الميثاقية الغائبة والحكومة الخانعة

الميثاقية الغائبة والحكومة الخانعة

 

Telegram


كوكب معلوف
يقول الأسير الإسرائيلي الذي ظهر أمس، بين دمار غزة، أنه ثبت لهم أنهم ليسوا أسرى عند حماس، بل عند نتنياهو وبن غفير وسموتيرتش. وكان يتحدث باسم الأسرى الذين يعيق إطلاقهم نتنياهو وقراراته. هذا في غزة، أما في لبنان يبدو أن حكومته أيضاً، أسيرة عند أورتاغوس /باراك، اللذان يحددا الخطوط الحمر والمهل وأيضاً القرارات. وهذا ما أبرزته تهديدات ترامب عبر «النيويورك تايمز» أمس التي طالبت الدولة باتخاذ قرارات عاجلة بنزع السلاح (تحت مسمى حصر السلاح) … وإلا.

وهكذا تعلن واشنطن مرادها المترافق مع الهدف الإسرائيلي، وتنصاع دولتنا وهذا ما يدفع باللبنانيين المعنيين بالقرار باتخاذ الموقف المناسب، لحاضرهم ولمستقبلهم ومستقبل أبنائهم.

يحكم اعتبارات عدة فريق المقاومة، وخياراتها اليوم بعد جلسة 5 آب، وقراراتها وجلسة الخامس من أيلول التطبيقية، أبرزها انها عاشت زمناً طويلاً من الخداع، آن له أن ينتهي، بعد كل التنازلات التي قدمتها المقاومة إلى الآن ومنذ اتفاق وقف النار الذي تعهدت واشنطن رعايته، فاذا بها تفتح للعدو باب التوغل داخل الأراضي اللبنانية فيما المقاومة ملتزمة وقف اطلاق النار، تتحمل الانتهاكات وكذلك التأويلات حول إلزامها بفعل الهزيمة، حتى بالمهلة الإضافية التي طلبها العدو للانسحاب. يومها دخل الأهالي قرى وبلدات الجنوب، ليشاهدوا دماراً لم يحصل طيلة ستة وستين يوماً من الحرب، حيث لم يقم الراعي الأميركي بردع العدو المدعوم منه لوجستياً وتقنياً بالطائرات والمسيرات والاقمار الاصطناعية.

وكانت الوعود أيضاً لدى انتخاب رئيس الجمهورية والتزاماته التي لم تحصل، ثم حكومة نواف سلام وتشكيلته الحكومية بثقل مشهود سعودي أميركي، هدف لولا بعض الاعتبارات إلى تطويق المقاومة ومنعها من التوزير. وجرى تسليم وزارة الخارجية التي زعم العهد أن الديبلوماسية ستكون سلاحه الأساسي للدفاع عن لبنان، جرى تسليمها للفريق المتبني للسردية الإسرائيلية – الأميركية، والذي يريد هو واللوبي اللبناني – الأميركي، داخل واشنطن من المقاومة، أكثر مما تريده تل ابيب نفسها.

رفعت الدولة شعار حصرية السلاح، متلازماً مع كل جولات المبعوثين الاميركيين، دون ان يكون الهاجس لديها وقف اعتداءات العدو، أو إلزامه بالانسحاب وإطلاق الأسرى أو السعي لإعادة الاعمار.

الهم الأميركي بالتأكيد هو تنفيذ الشروط الإسرائيلية وحماية دولة العدو من مفاعيل هذا السلاح، الذي تخشاه تل ابيب بعدما خبرته في حرب الإسناد وخبرت فعاليته. وهي لا يمكن أن تكون دولة تستهدف السلام الحقيقي، بينما هي دولة الحرب المشغولة بالتدمير والإبادة في منطقتنا، من غزة إلى جنوب لبنان إلى الضفة وحيث تطأ أقدام جنودها.

الدعم الأميركي غير المحدود، والانهيار الحاصل في الأنظمة العربية المجاورة المهرولة إلى التطبيع، وتخاذل السلطة اللبنانية أمام التهديدات، كل ذلك يدفع المقاومة وأهلها إلى التوجس مما يعدّ لها، ولو تم تغليف ذلك بوعود فضفاضة عن الازدهار الموعود بمنطقة اقتصادية وإذا بها مجرد منطقة عازلة تقام على أرزاق الجنوبيين وأرضهم وبيوتهم للجنوبيين بكافة اطيافهم. واللافت أن الدولة لم تقم إلى الآن بخطوات تطمئن هؤلاء، فلم ترفض المشروع ولم تعلن ملاحظاتها حوله.

لذا، لا يمكن للمقاومة اليوم أن تصدق الوعود الأميركية بحماية الأرض وأهلها، قبل مباشرة العدو بالانسحاب من الأراضي المحتلة، وليس هناك ما يؤشر إلى ذلك بناء على تصريحات قادة العدو الرافضين للانسحاب من اية نقطة محتلة.

المقاومة التي حمت البلاد بدماء أبنائها، لا يمكن لها الاطمئنان إلى عدو غادر هو وداعميه وقد تحولوا إلى ناطق باسم العدو نفسه، يملي عليهم ما يريده ويعلن بوضوح عبر رئيس حكومته عن اغتباطه بما تفعله حكومة لبنان بنزع السلاح المقاوم.

المقاومة وحلفاؤها اليوم، تؤكد مجدداً رفضها نزع السلاح دون استراتيجية دفاعية تحفظ السيادة الحقيقة للبلاد وتحمي الشعب. فما يخطط للمنطقة بمجملها سعي إلى تكريس هيمنة للعدو عبر اتفاقيات سلام «مزعوم». وهي دولة مزقت ميثاق الأمم المتحدة أمام اعين قادة وممثلي العالم أجمع. ويرفع رئيس حكومتها خريطة إسرائيل ويعلن بوقاحة غير معهودة نواياه لاحتلال كامل سوريا الطبيعية وبعض جوارها ليحولها إلى «إسرائيل الكبرى»، بسردية لا يقبلها عقل بشري.

لبنان حيال عدم ميثاقية قرارات حكومته، ولئلا تذهب البلاد إلى حيث لا ينفع ندم السلطة على الانهيار الشامل، أمامه فرصة وحيدة يجب استغلالها من رأس الدولة وقائد الجيش كما فعل الرئيس لحود سابقاً، برفض الإملاءات الخارجية على حساب مصلحة الوطن والشعب. فالثابت بالتجربة التي يعرفها العدو قبل القريب أن هذا الشعب الآبي يرفض أن يتحول إلى هنود حمر وهم ما عرفوا يوماً الاستسلام مقابل السلامة.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram