كم عدد الصحافيين الذين تدافعوا إلى قصر بعبدا لتغطية زيارة الوفد الأميركي؟
كم مرة “تناتشوا” السؤال، وفرضوه فرضًا، وتسابقوا في رفع الصوت عاليًا، وأحيانًا لجأ بعضهم إلى “الصعصعة” كي يصل صوته إلى توم براك أو مورغان أورتاغوس أو أي زائر أجنبي
اليوم اختفى ذلك الحِسّ… بلعوا ألسنتهم، واكتفوا بالاستماع برفق إلى براك، الذي هدّدهم بالمغادرة، وطلب منهم أن يصمتوا وإلا سيرحل، حين يصبح الوضع “فوضويًا… حيوانيًا”. وبالمناسبة، قال لهم إنهم غير حضاريين!
ولم تكتفِ بعض محطات التلفزة اللبنانية بالتغاضي، بل تولّت “الترجمة غب الطلب”، فحذفت العبارة المهينة بحق الصحافة اللبنانية، فيما قطعت المُترجمةُ الرسمية للقصر تلك الجملة وكأن شيئًا لم يكن. ذكّرنا ذلك بأفلام ومسلسلات على تلفزيون لبنان، وحتى الكرتونية منها، التي كانت إذا صادفت عبارة “زعرة ” استبدلتها بترجمة: “تباً لك”.
أما اليوم، فنقولها كما هي: تبًّا لكم (من دون دبلجة، وباللغة الإنكليزية).
لكن في تلك الجموع الصحافية لم يكن لا رجال ولا نساء. فأين اختفوا؟ هل ما زالوا على قيد البشرية، أم أنهم – فعلًا – كما وصفهم توم براك، فكشف عن جنس الملائكة؟صمتٌ من الصحافيين، وصمتٌ في القصور. وحتى الناطقة الإعلامية باسم الرئيس، الزميلة نجاة شرف الدين، أُعِدَّ لها نصٌّ من خارج “ الصفعة الأميركية”.
سيدة نجاة، السيد الرئيس، السادة المستشارين، وزير الإعلام بول مرقص:تلك الإهانة صدرت من قصر بعبدا، قصر السيادة.
هل وصلكم الخبر؟لن نلوم أميركيًا، فهذا أسلوبه في التعامل مع الدول، لكن ماذا عنّا رسميًا؟ كيف لم نرتقِ إلى مستوى نقابة محرري الصحافة اللبنانية التي أكدت أن عدم إصدار براك بيانًا رسميًا بالاعتذار العلني من الجسم الإعلامي سوف يدفع النقابة إلى الدعوة لمقاطعة زيارات واجتماعات الموفد الأميركي، كخطوة أولى على طريق إفهام من يلزم أن كرامة الصحافة والصحافيين ليست رخيصة، ولا يمكن لأي موفد مهما علت درجته أن يتجاوزها؟هو بيانٌ يفترض بالسلطة السياسية أن تتبنّاه.
وإلا فسوف نثبت بالفعل أننا Animalistic، إن لم نرد الاعتبار للقصر وللصحافة.
وحينها قد يطلب منا براك في المرة القادمة أن نمارس “الحَيونة” بالجرم المشهود، ويُطربُ لعبارة : “عوّي ولاك “المستوردة من عصابات الجولاني على حد ما دوّن ابن” الأمين الأصلي”.