قبل خمسين عاما عندما صدر كتاب “حين تستيقظ الصين سيرتجف العالم “quand la chine s‘eveillere le monde tremblera للمؤلف الفرنسي الان بيرفيت ربما لم يتوقع كثيرون ان تتحقق الاستفاقة خلال عقود وتجعل الرئيس الامريكي يطلق صرخة فزع معتبرا أن لقاء قادة الصين و روسيا و كوريا الشمالية يهدف للتأمر على بلده أمريكا .. أن تصبح الصين البلد الفقير الذي كان يكابد لاطعام شعبه و توفير صحفة أرز لكل فم قوة اقتصادية و عسكرية و سياسية بموقعها كعضو في مجلس الامن الدولي و لكن أيضا بموقعها في اسيا و بعلاقاتها الديبلوماسية مع بقية دول العالم المبنية على رفض التدخل في شؤون الدول ..
لا خلاف أن من زار الصين و خبر عاداتها و تقاليدها و توجهات الحزب الشيوعي الصيني على مدى العقود الماضية يدرك أنه ليس هناك سر في المشهد الصيني الراهن الذي أبهر العالم فالصين بلد الانضباط و عقيدته و لا بديل عن الانضباط و ثقافة العمل التي تقوم عليها الصين بل انه ليس من الغريب في شيئ أن يستفيق زار الصين ليجد أن مشروعا كان انطلق الامس يوشك أن ينتهي لان العمل لا يتوقف على مدار الساعة ليلا نهارا حيث تتغير الفرق كل ست ساعات لضمان دوران عجلة البناء و التشييد ..و هكذا كان الامر أيضا بشأن كل التكنولوجيات و التكنولوجيا العسكرية التي بلغتها الصين اليوم و التي عندت بيكين الى استعراضها بزهو و فخر تحت انظار العالم فيما كان الرئيس تشي جي بينغ يؤكد أنه لا يمكن ايقاف الصين بعد الان ..
بالتأكيد ان الاستعراض العسكري الذي قامت به الصين في ساحة تيان امن قبل يومين بالتزامن مع الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية والانتصار على الاحتلال الياباني و لكنه كان الاستعراض الاضخم الذي تابع العالم و تابع معه اخر ابتكارات الصين الدفاعية الذكية والهجومية التقليدية و النووية لم يكن الاول من نوعه و لكن ما جعل الاستعراض يدير الاعناق أنه تم بحضور ثلاثي جمع كل من رئيس الصين تشي جي بينغ و الروسي فلاديمير بوتين و الكوري الشمالي كيم جونغ اونغ الذي نادرا ما يظهر في زيارات خارجية الى جانب رئيس الوزراء الهندي نارايان مودي و الايراني مسعود بازشكان و غيرهم من قادة منظمة شانغهي التي اجتمعت في مدينة تيانتين شمال الصين..و لعل من يعرف المدن الكبرى الصينية يدرك ايضا ان تيانتجين ليست بحجم بيكين او شانغهاي فهي مدينة فلاحية بالاساس و لكنها شهدت تطورا كبيرا في السنوات الاخيرة ما جعل القيادة الصينية تختارها لانعقاد قمة شانغهاي ..
ما تم استعراضه من أسلحة في ساحة تيان ان من حيث يرقد الزعيم ماو من أسلحة متطورة جداً تراوحت بين أسلحة بالليزر والصواريخ الباليستية النووية وطائرات بدون طيار عملاقة تعمل تحت الماء الى جانب الروبوتات رباعية الأرجل الى جانب الاستعراض البشري الهائل يعكس طموحات الصين التي تسعى بالتأكيد ليكون لها أسواق جديدة للسلاح كانت حتى الان محتكرة من المصانع الامريكية و الاوروبية ..
و الاكيد أن ما عرضته الصين من جيل جديد من الاسلحة و ان كان خارج الاختبار فنرجح أنه قد وجد طريقه للبحث في مختلف مختبرات المحللين العسكريين للوقوف على قدراته الحقيقية ..الصين وجهت من خلا العرض أكثر من رسالة الى أثر من طرف و هي تقول لمن يول على تحريك ورقة الاقليات الصينية و لعبة الانفصال من تايوان الى تابيه لا تختبروا قدرات الصين لانها ستحرق من يحاول تقسيمها ..الصين جعلت من الانضباط و الابتكار سلاحا لنافسة القوى الكبرى و ضمن التفوق الامني و العسكري و قبل ذلك الاتصادي و التجاري و تمكت الصين من الزحف الى كل اسواق العالم و فر البضاعة الصينية التي لا تقارن من حيث الاسعار بما ياتي من الاسواق الاوروبية و غيرها و امكن للصين تحقيق ك ذلك دون اطلاق رصاصة واحدة أو معاداة أي طرف كما راهنت الصين بذكاء على ديبلوماسية الحياد و خطاب احترام حقوق الشعوب في خياراتها و كسبت رهان المفوضات عندما احتضنت الفصائل الفلسطينية في بيكينو احتضنت المفاوضات السعودية الايرانية و تمكنت من اذابة الجليد بين الجانبين و وجدت جسرا للتفاوض مع الهند و اعادة المياه الى مجاريها بين البلدين و في كل ذلك كانت الضرائب المجحفة التي فرضها الرئيس الامريكي على مختلف دول العالم بداية هذا التقارب و البحث عن ارضية مشتركة للدفاع عن المصالح الحيوية للصين و روسيا و الهند و كوريا الشمالية و ايران و تركيا في زمن الهيمنة و التوحش و التغول الامريكي الذي يقوده الرئيس الامريكيدونالد ترامب الذي يرفض أن ينتبه أو يقبل بأن سياساته المبالغة في دعم حليفه الاسرائيلي نانتياهو بدأت تدفع دول الجنوب المستضعفة لتحويل أنظارها الى الصين و روسيا لضمان مصالحها الاقتصادية و العسكرية و أن المضي قدما في هذه الخيارات الامريكية الاقصائية الدموية ازاء ما يجري في نظقة الشرق الاوسط و ازاء القضية الفلسطينية بالدرجة الاولى بدأ ينعكس سلبا على الديبلوماسية الامريكية العميء كلما تعلق الامر بالحليف الاسرائيلي حتى و ان أدى الامر الى شن حرب على بلد عضو في الامم المتحدة كما حدث قبل اشهر في ايران و استهداف قياداته السياسية و العسكرية لان تل أبيب قرت ذلك ..
نكاد نجزم أن الصورة التي جمعت بوتين وكيم جونغ أون، إلى جانبَي شي جين بينغ، بالاضافة الى عشرات من رؤساء الدول الآخرين خلال العرض لعسكري لا تزال تحت المجهر حيث يتم تحليل و قراء كل جزئية فيها عن توجهات الصين والتحالفات المحتملة مع القوى النووية الصاعدة مع الهند و روسيا و كوريا الشمالية …
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :