نصرالله: سنردّ على كلّ غارة طيران الردّ لا ينتظر الإجماع الصبر سلاحنا في الداخل التحقيق بلا التقرير الفني ووحدة المعايير مسيّس مجزرة خلدة وحادثة شويا في عهدة الدولة حردان: الجنوب وراء المقاومة… والراعي: ليمنع الجيش الصواريخ… والمسار الحكومي مجمّد
طغت على المشهدين الداخلي والإقليمي، الرسائل التي حملتها كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الذكرى الخامسة عشرة للنصر في حرب تموز 2006، على خلفية عملية القصف الصاروخي التي نفذتها المقاومة رداً على غارات طيران الاحتلال في محاولة تغيير قواعد الاشتباك وعودة الطيران للإغارة على المناطق اللبنانية للمرة الأولى منذ خمسة عشر سنة، وقد جاءت التطورات التي تبعت ردّ المقاومة لتؤكد صوابية تقديرها للموقف مخيبة آمال الذين حذروا من أنها تورّط لبنان في حرب "إسرائيلية"، بدا بوضوح أنّ "إسرائيل" تحسب ألف حساب قبل التفكير بخوضها، وجاءت كلمة السيد نصرالله لحمل رسائل واضحة للإحتلال أهمّها أنّ المقاومة ستردّ بصورة مناسبة ومتناسبة على كلّ عدوان خصوصاً العودة لغارات الطيران، دون أن تقيّد ردّها بمحور معيّن على الحدود في مزارع شبعا او غيرها، وهي تعمّدت القول إنها ردّت في مناطق مفتوحة لأن الغارات تمّت على مناطق مفتوحة، وهذا هو مفهوم الردّ المناسب والمتناسب، مؤكداً انّ الحساب الخاص بالقصاص على اغتيال شهيدي المقاومة علي كامل محسن ومحمد طعان لا يزال مفتوحاً، لكن الفارق فيه انّ الزمن ليس جوهرياً في تسديده بمثل الردّ على خرق قواعد الاشتباك ومحاولة التسلل خلسة لتعديلها، منبّهاً قادة الإحتلال من اي سوء تقدير للموقف، فجهوزية المقاومة وردّها لا يتأثران بالأوضاع الداخلية ولا ينتظران الإجماع الداخلي الذي لم يكن موجودا يوماً، ورغم ذلك انطلقت المقاومة واستمرت حتى تحقق التحرير ومن ثم تثبتت معادلات الردع التي تحمي لبنان اليوم وتوفر الاستقرار والهدوء للجنوب ولكل لبنان.
تناول السيد نصرالله الأحداث التي هدفت لإستدراج المقاومة وبيئتها إلى الفتنة سواء في خلدة او في شويا، فأكد ان من نفذوا الحادثتين ليسوا أبرياء ولا يعبّرون عن انفعال عفوي بل هم مجرمون قتلة يجب على القوى الأمنية والقضائية سوْقهم ومعاقبتهم، لكن المقاومة وبيئتها لن تنجر للفتن المبرمجة وترفض شيطنة اي بيئة لبنانية بذريعة تورّط بعض المنتمين اليها بأعمال مشبوهة، وسيبقى الصبر سلاحها في الداخل وهي تترك للدولة ومؤسساتها ملاحقة هؤلاء، وهي تتابع عن كثب تفاصيل ما تقوم به الأجهزة الأمنية والقضائية بصدد مجزرة خلدة وستتابع مثلها ملاحقة مفتعلي حادثة شويا، مختتماً بالقول انّ لكلّ حادث حديث.
توقف نصرالله أمام التحقيق في تفجير مرفأ بيروت فتوجه لأهالي الشهداء معزياً كأب لشهيد، داعياً اياهم لمنع أي متاجرة بدماء ابنائهم وتحويلها إلى بضاعة سياسية، قائلا لهم اذهبوا الى قاضي التحقيق وأسالوه لماذا لا يفرج عن التقرير الفني لتعرفوا ويعرف الجميع كيف تمّ التفجير، لأنّ لكلّ سيناريو للتفجير شكل مختلف من الملاحقة، فهل هو تفجير عفوي أم مدبّر وهل هو صاروخ "إسرائيلي" ام إهمال وتقصير، ولماذا يحتجز القاضي التقرير الفني الذي يتوقف على الإفراج عنه الإفراج الموازي عن أموال التأمين التي تقدر بمليار ومئتي مليون دولار، وهل من علاقة بين الأمرين، وسأل السيد نصرالله القاضي لماذا غابت وحدة المعايير عن الإتهامات التي وجهها، فكيف يلاحق رئيس حكومة حالي دون وزراء حاليين ويلاحق وزراء سابقون دون رؤساء حكومات سابقين، قائلا إن وحدة المعايير هي معيار عدم التسييس.
كلام السيد نصرالله تبعته ردود أفعال تناولت رد المقاومة على العدوان الإسرائيلي، كان أبرزها ما قاله كل من البطريرك بشارة الراعي معارضا للردّ وداعياً الجيش اللبناني لمنع اطلاق الصواريخ، وكلام رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي النائب أسعد حردان الذي أكد أنّ المقاومة بتكريس معادلة الردع أكدت مسؤوليتها عن حماية لبنان وفقاً لمعادلة ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، مضيفاً تعليقاً على حادثة شويا، أن الجنوب موحد وراء المقاومة.
في الشأن السياسي يلتقي اليوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي وسط انخفاض منسوب التفاؤل وشبه اجماع الاوساط السياسية والنيابية على جمود المسار الحكومي عند عقدة المداورة حيث بدأت تظهر بوادر انتقال تصويب فريق رئيس الجمهورية نحو حقيبة المالية والإسم المقترح لها من رئيس مجلس النواب ما يشير إلى تعميق المأزق الحكومي.
تطغى الاجواء السلبية على الملف الحكومي رغم الحديث عن ضرورة تلقف الايجابيات، وفيما يفترض ان يزور الرئيس المكلف نجيب ميقاتي يوم غد الثلاثاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا لاستكمال البحث في النقاط العالقة المتصلة بتوزيع الحقائب السيادية وغير السيادية، أفادت المعلومات ان الاتصالات سوف تنشط اليوم خاصة وان العقد لا تزال قائمة بشدة لا سيما في ما يتصل بالمداورة وتحديدا بوزارة المال التي تقول اوساط الثنائي الشيعي لـ البناء ان الرئيس عون يفترض ان لا يدخلها في النقاش خاصة ان التمسك بها يأتي من منطلق التوازنات السياسية ولا يمس الدستور، معتبرة ان من يريد ان يسهل التأليف يسلم ببقاء الحقائب السيادية كما كانت عليه في حكومة الرئيس حسان دياب، مع إشارة المصادر الى ان محاولة الرئيس عون التصويب على مدير العمليات المالية في مصرف لبنان يوسف خليل سياسي بامتياز، خاصة وان هذا الاسم طرح في التشكيلة الحكومية التي قدمها الرئيس سعد الحريري قبل ان يعتذر ولم يكن هناك من فيتو عليه، واعتبرت المصادر ان بري لن يتراجع عن هذا الاسم خاصة وان ما يجري من رفض او عدم تأييد للاسم مرده محاولة البعض الذهاب الى تصفية الحسابات السياسية.
وليس بعيدا قالت مصادر متابعة لعملية التأليف ان الامور على حالها، فليس هناك من تقدم في مسار المفاوضات، مشيرة في الوقت نفسه الى أن ميقاتي بدأ اتصالات واسعة مع القوى السياسية من أجل تسمية الوزراء، وصولا الى اسقاط الاسماء على الحقائب. ولفتت المصادر الى ان الرئيس ميقاتي يحظى بتأييد من معظم القوى السياسية ومن الخارج لا سيما من فرنسا التي تتمنى ان لا يصل الرئيس ميقاتي الى الاعتذار وان تسهل القوى السياسية مهمته.
وأكد رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان ضرورة ان يكون هناك حكومة تتحمّل مسؤولياتها تجاه شعبها كي لا يدخل البلد في الفوضى، وقال على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف انتاج حكومة تخدم المواطن وتعالج الازمات القائمة، مؤكدا أن كلمة السر الحكومية داخلية.
وقال المطلوب خطة طوارئ ومعالجة جذرية للازمات بدءا بالدواء والمازوت والكهرباء مضيفا نرى على الشاشات مداهمات لمخازن يعمد اصحابها الى احتكار اساسيات معيشية ولكن السؤال هل تم توقيف أي محتكر؟ وتابع الامر الخطير ان يرى المواطن كل متطلباته امامه من دواء ومازوت وبنزين لكنها لا يستطيع الحصول عليها بسبب منطق الاحتكار والتلاعب بالاسعار.
وشدد على ان لبنان معني اليوم بأخذ خيار لا بل قرار بفتح العلاقات الطبيعية مع سورية لتأمين كل المستلزمات التي يحتاجها المواطن.
واكد حردان ان الجنوب هو بوابة لبنان واستقراره استقرار للبنان، وقال الاستقرار حصل بعد معادلة الردع التي ارستها المقاومة في مواجهة التهديدات الاسرائيلية التي لا يستغربها احد، وارادة المقاومين لن تسمح له بتغيير المعادلة. واضاف الممارسات العدوانية من الكيان المحتل ليست مستغربة ولكن ما نستغربه أن بعض القوى السياسية في لبنان يحزنها ان تتصدى المقاومة لأي عدوان. وشدد على أن الجنوب اللبناني بشكل عام متمسك بمقاومته وقرى الشريط الحدودي عاشت المعاناة بدءاً بالإقطاع السياسي وصولا الى سنوات الاحتلال على مدى ربع قرن، والجنوبيون اليوم عبارة عن قوى موحدة رغم كلّ التضليل الاعلامي الذي حاول تحريف الوقائع والقول ان بيئة المقاومة منقسمة.
فما حصل اخيرا في بلدة شويا سابقة لم تشهدها قرانا مطلقاً الا ان فاعليات المنطقة عالجت الامر بحكمة وبالتالي تبقى الأصوات الشاذة في غير محلها، مشدداً على انّ من يدافع عن سيادة لبنان واستقرار يمتلك القاعدة الشعبية الاساسية. وقال يجب تنشيط ذاكرة الجميع لجهة الاثمان الغالية التي دفعتها المقاومة الوطنية من شهداء ودماء وارزاق لطرد الاسرائيلي من بيروت وبالتالي من كلّ لبنان، ومن يحزن لخسارة الاسرائيلي يشعرني بالأسف. وشدّد على ان المقاومة تضمّ كلّ الاطياف وهي وطنية بامتياز، هناك من يقاوم في مواقع متقدمة بالبندقية وهناك من يقاوم بالموقف والتعبير عن الرأي، ومسؤولية الدفاع عن لبنان تقع على عاتق كلّ اللبنانيين.
واكد انّ قرار الدفاع عن لبنان هو قرار لبناني وفق التسوية السياسية والدستور ولكن للأسف هناك أناس نقضوا هذه التسوية وتخلوا عن هذا الاتفاق، ولذا نحن نذكرهم بأن خيارهم خاطئ. فـ "إسرائيل" كيان مغتصب وادارتها العسكرية الجديدة تحاول القيام باختبارات على الساحة اللبنانية، وتحاول الاستثمار في الواقع اللبناني الداخلي. واشار الى أنّ المقاومة اكدت بردها انها جاهزة دائماً حيث ان ردها مرتبط بإرادتها وإرادة ناسها وقاعدتها الشعبية والوطنية التي لن تتخلى عنها رغم كلّ أساليب الضغط والحصار الاقتصادي سواء من الخارج او من الداخل.
وأكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله: "نحن لا نبحث عن الحرب ولكننا لا نخشاها وسننتصر فيها"، مؤكدا "أنّ العدو سيرتكب أكبر حماقة اذا ما ذهب الى حرب مع لبنان.
وأعطى تفسيراً "لاختيار الردّ على أرض مفتوحة ردا على ما جاء في بيان العدو انه قصف أرضاً مفتوحة في لبنان"، معلنا أننا "قررنا الرد في وضح النهار مع ما فيها من مخاطرة على اخواننا، ولكن بسبب حرصنا على مشاعر الناس من قصف الليل"، متوعدا "العدو بالرد على اي غارة سيقوم بها بالشكل المناسب، داعيا العدو أن يحسب لهذا الأمر حسابا"، مؤكدا "أننا لن نضيع ما انجزته المقاومة في حرب تموز مهما كانت التضحيات، وأيضا لمنع العدو من استباحة لبنان، وأنه أيا تكن الأوضاع في لبنان داخليا فلا يهمنا لأننا سنحمي لبنان، ولا تراهنوا على الانقسام حول المقاومة لأن هذا الانقسام قديم، ولم يكن من اجماع وطني حول المقاومة في أي يوم من الأيام"، مهدّداً بأنّ الردّ المقبل على الغارات الجوية سيكون في أي مكان من شمال فلسطين المحتلة إن كان في الجليل أو الجولان.
وتطرق الى ما حصل في بلدة شويا، قائلاً إن "تصوير حادثة شويا جعلتني متأثراً وحزيناً، وكان هذا التصوير وتوزيعه أمراً معيباً ومشيناً. والفيلم الذي ظهر لاحقا أكد وجود انضباطية الشباب في اطلاقهم عشرين قذيفة وعادوا بما تبقى".
وخاطب أهالي شويا وحاصبيا بالقول: "لو كنا نستطيع الرمي من قرانا الشيعية لاستهداف المنطقة المفتوحة في المزارع غير المأهولة لكنا فعلنا، ولكن حكم الجغرافيا والأداء العسكري فرض علينا أن نرمي من تلك المنطقة"، متوقفاً عند الحادثة وممارسة الشباب "الذين تعرّضوا للكمين اعلى درجات الصبر والأخلاق"، متمنياً "أنه لو استطاع الوصول الى هؤلاء الشباب لفعَل كي يقبّل جباههم لأنهم شباب يدافعون عن لبنان"، معلناً انّ "من قام بالكمين ليسوا من أهالي شويا، لا بل هناك ناس من أهل شويا دافع عن شبابنا المقاومين الثمانية، وقد ساعدوا أربعة منهم على الخروج من أيدي الذين حاصروهم قبل وصول الجيش لأخذ الأربعة الباقين".
وعن انفجار المرفأ طالب السيد نصر الله بنشر التحقيقات التي حصلت بانفجار المرفأ". وقال: "حزب الله ليس خائفاً من التحقيق، ولا الاجهزة الأمنية أو القضائية تتهمنا، ولكن نحن خائفين من التسييس، ومن تضييع الحقيقة"، مجددا مطالبته "قيادة الجيش بنشر التحقيق الفني الذي توصلت اليه"، متسائلا عن المشكلة التي تمنعه من ذلك؟ وطالب "قاضي التحقيق بوحدة معايير وعدم الاستنسابية، لأنّ ما حصل الى الآن لا يعتمد وحدة المعايير"، متسائلاً: "لماذا رئيس حكومة حالي وليس السابق، مثله وزير سابق وليس حالي"؟ وقال: "هل لأن رئيس الحكومة الحالي مستضعف"؟
وعما حصل في خلدة قبل ايام وصفه بأنه "مجزرة عن سابق تصميم، وكان اطلاق النار هدفه القتل، والذي قام بهذه المجزرة عصابة، ولم يكن من سبب منطقي لارتكابها"، موجها الشكر للجيش لتدخله السريع، منوّها بـ"انضباط وصبر أهلنا". واعتبر ان "البلد تجاوز قطوعا خطيرا بسبب صبرنا والتزام جمهورنا الاخلاقي والديني".
وطالب بـ"توقيف جميع المتورطين بهذه المجزرة وهم معروفون بالاسماء والصورة، وسوقهم للمحاكمة". كما طالب بـ"حل جذري لسلامة الطريق الساحلية، محملا مسؤولية تأمين الطريق للجيش". وقال إن "من يقطع الطريق ليسوا اهالي خلدة ولا اهالي الناعمة وغيرها، وإنما هم عصابات معروفون يريدون جر البلد الى فتنة". وفي الشأن الحكومي قال: "لا نستطيع ان نستبق الامور فهي بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف".
في المقابل، وفيما دان البطريرك الماروني بشارة الراعي "الخروقاتِ الإسرائيليّةَ الدوريّةَ على جنوب لبنان، وانتهاك القرار الدوليّ 1701، شجب الراعي تَسخينَ الأجواءِ في المناطق الحدوديّة انطلاقاً من القرى السكنيّةِ ومحيطِها. كما إنّنا لا يمكننا القبول، بحكم المساواة أمام القانون بإقدامَ فريقٍ على تقريرِ السلمِ والحربِ خارجَ قرارِ الشرعيّةِ والقرارِ الوطني المنوط بثلثي أعضاء الحكومة وفقاً للمادّة 65، عدد 5 من الدستور. صحيح أنَّ لبنانَ لم يُوقِّع سلاماً مع "إسرائيل"، لكن الصحيحَ أيضاً أنَّ لبنانَ لم يُقرِّر الحربَ معها، بل هو ملتزمٌ رسميّاً بهدنة 1949. وهو حاليّاً في مفاوضاتٍ حولَ ترسيمِ الحدودِ، ويَبحث عن الأمنِ، والخروجِ من أزَماتِه، وعن النهوضِ من انهيارِه شبه الشامل، فلا يريد توريطه في أعمالٍ عسكريّةٍ تَستدرِجُ ردوداً إسرائيلية هدّامة"، مؤكداً "أننا نريد أن ننتهي من المنطق العسكري والحرب واعتماد منطق السلام ومصلحة لبنان وجميع اللبنانيّين".
وجدد أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعوته إلى "إسرائيل" ولبنان إلى ضبط النفس وتجنب الإجراءات المؤدية للتصعيد، وذلك في بيان أصدره المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك.
وأعرب دوجاريك عن قلق الأمين العام "العميق إزاء التصعيد الأخير بين الجانبين عبر الخط الأزرق، بما في ذلك إطلاق الصواريخ على إسرائيل والضربات الجوية ونيران المدفعية على لبنان".
ودعا المتحدث الأممي الطرفين إلى المشاركة النشطة مع آليات الاتصال والتنسيق التابعة لقوات الأمم المتحدة المؤقتة "يونيفيل".
وغرّد السفير السعودي في لبنان وليد بخاري عبر حسابه على تويتر مقتبساً من الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، وقال: غسان كنفاني من كبارِ الأُدباءِ الرمزيِّين الذي أضاف إلى الصَّمتِ بُعداً أكثر فصاحةً من الكلمات "الصَّمتُ لاَ يعْنِي القبُول دائماً؛ بلْ يعْنِي أنَّنَا قَدْ تعِبْنَا من التَّفسيرِ لأَشْخَاصٍ لاَ تفْهَم".
الى ذلك غادر قائد الجيش العماد جوزاف عون متوجها الى دولة قطر، تلبية لدعوة نظيره رئيس أركان القوات المسلحة القطرية الفريق الركن الطيّار غانم بن شاهين الغانم.
وعلى خط التحقيقات المتصلة بانفجار مرفأ بيروت حدد المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي طارق بيطار حدّ 26 آب الجاري موعد جلسة بصفة مدّعى عليه لرئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب وحدد جلسة للاستماع الى الوزير السابق يوسف فنيانوس بصفته مدَّعى عليه في 20 آب الجاري.
وأطلقت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، خطة "الاستجابة للطوارئ" بقيمة 378.5 مليون دولار "لدعم الأشخاص الأكثر ضعفا" في لبنان. وبموجب بيان من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، ستوفر هذه الخطة "الدعم الإنساني المنقذ للحياة لـ 1.1 مليون من اللبنانيين الأكثر ضعفاً والمهاجرين المتأثرين بالأزمة المستمرة"، وبحسب الأمم المتحدة، فإنّ "الخطة تمّ تطويرها لمدة 12 شهراً بقيادة منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في لبنان نجاة رشدي والفريق القطري للعمل الإنساني".
وبينما اكتفت وزارة الصحة العامة امس بإعلان فقط عدد الإصابات والوفيات التي تمّ تسجيلها بفيروس كورونا خلال الـ24 ساعة الأخيرة. فأشارت الوزارة في تقريرها اليومي إلى تسجيبل 5 حالات وفاة و1552 إصابة جديدة، جاءت التغريدة التي كتبها رئيس لجنة الصحة النيابة النائب عاصم عراجي في اطار التحذير من الأخطر على المستوى الصحي والطبي، وقال إنّ "ارتفاع الاصابات اليومية بكورونا، النسبة الموجبة فوق ستة بالمئة، ازدياد مرضى العناية يومياً، إقفال معظم أقسام كورونا، هجرة التمريض، نقص الأدوية، انهيار الليرة، عدم تطبيق الإجراءات الوقائية، في شهر أيلول احتمالية مأزق صحي أكبر".
الى ذلك قررت المديرية العامة للنفط، فتح منشأتَي النفط في الزهراني وطرابلس استثنائيّاً غداً، ليتمّ تسليم مادة المازوت للمستشفيات وبكميات تُخصّص لهذه الغاية فقط. واتى تحرك مديرية النفط، بعدما أعلنت نقابة أصحاب المستشفيات في لبنان في بيان، أن "عددا من المستشفيات ومنها جامعية مهددة بتوقف مولداتها خلال ساعات بسبب عدم توافر مادة المازوت".
**********************************************************************
مواجهات دائرية لـ”الحزب” بين الجنوب والداخل
تقدمت المواجهات “الدائرية” الداخلية التي يخوضها “حزب الله” في اتجاهات متعددة في مواكبة المواجهة العسكرية المحدودة التي خاضها مع إسرائيل قبل أيام واجهة المشهد الداخلي بحيث طغت على “نومة اهل الكهف” المتصلة بملف تشكيل الحكومة التي تنتظر مزيدا من الجولات المتهادية على إيقاع الهبات الباردة والحارة المملة في “مفاوضات بعبدا” .
واذا كانت جولة تبادل القصف بين إسرائيل و”حزب الله” أدت الى تفتق ظاهرة الاعتراض الأهلي في شويا على القصف الصاروخي للحزب وقيام عدد من أهالي البلدة بمصادرة راجمة الصواريخ بما تسبب بتداعيات مباغتة وذات دلالات بارزة لهذه الجهة فان كلمة الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله غداة هذا الحادث اسفرت عن واقع ان الحزب يواجه مجموعة إشكالات بل مواجهات داخلية دفعة واحدة الامر الذي يوجب معاينته بدقة نظرا للتداعيات التي ستترتب عليها.
فالحزب الذي يقلل من حجم الاعتراض الذي واجهه في شويا انبرى عبر سيده الى تسديد “صليات” جديدة من الاتهامات بالتسييس للمحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت ابرزها عدم اتباع معايير موحدة والغمز من قناة الاتهام بالتواطؤ مع شركات التأمين أيضا . واذا تجاوزنا مسالة خلدة على رغم دلالات عودة السيد نصرالله اليها في عز حمأة الاحتدام حول اخطار المواجهة مع إسرائيل فسيكون من غير الممكن تجاهل الهجمة اللاذعة والعنيفة لانصار الحزب امس على البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعد وقت قصير من عظته التي رفض فيها توريط لبنان في حرب مع إسرائيل ودعا الجيش اللبناني الى منع اطلاق الصواريخ من الجنوب .
ووسط نومة اهل الكهف في الدولة وتعاميهم عن مجريات بالغة الخطورة تجري تحت أنظارهم ومن دون أي تأثير لوجودهم ، بدا من الصعوبة الكبيرة اطلاق التوقعات حول عملية تاليف الحكومة وما اذا كان كلام الإيجابيات الذي انتهت عليها لقاءات الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيكون قابلا عمليا للترجمة القريبة ام ان مماحكات التاليف قد عادت الى سابق عهدها كما انتهت اليه قبيل اعتذار الرئيس سعد الحريري . وفي اعتقاد أوساط متابعة ووثيقة الصلة بالأجواء التي واكبت اللقاءات الستة بين عون وميقاتي ان أسبوعا على الأكثر سيكون فترة كافية وحاسمة لاستكشاف ما اذا كان قرار الحكم قد تغير مع ميقاتي وتاليا فان حلحلة العقد تغدو معقولة وواردة بما يفصح عن كلمة سر من شانها ان تطلق الحكومة الجديدة من أسرها .
او ان تمضي الفترة ولا يسجل أي جديد إيجابي فعلا وتبقى عملية التأليف قيد الشروط والعقد والمطالب المتشددة وعندها سيحصل التثبت اكثر من توزيع إدوار بين العهد وحزب الله لدوافع تتقاطع عند تعطيل تاليف الحكومة الجديدة كما فعلوا مع سعد الحريري . ومع ان أي جديد معلن لم يبرز في الملف الحكومي يبدو ان عدم الاتفاق بعد على موعد اللقاءالجديد بين الرئيسين عون وميقاتي لا يشكل مؤشرا عاجلا على تحرك استثنائي للسلطة وربما تتفاقم الأمور في اتجاهات اكثر سلبية .
نصرالله
في غضون ذلك ملأت المشهد الداخلي تداعيات المواقف التي اعلنها السيد نصرالله في كلمة القاها لمناسبة حرب تموز 2006 اذ ابدى أسفه “لمساعدة بعض اللبنانيين لتحقيق العدو اهدافه لجهة سعيهم لاضعاف لبنان وقوته ” وتطرق الى ما حصل قبل ايام، واصفا إياه بالخطير جدا، وقال “أن العدو شن غارات جوية على منطقة الشواكير قرب مخيم الرشيدية وفي الجرمق في منتصف الليل لإرعاب الناس، ظنا منه أن الغارات ستمر من دون رد وهذا يعني تغيير قواعد الاشتباك، ولذلك كان لا بد من أن نرد”. وأضاف: “لو تأخر ردنا على غاراتهم الجوية لكان بلا معنى، ولذلك قررنا أن يكون ردنا سريعا” .وقال ان ” ما قامت به إسرائيل من عدوان قبل أيام خطير جداً ولم يحصل خلال 15 عاماً وقررنا الرد فوراً ، أردنا بالفعل في الميدان أن أي غارة جوية لسلاح الجو الإسرائيلي سيتم الرد عليها حتما ولكن بشكل مناسب ومتناسب” . وقال مخاطبا إسرائيل “لا تراهن يا عدو على تشرذم بيئة “حزب الله” وكل المساحة اللبنانية ممنوع أن تتعرض لها بغارة جوية حتى في الأرض ، “تقصف بنقصف”. نحن لا نبحث عن حرب ولكننا جاهزون لها واكبر حماقة يرتكبها العدو عندما يقرر الحرب مع لبنان والرد ليس محصوراً في مزارع شبعا . ووصف الحادثة في شويا لانها ” كانت مشينة وخطيرة وشبابنا التزموا الصبر وهم ضمانة لبنان ومن اعتدوا عليهم هم من غير عالم وما حصل لم يكن شيئا بسيطا ولا عابرا وله دلالات خطيرة “.
الراعي .. والحملة!
وجاء الرد الأبرز على القصف الصاروخي للحزب من الجنوب على لسان البطريرك الراعي امس اذ قال : “إننا نقف إلى جانب أهلنا في الجنوب لنشجب توتر حالة الأمن. وقد سئموا -والحق معهم- الحرب والقتل والتهجير والدمار. وفيما ندين الخروقات الإسرائيلية الدورية على جنوب لبنان، وانتهاك القرار الدولي 1701، فإننا نشجب أيضا تسخين الأجواء في المناطق الحدودية انطلاقا من القرى السكنية ومحيطها. كما لا يمكننا القبول، بحكم المساواة أمام القانون بإقدام فريق على تقرير السلم والحرب خارج قرار الشرعية والقرار الوطني المنوط بثلثي أعضاء الحكومة وفقا للمادة 65، عدد 5 من الدستور” .
وأضاف “صحيح أن لبنان لم يوقع سلاما مع إسرائيل، لكن الصحيح أيضا أن لبنان لم يقرر الحرب معها، بل هو ملتزم رسميا بهدنة 1949. وهو حاليا في مفاوضات حول ترسيم الحدود، ويبحث عن الأمن، والخروج من أزماته، وعن النهوض من انهياره شبه الشامل، فلا يريد توريطه في أعمال عسكرية تستدرج ردودا إسرائيلية هدامة. ونهيب بالجيش المسؤول مع القوات الدولية عن أمن الجنوب بالسيطرة على كامل أراضي الجنوب وتنفيذ دقيق للقرار 1701 ومنع إطلاق صواريخ من الأراضي اللبناني لا حرصا على سلامة إسرائيل، بل حرصا على سلامة لبنان. نريد أن ننتهي من المنطق العسكري والحرب واعتماد منطق السلام ومصلحة لبنان وجميع اللبنانيين “.
وعلى الأثر شنّ أنصار “حزب الله”، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حملةً واسعة على البطريرك الماروني الراعي، لإدانته في عظته بقداس الأحد، “تَسخينَ الأجواءِ في المناطق الحدوديّة انطلاقًا من القرى السكنيّةِ ومحيطِها”، وعدم قبوله “بحكم المساواة أمام القانون، إقدامَ فريقٍ على تقريرِ السلمِ والحربِ خارجَ قرارِ الشرعيّة”.
وغرّد ناشطون عبر استخدام هاشتاغ “راعي_الانحياز” “وراعي_الاستسلام”، حيث اعتبر بعضهم أنّ مواقف رأس الكنيسة المارونيّة لا تختلف عن مواقف الدولة العبريّة. كذلك، اصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي بيانا اعتبر فيه “أن الراعي يتعامى عن مئات المجازر والاعتداءات المتكررة من العدو، ويضع الحجة على من حمل السلاح لرفع الظلم وتحرير أرضه من رجس عصابات الاستيطان والاقتلاع وتزوير التاريخ والدين”. وأشار الى أن “لا الهدنة مع العدو أتت بحماية للبنان، ولا الحياد خيار أصحاب الحق، بل خيار المستسلمين. وبلا شك، فإن رعاية الفساد والتنعم بالمغانم بينما تئن الرعية تحت نير الجوع والعوز، لا تنقذ البلاد من نير التبعية، ولا الاستثمار بدماء أبرياء المرفأ يعيد الى لبنان دوره وحيوته. بل قوته، وقوته فقط هي السبيل الوحيد لاستعادة السيادة والدور والوصول إلى التطور والرقي”.
غير أن الرئيس ميشال سليمان رد على المتحاملين عبر صفحته على “تويتر” قائلا: “الاساءة الى البطريرك الراعي ترتد على اصحابها، ولن تؤدي الا الى مزيد من التأييد له خارجياً وداخلياً من المواطنين الشرفاء الذين يؤمنون بلبنان فقط وقبل كل شيء
مسيرة
وسط هذه الأجواء نظّم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت مسيرة احتجاجية تحت عنوان “كلنا ضحايا والمجرم واحد”، انطلقت من أمام مبنى صحيفة “النهار” بإتجاه مدخل رقم 3 للمرفأ، للمطالبة بكشف الحقيقة ورفع الحصانات، وجدّدوا المطالبة بتحقيق العدالة ومحاسبة المتسبّبين بالفاجعة. وخرجت نعوش من حرم مرفأ بيروت في المرحلة الثانية للمسيرة التي نظمها الاهالي وتوجهوا بها بإتجاه منطقة مار مخايل.
وعبّر أهالي الضحايا عن “إصرارهم على المطالبة بتسليم قتلة ضحاياهم إلى القضاء”، سائلين المحقق العدلي القاضي طارق البيطار “عدم الخوف أو التراجع والمضيّ قدماً في سبيل إظهار الحقّ وإجلاء الحقيقة”.
وتطرّق محتجون شاركوا الأهالي مسيرتهم إلى مواضيع عدّة أبرزها الفساد وسرقة أموال المودعين والهدر في وزارة الطاقة وغيرها. كما طالبت لجنة عائلات المخطوفين والمفقودين في لبنان قضية المفقودين في السجون السورية.
********************************************************************
جريمة المرفأ: غضب الأهالي يتعاظم وبيطار يستدعي دياب
الراعي يستذكر “مقاومة قنّوبين”: “لا سلاح ولا ارتهان”
لم تعد المكابرة والمناورة تسعف “حزب الله” في الهروب إلى الأمام والتهرّب من فريضة استخلاص العبر وواجب التمعّن في ما أوصل نفسه والبلد إليه تحت وطأة سياسة الاستقواء على السلطة والناس بإصبع مرفوع وآخر موضوع على الزناد… فبات لزاماً عليه رأفةً بشعبه وبعموم اللبنانيين أن يتعامل مع الحقائق المُرّة والوقائع المنزّهة عن الأهواء السياسية والحزبية والطائفية، على أساس قناعة تترسخ وخلاصة تتمدّد بين الأغلب الأعمّ من المكونات الوطنية مفادها أنّ زمن التعايش مع سلاحه ولّى.
فخارج دائرة الغطاء العوني لسلاح “حزب الله”، والنزعة السلطوية وراء تآلف العهد وتياره مع هذا السلاح، لم يعد اللبنانيون بأكثريتهم الساحقة و”المسحوقة” تحت قبضة حُكم “الممانعة”، يغردون بعيداً عن سرب أهالي “شويا” والسخط الوطني المتعاظم من الإمعان في استرخاص أرواحهم “قرباناً” على مذبح الأجندة الإيرانية، سيّما وأنّ النظرة إلى سلاح “حزب الله” باتت تشيح عن كونه سلاحاً مقاوماً نحو تغليب “عين اليقين” بكونه سلاحاً مرهوناً ومرتهناً لحسابات إقليمية أكثر منها لبنانية… بخلاف “ثقافة الحرية والاستقلالية والكرامة” التي تجسدت في تكوين “دولة لبنان الكبير”، كما شدد البطريرك الماروني بشارة الراعي في معرض استذكاره “مقاومة وادي قنوبين… من دون أي سلاح ومساومة وارتهان سياسي”.
ومن هذا المنطلق، لم يتردّد الراعي في عظة الديمان أمس في وضع عملية “تسخين الأجواء” عند الحدود الجنوبية في خانة مصادرة قرار الدولة بالحرب والسلم، مبدياً شجبه لاستمرار سياسة “القتل والتهجير والدمار”، ورفضه الصريح “لإقدام فريق على تقرير السلم والحرب خارج قرار الشرعية والقرار الوطني”، مذكّراً بأحكام الدستور في هذا المجال وبأنّ “لبنان الملتزم رسمياً بهدنة 1949 هو حالياً في مفاوضات حول ترسيم الحدود ويبحث عن الأمن والخروج من أزماته والنهوض من انهياره شبه الشامل، فلا يريد توريطه في أعمال عسكرية تستدرج ردوداً إسرائيلية هدامة”، وطالب على هذا الأساس “الجيش اللبناني المسؤول مع القوات الدولية عن أمن الجنوب بالسيطرة على كامل أراضي الجنوب وتنفيذ دقيق للقرار 1701 ومنع إطلاق صواريخ من الأراضي اللبناني لا حرصاً على سلامة إسرائيل، بل حرصاً على سلامة لبنان”.
وعلى وقع عدم استثناء البطريرك الماروني غاية “حرف الأنظار عن وهج قداس شهداء وضحايا انفجار المرفأ على أرضه” وراء تعمّد “تسخين جبهة الجنوب” بالتزامن مع إحياء الذكرى السنوية لجريمة الرابع من آب، واصل أهالي الضحايا تحركاتهم التصعيدية التصاعدية ضد “منظومة النيترات” الحاكمة، فجابوا شوارع بيروت أمس تحت شعار “كلنا ضحايا والمجرم واحد” وصولاً إلى المدخل رقم 3 للمرفأ، مطالبين بكشف الحقيقة ورفع الحصانات عن المدعى عليهم من النواب والمسؤولين.
وإذ أكدوا المضي قدماً في “مواجهة التستر المتعمّد عن الجرائم الكبرى كافة”، أدرج الأهالي ضحاياهم على “لائحة كل ضحايا الحرب والاعمال التفجيرية والخطف والاخفاء القسري وضحايا الإهمال الإداري والاجرام البيئي والتفجيرات وضحايا الصراعات السياسية وضحايا غياب العدالة المستدامة”.
وفي هذا السياق، تؤكد المعطيات القضائية المتواترة أنّ المحقق العدلي القاضي طارق بيطار عازم على استكمال تحقيقاته واستدعاءاته من دون التوقف أمام أي رادع سياسي أو تهويل طائفي، مدفوعاً بزخم الأهالي والضمير الوطني لإحقاق الحقيقة والعدالة. وبرز مساءً تسريب معلومات صحافية تفيد بأنّ بيطار كرّر استدعاء رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إلى التحقيق وحدّد له تاريخ 26 الجاري موعداً للاستماع إلى إفادته كمدعى عليه في قضية انفجار المرفأ.
********************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية “الجمهورية”: التأليف بين اللاإعتذار واللاتقدّم… وتوقّع استئناف الاتصالات واللقاءات غداً
إنشغل اللبنانيون في الأسبوع المنصرم بأكثر من حدث سياسي، الأمر الذي حال دون التركيز على الملف الحكومي، بدءاً من أحداث خلدة كتطوّر أمني خطير، مروراً بالذكرى السنوية الأولى لانفجار المرفأ وما رافقها من مواقف عالية السقف والنبرة، وصولاً إلى اشتعال الجبهة الجنوبية في شكل غير مسبوق منذ سنوات، وقد استأثرت هذه التطورات بالاهتمام السياسي والإعلامي والشعبي على حساب الملف الحكومي الذي استعاد في اللقاء الأخير بين عون وميقاتي مَساره الهادئ من دون الكلام عن وعود ولا التزام مهل. ورجّح مطلعون على ملف التأليف ان تنشط المشاورات بين الرجلين بدءاً من غد، على رغم تزاحم الاولويات التي فرضت نفسها الاسبوع الماضي.
مع تراجع الأحداث الكبرى يفترض ان يعود التركيز على ملف التأليف ومراقبة مدى التقدُّم الذي تحرزه لقاءات رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف في ظل العقد القائمة، والتي تُواجَه حتى اللحظة برغبة مشتركة في تجاوزها. ولكن لا يبدو حتى الآن انّ طريق التأليف سالكة، والخشية بوصول الأمور إلى الحائط المسدود في حال أصرّ كلّ منهما على موقفه وغابت المخارج الممكنة، إلّا انّ العامل المطمئِن حتى اللحظة يكمن في وتيرة اللقاءات المستمرة، والتي تؤشّر إلى عامل إيجابي وسَعي مشترك لمحاولة تجاوز العقد القائمة.
وجاء تأكيد الرئيس المكلف انه لا يضع سقفاً زمنياً لمهمته ليغلِّب المنحى التفاؤلي على التشاؤمي، لكن المشكلة انّ التفاؤل لا يستند إلى عوامل ملموسة وما زال يدور في الحلقة المفرغة نفسها، فلا ميقاتي قادر على التنازل عن سقف وزارة الداخلية حيال نادي رؤساء الحكومات السابقين وبيئته التي باتت تنظر إلى هذه الحقيبة كمعيار لعدم التنازل أمام رئيس الجمهورية، ولا الأخير في وارد التراجع عن انتزاع هذه الحقيبة، ما يعني انّ كل البحث في الحقائب الأخرى بلا جدوى في حال لم يتمّ التوصّل إلى حلّ هذه العقدة.
وهناك من يسأل مثلاً ماذا لو وافق الرئيس المكلّف على ان تكون وزارة الداخلية من حصة رئيس الجمهورية، هل تنتهي العقد عند هذا الحدّ وتتألف الحكومة فوراً، أم ستبرز عقد أخرى تعيد التفاوض إلى المربّع الأول وتُظهر ميقاتي أمام شارعه بأنه تنازَلَ وساوَمَ ولم يلتزم السقف الذي كان قد وضعه الرئيس سعد الحريري؟
يصعب الجزم بأنّ عقدة وزارة الداخلية هي العقدة الأخيرة في مسار التأليف، وذلك تأسيساً على العقد الأخرى التي تمسّك بها رئيس الجمهورية مع الحريري، وفي طليعتها حصته المسيحية وتسمية الوزيرين المسيحيين من خارج هذه الحصة، ناهيك عن مطلب «الثلث المعطِّل» المضمر وإسقاط الأسماء على الحقائب. ولكن قبل الوصول إلى الأسماء، ماذا عن المداورة التي يتمسّك بها عون مقابل طرح ميقاتي إبقاء القديم على قدمه؟ فهل نجح ميقاتي في إقناع عون بالتخلي عن المداورة؟
لا يبدو حتى اللحظة انّ عون تراجَع عن المداورة التي تتجاوز قدرة ميقاتي على حلها، وكان صريحاً مع عون، وفق ما سُرِّب، بدعوته إلى حلّ هذه العقدة مع الثنائي الشيعي، خصوصاً انّ رئيس الجمهورية يدرك انّ هذه العقدة ليست عند ميقاتي ولا يمكنه حلها. وبالتالي، ما السبب الذي دفعه إلى التمسّك بها؟ فهل هذا يعني انه لا يريد حكومة؟ ام انه يريد من ميقاتي ان يدفع ثمن تمسّك الثنائي الشيعي بوزارة المال بِتنازله عن وزارة الداخلية؟ أم يريد استدراج تدخُّل «حزب الله» لمنحه وزارة الداخلية او التفاوض في ملف آخر؟
وقد اكتفى الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، في إطلالته الأخيرة، بالتأكيد انّ الملف الحكومي هو في عهدة رئيس الجمهورية والرئيس المكلف من دون اي استِفاضة في هذا الموضوع، ما يعني أنه يرفض التدخّل في النقاش الدائِر بينهما، فيما أنه من المُبكر الكلام عن وساطات طالما انّ اللقاءات ما زالت تحافظ على وتيرتها ولم يدخلا في قطيعة تستوجِب التوَسُّط والتدخّل.
وعلى رغم هذه الصورة التي يطغى عليها الطابع السوداوي، إلّا انه من المعروف في لبنان انه متى وجِد القرار تُذَلّل العقبات في ساعات، فهل من قرار بتأليف الحكومة؟
وفي هذا السياق أبلغت أوساط سياسية مواكبة لمفاوضات التشكيل الى «الجمهورية» انّ الأمور تبدو حتى هذه اللحظة محكومة بحدّين: لا اعتذار قريباً ولا تقدم نوعياً في اتجاه التأليف.
ولفتت هذه الاوساط الى انه وعلى رغم هذا الواقع، إلّا انّ لدى رئيس الجمهورية والرئيس المكلف إصراراً مشتركاً على مواصلة السعي الى معالجة العقَد الحكومية وتدوير زواياها، وهما لم يستسلما لها بعد ولم يُسلّما حتى الآن بالعجز عن حَلحلتها.
واشارت الاوساط نفسها الى «انّ المطلوب التفاهم على اختيار وزير سنّي حيادي لحقيبة وزارة الداخلية يكون اسمه موضع تقاطع بين عون من جهة وميقاتي والرئيس سعد الحريري من جهة أخرى، وكذلك الاتفاق على وزير للمال يكون مقبولاً لدى عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري».
خليط العقد
وقالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» انّ عطلة نهاية الاسبوع لم تشهد اي اتصال مباشر بين عون وميقاتي منذ اللقاء السادس بينهما عصر الجمعة الماضي، ولكن ذلك لم يحل دون الحديث عن اتصالات جارية في الكواليس حاملة مجموعة من الاقتراحات المتبادلة العاجِزة عن التوصّل الى ما يمكن تسميته مخرجاً، او إجراء مقاربة جديدة لعملية التأليف بعدما توسّعت المشاورات الاخيرة لتطاول بعض الاسماء قبل التفاهم النهائي على توزيعة الحقائب السيادية والخدماتية وإمكان تطبيق المداورة وعلى أيّ نطاق، فهل تبقى على مستوى الحقائب الاربع ام انها تمتد الى بقية الحقائب؟ وهو ما سيؤدي الى اعادة نظر واسعة في التركيبة كاملة فتتعقّد الامور لأنه من الصعب ان تمرّ كاملة في مهلة قصيرة، فلعبة «الدومينو» يمكن ان تتحكّم بالتوزيعة المُنجزة كاملة الى حدود نسفها من أساسها.
والى الخلافات التي تَظهّرت حول حقيبتي وزارتي الداخلية والعدل، وما اذا تم التفاهم مبدئياً على إمكان تَخلّي عون عن «الداخلية» لتبقى من حصة السنّة وتَخَلّي ميقاتي عن «العدل» للمسيحيين، برزت عقدة جديدة تمثّلت بالملاحظة الرافضة التي سجّلها عون في اللقاءين الأخيرين حول اقتراح تسمية مدير العمليات المالية في مصرف لبنان يوسف خليل وزيراً للمال بسبب موقعه الحالي.
وكررت مصادر وزارية قريبة من بعبدا القول، عبر «الجمهورية»، انّ هذه العقدة ليست جديدة فهي قائمة منذ اشهر، وتحديداً منذ ان كان اسم خليل مطروحاً للحقيبة عينها في التشكيلتين اللتين اقترحهما الرئيس سعد الحريري في مرحلة تكليفه وقبل اعتذاره عن المهمة. واضافت انّ عون لا يمكنه القبول بخليل على خلفية إمكان حصول اي تضارب في المصالح عند إمكان إدانته عندما تصل اليه عملية التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، خصوصاً إذا طاوَلَته التحقيقات في هذا الملف واعتبرته مُخالفاً.
«صواريخ شويا»
وفي الوقت الذي لم يشهد القصر الجمهوري اي نشاط طوال عطلة نهاية الاسبوع، تفرّغَ رئيس الجمهورية لمتابعة الجديد الطارىء بعد أزمة «صواريخ شويا» وتردداتها الاقليمية والدولية على خلفية التحرّك الذي طلبه لبنان على مستوى الأمم المتحدة رفضاً للغارات الاسرائيلية على عدة أراض لبنانية والتي تجددت بعد 15 عاماً، خصوصاً انّ البلاد باتت في مدار التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) وإمكان تأثير ذلك فيها، مشدداً على استمرار رفض لبنان المَس بقواعد الإشتباك القائمة منذ الاعلان عن القرار 1701 الصادر في 12 آب عام 2006 حتى اليوم.
مواقف
وفي جديد المواقف السياسية أهابَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي «بالجيش المسؤول مع القوات الدولية عن أمن الجنوب، السيطرة على كل أراضي الجنوب، والتنفيذ الدقيق للقرار 1701 ومنع إطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية، لا حرصاً على سلامة إسرائيل، وإنما حرصاً على سلامة لبنان». وقال: «نريد أن ننتهي من المنطق العسكري والحرب، واعتماد منطق السلام ومصلحة لبنان وجميع اللبنانيين».
وأضاف: «صحيح أنّ لبنان لم يوقّع سلاماً مع إسرائيل، لكن الصحيح أيضاً أنّ لبنان لم يقرّر الحرب معها، بل هو ملتزم رسمياً بهدنة 1949. وهو حالياً في مفاوضات حول ترسيم الحدود، ويبحث عن الأمن، والخروج من أزماته، وعن النهوض من انهياره شبه الشامل، فلا يريد توريطه في أعمال عسكرية تستدرج ردوداً إسرائيلية هدّامة».
وتوجّه الراعي الى المسؤولين قائلاً: «لماذا لا يتمّ تأليف حكومة بعد كل ذلك؟ أهو الخلاف على توزيع الحقائب الوزارية؟ فهذا عيب في الظروف العادية، ومُخْز في الظروف المأسوية التي يعيشها اللبنانيون، وأنتم لم تشعروا بها إلى الآن؟». وقال: «تتصارعون على الوزارات، لكنكم تتصارعون على ما لا تملكون لأنّها ملك الشعب. فابحثوا بالأحرى عن وزراء يليقون بالوزارات لا عن وزارات تؤمّن مصالحكم. أم هو خلاف على الصلاحيات؟ فنقول: لا يحق لأي مسؤول أن يتذرّع بنقص في صلاحياته لتغطية تأخير تأليف الحكومة، أو لأي آخر أن يتحجّج بفائض صلاحيات ليفرض حكومة على الشعب. فالصلاحيات لم تكن يوماً معيار القدرة أو العجز عن تشكيل حكومة. لذا، ندعو كل مسؤول يشعر بأنّه يتمتع بصلاحيات إلى تحمّل مسؤولياته وتأليف الحكومة وإنقاذ البلاد على الفور، والقيام بواجباته تجاه شعبه ووطنه».
عوده
بدوره، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده في عظة الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس: «قرأنا في بيان الرئاسة الفرنسية بعد اجتماع 4 آب: إنّ أفضل مورد للبنان هو شعبه، وإن الأزمة وتداعيات المماطلة السياسية تؤديان إلى ارتفاع عدد اللبنانيين الذين يغادرون بلدهم. هذا خطر أساسي على مستقبل لبنان، وهو يُقوّض حالياً القطاعات النخبوية فيه، وخصوصاً في مجالي التربية والصحة. هَلّا فَهم مسؤولو بلدنا أنّ من لم يقضوا عليهم بواسطة التفجير سيقضون عليهم بواسطة التهجير! ما الغاية من إفراغ البلد من شبابه ومثقفيه وخيرة ثروته البشرية؟»
وأضاف: «كيف يكون مسؤولاً من لا يعرف مسؤولياته تجاه شعبه، ولا يعرف إدارة بلاده، ولا يعرف كيف يُصلح ما فسد؟ المطلوب تحرك فوري، عملية إنقاذ ضرورية، الخطوة الأولى فيها تشكيل حكومة تتولى الحوار مع المجتمع الدولي لمساعدة لبنان. لكنّ المماطلة سيدة الموقف منذ انفجار 4 آب الكارثي، ولم نشهد سوى تعقيدات وتعطيل. بلاد منكوبة، اقتصاديا وماليا وصحيا وتربويا، من دون أن ننسى النكبات التي خلّفها تفجير العاصمة، ومسؤولونا مرتاحون على عروشهم، يأخذون وقتهم في اتخاذ القرارات المصيرية التي كان يجب أن تتخذ منذ سنة».
قبلان
وأشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إلى أنّ «مَن ضَيّع المظلوم ضَيّع الظالم، ومَن يضع يده على ملفّ انفجار مرفأ بيروت ضيّع البوصلة وخَلط الجنائي بالسياسي، والأمني بالوظيفي، وبدلاً من البدء بالمسؤولين الرئيسيين بدأوا بالفروع البعيدة على طريقة الفواتير السياسية وفوّهاتها، والعدل يبدأ بالحقيقة لا بتغييبها». واعتبر «انّ ما يجري في مرفأ بيروت تغييب فعلي ومقصود للحقيقة. وإذا كان هناك مِن حريصٍ على هذا البلد وعلى معرفة سبب انفجار المرفأ، فهو المقاومة».
موقف ايراني
من جهة ثانية، لفت رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف إلى أنّ «تطوّرات لبنان تحظى بالأهميّة بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانيّة»، مشدّداً على «أنّنا نعتبر من مسؤوليّتنا الإسلاميّة والإنسانيّة أن نقف إلى جانب الشعب والحكومة في لبنان». وركّز، خلال لقائه المبعوث الخاص لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب أيوب حميد للمشاركة في مراسم أداء اليمين الدستورية للرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي، على أنّه «رغم أنّ أعداء لبنان بصدد توجيه ضربات اقتصاديّة وأمنيّة وسياسيّة قاتلة له، إلّا أنّ مؤامرات وضغوط الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني ضدّ لبنان قد فشلت، في ظلّ حكمة الفئات السياسيّة». وأوضح أنّ «الشعب اللبناني قد تمكّن حتى الآن، من خلال الاستعانة بالمقاومة واليقظة والعقل الجمعي، من تحديد مؤامرات الأعداء وإحباطها». ورأى أنّ «الحظر الاقتصادي واختلاق الأزمة المفروضة على لبنان، هما السبب في مشكلات الشعب اللبناني»، مبيّناً أنّ «الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الغربية والكيان الصهيوني قد جعلت المشكلات البنيويّة والاقتصاديّة واختلاف الرؤى في لبنان، أداة لتشديد الضغوط على الشعب، حيث ينبغي التفكير بحلّ أساسي في هذا المجال».
نقابة المستشفيات تحذّر
وفي هذه الاجواء السياسية الملبدة والمعقدة، والتي حالت دون بروز اي نية بتشكيل الحكومة على خلفية تنامي عقد التأليف عشيّة الذكرى السنوية الأولى لدخول البلاد في مدار حكومة تصريف الاعمال، فقد أطلقت نقابة المستشفيات في لبنان نداء اخيراً اعتبرت فيه انّ عدداً منها، وبعضها جامعية، مهددة بتوقّف مولداتها خلال ساعات بسبب عدم توافر مادة المازوت.
وإذ حذّرت النقابة من «هذا الواقع منذ عدة أيام»، استغربت «كيف أن هذه المادة تُسَلّم بالقطّارة إلى المستشفيات بينما هي تُباع في السوق السوداء بنحوٍ سافر وبلا حسيب ولا رقيب. رغم الجهود المشكورة من مديرة منشآت النفط أورور فغالي ومدير مصفاة طرابلس هادي الحسامي والبعض من الشركات الخاصة، فإنّ المشكلة بقيت قائمة وبنحوٍ خطير يهدد حياة المرضى في ضوء موجة كورونا التي نشهدها مجددا».
وأعلنت المديرية العامة للنفط، في بيان عاجل لها مساء أمس، انها وبتوجيهات وزير الطاقة والمياه، وفي اطار المسؤولية المجتمعية، قررت فتح منشأتَي النفط في الزهراني وطرابلس استثنائياً اليوم، ليتم تسليم مادة المازوت للمستشفيات، وبكميات تخصّص لهذه الغاية فقط.
مادة «تهريب داخلية»
وتعليقاً على بيان نقابة المستشفيات وما أشارت اليه من عملية بيع للمازوت في السوق السوداء، كشفت مراجع معنية بالقطاع لـ»الجمهورية» انّ اصحاب الشركات المستوردة للمحروقات التي تنعم ببحر من المازوت في خزاناتها، بدأوا منذ فترة العمل بآلية «تهريب داخلية» بدلاً من «التهريب الخارجي» بعدما أعيقَت عمليات التهريب كما كانت في اتجاه الاراضي السورية ففرضت رسوماً إضافية على موزّعي المحروقات من خارج الفاتورة الرسمية بمعدلٍ يتراوح بين 2 و4 بالحد الادنى وصولا الى 7 «دولار فريش» احياناً عن كل صفيحة مازوت، شَرط قبضها بالعملة الورقية سلفاً وقبل تسليمها «بونات» المازوت.
واضافت المصادر «انّ هذا الواقع فرضَ على الموزعين استيفاءها من الزبون أيّاً كانت هويته، مستشفى او جمعية خيرية او مؤسسة خاصة، الى ان بلغَ سعر طن المازوت ما يفيض على 8 و10 ملايين ليرة بالحد الادنى وصولاً الى 12 و14 مليوناً وسط حديث عن شراء الطن في نهاية الاسبوع الماضي في مناطق محددة بـ 18 مليوناً بدلاً من 3 ملايين ونصف ما عدا كلفة النقل.
شلل الدوائر الرسمية
الى ذلك، انعكست هذه الازمة الخانقة على الشلل الذي عاشه بعض الوزارت والدوائر الرسمية والمؤسسات العامة، بعدما تمنّعت الشركات عن تسليمها المازوت من خارج التسعيرة الرسمية التي حددتها وزارة الطاقة لعدم قدرتها على استيفائها بهذه الاسعار، وهو ما ادى الى إقفال بعض المؤسسات العامة والوزارت الجمعة الماضي مع احتمال ان يمتد التقنين في دوام العمل بعد عطلة اليوم لمناسبة عيد رأس السنة الهجرية طوال ايام الاسبوع المقبل قياساً على حجم التقنين في المحروقات بالاسعار الشرعية.
وفي ظاهرة هي الاولى منذ أزمة المازوت أعلن عدد كبير من اصحاب المولدات الخاصة (الاشتراكات) في مدينة صيدا وجوارها، وبنحو جماعي، عن إطفاء محركات مولداتهم منذ هذه الليلة (امس) بسبب نفاد مادة المازوت، مُعربين عن أسفهم لهذا التوقف القسري، أملين في ان يتم تزويدهم الكميات المطلوبة. وتشمل المناطق والاحياء التالية: مجدليون وبقسطا والمشروع العراقي والبستان الكبير والفوار ومار الياس والفيلات ومدينة العمال الاميركان و»تعاضد الجيش» وحي الدلاعة وحي الصباغ وحي البراد والقياعة. وتجدر الاشارة الى أنّ عدد السكان القاطنين في هذه المناطق والاحياء يبلغ 50 الف نسمة، وسيتمّ قطع الكهرباء عنهم اعتباراً من هذه الليلة.
كورونا
وفي المجال الصحي أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 1552 إصابة جديدة (1509 محلية و43 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 571650. كذلك سجل التقرير 5 حالات وفاة، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات الى 7943.
**************************************************************************
عون يريد الإمساك بالحكومة… والوزارات الخدمية
مشاورات التأليف أمام عقدة «الثلث الضامن» وتعويم باسيل
بيروت: محمد شقير
يتوقف استئناف مشاورات تأليف الحكومة على تلقي الرئيس المكلف نجيب ميقاتي إشارة من رئيس الجمهورية ميشال عون يحدد فيها موعد استئنافها في الساعات المقبلة، على أن تخصص هذه المرة للنظر في الأجوبة التي يحملها عون رداً على المقاربة التي تقدم بها ميقاتي وتتعلق بتوزيع الحقائب الوزارية على الطوائف تمهيداً للتوافق على إسقاط أسماء الوزراء عليها من دون إدخال أي تعديل على الحقائب السيادية التي ستبقى خاضعة حتى إشعار آخر للتوزيعة الطائفية المعتمدة في تشكيل الحكومات السابقة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية مواكبة لما آلت إليه مشاورات التأليف حتى الساعة، بأن لكل من عون وميقاتي مقاربته الخاصة فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، فالأول يتطلع إليها من خلال الخدمات الانتخابية التي تؤمنها التشكيلة الوزارية لوريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل وإلا فلا جدوى سياسية منها، بخلاف الثاني الذي يطمح من خلالها لاستعادة ثقة اللبنانيين لأنها الممر الإجباري للدخول في مصالحة مع المجتمع الدولي الذي يشترط منها الاستجابة لتطلعاتهم من جهة ولمطالبهم التي انتفضوا من أجل تحقيقها من جهة أخرى.
وكشفت المصادر المواكبة أن عون يشترط، خلال مشاورات التأليف وإن كانت لم تتطرق حتى الساعة إلى أسماء الوزراء، بأن يكون له كلمة الفصل في الملف الاقتصادي، وتحديداً في القرارات المالية لوقف الانهيار، وهذا ما يدفعه إلى رفع البطاقة الحمراء في وجه مدير العمليات في مصرف لبنان يوسف الخليل، رافضاً تعيينه وزيراً للمالية بذريعة أنه سيكون وزير الظل لحاكم البنك المركزي (رياض سلامة)، فيما يصر على إنهاء خدماته بصرف النظر عما سيؤول إليه التدقيق الجنائي في حساباته التي يجب أن تشمل من وجهة نظر ميقاتي جميع وزارات وإدارات ومؤسسات الدولة اللبنانية بلا استثناء شرط أن يصار للاستعانة بشركات دولية صاحبة اختصاص في هذا المجال.
ولفتت إلى أن عون يتوخى من تشكيل الحكومة السيطرة على الوزارات الخدماتية لإعادة تعويم باسيل سياسياً على أن تشكل الانتخابات النيابية المقررة في ربيع 2022 الممر الإلزامي لتعويمه، وهذا الطرح يلقى معارضة لا تقتصر على ميقاتي فحسب وإنما تتجاوزه إلى القوى السياسية المعنية بتشكيل الحكومة، وصولاً إلى المجتمع الدولي الذي سيتعامل مع هكذا حكومة تأتي على قياس طموحات باسيل بأنها ساقطة حكماً لافتقادها القدرة على إرضائه كشرط لمساعدة لبنان لتمكينه من وقف الانهيار غير المسبوق الذي يحاصره.
وأكدت أن عون يريد السيطرة على وزارة الشؤون الاجتماعية لاعتقاده أنها ستتلقى المساعدات الدولية لتلبية احتياجات العائلات الأشد فقراً مع ارتفاع منسوب أعدادها ليبلغ أكثر من نصف عدد سكان لبنان، وبالتالي سيحولها إلى مكتب انتخابي يضعه في خدمة باسيل لاسترداد نفوذه في الشارع المسيحي.
وقالت إن ميقاتي لا يجاري عون في طلبه، فيما يتردد بأن هذه الحقيبة ستكون من حصة وزير درزي يسميه رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط.
ورأت المصادر نفسها أن عون وإن كان ينفي كل ما يقال حول إصراره على أن يكون الثلث الضامن – المعطل – من حصته، فإنه في المقابل لا يتصرف حسابياً إلا من زاوية رغبته في السيطرة على هذا الثلث، وإلا فإن باسيل ليس في وارد الإفراج عن تشكيل الحكومة. وقالت إن عون لم يستقر حتى الساعة على مطالب محددة يريدها من الحكومة العتيدة.
وعزت السبب إلى أن عون يريد مراعاة باسيل إلى أقصى الحدود ولن يتفرد في اتخاذ موقف من دون العودة إلى التشاور معه، وكشفت بأن عون يلتقيه والفريق السياسي المحسوب عليه ومن أبرزهم المستشار الرئاسي الوزير السابق سليم جريصاتي فور انتهاء كل جولة من مشاورات التأليف، وذلك في إطار التنسيق للاتفاق على وحدة المعايير والمواصفات التي يحملها معه عون إلى ميقاتي في اجتماعهما اللاحق للتداول في التوزيع الطائفي للحقائب.
وكشفت أن باسيل سيلجأ إلى استخدام نفوذه لدى عون لتأخير تشكيل الحكومة ما لم تؤمن له التشكيلة الوزارية السيطرة ولو سلباً عليها تحسباً لمواجهة الاحتمالات الطارئة غير المحسوبة، وقالت بأنه يستعد منذ الآن لاتخاذ التدابير الوقائية في حال أن البلد دخل في مفاجأة ليست في الحسبان.
وأكدت المصادر نفسها أن عدداً من السفراء الأجانب المعتمدين لدى لبنان توصلوا في ضوء اللقاءات التي يعقدونها إلى قناعة غير قابلة للتعديل وتنطلق من أن باسيل يعطل كل المحاولات لإخراج ملف تشكيل الحكومة من التأزم في حال رأى بأنه يفتقد القدرة على التأثير في قراراتها.
وبكلام آخر فإن باسيل في الشارع المسيحي ليس بالحجم الذي يراهن عليه خصومه، وأن هذا التراجع يمكن أن يرتفع في حال أنه غطى حكومة لا تأثير له فيها، وبالتالي يفضل أن يبقى خارجها إذا لم يتمكن من تعطيل تشكيلها.
فباسيل – بحسب المصادر – يتطلع إلى مستقبله السياسي من زاوية ماذا سيكون عليه بعد إجراء الانتخابات النيابية وهو ماض الآن في خوض حروبه السياسية على عدة جبهات ظناً منه بأنه يستطيع تحسين شروطه لخوض معركته الوجودية كمرشح لرئاسة الجمهورية، فيما يحاذر رئيس المجلس النيابي نبيه بري التدخل في تشكيل الحكومة بعدما قرر سحب مبادرته التي أطلقها لإزالة العراقيل أمام تشكيل حكومة مهمة طبقاً لخريطة الطريق التي وضعها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنقاذ لبنان والتي اصطدمت بعدم تجاوب عون بالإنابة عن باسيل وكان وراء اعتذار الرئيس سعد الحريري عن تشكيل الحكومة.
لذلك، فإن الكيمياء السياسية مفقودة بين بري وعون وعادت إلى نقطة الصفر، ليس بعد أن رفض الأخير مبادرته وإنما لمحاولته الإيقاع بين السنة والشيعة التي قوبلت بتطويق من بري وميقاتي ورؤساء الحكومات السابقين، تماماً كما فعل لإبطال اللغم السياسي الذي يراد منه تطييف تشكيل الحكومة لإحداث انقسام طائفي لم يعد قابلاً للتسويق.
وبالنسبة إلى موقف «حزب الله» من تشكيل الحكومة، فإن الآراء منقسمة بين من يرى أن الحزب يتلطى وراء عون لتوفير الغطاء السياسي لترحيل تشكيلها إلى ما بعد جلاء المواقف على جبهة المفاوضات الجارية في فيينا والتي يفترض أن تستأنف بين واشنطن وطهران برعاية أوروبية حرصاً من الحزب على تدعيم وجهة نظر إيران حيال الملف النووي، وآخر يعتقد بأن الحزب يقف إلى جانب تشكيل الحكومة من دون أن يستنفر للضغط على عون وباسيل رغم أن تحالفهما على المستوى الاستراتيجي لا يحجب الأنظار عن الخلاف الدائر حول اليوميات السياسية.
ويوحي الفريق المؤيد لموقف «حزب الله» بتسهيل تشكيل الحكومة بأن الحزب لم يكن مضطراً لتسمية ميقاتي لتشكيلها لو أنه يعوق ولادتها فيما تترقب الأوساط السياسية رد فعل باريس في حال أنها أيقنت بأن عون وفريقه السياسي يعطلان تأليفها، خصوصاً أن ميقاتي المدعوم منها يتواصل يومياً مع الفريق الفرنسي المكلف بمواكبة الاتصالات لتذليل العقبات التي تعترض ولادتها.
وتبقى الإشارة إلى أن ميقاتي الذي يرفض أن تبقى مهلة التأليف مفتوحة، فإنه يحتفظ لنفسه بالمدى الزمني للخروج عن صمته في حال استمرت العوائق التي تؤخر تشكيلها وإن كان يراهن على تصاعد وتيرة الضغط الفرنسي بدعم أميركي لتفعيل مشاورات التأليف التي لا تزال تراوح مكانها، خصوصاً أن التفاؤل الحذر لا يصرف في مكان إلا إذا ارتفع منسوبه شرط استعداد عون لمراجعة حساباته والتعاطي مع الحكومة بالجملة كشرط لإنقاذ لبنان، بدلاً من المفرق لتعويم باسيل.
******************************************************************************
«الانتظار القاتل»: هل يريد عون حكومة أم لا؟
مازوت الشركات يهدّد مقومات الحياة.. ومخاوف من انهيار صحي في شهر المدارس
في مستهل السنة الهجرية 1443، اتجهت الأنظار إلى الأسبوع الطالع، بدءاً من يوم غد، علَّه يحمل تباشير الانصياع للرغبة الشعبية، ولارادة الحياة، المهددة بمافيا المازوت وسائر أنواع المحروقات، على الرغم من الرفع الواسع للدعم عنها، والاتفاق على توزيع الحقائب، في بلد تنفخ الأزمات في كل المقومات من الماء إلى الكهرباء، إلى الغذاء والدواء، عشية التحضير لبدء العام الدراسي الجديد، على وقع تزايد الإصابات بفايروس كورونا (1552 إصابة خلال يوم)، مع اتجاه يتزايد لإعادة اقفال البلد، في ظروف بالغة السوء، لا سيما في ما يتعلق بمجالات العمل والفرص المفقودة، مع ارتفاع معدلات البطالة.
وحسب خبراء، فإن تأليف حكومة من شأنه ان يساهم في وقف الانهيار، والتطلع إلى إمكان إعادة التوازن إلى الدورة الاقتصادية، من خلال تحرير سعر صرف الدولار رسميا، والتخلص من نظام السوق السوداء، الذي يأتي على الأخضر واليابس في البلد.
وبموازاة الحركة المحلية، تبذل باريس مساعٍ، بعيدة عن الأضواء، لمساعدة الأطراف على تجاوز الأزمة، وتدوير الزوايا في ما يتعلق بتوزيع الحقائب.
اللقاء غداً
من ناحية المبدأ، يستكمل الموضوع الحكومي غداً على الارجح بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي حول توزيع بعض الحقائب التي تطالب بها بعض القوى السياسية غير الحقائب السيادية الاربع، ومن شأن هذه المطالب تغيير التوزيع الذي أعده ميقاتي، بحيث ان استبدال حقيبة بأخرى يضطره الى اعادة النظر بمعظم التوزيع. وتم الاتفاق على ان يضع ميقاتي صيغة نهائية بالتوزيع هذا الاسبوع تراعي كل المطالب والملاحظات، ليتم حسم الامر والاتفاق لاحقاً على الحقائب السيادية ومن ثم إسقاط الاسماء على الحقائب. لكن الثابت حتى الآن ان الرئيس نبيه بري لن يتنازل عن حقيبة المال مهما كانت العروض.
لكن خلافاً لكل ما يُقال، فما زال الجو بين الرئيسين إيجابياً طالما ان البحث ما زال قائماً بينهما حول التفاصيل الباقية حول بعض الحقائب، ولا سيما مع الدخول الفرنسي المباشر وبالواسطة على خط الضغط المعنوي لتجاوز العقد وخلاف الحصص، لكن ثمة مفارقة ان تم تجاوزها فهي تسهّل كثيراً التفاهم بينهما، وتكمن في الاعتقاد ان ميقاتي هو امتداد للرئيس سعد الحريري ويعبر عن كثير من توجهاته السياسية وغير السياسية في الملفات التي ستتعاطى معها الحكومة، لكن مع فارق ان ما لم يقدر الحريري على تقديمه او التنازل عنه قد يفعله ميقاتي عبر تدوير الزوايا الحادة للخلافات، لذلك لم يعدم ميقاتي حتى الان وسيلة او فكرة يطرحها للبحث مع عون.
إلّا ان المعلومات افادت عن بدء الحديث بين ميقاتي وبعض القوى السياسية بأسماء وزراء الحقائب الاساسية والخدماتية لتكون جاهزة متى تم التوافق على توزيع الحقائب بصيغته النهائية، وهذا يدل على حصول تقدم ما في توزيع الحقائب بإستثناء حقيبتي الداخلية والعدل.
وقالت مصادر سياسية مطلعة عبر «اللواء» أنه منذ لقاء الجمعة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف لم يسجل أي تطور بإنتظار اللقاء المقبل بينهما والمتوقع يوم غد. ولفتت المصادر إلى أنه لم يكن في الامكان بحث أي تفصيل حكومي إلا من خلال الاجتماع المباشر بينهما مؤكدة أن الأجواء لم تصل بعد إلى التفاؤل الكبير لأن عددا من النقاط لم تحسم وأولها كيفية توزيع الوزارات السيادية مشيرة إلى أنه إذا كان المناخ ميالا إلى الايجابية فيمكن البدء بطرح أسماء شخصيات حيادية وصاحبة اختصاص للتوزير وفق القواعد المتفق عليها بين الرئيسين عون وميقاتي .
وفهم من المصادر ان ما يسرب عن استبعاد الوصول إلى حلول ليس صحيجا بأعتبار أن المفاوضات غير معلقة وإن الاجتماعات بالتالي ليست مؤجلة الى أجل غير مسمى.
وأعربت عن اعتقادها أنه متى تم التواصل بين عون وميقاتي فانهما سيتفقان على موعد مع العلم أن سلسلة اتصالات يتوقع لها أن تكون قد سجلت في نهاية الأسبوع.
ولم تشهد عطلة نهاية الأسبوع، اي اتصالات علنية أو مشاورات منظورة لاخراج عملية تشكيل الحكومة الجديدة من الدوران بأسلوب التعطيل المتعمد الذي يتولاه ظاهريا رئيس الجمهورية ميشال عون، وفعليا وريثه السياسي النائب جبران باسيل، ولو لم يكن بالواجهة علانية، كما كان يفعل سابقا. واشارت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة، الى ان شيئا لم يتغير بالنسبة لتعاطي رئيس التيار الوطني الحر مع عملية التشكيل، رغم محاولات النفي المتكرر لهذا التدخل ولكن ما يحصل وراء الكواليس، وما يتسرب من معلومات بهذا الخصوص يدحض كل محاولات النفي والانكار. كذلك فإن تصعيد الوضع الأمني جنوبا، والاحتجاجات الشعبية الناجمة عن الذكرى الاولى لانفجار مرفأ بيروت، قلصت الاهتمام جزئيا بتسريع خطى تشكيل الحكومة انيا، رغم اهميتها. وتوقعت أن يؤدي تخفيض حدة التصعيد جنوبا، الى تهيئة الأرضية لمعاودة المشاورات بين رئيسي الجمهورية والمكلف، لاستئناف عملية التشكيل، ولو كانت الاجواء لا تؤشر الى امكانية تحقيق اختراق جدي في مسار التشكيل بعدما رفض رئيس الجمهورية معظم الطروحات التي قدمها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي حتى اليوم، في حين لم يحمل موقف الامين العام لحزب الله حسن نصرالله من موضوع تشكيل الحكومة الجديدة امس الاول اي مؤشرات إيجابية او توقعات بحلحلة ما، الامر الذي يدعم مواقف العديد من السياسيين الذين يعتبرون ان ورقة تشكيل الحكومة الجديدة، ما تزال بيد المفاوض الايراني بالملف النووي مع الغرب، والذي لن يفرج عنها، ما دامت هذه المفاوضات متعثرة، وفي مرحلة تجاذب بين الاطراف المعنيين.
وفي سياق ديبلوماسي، حملت تغريدة سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري لدى لبنان دلالة على الموقف مما يجري: غسان كنفاني من كبارِ الأُدباءِ الرمزيِّين الذي أضاف إلى الصَّمتِ بُعدًا أكثر فصاحةً من الكلمات: «الصَّمتُ لاَ يعْنِي القبُول دائمًا؛ بلْ يعْنِي أنَّنَا قَدْ تعِبْنَا من التَّفسيرِ لأَشْخَاصٍ لاَ تفْهَم».
ولم ترَ مصادر متابعة في كلام الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله مؤشرا ايجابيا إذ أنهى اطلالته السبت الماضي بكلمتين حول الوضع الحكومي. وقال: انتم ناطرين ونحن ناطرين، «والقصة بين فخامة الرئيس ودولة الرئيس ويتكلمون مع بعضهم ويتفاوضون، لنرى ما الذي سوف يطلع، لا نستطيع ان نستبق الامور».
ولاحظت محطة OTV، ان المشاورات حول تشكيل الحكومة، تستمر بعيدا عن الأضواء على أمل إيجاد الحلول للمشكلات التي ظهرت إلى العلن، حيث تبين ان التباين لا يقتصر على مسألة المداورة في الحقائب السيادية فقط، بل يشمل توزيع الحقائب غير السيادية ايضا، حيث يتعفف البعض في العلن عن المطالبة بأي مقعد، فيما يتمسكون في السر بما يعتبرون انه سيأتي عليهم بفوائد انتخابية على المستوى الوزاري.
في هذا الوقت، بدا ان احتكار الشركات للمازوت، ووضعه بتصرف السوق السوداد، لجني الأرباح، بات يُهدّد كل مقومات الحياة في لبنان، لا سيما القطاع الصحي، وحذرت نقابة المستشفيات من ان عددا من المستشفيات مهددة بتوقف مولداتها لعدم توفر المازوت.
ولفتت نقابة المستشفيات في لبنان إلى أن عددا من المستشفيات ومنها جامعية مهددة بتوقف مولداتها خلال ساعات بسبب عدم توفر مادة المازوت لمولداتها.
وحذّرت النقابة في بيان من هذا الواقع منذ عدة أيام، مستغربة كيف أن هذه المادة تسلم «بالقطارة» إلى المستشفيات بينما هي تباع في السوق السوداء بشكل سافر ولا حسيب ولا رقيب.
وقالت: «بالرغم من الجهود المشكورة من السيدة اورور فغالي مديرة منشآت النفط والسيد هادي الحسامي مدير مصفاة طرابلس والبعض من الشركات الخاصة فإن المشكلة بقيت قائمة وبشكل خطير يهدد حياة المرضى لا سيما مع موجة الكورونا التي نشهدها مجدداً».
من جهة أخرى، اعلن نقيب مستوردي الأدوية في لبنان كريم جبارة ان «الاستيراد متوقف تماماً ولم يدخل أي دواء إلى لبنان منذ شهرين ويجب إعادة عملية التصدير وأصبح اليوم هناك دواء مدعوم ودواء غير مدعوم».
وتابع جبارة في حديث لـ«الجديد»: «لا يمكن للمستورد الاستيراد بدون الموافقة المسبقة من مصرف لبنان».
واكد جبارة انه «يجب على مصرف لبنان اعطاء الموافقة المسبقة لاستيراد على الأقل أدوية السرطان».
واشار جبارة الى ان «الامر مختلف في ملف المحروقات ومصرف لبنان يفتح الاعتمادات».
وتفتح المديرية العامة للنفط بصورة استثنائية اليوم منشآت النفط في الزهراني وطرابلس، ليتم تسليم مادة المازوت للمستشفيات، وبكميات تخصص لهذا الغرض.
وفي سياق حياتي آخر، طرأ على الموقف خوف من سوق سوداء للغاز المنزلي.
و صحيا، لا يزال عداد كورونا مرتفعاً مع تسجيل عشرات الاصابات الوافدة يومياً وبطء حملات التلقيح وغياب الاجراءات الوقائية من الناس.
وتخوفت أوساط صحية من ان يؤدي ارتفاع الإصابات عبر المتحورات الجديدة، إلى التفكير جديا بإعادة اقفال البلد في أيلول المقبل، وهو شهر المدارس في لبنان.
571650 إصابة
وكانت وزارة الصحة أعلنت في تقريرها اليومي عن تسجيل 1552 اصابة جديدة بفايروس كورونا و5 حالات وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 571650 اصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020.
تحرك أهالي الضحايا
على الأرض، نظمت لجنة أهالي ضحايا إنفجار مرفأ بيروت والجرحى والأشخاص الذين إستجدت لديهم إعاقة جراء تفجير المرفأ، مسيرة بالاشتراك مع لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان، الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيا، المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين، تجمع الناشطين البيئيين في الكورة، ناشطو تلوث نهر الليطاني برالياس، رابطة المودعين، الاتحاد الدولي للشباب اللبناني، المفكرة القانونية، فرقة زقاق المسرحية. انطلقت المسيرة من أمام جريدة «النهار» باتجاه الباب رقم 3 لمرفأ بيروت وصولا إلى الساحة المواجهة للأهراءات المدمرة في مار مخايل حيث كان لها شريط من التحركات.
وعلى صعيد التحقيقات يستمع التحقيق العدلي طارق بيطار إلى عماد كشلي غداً.
وكان كشلي الذي كان يعمل سائق شاحنة لدى إحدى الشركات في مرفأ بيروت، وأصيب إصابة بالغة جراء انفجار 4 أغسطس (آب) 2020، أقر بأنّ المرفأ «كان يشهد حركة امنية غريبة في 4 آب يوم الانفجار». وقال خلال مداخلة ضمن حلقة من برنامج «صار الوقت»، من داخل حرم المرفأ «أنا موظف بشركة وسائق شاحنة ونهار 4 آب، شفت (شاهدت) أشياء غريبة وحركة غريبة على المرفأ». وأضاف «أنا كنت سائق شاحنة وفي مرّتين حملّت نقلة على الجنوب ممكن تكون نيترات… صرلي سنة ما شكيت همي.. ما في حداً تأمن تحكي معو».
وضع الجنوب
وسادت منذ امس الاول السبت حالة من الهدوء الحذرعند الحدود مع فلسطين المحتلة، فيما علمت «اللواء» من مصادر رسمية ان المعطيات تفيد انه لا توجه دولياً لتعديل مهام اليونيفيل برغم محاولات العدو الصهيوني،خاصة بعد فشل محاولته تعديل قواعد الاشتباك خلافاً لمندرجات القرار 1701. واوضحت ان التجديد لليونيفيل سيتم بشكل طبيعي.
واعلن الامين العام لـ حزب الله السيد حسن نصر الله في كلمة لمناسبة انتصار المقاومة في حرب تموز 2006 ضد العدوان الاسرائيلي على لبنان ان ما حصل قبل ايام خطير جدا، وقال: إن العدو شن غارات جوية على منطقة الشواكير قرب مخيم الرشيدية وفي الجرمق في منتصف الليل لإرعاب الناس، ظنا منه أن الغارات ستمر من دون رد وهذا يعني تغيير قواعد الاشتباك، ولذلك كان لا بد من أن نرد.
وأضاف: لو تأخر ردنا على غاراتهم الجوية لكان بلا معنى، ولذلك قررنا أن يكون ردنا سريعا، مبددا تحليلات من أسماهم بـ«فلاسفة السياسة عندما أخضعوا ردنا لعوامل اقليمية ودولية»، نافيا «أن يكون للعامل الايراني أي دور».
وأعطى تفسيرا «لاختيار الرد على أرض مفتوحة ردا على ما جاء في بيان العدو انه قصف ارضا مفتوحة في لبنان»، معلنا أننا «قررنا الرد في وضح النهار مع ما فيها من مخاطرة على اخواننا، ولكن بسبب حرصنا على مشاعر الناس من قصف الليل»
***************************************************************************
هل تُشكّل تقارير المنظمات الحقوقية باباً لفرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين؟
أيها اللبنانيون هذه حقوقكم المنصوص عليها في شرعة حقوق الإنسان… فأين أنتم منها؟
طريق العودة الى أهداف الأمم المتحدة للتنمية أصبح طويلاً وشائكاً وغير مضمون – جاسم عجاقة
حق الإنسان في العيش الكريم هو حقٌ مُقدّس نصّت عليه الشرائع السماوية ومُعظم الدساتير وتمّ إقراره في شرعة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة. أول من تحدث عن الهيمنة الإقطاعية للعمال هو آدم سميث (أبو الاقتصاد الحرّ) وذلك عام 1776، فقد رأى التنمية دون أن يتكلم عنها صراحة من خلال فكرة أن الفرد قادر على التصرف بشكل مستقل عن القيود الكنسية وقيود الدولة. وهكذا قدم مفاهيم حديثة لما سيطلق عليه لاحقًا الحرية الاقتصادية والسياسية، وأنشأ نظامًا جديدًا لريادة الأعمال ظهر كبديل للنظام الإقطاعي.
في كتابه الشهير «ثروة الأمم»، اشترط سميث زيادة ثروة الأمة من خلال حرية كل فرد في متابعة مصالحه الخاصة بطريقته الخاصة ووضع موهبته ورأسماله في منافسة مع الآخرين. وقد شدّد على دور الإنتاج كمُحدد أساسي لمستوى معيشة الأمة وإعتبره أمرًا بالغَ الأهميةِ. يقول سميث في كتابه «ثروة الأمم» في الصفحة 11: «بغضّ النظر عن التربة أو المناخ أو حجم الأرض في بلد ما، فإن وفرة موارده أو فقره يعتمد على القوة الإنتاجية لعمله». من هنا نرى ضمنيًا الصلة بين السياسة الاقتصادية والتنمية، حتى لو استخدم آدم سميث مفهومًا يجتزئ مفهوم التنمية وهو مستوى معيشة الأمة. الجدير ذكره أن الإنكليز كانوا يستخدمون تعبير «التقدم ملموس» كما ذكر آدم سميث، في حين أن «جون ستيوارت ميل» قد فضل له تعبير «التقدم الاقتصادي».
يعود الفضل في إدخال كلمة التنمية في اللغة السياسية إلى الرئيس الأميركي هاري ترومان في خطابه الثاني في العام 1949، حيث قال: «ستشْرع الولايات المتحدة في برنامج جديد جريء لإتاحة فوائد التقدم العلمي والتقدم الصناعي لتحسين المناطق المتخلفة وإنمائها». في الواقع، كان هذا الخطاب أشبه باعتراف رسمي بدور السياسة الاقتصادية التي تقوم بها القدرة البشرية ودورها الغالب في التنمية البشرية.
قبل الحرب العالمية الثانية، لم يتم استخدام مصطلح التنمية الاقتصادية في الأدبيات الاقتصادية، فقد استخدم الإنكليز بدلاً من ذلك مصطلح التقدم الملموس – كما أشار آدم سميث – على أمل تقدم إنكلترا نحو البذخ والتحسين. وظهرت النظريات المتعلقة بالتنمية الاقتصادية بعد ذلك التاريخ وتأثرت بشدة بسياق الدمار الذي سببته الحرب العالمية الثانية. وبالتالي، فإن معالجة التنمية بالمعنى الحقيقي للكلمة لم تبدأ حتى الخمسينيات من القرن الماضي بعد انتهاء عملية إعادة بناء أوروبا.
في عام 1978، استخدم البنك الدولي كلمة التنمية في تقريره بعنوان «التنمية في العالم»، وأخذ ينشره كل عام، واقتصر نطاق هذا التقرير على الجانب الاقتصادي البحت للتنمية في البدء ولم يأخذ في عين الإعتبار الأبعاد الأخرى. وقد بقي الأمر كذلك حتى عام 1990 حيث فتح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي آفاقًا جديدة للتنمية من خلال ظهور عبارة «التنمية البشرية» التي تصدرت تقريره السنوي بعنوان «التنمية البشرية في العالم». وقد أدى هذا العمل لاحقًا إلى أخذ البنك الدولي في الحسبان أبعادًا أخرى للتنمية دون أن يتجاوز ما يقترحه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
النهج الذي يستخدمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمعالجة قضية التنمية مستوحى إلى حد كبير من عمل «أمارتيا سين» الذي يقول «إن المجاعة لا تنتج فقط من نقص الغذاء، ولكن أيضًا من عدم المساواة الضمنية في آليات توزيع الغذاء». وفي مقالته الشهيرة، يقدم «سين» فكرة «القدرة الملموسة للمواطن» التي هي فكرة ثورية تُستخدم لقياس أداء الحكومات في ما يتعلق بسياساتها التنموية. وقد طرح سؤالا جوهريًا، وهو ينطبق على الحالة اللبنانية: هل الحق شيء يجب توفيره أم أنه ببساطة لا يمكن إزالته؟
وبالتالي هذا المفهوم يربط الحرية الاقتصادية والسياسية بقدرة الشخص على اتخاذ قراره الخاص، مما يفرض حصوله على «وظائف» مثل إمكان الوصول إلى التعليم أو إمكان الوصول إلى الخدمات… إلخ. يرى «سين» أنه فقط من خلال إزالة الحواجز التي تحول دون الوصول إلى هذه الوظائف، يمكن للشخص أن يختار بحرّية، وبالتالي من الضروري أن تضمن الحكومات الحد الأدنى من هذه الوظائف لتوفيرها لمواطنيها.
التنمية مفاهيم لا تنطبق على لبنان
ما قبل سبعينات القرن الماضي، كانت التنمية الاقتصادية تعني مجموعة من التحولات النوعية التي تصاحب النمو المستدام: تطور الهياكل الاقتصادية لبلد مُعين ليُضاف إليها لاحقًا تطور الهياكل الاجتماعية والثقافية للبلد. وتُترّجم هذه التنمية بانخفاض نسبة الأمّية، وتطوير النظام الصحّي، وتعزيز البنى التحتية، والتحضّر، كما يتمّ قياسها من خلال الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد (المؤشّر الأساسي)، ليُضاف إليها لاحقًا مؤشر التنمية البشرية الذي تعود صياغته كما ذكرنا إلى «أمارتيا سين»، ومؤشر الفقر البشري الذي يقيس مستوى حرمان قسم من الشعب من الموارد الإقتصادية.
هذه التنمية التي تعتمد بشكل أساسي على النمو الإقتصادي، لها جوانب سلبية تظهر بالتوازي وعلى رأسها التلوثّ، التصحّر… من هنا ظهر مبدأ «التنمية المستدامة» التي تهدف إلى الحدّ من التداعيات السلبية للنمو الاقتصادي على حساب البيئة والمجتمع مع المحافظة على مبدأ التنمية الاقتصادية بأبعادها المذكورة أعلاه، أو كما عرّفه تقرير الأمم المتحدة في العام 1987 بـ «التنمية التي تُحاكي الحاجات الآنية من دون تقويض قدرة الشعوب المستقبلية على سدّ حاجاتهم».
التنمية المستدامة تحوي على ثلاثة أبعاد: بعدٌ اقتصاديٌ ويحوي على محاربة الفقر وتقليص الاختلالات المناطقية؛ وبعدٌ اجتماعيٌ يحوي على حماية الحقوق الأساسية المنصوص عليها في شرعة حقوق الإنسان وتحفيز المساواة بين الرجال والنساء؛ وبعدٌ بيئي يحوي على حماية التنوع البيولوجي وتعزيز الطاقات المتجددة. ويتمّ قياس هذه التنمية من خلال قياس البصمة البيئية– أي قياس الضغط الذي يمارسه الإنسان على الطبيعة – ومن خلال الناتج المحلي الإجمالي الأخضر – أي الناتج المحلّي الإجمالي الناتج من النشاطات التي تأخذ بعين الاعتبار استدامة البيئة والنشاطات التطوعية.
هذه الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة تعتمد على عدد من المبادئ الضمنية هي مبدأ التعاضد أي تعاضد بين أفراد المجتمع وبين الأجيال، ومبدأ الاحتراز الذي ينصّ على الإمتناع عن أي إجراء عندما يكون الضرر الذي يلحق بالبيئة أو صحة الإنسان غير مؤكد (حالة GMOs مثلا)، ومبدأ المشاركة الذي يفرض الأخذ بعين الاعتبار آراء الجميع لكي تكون التنمية مشروعة. وقد تم وضع عدد من الأدوات لتطبيقها أهمها: القوانين، والضرائب، وسوق لشراء حق التلويث (محّدد بالقوانين).
وقد أدخل برنامج الإنماء التابع للأمم المتحدة مفهوم التنمية البشرية وهو يحوي على ثلاثة أبعاد: حياة طويلة وصحيّة، والمعرفة، ومستوى معيشة لائق. هذا النوع من التنمية كما يدل عليه اسمه، يُعنى بالإنسان وبحقوقه من خلال مؤشر العمر المتوقع، ومؤشر التعليم، ومؤشر الدخل القومي.
من كل ما ذكر يبرز التكامل بين هذه الأنواع من التنمية التي دفعت بالأمم المتحدة إلى إطلاق 17 مؤشراً للتنمية المستدامة والتي يمكن اعتبار أنها الأوسع: القضاء على الفقر، القضاء التام على الجوع، الصحة الجيدة والرفاه، التعليم الجيد، المساواة بين الجنسين، المياه النظيفة والنظافة الصحية، طاقة نظيفة وبأسعار معقولة، العمل اللائق ونمو الاقتصاد، الصناعة والابتكار، الحد من أوجه عدم المساواة، مدن ومجتمعات محلية مستدامة، الاستهلاك والانتاج المسؤولين، العمل المناخي، الحياة تحت الماء، الحياة في البر، السلام والعدل، عقد الشراكات لتحقيق الأهداف. ولقد تمّ إدخال هذه المؤشرات ضمن خطّة تمتد إلى العام 2030، على أن تقوم الحكومات في كل دولة بتحسين مؤشراتها الداخلية. لكن هذا الأمر يبقى ضمن إطار التوصيات والضغوطات الديبلوماسية والمالية، وبالتالي نعاود من جديد طرح السؤال الذي طرحه «سين»: هل الحق شيء يجب توفيره أم أنه ببساطة لا يمكن إزالته؟
لا حقوق للإنسان في لبنان
الواقع اللبناني يُشير إلى أن المؤشرات السبعة عشر التي سبق ذكرها هي حالياً في أسوأ حالها في تاريخ لبنان الحديث. فالفقر قد ارتفع بشكل مُخيف خصوصًا الفقر المدقع كما نصّت عليه تقارير البنك الدولي الذي أعطى نسبة فقر تفوق الـ 55% من الشعب اللبناني وأكثر من 23% نسبة الفقر المدقع في العام 2020 بعد أن كانت 30% و8% في العام 2019. كما أن الجوع قد ارتفع هو أيضًا كما نصّ عليه تقرير اليونيسف الذي بيّن إن هنالك 30% من أطفال لبنان ينامون وأمعاؤهم خاوية، كما أن 77% من العائلات اللبنانية لا تستطيع شراء حاجاتها الغذائية. وعلى صعيد الصحّة الجيّدة، فقد أصبحت المستشفيات غير قادرة على تأمين الطبابة للمواطنين بأسعار مقبولة، والأدوية شبه مفقودة نتيجة التهريب، مما دفع العديد من الدول الغربية إلى مساعدة المستشفيات مباشرة من دون المرور بالدولة بسبب فسادها الفاقع المستشري في مؤسساتها الاجتماعية.
أما من جهة التعليم، فإن جائحة كورونا ضربت المستوى التعليمي في لبنان حيث نرى أنه تمّ خفض البرامج التعليمية بنسبة 50% كنتاج طبيعي لحالة الإنترنت وعدم قدرة العائلات على شراء اجهزة كومبيوتر لأولادهم. وعلى صعيد المساواة بين الجنسين، فإنه وبحسب تقارير أممية فإن المتضرّر الأكبر من جائحة كورونا كان العنصر النسائي وهي الحال أيضًا في لبنان. أما في ما يخصّ المياه النظيفة والنظافة الصحية، فالواقع يُشير إلى نقصان مخيف في إمداد المجتمع بالمياه الصالحة للشفة أم للاستعمال المنزلي نتيجة عدم توافر المازوت لضخّ المياه، وهو ما يؤدّي إلى عدم قدرة كثير من العائلات حتى على استعمال المراحيض في بيوتهم!
وعلى صعيد الطاقة النظيفة، فالطاقة بأساسها غير متوافرة بشكل يكفي المواطن ناهيك بالأسعار الخيالية (كهرباء ومحروقات).أمّا العمل اللائق ونمو الاقتصاد، فحدّث ولا حرج حيث إنه ونتيجة الأزمة المتعدّدة الأبعاد التي تضرب لبنان، فقد العديد من العمال وظائفهم. كذلك الأمر بالنسبة للصناعة والابتكار حيث إن مُشكلة المصارف بالإضافة إلى أزمة التمويل جعلت الاستثمار خجولاً على الرغم من انخفاض كلفة الإنتاج، وهذا الأمر من الناحية الاقتصادية يفقد الاقتصاد توازنه ويعريه من كل الحلول المطبقة في مثل هذه الأحوال. وعلى صعيد المساواة، فهي موجودة أفقيًا بين المناطق وعموديًا بين أفراد المجتمع الواحد. وفي ما يخصّ المدن والمجتمعات المحلية المستدامة، فهي غير موجودة أصلاً.
الاستهلاك والانتاج المسؤولان غير موجودين في لبنان نظرًا إلى حجم التلوث وإلى قلّة الخيارات المطروحة، وهو ما يضرب العمل المناخي الذي تردّى بشكل كبير نتيجة تعاقب وتزامن العديد من الأزمات. ويأتي طمر النفايات في البحر والأنهر ليضرب الحياة تحت الماء والحياة في البر. كل هذا في ظل غياب السلام والعدل اللذين هما أساس المجتمع!
إذًا وباختصار، نرى أن كل المؤشرات قد تراجعت بشكل كبير وهو ما يؤدّي إلى استنتاج وحيد ألا وهو: إن المواطن اللبناني لا يمتلك حقوقاً في لبنان! والأصعب هو أن العودة إلى مستويات مقبولة بالمعايير العالمية، تتطلّب الكثير من العمل على صعيد السياسات الحكومة، إلا أن ذلك من دون دعم دولي هو من رابع المستحيلات.
حقوق المواطن والعقوبات الدولية
الأمر الملفت في التقارير التي أصدرها كلٌ من البنك الدولي، اليونيسف، وهيومان رايتس ووتش أن هذه التقارير تَدين بشكل مباشر السلطات اللبنانية. فمثلا استخدام البنك الدولي لعبارة «مُتعمّد» في تقريره، يوحي بأن المنظّمة الاقتصادية تُعطي تأكيدًا اقتصاديًا أن الوضع هو نتاج غياب السياسات الاقتصادية. كذلك الأمر بالنسبة لليونسف التي أشارت إلى أن 30% من أطفال لبنان ينامون وأمعاؤهم خاوية، هو كإدانة للسلطات اللبنانية في تأمين أبسط حقوق الإنسان المنصوص عليها في شرعة حقوق الإنسان. ويأتي تقرير هيومان رايتس ووتش كإدانة للمسؤولين بعلمهم وجود مواد خطرة في المرفأ، وبالتالي وضع حياة بشرية في خطر، وهو ما يُشكّل خرقاً لحقوق الإنسان المنصوص عليها في شرعة حقوق الإنسان. وكان وزير الخارجية الفرنسي إيف لو دريان قد أشار في معرض ردّه على سؤال أحد النواب الفرنسيين عن الوضع اللبناني،الى أن المسؤولين اللبنانيين «يتقاعسون في تقديم المساعدة لشعب في خطر» وهو تعبير قانوني موازٍ لقانون فرنسي يُجرم أي شخص لا يُساعد شخصاً آخر في حالة الخطر!
كل هذه المؤشرات تُشير – من حيث التسلسل المنطقي – إلى أن هناك توجّها من قبل عواصم القرار إلى القيام بفرض عقوبات كبيرة على كل مسؤول يدخل في حالة خرق حقوق الإنسان في لبنان، وبالتالي إذا تم تطبيق هذا المنطق والسير بالحفاظ على شرعة حقوق الإنسان، فستحمل الأسابيع أو الأشهر القادمة العديد من المفاجآت على هذا الصعيد.
من هنا، يُمكن الإستنتاج أن جميع ما سبق ذكره يفرض منطقياً – لا فقط وطنياً – على القوى السياسية الاستعجال في تشكيل حكومة تكون أولى أولوياتها المواطن اللبناني في كل خططها وتطلعاتها وإصلاحاتها.
عسى يكون الفرج قريباً!
*********************************************************************
الراعي يطالب الجيش بمنع إطلاق الصواريخ
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الأحد في الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، وألقى عظة لفت فيها الى ما بلغناه من «البؤس والإنهيار والتفرقة، واللاثقة والتباغض والعداوة، والسعي إلى إقصاء الغير عن المشاركة في مائدة خدمة الخير العام والوطن. فانحرف لبنان عن ذاته الجوهرية رغما عنه».
وقال: «هذا الواقع المر والموجع لم يمس بعد قلوب المسؤولين وضمائرهم. فإنهم لم يغيروا شيئا في سلوكهم لا بعد مؤتمر باريس، ولا بعد ذكرى 4 آب التي هزت الرأي العام الداخلي والعالمي، ولا بعد تسخين جبهة الجنوب في هذه الأيام لحرف الأنظار عن قدسية ووهج قداس شهداء وضحايا انفجار المرفأ على أرضه، وقد استقطب أنظار العالم كله ومسهم في أعماقهم».
وتابع: «السؤال الأكبر والأساس هو: لماذا لا يتم تأليف حكومة بعد كل ذلك؟ أهو الخلاف على توزيع الحقائب الوزارية؟ فهذا عيب في الظروف العادية، ومخزٍ في الظروف المأسوية التي يعيشها اللبنانيون (…) نقول: «لا يحق لأي مسؤول أن يتذرع بنقص في صلاحياته لتغطية تأخير تأليف الحكومة، أو لأي آخر أن يتحجج بفائض صلاحيات ليفرض حكومة على الشعب. فالصلاحيات لم تكن يوما معيار القدرة أو العجز عن تشكيل حكومة. لذا، ندعو كل مسؤول يشعر بأنه يتمتع بصلاحيات إلى تحمل مسؤولياته وتأليف الحكومة وإنقاذ البلاد على الفور، والقيام بواجباته تجاه شعبه ووطنه».
وختم الراعي: «إننا نقف إلى جانب أهلنا في الجنوب لنشجب توتر حالة الأمن. وقد سئموا -والحق معهم- الحرب والقتل والتهجير والدمار. وفيما ندين الخروق الإسرائيلية الدورية على جنوب لبنان، وانتهاك القرار الدولي 1701، فإننا نشجب أيضا تسخين الأجواء في المناطق الحدودية انطلاقا من القرى السكنية ومحيطها. كما أننا لا يمكننا القبول، بحكم المساواة أمام القانون بإقدام فريق على تقرير السلم والحرب خارج قرار الشرعية والقرار الوطني المنوط بثلثي أعضاء الحكومة وفقا للمادة 65، عدد 5 من الدستور. صحيح أن لبنان لم يوقع سلاما مع إسرائيل، لكن الصحيح أيضا أن لبنان لم يقرر الحرب معها، بل هو ملتزم رسميا بهدنة 1949. وهو حاليا في مفاوضات حول ترسيم الحدود، ويبحث عن الأمن، والخروج من أزماته، وعن النهوض من انهياره شبه الشامل، فلا يريد توريطه في أعمال عسكرية تستدرج ردودا إسرائيلية هدامة. ونهيب بالجيش المسؤول مع القوات الدولية عن أمن الجنوب بالسيطرة على كامل أراضي الجنوب وتنفيذ دقيق للقرار 1701 ومنع إطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية لا حرصا على سلامة إسرائيل، بل حرصا على سلامة لبنان. نريد أن ننتهي من المنطق العسكري والحرب واعتماد منطق السلام ومصلحة لبنان وجميع اللبنانيين (…)».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :