وكتب فريدمان في مقال في صحيفة "نيويورك تايمز" أن "الحكومة الإسرائيلية تمارس الانتحار والقتل والاقتتال الداخلي في آن واحد. فهي تدمّر مكانة إسرائيل في العالم، وتقتل المدنيين في غزة دون إبداء أي اعتبار لحياة الأبرياء، وتمزق المجتمع الإسرائيلي واليهودي حول العالم بين من يصرون على الوقوف مع إسرائيل مهما فعلت، وبين من لم يعد بمقدورهم تحمّل أو تبرير ما تفعله هذه الحكومة ويريدون النأي بأنفسهم عنها".
وتحدث عن الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مستشفى في جنوب غزة وأدت إلى مقتل ما لا يقل عن 20 شخصا، بينهم خمسة صحفيين يعملون في مؤسسات إعلامية دولية، إضافة إلى مسعفين وآخرين، مشيرا إلى أن وصف نتنياهو ما حدث بـ"الحادث المأساوي" هو نتيجة حتمية لسياساته الرامية إلى إطالة أمد الحرب في غزة بهدف البقاء في الحكم، والهروب من محاكماته الجنائية، وتفادي أي لجنة تحقيق إسرائيلية قد تكشف مسؤوليته عن الفشل في منع هجوم حماس المفاجئ في السابع من أكتوبر.
وقال إنه كي يحافظ نتنياهو على منصبه، فإنه يعتمد على دعم وزراء اليمين المتطرف مثل بتسلئيل سموتريتش، الذي يسعى إلى تكثيف الاستيطان في الضفة الغربية لمنع قيام دولة فلسطينية، ويشجع في الوقت ذاته على تهجير الفلسطينيين من الضفة وغزة تمهيدا لضم المنطقتين.
ولفت إلى أن "المعضلة تكمن في أن إسرائيل أضعفت حماس عسكريً بالفعل وقتلت معظم قادتها البارزين الذين خططوا لهجوم أكتوبر. وبالتالي، فإنها تبرر استمرار الحرب الآن بمطاردة قادة ميدانيين أقل شأنا يعيشون بين المدنيين"، مضيفا: "من الممكن لدولة في حالة حرب أن تبرر سقوط ضحايا مدنيين عند استهداف كبار قادة العدو، لكن الأمر يصبح أكثر خطورة وسوءًا عندما يُقتل العشرات من المدنيين في سبيل محاولة اغتيال قائد ميداني صغير أو نائب لقائد ثانوي".
وشدد على أنه "من المخزي أيضا أن تُجبر إسرائيل مئات الآلاف من المدنيين في غزة على النزوح من منطقة إلى أخرى تحت ذريعة إبعادهم عن مناطق القتال، ثم تقوم بجرف منازلهم التي تركوها، ليس لأسباب عسكرية حقيقية بل بهدف جعل حياتهم لا تطاق لدفعهم إلى مغادرة المنطقة بالكامل. ويضاف إلى ذلك سياسة وقف واستئناف إدخال المساعدات الإنسانية في محاولة لإجبار الناس على الرحيل عبر سلاح التجويع".
وأكد فريدمان أن "ما يجري لا يمثل مجرد قتل عمد، بل هو أيضا انتحار سياسي واقتتال داخلي. فإسرائيل باتت على الطريق لأن تصبح دولة منبوذة، إلى الحد الذي قد يجعل الإسرائيليين يترددون في التحدث بالعبرية خلال سفرهم خارج البلاد".
وأشار إلى أن "العالم بات يدرك الفارق بين حرب تخاض من أجل بقاء الدولة اليهودية، وحرب تخاض من أجل بقاء نتنياهو السياسي. وهو لم يعد قادرا على غض الطرف عن أعداد القتلى المدنيين الفلسطينيين، بعدما تلاشى الأمل في أن تؤدي الحرب إلى إقصاء حماس واستبدالها بسلطة فلسطينية مُصلحة يمكن أن تكون شريكًا في حل الدولتين".
وتابع قائلا إنه "على صعيد الاقتتال الداخلي، فإن استمرار الحرب بهذه الطريقة سيؤدي إلى انقسامات واسعة داخل الكنس اليهودية حول العالم خلال الأعياد القادمة، بين من يصرون على الوقوف مع إسرائيل دون شروط، وبين من لم يعودوا قادرين على تحمّل سلوك حكومتها. ويزداد هذا الانقسام مع خروج مئات الآلاف من الإسرائيليين أنفسهم للاحتجاج في الشوارع ضد هذه الحكومة".
وأضاف: "للأسف، إذا كان ما يحدث انتحارا جيوسياسيا، فهو أشبه بانتحار بمساعدة الغير. فهناك شخص واحد قادر على إيقاف هذا المسار، وهو الرئيس (الأمريكي دونالد) ترامب. لكنني أخشى أن يكون قد وقع ضحية خداع من نتنياهو، الذي أقنعه بالتخلي عن خيار وقف إطلاق النار في غزة لصالح وهم النصر الكامل".
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :