تسامح حزب الله... بين قوةٍ أرهبت العدو وضعفٍ استغلّه الحليف والخصم!!
كتب إسماعيل النجار....
منذ انطلاقة المقاومة الإسلامية في لبنان، شكّل حزب الله مدرسةً خاصة في السياسة والأخلاق، حيث جمع بين الصلابة الميدانية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وبين التسامح المفرط في الداخل اللبناني. هذا التسامح الذي كان يُفترض أن يُقرأ كقيمة إنسانية ووطنية، جرى استغلاله من الحلفاء والخصوم على حدّ سواء، حتى بات في نظر الكثيرين سبباً أساسياً في وصول لبنان إلى ما هو عليه اليوم.
سأبدأ من عام التحرير وتسليم العملاء للدولة. حيث بعد انتصار أيار 2000، لم يرفع الحزب السلاح في وجه العملاء ولم يُقدم على أي عملية انتقامية، بل سلّمهم للدولة اللبنانية على قاعدة احترام المؤسسات. غير أنّ الدولة لم تكن أمينة على الأمانة التي سُلِّمت لها، فأطلقت سراح كثير منهم، وكأنّ دماء الشهداء لم تُسفك يوماً.
يومها لاذ حزب الله بالصمت ولم يفتح دفاتر الماضي حرصاً على السلم الأهلي، لكنّ هذا الصمت فُسِّر ضعفاً، وكلنت التنازلات على حساب الذات فلم يقتصر الأمر على مرحلة ما بعد التحرير. ففي السياسة الداخلية:
عام 2011، قدّم الحزب وزيراً من حصته لإرضاء فيصل كرامي، في خطوة لا تشبه سياسة الأحزاب اللبنانية الأخرى التي تتمسك بالحصص حتى الرمق الأخير. وعام 2020، لم يتحرك الحزب عند إخراج العميل عامر الفاخوري من السجن رغم خطورة القضية على ذاكرة المقاومة.
في تشكيل الحكومات، لم يفرض الحزب يوماً رئيس حكومة من صفوف حلفائه رغم امتلاكه الأغلبية النيابية في بعض المراحل، بل ترك المجال لشخصيات من "الخصوم"، مثل نجيب ميقاتي وسواه. وعندما وصل حسان دياب إلى رئاسة الحكومة، تُرك ليسقط وحده ولم يُحرك ساكناً في الأمر.
حزب الله صمت أمام تجاوزات بكركي
وأمام المواقف المتكررة للبطريركية المارونية، سواء مع البطريرك صفير أو الراعي، والتي غالباً ما تناولت سلاح المقاومة واعتبرته عبئاً على الدولة، لم يقابل حزب الله ذلك بالتصعيد. بل بادر مراراً إلى زيارة بكركي وكسر الجليد، حتى بات بعض المطارنة يتحدثون وكأنهم أوصياء على المقاومة، مستخفين بتضحياتها.
في انفتاحه على الخصوم... وغدرهم المتكرر ، لم يتردد الحزب في مد اليد إلى خصومه التاريخيين: حزب الكتائب، التيار الوطني الحر سابقاً قبل التباعد الأخير، شخصيات سياسية من الصف السني والدرزي. أما القوات اللبنانية، فبقيت خارج أي انفتاح بسبب سجلها الدموي وتحالفاتها الصهيونية.
لكن في المقابل، لم يتورع بعض الحلفاء عن الغدر بحزب الله فتيار المستقبل تحالف مع الحزب في "رباعية الحوار" 2005، ثم انقلب عليه في 2006 في عزّ عدوان تموز، متّهماً المقاومة بالمغامرة.
الحزب التقدمي الاشتراكي: وليد جنبلاط انتقل من تحالف وثيق إلى مهاجمة الحزب ووصف سلاحه بالعبء وسلاح الغدر، قبل أن يعود عند كل منعطف يبحث عن ضمانة.
التيار الوطني الحر: ورقة مار مخايل عام 2006 شكلت حلفاً استراتيجياً، لكن مع الوقت تحول التيار إلى خصومة سياسية شرسة، مستخدماً خطاباً شعبوياً ضد الحزب في ملفات الرئاسة والاقتصاد.
بعض حلفاء الطوائف الصغيرة: الذين أخذوا الدعم الانتخابي والسياسي من الحزب ثم اصطفوا في خندق خصومه عند أول فرصة، كما حصل مع شخصيات في صيدا والبقاع والشمال.
بيئة بعلبك الهرمل الوحيدة التي صبرت على المظالم،، وتغاضى الحزب عن مظالم رسمية متعمدة بحقهم تبدأ بإهمال الدولة، وملاحقات أمنية انتقائية، غياب التنمية. لفم يستخدم الحزب سلاحه لفرض حق أهله، بل بقي متمسكاً بالدولة رغم انحيازها.
لقد أثبتت التجربة أنّ تسامح حزب الله كان سيفاً ذا حدّين في وجه العدو، شكّل نقطة قوة لأنه أظهر إنسانية المقاومة.
في الداخل، وتحوّل إلى ثغرة استغلّها الخصوم والحلفاء على حدّ سواء، فتمادوا في الغدر والاستهزاء، وكأنّ صبر الحزب "حق مكتسب" لهم.
اليوم، يُطرح السؤال الحاسم؟؟؟
هل حان الوقت كي يوازن الحزب بين التسامح والردع السياسي الداخلي، كما يوازن بين الصبر والردع العسكري ضد العدو؟ ألم يَحِن وقت قطع الألسن بعد؟
بيروت في،، 1/9/2025
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي