقوا به في «جورة» أنانياتهم وحزبياتهم وحساباتهم ومصالحهم وشعبويتهم، ومن باعوا البلد بجبنة حكوميّة وحشروه في حقيبة وزارية.
وبالتالي، لا تنفع هؤلاء كلّهم ان يدّعوا الإنسانية والحمية والنصرة للمواطن اللبناني، ويتدثروا اليوم بثوب الحرص والنزاهة، وان يحاولوا التنصّل من هذه الجريمة، فكل أوراق التوت سقطت وبانت عوراتهم الوسخة، وما عليهم بالتالي سوى ان يوقفوا مسلسل الكذب على الناس، وادّعاء حرصهم عليهم، ويتوقفوا عن البكاء الأصفر وذرف الدموع على ما هم سبب فيه. إنّ أفضل الحلول واسلمها هو ان يخجل هؤلاء إن كانت لديهم ذرة حياء ويطمروا انفسهم في التراب، لا بل في الوحل.
غليان غير مسبوق
مشهد البلد في الساعات الماضية ينبئ بما هو أدهى من قرار رفع الدّعم. بالأمس توزعت التحركات الاعتراضية على هذا القرار في مختلف المناطق اللبنانية، لم تعد تحرّكات عفوية فقط، بل أصبحت تحركات طبيعية للناس في انفعالها وتوترها وحنقها، تحرّكات بلا ضوابط، صار معها البلد على كفّ عفريت، ومفتوح على شتى الاحتمالات، أقلها فقدان الأمن والفوضى التي بدأت تطرق الابواب.
المفاعيل تتفاقم على الأرض، الشارع في غليان غير مسبوق لم يشهده من قبل، طوابير الإذلال امام محطات المحروقات امتدت على كيلومترات، والطوابير نفسها بدأت تتراصف امام الأفران التي بدأت تقطّر في توزيع الخبز، وبعضها أقفل، واستنجد بوزير الاقتصاد، فأحال مراجعيه على وزارة الطاقة قائلاً :»انا ما خصني»… ومخزون الغاز لا يكفي سوى لايام معدودة، ما تبقّى من مصانع ومعامل ومؤسسات أقفل، «كهرباء الدولة» ماتت وانتهى الأمر، واما المولّدات فانضمّت اليها وأطفأت، وصار البلد على العتم.. ويبقى انّ حركة النقل توقفت بالكامل لفقدان البنزين وغلاء التعرفة، فهل ثمة من رأى آلاف الموظّفين المرميين في الشوارع في انتظار سيارة اجرة او «فانّ» تنقلهم الى ضيعهم وبلداتهم. هؤلاء لن يأتوا إلى اعمالهم الاثنين، ما يعني انّ البلد تعطّل بالكامل.
فقر وذل… ولا حلول
الازدواجية التي أظهرتها الطبقة السياسية في مقاربة ملف رفع الدعم تنذر بتدمير ذاتي غير مسبوق. وبات البلد بين شاقوفين: رفع الدعم بلا إجراءات استثنائية، يعني الدخول في دوامة التضخّم المفرط، مع ما يستتبع ذلك من انهيار القدرات الشرائية لدى المواطن بشكل خطير، وإبقاء الدعم كما هو سيكون بمثابة انتحار جماعي ونحر للشعب ولمستقبله، بحيث انّ إنفاق ما تبقّى يعني ان لا قيامة للبنان لا اليوم، ولا بعد خمسين سنة…
في غضون ذلك، يَنذلّ اللبنانيون بحثاً عمّا تبقّى من بنزين على السعر المدعوم الى حين نفاد مخزون الشركات المستوردة، والتي لن تسلّمه قبل تحديد وزارة الطاقة الآليّة او التسعيرة التي سيتمّ اعتمادها. تلك الآلية تعتمد على تشريع استخدام الاحتياطي الإلزامي من العملات الاجنبية في مصرف لبنان لمواصلة دعم المحروقات، وذلك عن طريق إقرار مجلس النواب لهكذا قانون، او تقبّل قرار البنك المركزي ورفع الدعم كليّاً عن المحروقات لتصبح أسعارها حوالى 350 الف ليرة لصفيحة البنزين. هذا الواقع يضع الكرة في ملعب الحكومة ومجلس النواب اليوم لاتخاذ هذا القرار، على ان يكون مصحوباً بتوفير شبكة أمان اجتماعي، لأنّ مصرف لبنان ليس مسؤولاً عن ذلك، ولا يمكنه وليس من المفترض به أن ينتظر أكثر صَحوة ضمير الحكّام.
وبانتظار الإجراءات المطلوبة، ستبقى مادتا المازوت والبنزين مقطوعتين من السوق، أي انّ البلاد مقبلة مع بداية الاسبوع المقبل على شلل تام سيطال كل المرافق، بما فيها الافران والمؤسسات، وستكون ضربة قاصمة لما تبقّى من اقتصاد.
في المقابل، فإنّ قرار رفع الدعم منفرداً من دون موازاته مع أي بديل او خطة للتعويض على الطبقة الفقيرة، والتي أصبحت غالبية في البلاد، ستكون له عواقب وخيمة ويهدّد بوقوع انفجار اجتماعي غير محسوب.
حكومة سريعاً… وإلّا
السلطة الناقصة الفاقدة لنفسها، في ذروة تخبّطها، رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب يهاجم قرار سلامة، وجعبته خالية من أي اجراء، وأصلا لا يستطيع ان يفعل شيئاً. واما رئيس الجمهورية ميشال عون فليس في يده ان يفعل شيئاً، يستدعي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فيسمع مضمون بيانه لا اكثر، ولكن الجديد، انّه دعا الى عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء بالاتفاق مع رئيس الحكومة طبقاً للبند 12 من المادة 53 من الدستور، وذلك للنّظر في معالجة هذه الازمة، وتداعياتها والذيول الخطيرة لاسباب عدم توافر المشتقات النفطية على انواعها في السوق المحلية..
وقال الرئيس عون في رسالة الدعوة: «حاكم مصرف لبنان لا يزال مصراً على موقفه رغم القوانين والقرارات التي تمكنه من العودة عن قراره وإعادة توفير الدعم للمشتقات النفطية، لاسيما قانون البطاقة التمويلية والموافقة الاستثنائية لفتح اعتمادات لشراء المحروقات على اساس 3900 ليرة بدلاً من 1500 ليرة للدولار الواحد».
وأضاف: «المصرف المركزي هو شخص من اشخاص القانون العام، والحكومة هي التي تضع السياسات العامة في كل المجالات وفق المادة 65 من الدستور، وتصريف الاعمال بالمعنى الضيق لا يحول على الاطلاق دون انعقاد مجلس الوزراء عند توافر عناصر الضرورة القصوى» .
دياب يرفض
في أعقاب الدعوة الرئاسية، اعلن المكتب الإعلامي في رئاسة مجلس الوزراء في بيان انه :
«بما أنّ الحكومة مستقيلة منذ 10 آب 2020، و التزاماً بنص المادة 64 من الدستور التي تحصر صلاحيات الحكومة المستقيلة بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال. ومنعاً لأي التباس، فإنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب لا يزال عند موقفه المبدئي بعدم خرق الدستور، وبالتالي عدم دعوة مجلس الوزراء للاجتماع».
دعوة غير مسبوقة؟
ما ينبغي لحظه هنا، انّ الدعوة هذه لعقد مجلس الوزراء في ظل حكومة مستقيلة تصرّف الاعمال في حدودها الضيّقة، هي دعوة غير مسبوقة. والسؤال هنا، هل تستطيع حكومة مستقيلة وتصرّف الأعمال أن تجتمع حتى في ظل ظّروف استثنائية وتتخّذ قرارات؟ يتفق الدستوريون والقانونيون على ان ليس في مقدور مثل هذه الحكومة ان تجتمع وتقرر، فلا نص دستورياً يجيز لها ذلك، بل قيّدها بالحدود الضيّقة لتصريف الاعمال لا اكثر. ثم إذا كان في مقدور هذه الحكومة ان تجتمع تبعاً للظروف الاستثنائية، فظروف البلد استثنائية منذ اشهر طويلة، وزادت في استثنائيتها منذ استقالة حكومة دياب في 10 آب 2020، أي قبل سنة، فلماذا لم تجتمع، بل لماذا لم تدعَ الى الاجتماع؟
وقبل كل ذلك، وطالما انّ الظروف استثنائية، فلماذا عطّل تشكيل الحكومة والجديدة؟ ولماذا لا يسرّع الآن في تشكيل هذه الحكومة ويُفرج عنها، لتأخذ دورها وتقرّر ما هو مناسب من خطوات واجراءات؟
المستقبل» يُحذّر الرئيس وفريقه
وفي هذا الإطار، صدر عن تيار «المستقبل» البيان الآتي:
شهد اللبنانيون في اليومين الماضيين، على واحد من أسوأ العروض السياسية والشعبوية للعهد القوي وتياره السياسي، وهو العرض الذي انتهى في الساعات الماضية الى توريط رئيس الجمهورية شخصياً في منزلقات التطاول على الدستور ومخالفة ألف باء الأصول التي تحكم العلاقة بين أطراف السلطة التنفيذية.
ان الدعوة التي وجّهها رئيس الجمهورية لإنعقاد مجلس الوزراء، لا تُشكل بدعة دستورية وإجراء يرقى الى مستوى المخالفة الموصوفة، بل هي خطوة متعمدة يرمي منظمها وكاتبها الى إهانة موقع رئاسة الجمهورية، وتحميله تبعات كذبة دستورية تستند الى اتفاق لم يحصل أساساً مع رئيس مجلس الوزراء.
ومن المؤسف أن يوافق رئيس الجمهورية على هذه الكذبة، رغم تبلّغه مباشرة من رئيس الحكومة حسان دياب خلال اتصالهما الهاتفي رفضه الدعوة وتمسّكه بعدم تجاوز الدستور ومخالفته.
لقد بات القاصي والداني في البلاد يعلم أن محركات جبران باسيل هي القائمة على تسيير شؤون الرئاسة في بعبدا، وإن الرئيس ينفّذ الأجندة السياسية التي يطلبها رئيس التيار الوطني الحر.
ويعرف رئيس الجمهورية وكل من شارك في إجتماع المجلس الأعلى للدفاع – الذي رفض خلاله الرئيس عون إعطاء الإذن لملاحقة مدير أمن الدولة اللواء أنطوان صليبا في قضية إنفجار مرفأ بيروت – يعلم الرئيس أن حاكم مصرف لبنان أبلغ المجتمعين حقيقة الواقع المالي في مصرف لبنان والإحتياط الإلزامي من ودائع اللبنانيين، الذي لا يمكنه التصرف به خلافاً للقانون، وانه ازاء هذا الواقع لا بديل عن وقف رفع دعم استيراد المحروقات إلّا اذا كانت هناك من بدائل لذلك، لكن رئيس الجمهورية وافق على رفع الدعم وطلب من حاكم مصرف لبنان مغادرة الإجتماع بعد الإنتهاء من مناقشة الملف الإقتصادي، وكان ما كان بعد ذلك من إشعال مواقع التواصل الإجتماعي بتغريدات لرئيس التيار الوطني الحر أيقظت دوائر القصر الجمهوري من غفوتها، لتنطلق الهجمة البرتقالية على الحاكم في محاولة لقلب الحقائق وتزوير وقائع الاجتماعات.
ان التخبط الذي يعيشه العهد وفريقه، يرمي بأضراره على الشأن الوطني برمته، ولقد كان جواب رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب لرئيس الجمهورية ورفضه الدعوة لجلسة إستثنائية لأنه لا يريد ارتكاب مخالفة دستورية، هو جواب يقع في مكانه الصحيح، وكذلك فعل حاكم مصرف لبنان الذي رفض المس بالإحتياط الإلزامي أي بودائع اللبنانيين وطلب باجتماعه مع رئيس الجمهورية امس إصدار قانون بهذا الخصوص في حال أراد المس بالإحتياط.
ان تيار المستقبل اذ يحذر رئيس الجمهورية وفريقه السياسي من التمادي في خرق الدستور والتعدي عليه وتسخير مؤسسات الدولة للتيار الوطني، لن يقف مكتوف الأيدي، وسيواجه هذه التعديات في نطاق الأصول والقوانين وموجبات الدستور، وهو يحث كافة القوى اللبنانية على التصدي لسياسات التلاعب بالدستور وتحويل رئاسة البلاد مقراً لتلبية طموحات حزبية.
سلامة: جميعهم يعلمون بالقرار
الى ذلك، أكّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أنّ «جميع المسؤولين في لبنان كانوا يعلمون بقرار رفع الدعم، بدءًا من رئاسة الجمهورية مروراً بالحكومة وليس انتهاءً بمجلس الدفاع الأعلى».
وقال سلامة: «أبلغت الجميع بأنّهم إن ارادوا الإنفاق من الاحتياطي الإلزامي فعليهم إقرار قانون في مجلس النواب يسمح لنا بذلك».
وغمز سلامة من قناة الذين يتهمونه بافتعال أزمة، أنّ «سبب استفحال الأزمة هو تعطيل تشكيل الحكومة منذ سنة». وردّ بعنف على رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.
وكلام سلامة جاء في مقابلة عبر إذاعة «لبنان الحر» تُبثّ اليوم السبت، ويشرح فيها كل وقائع الدعم وأرقامه وحقيقة ما جرى في المرحلة الماضية، إضافة إلى الأسباب التي أدّت إلى وصول لبنان إلى الانهيار، كما يردّ على كل الحملات التي تطاله بشكل مفصّل، كما عن واقع الملفات القضائية.
قبل فوات الأوان
ولعلّ خطوة العلاج الأولى تتبدّى في تشكيل حكومة، على ما يقول مسؤول كبير لـ»الجمهورية»، ويضيف: «إنّ المطلوب حكومة قبل فوات الأوان، وإن لم تتشكّل هذه الحكومة من الآن وحتى يوم الاثنين المقبل، أخشى أنّنا لن نتمكّن بعد ذلك من احتواء ما سيجري في الشارع، أنا خائف هذه المرة من غضب الناس اكثر من أي وقت مضى، فلم تعد لدى الناس ما تخسره. وبالتالي، يجب ان نتوقع كل شيء، ولا تُلام الناس مهما فعلوا، وساعد الله الجيش في الأيام المقبلة».
قلق أمني
وفي هذا السياق، أعرب مصدر أمني مسؤول، عبر «الجمهورية»، عن قلق شديد من الوضع المستجد. وقال: نشعر أننا امام انفجار اجتماعي كبير جداً، والمواطنون غاية في التوتر. وما نخشاه هو ان تنفلت الامور وتؤدي الى خَلق وقائع غير محسوبة لا تحمد عقباها، ومع الأسف اقول انّ كل الاحتمالات السلبية واردة. وكشف المصدر عن توجّه لحضور أمني على الارض أكثر كثافة وفعالية.
وكانت تطورات الوضع محور بحث مستفيض في الاجتماع الامني الذي عقد في قيادة الجيش، وضَم إلى قائد الجيش العماد جوزف عون كلّاً من: مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ومدير المخابرات في الجيش العميد أنطوان القهوجي، ومساعد مدير عام الأمن العام العميد الركن سمير سنان، ورئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد خالد حمود، ورئيس مكتب شؤون المعلومات العميد يوسف مدوّر. وتداولَ المجتمعون في تداعيات الأزمة الاقتصادية والتحركّات الشعبية احتجاحاً على فقدان مادتَي البنزين والمازوت وما يترتّب عنه، واتّفقوا على مواصلة التنسيق فيما بينهم واتخاذ خطوات عملانية للحؤول دون تكرار الحوادث الأمنية التي حصلت أخيراً في أكثر من منطقة
وكانت شبكة»CNN» الإخبارية قد أعدّت تقريراً حول قرار رفع الدعم عن المحروقات المفاجئ في لبنان، مشيرةً إلى أنّ الكهرباء والمواصلات تحوّلت إلى كماليات بين ليلة وضحاها، ومحذّرة من تَسارع وتيرة الانهيار الاقتصادي.
وكتبت الشبكة الأميركية: «مساء الأربعاء، أطلق مصرف لبنان المركزي تصريحاً أذِن أخيراً بنهاية اقتصاد البلاد المتعثّر على ما يبدو»، مضيفة: «على رغم عدم تحديد أسعار المحروقات الجديدة، يتوقع خبراء أن تتضاعف 4 مرات، ما من شأنه أن يُحدث صدمة تضخمية في البلاد حيث سجلت معدلات الفقر ارتفاعاً حاداً، واختفت الأدوية من الصيدليات، وانخفضت التغذية الكهربائبة إلى أكثر من النصف».
ونقلت الشبكة عن هايكو ويمين، مدير مشروع لبنان وسوريا والعراق في «مجموعة الأزمات الدولية»، تحذيره من أنّ تداعيات هذا القرار ستطال «الاقتصاد برمّته». ويحذّر ويمين: «بالنسبة إلى جزء كبير من السكان، ستصبح الكهرباء من الكماليات»، مضيفاً: «قيادة سيارتك ستصبح من الكماليات أيضاً، والمواصلات كذلك».
وتحذر الشبكة: «يُتوقّع لتداعيات قرار المصرف المركزي أن تتفاقم وأن تصبح أكثر شمولاً، بحيث تتسبب في انقطاع إمدادات سلع أساسية إضافية، مثل عبوات المياه».
وفي هذا الإطار، يوضح ويمان: « ترتبط مياه الشرب بالمواصلات بشكل أساسي. فإذا فُقد المازوت، لا يمكن نقل المياه من الجبل إلى الساحل». كذلك، يتطرّق ويمان إلى السلع التي تُعتبر المواصلات عنصراً أساسياً في عملية تأمينها، متوقعاً أن تسجل أسعارها «ارتفاعاً جنونياً». ويضيف: «ستزداد الغالبية العظمى من اللبنانيين.. فقراً بشكل كبير».
وختمت «CNN» تقريرها: «التوقعات بشأن لبنان قاتمة إلى حد كبير، فقليلون الذين يتوقعون احتمال حصول خرق اقتصادي أو سياسي قبل انتخابات البلاد البرلمانية المزمع إجراؤها العام المقبل. ويقول الخبراء إنّه في غياب تغيير سياسي كبير، فإنّ دوامة الانحدار ستستمر».
إيجابيات ولكن
حكومياً، ومن لحظة انتهاء اللقاء الثّامن بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، أُشيع في البلد مناخ إيجابي أوحَى بأنّ الحكومة ستولد الأسبوع المقبل. ولكن من دون أن يصدر عن الرئيسين ما يؤكّد ذلك أو ينفيه. فهل ثمة ايجابيات بالفعل؟ وإن كانت موجودة، فعلى أساس بُنيت؟ ولماذا لا يستثمر عليها سريعاً وتترجم اليوم او غداً، بدل أن يُدفَش» اللقاء التاسع بين عون وميقاتي الى الاسبوع المقبل؟ واذا كانت غير موجودة فما هي الغاية من ضَخ إيجابيات وهمية؟
مصادر متابعة لحركة الاتصالات حول الملف الحكومي أكدت لـ»الجمهورية» وجود معطيات ايجابية يمكن البناء عليها لإمكان ولادة الحكومة في وقت قريب جداً.
الا انّ المصادر لم تكشف ماهية هذه المعطيات، مكتفية بالقول انّ الأمور صارت في خواتيمها.
وفيما تحدثت بعض المصادر عن انّ الرئيسين عون وميقاتي أنجزا خريطة التوزيع الطائفي للحقائب الوزارية، بحيث تم حسم بقاء الحقائب السيادية وكذلك غالبية الحقائب الاخرى وفق التوزيع الحالي. إنتقلا الى مرحلة إسقاط الاسماء على الوزارات، مشيرة في الوقت نفسه الى حضورٍ لافت ومكثّف للرئاسة الفرنسية على خط دفع الرئيسين في اتجاه التسريع بولادة الحكومة. في المقابل، تساءلت مصادر سياسية انه طالما ان المناخ ايجابي فلماذا إذاً قذف الاجتماع التاسع بين عون وميقاتي الى الاسبوع المقبل وليس الى اليوم او غداً؟
ad
أوساط قريبة من رئاسة الجمهورية تبدي تفاؤلاً ملحوظاً قالت لـ»الجمهورية» إنّ «طريق الحكومة سالكة، والاسبوع المقبل حاسم ايجاباً على هذا الصعيد»، فيما تعتصم اوساط الرئيس المكلف بصمت مطبق، مكتفية بالقول لـ»الجمهورية» انّ الرئيس ميقاتي يتابع حركة اتصالاته مع مختلف القوى السياسية بهدف إنضاج سريع للحكومة.
وبحسب هذه الاوساط، فإنّ الرئيس المكلف يأمل ان تبلغ الامور الخير المطلوب، خصوصاً انه يعتمد الايجابية المطلقة في مقاربته ملف التأليف، وتحكمه الرغبة في إنجاز تشكيل سريع الحكومة، تَحدّ من الانهيار الحاصل وتضع سبل المقاربات والمعالجات الجذرية للأزمة الخانقة.
وتأمل المصادر ان يكون الاسبوع المقبل حاسماً على الصعيد الحكومي.
ولفتَ ما ذكره موقع «لبنان 24»، التابع للرئيس المكلف، عن انّ ميقاتي يعتبر «انّ الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد يقتضي مقاربة مختلفة لعملية التشكيل وتغاضياً عن بعض الامور التي لطالما شدد عليها، «فنحن في ظرف استثنائي، والمهم إنّو نشَكّل حكومة تشتغِل وتساعد الناس».
واشار الموقع الى انّ الرئيس المكلف استأنف اتصالاته واجتماعاته التي لا يُفصح عنها مسبقاً، لكنه يؤكد انه يلتقي الجميع من دون استثناء».
الراعي في بعبدا
الى ذلك، كان الملف الحكومي محور اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في القصر الجمهوري امس، حيث أكد الراعي بعد اللقاء أنه لا بد من تشكيل حكومة جديدة قادرة على تحقيق الاصلاحات، وتكون مدخلاً للحلول، لافتاً الى أنّ الجميع مسؤول من موقعه في مواجهة الصعوبات ومساعدة الناس على الصمود.
ودعا البطريرك الراعي، وسائل الاعلام الى الاضاءة على الامور الايجابية والمساهمة في التخفيف من التأثير السلبي للازمات على المواطنين ومعنوياتهم. وقال: لا بد من أن تتشكل الحكومة الجديدة، ليس لحل جميع المشاكل والقضايا، بل لتكون مدخلاً لحل الازمات. ما نتمنّاه هو أن تتشكّل الحكومة في أسرع وقت ممكن ونصلي من أجل ذلك، ونأمل في أن يتمكن عون وميقاتي من تأليفها في أسرع وقت. فجميعنا يعلم أنّ شعبنا يعيش في حالة انتظار صعب ومر، ونحاول بمختلف الوسائل دعمه كي يتمكن من الصمود، وإيقاف النزف من عناصر القوة التي يتميّز بها لبنان».
********************************************************************************
شوارع بيروت خالية… وازدحام على الأفران
حديث إسرائيلي عن شبكة أنفاق لـ«حزب الله» من العاصمة إلى البقاع
أدت أزمة انقطاع المحروقات في لبنان والتوقف عن تسليمها إلى محطات البنزين والأفران إلى تحديات أمنية جديدة، تمثلت في استيلاء المواطنين على صهاريج نقل محروقات، وسط انتشار عسكري وأمني قرب محطات الوقود لتطويق الإشكالات ومنع تفاقمها، بحسب ما قالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط».
وكانت شوارع بيروت شبه خالية أمس، فمعظم اللبنانيين لا يجدون وقوداً لسياراتهم للتنقل. ومنذ أسابيع، بدأت أزمة المحروقات تتسع وبلغت أوجها مع إعلان مصرف لبنان بدء فتح اعتمادات شراء المحروقات وفق سعر الصرف في السوق السوداء، ما يعني عملياً رفع الدعم عن هذه المواد الحيوية، وأغلقت أفران عدة في بيروت ومناطق أخرى أبوابها، بينما تعمل أخرى على تقنين المبيعات بسبب شح مادة المازوت الضروري لتشغيلها.
من جهة أخرى ذكر تقرير إسرائيلي نشر أمس أن الأنفاق التي حفرها «حزب الله» تمتد عشرات الكيلومترات من الحدود الإسرائيلية إلى بيروت وحتى البقاع. وتتضمن شبكة طرق رحبة ومرافق تسهل معيشة طويلة الأمد. ويقول التقرير إن العمل في بناء هذه الشبكة، بدأ في أعقاب حرب عام 2006 بمساعدة خبراء من كوريا الشمالية وإيران. وهو أكبر طولاً وحجماً من مشروع أنفاق حركة «حماس» في قطاع غزة، المعروف باسم «ميترو». ويمتد مثل شبكة عنكبوت في مختلف الاتجاهات، فيربط بين الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث المقر المركزي لـ«حزب الله»، وبين منطقة البقاع التي يستخدمها الحزب كقاعدة خلفية لعملياته ولإجراءاته اللوجيستية.
***************************************************************************
عون يطلب رأس سلامة.. فهل يطير رأس الحكومة؟
تخبط العهد: دياب يرفض الدعوة لمجلس الوزراء.. وفقدان المحروقات مستمر ويهدّد الرغيف
يقترب الرئيس ميشال عون، قبل ان يدلف إلى السنة الأخيرة من عهده إلى حرق كل المراكب، من أجل «حفنة اوهام» تارة تحت دعوى «التحقيق الجنائي» وتارة تحت دعوى الإصلاح.
وهو لهذه الغاية، دخل بصدام دستوري مباشر مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، عندما استند إلى نص الفقرة 12 من الدستور (المادة 53)، وفيها: يدعو مجلس الوزراء استثنائياً كلما رأى ذلك ضرورياً بالاتفاق مع رئيس الحكومة.
فهل الدعوة ممكنة في حال كانت الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال، أو مستقيلة..
ومن زاوية دستورية (المادة 64/د) الفقرة الثانية منها.. والتي فيها «لا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيل الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة الا بالمعنى الضيق لتصريف الاعمال», رفض دياب دعوة مجلس الوزراء للاجتماع.
وجاء هذا الرفض في بيان صدر عن رئاسة مجلس الوزراء وفيه: بما أن الحكومة مستقيلة منذ 10 آب 2020، والتزاما بنص المادة 64 من الدستور التي تحصر صلاحيات الحكومة المستقيلة بالمعنى الضيق لتصريف الاعمال، ومنعا لأي التباس، فإن الرئيس دياب ما يزال عند موقفه المبدئي بعدم خرق الدستور وبالتالي عدم دعوة مجلس الوزراء للاجتماع.
والسؤال ما هو الأمر الضروري؟ هل هو اتخاذ قرار بإقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعدما رفض الانصياع لاوامر الرئيس عون غداة اجتماع مجلس الدفاع الأعلى، وبعد استدعائه أمس الأوّل للطلب إليه التراجع عن قرار وقف الدعم للمحروقات، لانه يمس بصورة مباشرة الاحتياط الالزامي أو ما يعرف بأموال المودعين في المصارف.
وهل قرار من هذا الحجم يتفق مع فكرة تصريف الأعمال، التي نص عليها الدستور؟
إذاً، يريد عون رأس سلامة، وهو الأمر الذي كان بينه والكاردينال الماروني بشارة الراعي، والداعم لموقف سلامة، والسؤال: هل تؤثر الحملة العونية، بما في ذلك التظاهر والهتافات امام مقر إقامة سلامة في الصفراء، والتي تنفذها مجموعات مما يعرف «بالحرس القديم» وهم عسكريون متقاعدون أو مجندون في الجيش اللبناني، على عملية تأليف الحكومة.وعلى المطالبة في أوّل جلسة لمجلس الوزراء بإقالة سلامة من حاكمية المركزي؟
وابدت مصادر سياسية استغرابها الشديد، لقيام رئيس الجمهورية ميشال عون بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد، برغم معرفته المسبقة، بعدم موافقة رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب، على هذا الطلب، بعدما كان رفضه سابقا اكثر من مرة، لعدم دستوريته من جهة، ولمنع اعادة تعويم الحكومة المستقيلة للتهرب من مسؤولية تشكيل حكومة جديدة من جهة ثانية. واشارت المصادر، إلى ان الدعوة لاجتماع الحكومة المستقيلة. في هذا الظرف بالذات، لبحث الازمة الضاغطة بكل المجالات، يخفي وراءه اهدافا ملتبسة وغير سليمة على الاطلاق، مهما تفنن المسؤولون المخفيون عنها لاخفاء اهدافها الحقيقة، وهي معروفة، وفي مقدمتها، تنصل رئيس الجمهورية من فشل الاجراءات التي اتخذها انفراديا ومن جانب واحد وبغياب رئيس الحكومة خلافا للدستور، والتي فاقمت الازمة، بدل حلها ومحاولة تحميل المسؤولية ورفع الدعم عن المحروقات، لحاكم المصرف المركزي رياض سلامة، وجعله كبش محرقة والطلب من الحكومة إتخاذ قرار باقالته من منصبه، على أمل توظيف مثل هذا القرار اذا تحقق، في اعادة بعض من الهيبة المفقودة لرئيس الجمهورية في مواجهته الخاسرة امس الاول مع الحاكم، الذي رفض العودة عن قراره برفع الدعم عن المحروقات، بعدما كان ابلغ جميع المسؤولين وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية بهذا القرار اكثر من مرة منذ عام تقريبا، لنفاد الاموال المخصصة للدعم، ولاستحالة الصرف من الاحتياطي الالزامي الا بموجب قانون يصدر عن المجلس النيابي بهذا الخصوص. ومن وجهة نظر المصادر المذكورة ، هناك هدف ثان، وهو توظيف اقالة سلامة كذلك، باعادة تعويم صورة الوريث السياسي النائب جبران باسيل، شعبيا على ابواب التحضير للانتخابات النيابية، وهو الذي يحرض التيار للتظاهر ضد سلامة، لاخفاء فشله الذريع في السياسة المتبعة للعهد والتيار بادارة السلطة. ومن الاهداف المبيتة لدعوة الحكومة المستقيلة للاجتماع، توظيف هذا الحدث، بمسار المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة، ومحاولة ابتزاز واضحة للرئيس المكلف نجيب ميقاتي للحصول على اكبر حصة من المطالب المطروحة تحت ضغط، الاستمرار بالمماطلة بتشكيل الحكومة العتيدة والاستعاضة عنها باعادة تعويم الحكومة المستقيلة من جديد. الا ان المصادر اعتبرت ان رفض رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب، دعوة رئيس الجمهورية لعقد جلسة للحكومة المستقيلة، وجه ضربة قاصمة لعون وقطع الطريق على الاهداف الملتبسه من ورائها. واعتبرت المصادر انه بدل ان يدعو رئيس الجمهورية لاعادة اجتماعات وتعويم الحكومة، تحت اي عنوان كان، كان عليه تسريع خطى تشكيل الحكومة الجديدة واختصار مسلسل المماطلة والمطالب الابتزازية، ولكان نفّس جانبا كبيرا من الاحتقان السائد ووضع الامور في نصابها الصحيح. وعما إذا كان هناك من تأثيرات سلبية لموقف رئيس الجمهورية بالدعوة لانعقاد جلسة للحكومة المستقيلة على مسار تشكيل الحكومة الجديدة، اعتبرت المصادر السياسية ان هذه الخطوة في هذا الظرف بالذات، تطرح اكثر من تساؤل، واستفسار حول مغزاها والهدف منها، ليس اقلها محاولة التأثير على مسار المشاورات، أو التفلت من الضغوطات والمطالب التي تزنر العهد من كل الجهات. الا انها، تستبعد ان تعطل مسار تشكيل الحكومة الجديدة، لان اكثرية الاطراف السياسيين والدول الصديقة تريد تشكيل الحكومة الجديدة بسرعة.
مصادر بعبدا تعلق
لكن مصادر مطلعة على موقف بعبدا قالت لـ«اللواء» تعليقاً على قرار الرئيس دياب يرفضه انعقاد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء بالقول إن الرئيس دياب أثبت في الفترة الاخيرة تناقضا واضحا في مواقفه. يعقد اجتماعا وزاريا لا فائدة منه خارج كل المؤسسات للقول أن قرار الحاكم سلامة هو قرار خطير وعندما تتم دعوته إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء استثنائية من قبل رئيس الجمهورية بالنظر إلى الضرورة على ما تنص إليه المادة ٥٣ الفقرة ١٢ من الدستور يتهرب تحت أي ذريعة. الرئيس دياب يقول أنه لا يريد خرق الدستور لكن هل يعلم معنى تصريف الأعمال بالمعنى الضيق ؟ هل يعلم أن ذلك يعني اجتماع الحكومة في ظله عند الضرورة القصوى؟ أليس هناك من ضرورة قصوى اليوم واليس فقدان الخبز والمازوت والبنزين يصب في هذا الإطار.
وفهم من مصادر رئاسة الجمهورية أن الرئيس عون بدرس الخطوة المقبلة وهناك خيارات يمكن أن يلجأ إليها.
وأفادت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية لـ«اللواء» أن دعوته إلى محلس الوزراء الاستثنائي اتت بفعل تحسس الرئيس عون لخطورة الوضع في البلد في ظل تعذر الحلول وبما أن الحاكم سلامة اصر على موقفه بعد الاجتماع الذي عقد في بعبدا، بادر إلى هذه الدعوة لاتخاذ قرار بالنسبة إلى رفع الدعم لا سيما بالنسبة إلى المحروقات والمبلغ الواجب وضعه للدعم وإن لم يكن ٣٩٠٠ أكثر أو إذا كانت حاجة إلى التشريع في موضوع الاحتياط الإلزامي يمكن إرسال قانون إلى مجلس النواب لكن الرئيس دياب رفض انعقاد الجلسة مع العلم انه في ظل حكومة الرئيس ميقاتي والتي كانت مستقيلة وتصرف الأعمال وقتها اجتمع مجلس الوزراء مرتين واتخذ قرارات مالية حول اعتمادات للانتخابات وهيئة الإشراف على الانتخابات وقرارات تنفيذية وذلك بعد الطائف ولبس هناك من نص دستوري يحول دون انعقاد مجلس الوزراء إذا كانت في حال تصريف أعمال.
ولفتت المصادر الى ان هناك ظروفا تمر بها البلاد من أزمة محروقات وأدوية وهل هناك من أخطر من كل ذلك كي يقبل الرئيس دياب بأنعقاد الجلسة مستغربة موقف دياب ولاسيما القول عن مخالفة الدستور.
وأشارت إلى أن الرئيس دياب كان من أكثر المطالبين باتخاذ إجراءات لكن كيف يصار الى المعالجة من دون إجراءات عبر مجلس الوزراء طالما أن الاجتماعات الوزارية التي تحصل لا تعطي نتيجة والحاكم مصر على موقفه وقوله أنه لم يعد لديه الأموال ويريد التغطية إذا أراد استخدام الاحتياط الإلزامي وذلك بتعديل القانون الذي يمنع ذلك أو يريد نصا تجيز له الحكومة استخدامه.
ورأت أن حجب أو رفض دياب الدعوة إلى جلسة مجلس الوزراء سيسبب في تفاقم الأزمة أكثر فأكثر خصوصا أن البلد مقبل على عطلة الأسبوع ومن ثم عطلة الاثنين لمناسبة عيد انتقال السيدة العذراء. وكان يفترض أن تعقد الجلسة اليوم لاتخاذ قرارات تريح الناس والبلد.
وقالت إن رئيس الجمهورية لم يقدم على أمر يخالف الدستور لأن الدستور يعطيه صلاحية دعوة مجلس الوزراء استثنائيا في حالات صعبة وخطيرة تمر بها البلاد وهل هناك من سبب أخطر من ذلك حتى ينعقد مجلس الوزراء.
وعلمت «اللواء ان الرئيس عون من ضمن خياراته قد يوجه رسالة إلى مجلس النواب «بسبب الضرورة» عملا بالفقرة 10 من المادة الدستورية (53).
وكانت الدعوة لجلسة مجلس الوزراء، جاءت في رسالة خطية إلى رئيس مجلس الوزراء بواسطة أمين عام المجلس، وموقعة من المدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير.
وتضمنت: انه، بناء لتوجيهات رئيس الجمهورية، في ضوء استفحال أزمة عدم توافر المشتقات النفطية، جرّاء قرار حاكم مصرف لبنان الأحادي بوقف الدعم عن هذه المواد..
وبما ان حاكم مصرف لبنان لا يزال مصراً على موقفه بالرغم من القوانين والقرارات التي تمكنه من العودة عن قراره واعادة توفير الدعم للمشتقات النفطية، لاسيما قانون البطاقة التمويلية الذي اقره مجلس النواب مع اسبابه الموجبة والموافقة الاستثنائية الاجرائية رقم 714/م.ص. تاريخ 25/6/2021 لفتح اعتمادات لشراء المحروقات من بنزين ومازوت وغاز منزلي لمدة ثلاثة اشهر على ان تسدد قيمة هذه الاعتمادات كافة على سعر صرف /3900/ ل.ل. بدلا من /1500/ ل.ل. للدولار الواحد،
وبما ان اللجنة الوزارية المعنية بالعمل على وضع اسس البطاقة التمويلية قد انهت اعمالها ووضعت الآلية اللازمة لتنفيذها وتوزيعها والمتوقع صدورها قريباً،
وبالرغم من الاجتماعات ذات الصلة لاسيما الاجتماع الذي عقد يوم امس الواقع فيه 12/8/2021 في قصر بعبدا برئاسة السيد رئيس الجمهورية وحضور وزيري المالية والطاقة والمياه وحاكم مصرف لبنان، والاجتماع الوزاري الذي عقد في السراي من بعد ظهر اليوم ذاته،
وبما ان المصرف المركزي هو شخص من اشخاص القانون العام، وان الحكومة هي التي تضع السياسات العامة في كل المجالات على ما يرد صراحةً في المادة 65 من الدستور،
وبما ان «تصريف الاعمال بالمعنى الضيق» لا يحول على الاطلاق دون انعقاد مجلس الوزراء عند توافر عناصر الضرورة القصوى.
لذلك، يدعو السيد رئيس الجمهورية مجلس الوزراء الى الانعقاد بصورة استثنائية للضرورة القصوى بالتوافق مع السيد رئيس مجلس الوزراء، على ان تخصص هذه الجلسة لمعالجة اسباب هذه الازمة وتداعياتها وذيولها الخطيرة.
وفي سياق، متصل بنشاطات بعبدا، نفى مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية الاخبار المختلقة عن الوضع الصحي للرئيس عون، والتي تندرج في إطار الإشاعات الكاذبة التي تروج من حين إلى آخر بقصد البلبلة، ويؤكد ان الرئيس بخير ويواصل عمله المعتاد في قصر بعبدا.
وقال البطريرك الراعي بعد لقاء الرئيس عون: «تابعنا خلال اللقاء الهموم التي يعيشها اللبنانيون الذين ينتظرون الدخان الابيض لجهة تشكيل حكومة جديدة تتضمن الكفاءات وتعلو فوق الاحزاب، وتكون «فدائية» لأنها ستواجه الصعوبات التي يعاني منها لبنان، الاقتصادية والمعيشية والمالية، وتكون قادرة على إنجاز الاصلاحات الهيكلية في مختلف القطاعات»، مشيرا إلى تقدّم في مسار التأليف، ونأمل كي يتمكنا بأسرع ما يمكن من تشكيل الحكومة.
سلامة يواجه
وقرّر سلامة المستهدف بقوة من الفريق العوني المجابهة والمواجهة وعدم السكوت، فيكشف اليوم، أن «جميع المسؤولين في لبنان كانوا يعلمون بقرار رفع الدعم، بدءًا من رئاسة الجمهورية مرورا بالحكومة وليس انتهاءً بمجلس الدفاع الأعلى».
مشيرا إلى انني : «أبلغت الجميع بأنهم إن ارادوا الإنفاق من الاحتياطي الإلزامي فعليهم إقرار قانون في مجلس النواب يسمح لنا بذلك».
وغمز سلامة من قناة الذين يتهمونه بافتعال أزمة أن «سبب إستفحال الأزمة هو تعطيل تشكيل الحكومة منذ سنة وردّ بعنف على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل».
مواقف سلامة جاءت في سياق مقابلة عبر إذاعة «لبنان الحر» تُبثّ الساعة التاسعة من صباح السبت، ويشرح فيها كل وقائع الدعم وأرقامه وحقيقة ما جرى في المرحلة الماضية، إضافة إلى الأسباب التي أدت إلى وصول لبنان إلى الانهيار، كما يردّ على كل الحملات التي تطاله بشكل مفصّل، كما عن واقع الملفات القضائية.
وفي السياق، أكّد مصدر مطلع ان لا صحة لكل الكلام عن استقالة سلامة أو مغادرته لبنان.
مساعي التأليف
في هذا الوقت، تستمر المساعي والاتصالات للاتفاق على أسماء وزراء تتفق مع المواصفات المتفق عليها، على ان تكون عودة الرئيس المكلف الي بعبدا، حاملة معها بوادر قوية لإصدار المراسيم.
وتجري الاتصالات بعيدا عن الأضواء مع الكتل المعينة بالمشاركة في الحكومة، تجنباً لأية دعسة ناقصة.
فقدان المازوت والبنزين مستمر في الأسبوع المقبل
وعلى صعيد فضيحة أزمة المحروقات، يبدو أن فقدان المازوت والبنزين مستمر في الاسبوع المقبل، بسبب الخلاف الحاصل بين كبار المسؤولين حول النسبة الواجب إعتمادها في تخفيف الدعم. فرغم إعلان حاكم مصرف لبنان برفع الدعم كلياً عن المحروقات، ما زالت مديرية النفط متمهلة في إصدار جدول الأسعار الجديد ، في الوقت الذي سارعت فيه مديرية الجمارك إلى استيفاء الرسوم من شركات استيراد المواد النفطية على أساس التسعيرة الجديدة المرتبطة بسعر الدولار في السوق السوداء، الأمر الذي دفع الشركات المستوردة إلى وقف توزيع مادتي المازوت والبنزين من مستودعاتهما، بإنتظار صدور جدول مديرية النفط الذي كان من المفترض أن يصدر الأربعاء الماضي على ضوء الرسوم الجديدة التي إستوفتها الجمارك من الشركات النفطية.
وتوقعت المصادر المتابعة لفضيحة المحروقات أن تشتد الأزمة في الأيام القليلة المقبلة، بعد أن إستفحل الخلاف بين فريق رئيس الجمهورية ورياض سلامة حول رفض الأخير اللجوء إلى الإحتياطي الإلزامي، قبل صدور قانون من مجلس النواب يجيز له مد اليد إلى ما تبقي من أموال المودعين، والمقدرة بحوالي ١٧ مليار دولار أميركي.
وقد بلغ سعر طن المازوت أمس في السوق السوداء عشرين مليون ليرة، في حين أن السعر الرسمي لا يتجاوز الأربعة ملايين ليرة، وفي حال تم رفع الدعم بالكامل يصبح سعر الطن بحدود عشرة ملايين ليرة فقط.
والاشتباك بين حاكمية مصرف لبنان ووزارة الطاقة حول السعر المفترض اعتماده على أساس سعر صرف الدولار، 3900 ليرة لكل دولار- حسب الطاقة- و20800 ليرة لكل دولار، حسب القرار الأخير للمركزي، استناداً إلى سعر السوق السوداء.. انعكس أزمة مستعصة في توفير المحروقات، لا سيما البنزين، والمازوت، الذي شل المخابز والمطاحن ومولدات الكهرباء، والمستشفيات، وسائر اوجه الحياة في البلد.
وكهربائياً، أفرغت باخرة محملة بالفيول اويل أمس في معمل دير عمار الحراري، على أمل ان تشهد التغذية بالتيار الكهربائي تحسناً ملحوظاً، على ان تتوافر كميات للمعامل الأخرى.
وفي شأن حياتي متصل، كما اعلن رئيس نقابة العاملين وموزعي الغاز فريد زينون ان «مخزون الغاز لا يكفي الا لخمسة ايام. وطالب مصرف لبنان بـ«اعطاء الموافقة المسبقة حتى تتمكن الباخرة الموجودة في عرض البحر منذ 20 يوما من الدخول، مشيرا انها تحمل 5000 طن، وهناك باخرة آتية بعد 4 ايام تحمل 9000 طن.
واوضح ان الغاز والبنزين والمازوت لا تسلم اليوم، فمصرف لبنان يسعر على 20000 ليرة للدولار ووزارة الطاقة على 3900. وناشد «المعنيين عقد اجتماع حالا للاتفاق على السعر لان المواطنين لا يمكنهم التحمل في ظل انعدام اي من مقومات الحياة.
الى ذلك، قال أمين سر نقابة الأفران في بيروت وجبل لبنان ناصر سرور: اتصلت بوزير الإقتصاد وابلغته ان عشرات الأفران اغلقت ابوابها وكان جوابه «انا ما خصني روحو شوفو وزارة الطاقة». وأعلن ان «افرانا كبرى ستتوقف اليوم عن توزيع الخبز بسبب غياب الطحين والمازوت.
الدواء: هل تنفرج؟
في السياق، أعلن وزير الصحة حمد حسن «أن المصرف المركزي وافق منذ ثلاثة أسابيع على فواتير لشركات الأدوية بقيمة سبعة وثمانين مليون دولار، ومنذ أسبوع على أحد عشر مليون دولار. وأنه تبلغ امس، من المصرف المركزي الموافقة على استيراد أدوية بقيمة ثلاثين مليون دولار، وهو ما يجب أن يحقق انفراجا في أزمة الدواء في مدة تراوح بين خمسة أيام وأسبوع، خصوصا في ما يتعلق بأدوية الأمراض السرطانية والمستعصية والنادرة ولقاحات الأطفال وحليب الأطفال.
ودعا رئيس لجنة الصحة النيابية النائب الدكتور عاصم عراجي حاكم المصرف المركزي «الى البدء بتحويل أموال الشركات المستوردة لتتمكن من تأمين الدواء الى الصيدليات». وتوقع عراجي أن «يتوافر الدواء الأسبوع المقبل في الصيدليات إذا التزم مصرف لبنان كما الشركات بمسؤولياتهم».
وفي إطار تفكك مؤسسات الدولة، إذا ما تمادت السلطة القائمة بالعبث بمصالح اللبنانيين، والموظفين، بما في ذلك أساتذة الجامعة، إذ أعلنت عدم البدء بعام جامعي جديد، ووقف كافة الأعمال الأكاديمية، بدءاً من الأوّل من ت1 (2021) لحين تصحيح الوضع الاجتماعي والاقتصادي للاستاذ الجامعي.
ولتدارس، الانعكاسات الأمنية للتأزم المعيشي والاجتماعي، عُقِدَ اجتماع في قيادة الجيش – اليرزة، ضمّ إلى قائد الجيش العماد جوزاف عون كلّاً من: مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، مدير المخابرات في الجيش العميد أنطوان القهوجي، مساعد مدير عام الأمن العام العميد الركن سمير سنان، رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد خالد حمود ورئيس مكتب شؤون المعلومات العميد يوسف مدوّر.
وتداول المجتمعون تداعيات الأزمة الاقتصادية والتحركّات الشعبية احتجاجاً على فقدان مادتي البنزين والمازوت وما يترتّب عنه، واتّفقوا على مواصلة التنسيق فيما بينهم واتخاذ خطوات عملانية للحؤول دون تكرار الحوادث الأمنية التي حصلت مؤخرا في أكثر من منطقة.
579999 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 1632 اصابة جديدة بفايروس كورونا و5 حالات وفات، خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 579999 اصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020..
*****************************************************************************
لبنان بات سجنا كبيرا لمواطنيه والغضب الشعبي آتٍ لا محال
البطاقة التمويلية فرصة لاسعاف الناس: هل تتلقف السلطة مساعدة صندوق النقد ام تهدرها؟ – نور نعمة
يعيش اللبناني في سجن كبير، وفي كابوس لا ينتهي، خاصة بعد ان اصبح لبنان منفى لشعبه. كل يوم يمر تتفاقم معاناة المواطن ،فلا ادوية ولا كهرباء ولا بنزين ولا افران، ولا مستشفيات قادرة على استيعاب اعداد المرضى. هكذا تغرق سفينة لبنان، وهكذا تسقط المؤسسات، سواء التابعة للقطاع العام او الخاص نتيجة الفساد المستشري التي امعنت به معظم القوى السياسية ،والتي يجب محاسبتها على «الخطيئة» التي اقترفتها بحق الشعب اللبناني.
ومن ثم يأتيك من يقول ان وقف الدعم على البنزين والمازوت خطوة استباقية قبل ولادة الحكومة ، فهل المطلوب «حرق انفاس» اللبنانيين ليتجاوبوا لاحقا مع اي خطوة حكومية بالتهليل والتصفيق وان كانت اقل حقوقهم؟ واذا لم تشكل الحكومة وعادت المشاكل الى الواجهة ،ماذا يمكن عندها القول الى الشعب اللبناني» ؟ هل المطلوب تهجيرهم من وطنهم؟
والحال ان البطاقة التمويلية كان يمكن انجازها من قبل، ولكن المناكفات السياسية عرقلت مسارها اما اليوم فهناك فرصة امام المواطنين اللبنانيين من الاستفادة من ثلاث دفعات سيقدمها صندوق النقد الدولي للبنان. واول دفعة ستكون في نهاية اب وهنا يفترض ان تخصص للفقراء والمحتاجين بعيدا عن توظيف هذه الاموال لاهداف انتخابية او آنية او سرقتها كما حصل مرارا في الماضي القريب.
وتزامنا مع ذلك، يستمر رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب بعدم القيام بواجبات هذه الحكومة في الحد الادنى، بل جل ما يفعله هو توجيه الانتقادات لغيره. والحال ان دياب رفض دعوة حكومة تصريف الاعمال لاجتماع طارئ مستندا على حجة ان الحكومة مستقيلة منذ 10 آب 2020 وبالتالي لا يريد خرق الدستور. وهنا تساءلت مصادر مطلعة اذا كان حسان دياب يصدق نفسه عندما يقول ذلك؟
وقف الدعم خطوة قبل ولادة الحكومة
رأت اوساط سياسية ان خطوة رفع الدعم عن المحروقات اعطت اشارة بأن الحكومة ستتشكل وان المباحثات الحكومية دخلت في الامتار الاخيرة للتأليف، لانه لا يمكن لاي رئيس حكومة ان يحمل كرة النار بيده وهي رفع الدعم ،لان هذا القرار اصبح امرا واقعا وكان سيتخذ عاجلا ام آجلا. واشارت هذه الاوساط انه بدلا من ان تتخذ الحكومة الجديدة هذا القرار وتضع نفسها في مواجهة مع الرأي العام فكان من الافضل اتخاذ قرار وقف الدعم عن المحروقات في هذا التوقيت، وعندها في اول لحظة تشكيل الحكومة تقوم بصدمة ايجابية من خلال انخفاض سعر الدولار وتتنفس الناس الصعداء وبالتالي تشكل الحكومة نوع من ارتياح لكيفية ادارة الازمة وتخفيف من حدة الارتطام.
بدورها، تؤكد اوساط نيابية في تحالف حركة امل وحزب الله ان التقدم في الملف الحكومي مرده الى المرونة التي ابداها امس الاول الرئيس نبيه بري في تسمية الوزير الشيعي لتولي وزارة المالية.
فبعد رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليوسف الخليل مدير العمليات في مصرف لبنان، أكد بري ان تسمية بديل عن الخليل لن تكون عقبة امام الحكومة وان «الثنائي الشيعي» لم يطلب اي حقيبة اخرى غير المالية ولم يغص في تفاصيل الحقائب الخدماتية ولم يكن جزءاً من اي سجال او بازار حكومي.
في المقابل تؤكد اوساط في «الحزب التقدمي الاشتراكي» ان النائب السابق وليد جنبلاط لم يطلب اي حقيبة بعدما كان تردد انه متمسك بالشؤون الاجتماعية وشرطه الوحيد ان تكون الحقيبة التي ستمنح اليه وازنة وتليق بتمثيله الدرزي.
وفي حين تقول الاوساط ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يلتزم الصمت ولا يعلق على الملف الحكومي، تنقل عنه انه حذر فيما ينقل عن الرئيسين عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي من اجواء تفاؤلية، وهو متمسك بمقولة :»لا تقول فول ليصير بالمكيول»!
وفي تفاصيل التفاوض الحكومي، علمت «الديار» ان تسمية وزيري الداخلية والعدل قيد التداول بين عون وميقاتي مع ترجيح اسم واحد من بين عميدين سنيين متقاعدين لشغل وزارة العدل بينما يريد عون منح الداخلية لعميد مسيحي متقاعد مشهود له باستقلاليته وهو على علاقة طيبة به منذ العام 1990.
وفي توزيع الحقائب حسب الطوائف والاحزاب، يتردد وفق المعلومات ان التربية ستؤول لجنبلاط والاشغال لحزب الله، والطاقة بقيت لعون مع الدفاع بينما يجري التفاوض حول الشؤون الاجتماعية والاتصالات ولم يحسم امرهما بعد.
وترجح المعلومات ان ينتهي ميقاتي السبت والاحد من توزيع الاسماء والحقائب على ان يعقد اللقاء التاسع مع عون الاثنين اوالثلاثاء. واذا صدقت التوقعات ان الحكومة ستتشكل الاسبوع المقبل فهذا امر سيولد اجواء ايجابية ويريح الناس بعض الشيء.
مصادر مقربة من قصر بعبدا: لم يعلن سلامة عن قراره بوقف الدعم خلال اجتماع مجلس الدفاع الاعلى
من جهتها، قالت مصادر مقربة من قصر بعبدا ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لم يعلن خلال اجتماع المجلس الاعلى للدفاع عن قراره بوقف دعم المحروقات علما ان لديه الصلاحية في اتخاذ هكذا قرار، دون العودة الى رئيس الحكومة او رئيس الجمهورية انما رأت هذه المصادر ان قرار رفع الدعم عن المحروقات يتطلب مشاورات نظرا للانعكاسات السلبية على الاوضاع المعيشية . واضافت ان الاتفاق كان يرتكز على وقف الدعم للبنزين والمازوت في ايلول ولكن استبق حاكم مصرف لبنان الامر واوقف الدعم في آب.
ولفتت المصادر الى ان سلامة تكلم فقط عن دفع 830 مليون دولار للمحروقات خلال الشهر الماضي وقد اعرب حاكم مصرف لبنان عن اسفه لقيام البعض بتخزينها او تهريبها وكاشفا الى ان المال لم يعد متوفرا للاستمرار بدعم هذه المواد ويجب استخدام المال المتبقي لادوية الامراض المستعصية والمزمنة. واضافت هذه المصادر ان وزير الطاقة ريمون غجر سأل حاكم مصرف لبنان عما سيحصل في حال توقف الدعم ؟ من جانبه، قال الحاكم بانه سيفتح اعتماد للمحروقات وفقا لسعر السوق وهنا بدوره رد ريمون غجر ان سعر صفيحة المازوت سيصل الى 260 الف ليرة لبنانية في حين ان سعر صفيحة البنزين سيصل الى 320 الف ليرة لبنانية. وردا على سؤال حول تاريخ اصدار البطاقة التمويلية ، اشارت المصادر المقربة من قصر بعبدا ان وزير الطاقة كشف ان المعايير للبطاقة التمويلية تم وضعها وبقي فقط انجاز امور تقنية متعلقة بها اضافة الى المنصة التي يجب فتحها للبطاقة.
وحول التأخير الحاصل في تلقي لبنان النفط العراقي في ظل تفاقم ازمة المحروقات في لبنان، لفتت المصادر المقربة من قصر بعبدا ان وزير الطاقة خلال اجتماع المجلس الاعلى للدفاع تطرق لهذا الموضوع وشرح ان هناك ترتيبات لوجيستية لشحنها من بغداد الى بيروت انما اكد في الوقت ذاته ان الاتفاق تم ابرامه وتوقيعه مع العراق.
وايضا، لفتت مصادر مطلعة للديار الى ان وزارة الطاقة لم تغير التسعيرة القديمة للمحروقات حتى اللحظة مشيرة الى انه تم تسليم المصافي المازوت على السعر القديم ومؤكدة انه لم يفتح اعتماد جديد للمحروقات على السعر الجديد بعد قرار مصرف لبنان بوقف دعم البنزين والمازوت.
رفع الدعم عن المحروقات: صنع في بعبدا وبموافقة الجميع
في المقابل، كشفت اوساط وزارية للديار ان قرار وقف الدعم للمحروقات تم اعداده في قصر بعبدا ولكن عندما تصاعدت النقمة الشعبية جراء اعلان مصرف لبنان بوقف الدعم ، استدعى الرئيس عون الحاكم للطلب منه بتجميد هذا القرار ولكن الاخير رفض وعليه اصبح سلامة في الواجهة وبالتالي تحول الى كبش فداء لقرار السلطة مجتمعة. وفي هذا السياق، غرد النائب اسامة سعد على حسابه على تويتر قائلا: «لا تصدقوهم …قرار رفع الدعم قرار مدعوم من كل اطراف السلطة. الفوضى عصاهم الغليظة ضد الناس والفوضى ملاذهم لاعادة انتاج منظومتهم المجرمة. لا للفوضى القاتلة ولا للمنظومة المجرمة. نعم لوحدة الشعب ، نعم للعدالة ، نعم للامان، نعم للتغيير».
الخبير الاقتصادي سامي نادر للديار: البطاقة التمويلية كذبة من اكاذيب السلطة التي لن تنجزها
وفي نطاق متصل، اعتبر الخبير الاقتصادي سامي نادر ان قرار مصرف لبنان بوقف الدعم عن المحروقات قرار لا مهرب منه مشيرا للديار ان ربط رفع الدعم بالبطاقة التمويلية هو من جملة الاكاذيب التي تطلقها السلطة الحاكمة اليوم. ورأى ان السلطة لو كانت جدية في اصدار البطاقة التمويلية لكانت طبقت مشروع البنك الدولي في هذا المجال والذي يضع آلية لمن يستفيد من البطاقة التمويلية ولكن عطلت معظم القوى السياسية الحاكمة مشروع البنك الدولي واضعة اياه في «الجارور».واشار الخبير الاقتصادي ان السلطة لا تريد بطاقة تمويلية الا وفقا لاهدافها الانتخابية والانية والفاسدة. واضاف انه لم يعد هناك مال لدعم المحروقات بسبب اجرام السلطة بحق الوطن وشعبه مشددا ان لا حل سينفع لبنان في ظل وجود هذه الطبقة السياسية الفاسدة ولن يتوقف الانهيار طالما الاشخاص نفسهم يحكمون لبنان.
عشرات الافران اقفلت والغاز متوفر لخمسة ايام فقط
وفي غضون ذلك، علمت الديار ان نقيب الافران اتصل بوزير الاقتصاد راوول نعمة ليقول له ان عشرات الافران اقفلت ولكن رد نعمة عليه بهذه الكلمات الموجزة « ما خصني …هيدي مسؤولية وزير الطاقة». كما اعلن رئيس نقابة موزعي الغاز ان المخزون لا يكفي الا لخمسة ايام وعليه ناشد المعنيين على الاتفاق على السعر. كما طالب نقيب موزعي الغاز مصرف لبنان باعطاء الموافقة المسبقة لتتمكن الباخرة الموجودة في البحر منذ عشرين يوما بالدخول والتي تحمل 5000 طن كما السماح لباخرة اخرى تصل بعد اربعة ايام وتحمل 9000 طن. اضف الى ذلك، اعلن ادارة المركز التجاري سيتي مول اقفال المركز نظرا لازمة الكهرباء والظروف الاستثنائية والقاهرة.
وفي غضون ذلك حذرت اوساط اقتصادية انه مع انتهاء الموسم السياحي الصيفي وعودة المغتربين اللبنانيين الى البلاد التي يعملون فيها ، ستواجه المطاعم والمحلات التجارية واقعا كارثيا في حال لم تشكل حكومة تبادر الى اتخاذ اجراءات ايجابية بحق الوطن واقتصاده.
القوات اللبنانية: اليوم قبل الغد يجب اقرار البطاقة التمويلية للتعويض على الناس امام الازمة المستعصية
من جهتها، شددت مصادر القوات اللبنانية انه يجب ان تذهب فورا حكومة تصريف الاعمال باتجاه البطاقة التمويلية التي تشكل تعويضا للناس في مواجهة هذه الازمة المتمادية. ولفتت الى ان الاولوية اليوم هي لاقرار البطاقة التمويلية والاسراع فيها. واضافت هذه المصادر ان صندوق النقد الدولي سيقدم للبنان مبلغ بقيمة 860 مليون دولار في نهاية هذا الشهر الحالي وبالتالي يجب تخصيص هذه الاموال للبطاقة التمويلية شرط مراقبة صرفها ضمن آلية واضحة.
وقالت هذه المصادر للديار ان الحزب كان قد حذر مرارا وتكرارا بأن السياسة المعتمدة من خلال الدعم المشبوه والمفتوح ادت وستؤدي الى فقدان كل اموال الدولة وصرفها وهذا ما حصل عمليا. ذلك ان هذا الدعم كان يذهب اما تهريبا اما منفعة الى السماسرة. ولفتت المصادر القواتية ان السلطة لو اخذت بتحذير حزب القوات اللبنانية لما كانت وصلت الخزينة الى الخط الاحمر الذي وصلت اليه اليوم في هذا التوقيت بالذات. واضافت المصادر ان ممارسات السلطة الخاطئة عبر اعتمادها لسياسة الدعم ولسياسة المالية المشبوهة عن سابق تصور وتصميم ليستفيد منها المهربون والفاسدون والمحتكرون. ولفتت الى ان شح الاموال ونفاذها على مستوى المصرف المركزي هو نتيجة هذه السياسة وبالتالي تتحمل هذه السلطة الفاسدة مسؤولية الحالة التي وصلت اليه البلاد.
«اما وقد وصلنا الى ما وصلت البلاد اليه» اعتبرت مصادر القوات اللبنانية ان لا حل اليوم الا في رحيل هذه السلطة فورا لان من لا يستطيع ان يدير بشكل جيد اوضاع الناس يجب عليه الرحيل بكل بساطة. واستطردت بالقول ان السلطة الحالية تضع اللبنانيين امام خيارين وهو بين الاسوأ وبين اسوأ الاسوأ في حين ان اي سلطة في العالم تضع مواطنيها بين الافضل والاحسن.
وحذرت القوات اللبنانية من المس بالاحتياطي الالزامي خاصة ان السلطة ليست بعيدة عن استخدامه علما ان الاحتياطي هو ما تبقى من تعب الناس وجهدها وكفاحها خلال سنوات عدة. ورأت القوات اللبنانية ان السلطة الحاكمة اذا استخدمت الاحتياطي الالزامي سينفد ايضا بادارتها الفاشلة ومن ثم ستطالب السلطة باستخدام الذهب. وعليه،شددت القوات ان هذه السلطة لا افاق لها ولا حدود لسرقتها على حساب المواطن اللبناني مشيرة ان طالما هذه السلطة باقية طالما لبنان سيظل غارقا في دوامة الفشل والذل.
************************************************************************
سلامة: رئيس الجمهورية كان يعلم بقرار رفع الدعم
أكّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن «جميع المسؤولين في لبنان كانوا يعلمون بقرار رفع الدعم، بدءً من رئاسة الجمهورية مروراً بالحكومة وليس انتهاءً بمجلس الدفاع الأعلى».
وقال سلامة: «أبلغت الجميع بأنهم إن ارادوا الإنفاق من الاحتياطي الإلزامي فعليهم إقرار قانون في مجلس النواب يسمح لنا بذلك».
وغمز سلامة من قناة الذين يتهمونه بافتعال أزمة أن سبب استفحال الأزمة هو تعطيل تشكيل الحكومة منذ سنة وردّ بعنف على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.
وكلام سلامة جاء في مقابلة عبر إذاعة «لبنان الحر» تُبثّ اليوم السبت، ويشرح فيها كل وقائع الدعم وأرقامه وحقيقة ما جرى في المرحلة الماضية، إضافة إلى الأسباب التي أدت إلى وصول لبنان إلى الانهيار، كما يردّ على كل الحملات التي تطاله بشكل مفصّل، كما عن واقع الملفات القضائية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :