لم يعد ملف الفيول في لبنان مجرّد نزاع تقني أو خلاف إداري، بل تحوّل إلى فضيحة مكتملة الأركان. فنتائج تحقيقات المديرية العامة للجمارك، التي أُرسلت رسمياً إلى وزارة الطاقة في ملف الناقلة HAWK III المحمّلة بالفيول أويل لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان، جاءت صادمة: الناقلة حمّلت فيول أويل B من روسيا عبر الغش والتزوير، فيما كان توقفها في مرفأ مرسين التركي مجرّد عملية احتيالية لإصدار مستندات مزوّرة. كل ذلك موثّق رسمياً بالأدلة والبراهين.
وبحسب معلومات “ليبانون ديبايت”، فإن الشركة الموردة Sahara Energy DMCC ارتكبت مخالفات جسيمة تبدأ بالتزوير واستعمال المزوّر، مروراً بخرق عقد الشراء العام، ولا تنتهي عند الإثراء غير المشروع وهدر المال العام. الأرقام وحدها تكفي لفضح المستور: فارق التسعير بين الفيول الروسي (45 دولاراً للبرميل) وما جرى احتسابه على أساس أنه تركي (70 دولاراً للبرميل) بلغ نحو 7 ملايين دولار ذهبت هدراً من أموال اللبنانيين. أي إنّ الوزارة مرّرت صفقة سرقة مقنّعة، متجاهلة نصوص العقد وقانون الشراء العام، وبذريعة واهية لا تصمد أمام أبسط تدقيق.
المطلوب من وزارة الطاقة إجراءات حاسمة لا تحتمل المماطلة:
1. فسخ العقد فوراً لمخالفة المادة 8 من قانون الشراء العام وتصريح النزاهة.
2. الحجز على كفالة حسن التنفيذ.
3. منع الشركة من المشاركة في أي مناقصات مستقبلية.
أما وزير الطاقة الحالي جو الصدي، فلم يعد بإمكانه الاختباء خلف الصمت. فاستمراره في غضّ الطرف لم يعد يُفسَّر على أنه تقاعس إداري، بل أشبه ما يكون بتعمّد إغماض العينين أمام جريمة موصوفة لسرقة المال العام. والادعاء بتحويل ما كشفه “ليبانون ديبايت” إلى إخبار أمام القضاء لا يُعفيه من مسؤولية إيقاف التفريغ فوراً بانتظار نتائج التحقيقات القضائية. أما التذرّع بأن البلاد ستدخل في العتمة فهو ابتزاز صريح للبنانيين، بين خيارين أحلاهما مرّ: العتمة أو الفساد، ولن يختار اللبنانيون أياً منهما.
وفي المقابل، فإنّ النيابة العامة التمييزية لم تعد تملك ترف الانتظار. فقضية HAWK III تتضمن جرائم التزوير والغش والتهريب وهدر المال العام. وكل يوم تأخير في الملاحقة القضائية يُعدّ ضربة قاسية لما تبقى من ثقة الناس بالقضاء.
وأمام هذا المشهد، لا بد من مناشدة مباشرة إلى رئيس الحكومة نواف سلام: تدخّل شخصياً لوقف تقاعس بعض وزرائك وتقاعس القضاء. فإما أن تتحمل الدولة مسؤوليتها في مواجهة هذه الفضائح، وإما أن تتحول حكومتك إلى شاهد زور على أكبر عمليات نهب وفساد مفضوح تُرتكب بغطاء رسمي.
باختصار، الطابة اليوم في ملعب وزير الطاقة والقضاء. الصمت جريمة، وأي محاولة لتضييع الملف تعني حمايةً لمرتكبي الغش على حساب شعب يُسرق في وضح النهار.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :