يعاني لبنان منذ مدّة من مشكلة أساسية، الا وهي إقتصاد الكاش الذي أثر على تصنيف لبنان الإئتماني، واليوم هناك مشكلة أخرى أضيفت إلى كل ما يعانيه بتعيين كفالة إخلاء سبيل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بقيمة 20 مليون دولار وخمسة مليارات ليرة. والسؤال اليوم: “من أين سيأتي بكل هذه المبالغ؟ من البنوك؟! حتماً لا، إذاً هي مخبأة لديه، وهذا دليل إضافي على إعتماد لبنان على إقتصاد الكاش، وهنا الفضيحة الكبرى”.
رُبما بعد هذا المشهد كلّه، الكثير من الأسئلة ستطرح حول الاصلاحات وكيفية تمويل الدولة وغيرها. وفي هذا السياق، تعود مصادر متابعة إلى تصريح سابق للجنة المال النيابية، تحدثت فيه عن أن مصير 27 مليار دولار لا يزال مجهولا، إضافة إلى أن هناك 6 مليارات دولار بالاتصالات وأموال ضاعت في الجمارك وغيرها.
أبعد من ذلك تشير المصادر إلى كلام لوزير المالية السابق علي حسن خليل، خلال جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت في أيلول 2019، حين قدّم تقريره وظهر فيه أنه “منذ العام 1998 وحتى 2002، 98% من الهبات التي حصلت عليها الدولة لم تدخل في حساباتها الرسميّة”، مؤكدة أن “الدولة منهوبة وكلّ ما تتكل عليه اليوم للمضي قدماً هو أموال المغتربين وسعيها إلى جذب الاستثمارات من الخارج”، ولكنها تشدد على أن “الدولة اللبنانية لن تحصل على الأموال إلا إذا قامت بالإصلاحات، وهنا على القضاء أن يتحرّك وأن يصدر الأحكام وما حصل بملف سلامة غير مشجّع اطلاقاً”.
وترى المصادر أن “ما نحتاجه للنهوض هو استقرار أمني وقضاء قوّي، وموازنة 2026 هي عملياً إستمرارية للموازنات السابقة”، وهنا تعطي مثلاً على “أموال فيول الدولة العراقية الموضوعة في مصرف لبنان”، وتلفت إلى أنه “أصبح هناك أكثر من ملياري دولار غير موجودين بالموازنة، والدولة لا تستطيع دفعهم لوجودهم بمصرف لبنان بالليرة وهي تحتاج إلى الدولار للسداد”، وتضيف: “المشكلة هنا كبيرة فإذا حاولت الدولة شراء الدولار لتدفع، سيؤدي حتما إلى رفع سعر الدولار مقابل الليرة لأن المبلغ كبير”.
وتشير المصادر إلى أن “هناك قضية الدين العام، وهو عملياً أموال المودعين، وغير مذكور في الموازنة كيف ستعيدهم”، وتذهب أبعد من ذلك لتسأل “إذا وقعت الحرب مجدداً بين لبنان واسرائيل، فهل هذا سيكون مدرجاً في موازنة 2026؟ حتماً لا. كما حصل في العام الماضي ولم تتضمن موازنة 2025 الحرب بين لبنان واسرائيل، وبالتالي هذا كلّه يؤكّد أن حسابات الدولة ليست صحيحة أبداً”.
عندما نسأل المصادر عن كيف سيكمل البلد في ظلّ هذا المشهد، يأتي الجواب فوراً بأن “العمل جار على قاعدة “سيري وعين الله ترعاكي”، أي بشكل عشوائي ودون حسيب أو رقيب ودون تدقيق أو محاسبة، وأخيراً دون خطة للنهوض”.
في المحصّلة، كلّ الكلام عن خطط وإصلاحات هو مجرد شعارات، والحقيقة أن الدولة مستمرة بنفس الطريقة التي كانت عليها منذ ثلاثين عاماً دون أي تغيير، والدليل هو ما يحصل… فهل يعقل أن يتم الحديث عن اصلاحات ومكافحة تبييض أموال ومحاسبة، وفي نفس الوقت يُتخذ القرار بإخلاء سبيل سلامة؟!.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :