ألمانيا لن تعترف بـ”دولة فلسطينية”!
أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن بلاده لن تنضم إلى مبادرة حلفاء غربيين للاعتراف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل.
وكان ميرتس يتحدث في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، الذي أعلن الشهر الماضي عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين في الجمعية العامة، في أعقاب خطوة مماثلة من فرنسا وبريطانيا.
وقال ميرتس: “موقف الحكومة الاتحادية واضح فيما يتعلق بإمكانية الاعتراف بدولة فلسطين”.
وأضاف: “كندا تعلم ذلك. لن ننضم إلى هذه المبادرة. لا نرى أن الشروط تم استيفاؤها”. ويأتي هذا القرار بالرغم من استطلاعات الرأي والتي تؤيد اعتراف ألمانيا بدولة فلسطينية بشكل فوري. وأظهرت عدة استطلاعات مؤخرا أن أكثر من نصف الشعب الألماني يؤيدون اعتراف برلين فورا بدولة فلسطين خلافا للموقف الرسمي لحكومتهم.
وأظهر الاستطلاع -الذي أجرته شركة فورسا لصالح مجلة السياسة الدولية الألمانية- أن 54% من المشاركين فيه أجابوا بـ”نعم” على سؤال: هل ينبغي لألمانيا الآن الاعتراف بدولة فلسطين؟
بالمقابل، أظهرت نتائج الاستطلاع أن 31% فقط من المشاركين رفضوا فكرة اعتراف ألمانيا بدولة فلسطين.
وبحسب الاستطلاع، فإن نسبة الراغبين في اعتراف ألمانيا بدولة فلسطين في المدن الغربية للبلاد تبلغ 53%، في حين وصلت هذه النسبة إلى 59% بالمدن الشرقية.
وكان استطلاع رأي آخر أجرته مؤسسة “دويتشلاند تريند” ونشر منذ أيام، أظهر أن 66% من الألمان يريدون من حكومتهم ممارسة مزيد من الضغط على إسرائيل لتغيير سلوكها تجاه غزة.
ويعتقد 47% من الألمان أن حكومتهم لا تفعل كثيرا للفلسطينيين، مقابل 39% يرفضون ذلك، حسبما أظهر الاستطلاع. ويشعر 31% فقط من الألمان أن لديهم مسؤولية أكبر تجاه إسرائيل بسبب الأحداث التاريخية -وهو مبدأ أساسي في السياسة الخارجية الألمانية- في حين يرى 62% من الألمان غير ذلك.
في قلب العاصمة الألمانية، يتصاعد الجدل السياسي حول الموقف الرسمي من الحرب في غزة، مع دعوات متزايدة من نواب الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) لتجاوز الخطاب الدبلوماسي التقليدي، واتخاذ خطوات أكثر صرامة ضد الحكومة الإسرائيلية، على خلفية تدهور الوضع الإنساني في القطاع.
حيث حذّر النائب أديس أحمدوفيتش، المتحدث باسم السياسة الخارجية في الحزب الاشتراكي، من تداعيات أي تحرك إسرائيلي لاحتلال غزة بالكامل، واصفًا ذلك بأنه سيكون “كارثة غير مسبوقة” ستؤدي إلى المزيد من الجوع والموت. ودعا أحمدوفيتش إلى تحرك حاسم من الحكومة الألمانية، بما في ذلك فرض عقوبات محتملة، مؤكدًا أن “الكلمات لم تعد تكفي”.
وفي رسالة داخلية وجهتها النائبة سيمتغه مولر إلى زملائها في البرلمان بعد زيارتها لإسرائيل، وصفت الوضع في غزة بـ”الكارثي بكل المقاييس”، مشيرة إلى رفض إسرائيل الغالبية العظمى من طلبات إيصال المساعدات الإنسانية، رغم نفي المسؤولين الإسرائيليين. واعتبرت أن الضغط الخارجي هو السبيل الوحيد لدفع الحكومة الإسرائيلية نحو التغيير.
الدعوات داخل الحزب تشمل مقترحات جريئة، من أبرزها: تعليق اتفاقية الشراكة الأوروبية مع إسرائيل. فرض عقوبات على أعضاء متشددين في الحكومة الإسرائيلية. وقف تصدير الأسلحة من ألمانيا إلى إسرائيل.
وربط نواب الحزب هذه المواقف بتاريخ الجالية الجزائرية في ألمانيا، التي لعبت دورًا محوريًا في مرحلة إعادة إعمار البلاد بعد الحرب العالمية الثانية، معتبرين أن الوقوف إلى جانب المظلومين في غزة اليوم هو امتداد لنضال مشترك من أجل العدالة والكرامة الإنسانية.
لكن هذه الدعوات تواجه رفضًا داخل الحكومة، لا سيما من ممثلي الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU). فقد صرّح رئيس ديوان المستشارية ثورستن فراي لقناة RTL/n-tv بأن “المشكلة الحقيقية تكمن في حركة حماس”، متهمًا إياها بـ”السيطرة على المساعدات واختطافها عبر جماعات إرهابية ومجرمة”.
وكشفت مجلة “دير شبيغل” عن ظاهرة غير مسبوقة داخل وزارة الخارجية الألمانية، حيث شكّل حوالي 130 دبلوماسيًا، معظمهم من الشباب، مجموعة داخلية تدعو إلى تبني نهج أكثر صرامة تجاه الحكومة الإسرائيلية. وتحت شعار “مخالف مخلص”، تعبر هذه المجموعة عن استيائها من السياسة الألمانية الحالية تجاه إسرائيل، خاصة في ظل الوضع الإنساني المتفاقم في قطاع غزة. وأكد ناطق باسم الوزارة وجود هذه المجموعة، مشيرًا إلى خطط لعقد اجتماع مع وزير الخارجية يوهان فاديفول، المنتمي إلى الحزب المسيحي الديمقراطي المحافظ. وتأتي هذه التحركات في وقت تزداد فيه الدعوات داخل ألمانيا، بقيادة المستشار فريدريش ميرتس، لإعادة تقييم الموقف من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
يشار إلى أن حزب اليسار الألماني أعلن أمس عن دعمه الفعال لتنظيم فعالية جماهيرية كبرى للتضامن مع قطاع غزة الفلسطيني المحاصر، وذلك أمام مبنى البرلمان الألماني في برلين في السابع والعشرين من سبتمبر/ أيلول المقبل.
ومن المنتظر أن يتم تنظيم الفعالية تحت شعار: “كل الأنظار على غزة.. أوقفوا الإبادة الجماعية”.
وقال المدير التنفيذي للحزب على المستوى الاتحادي يانيس إلينغ أمام الصحافيين في برلين، إن الحزب سيحشد لهذه الفعالية، موضحا أن القيادة التنفيذية للحزب اتخذت هذا القرار خلال عطلة نهاية الأسبوع. وأضاف: “ندعو أعضاءنا إلى المشاركة في المسيرة أمام مبنى البرلمان في يوم 27 سبتمبر المقبل”.
ويشارك في تنظم المظاهرة جهات من بينها منظمة العفو الدولية ومنظمة الإغاثة ميديكو إنترناشونال. كما ستشارك فرقة الراب “كيه آي زد” بتقديم عرض موسيقي في المظاهرة.
وطالب إلينغ بمزيد من الضغط من قبل المجتمع الدولي، وكذلك بتعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، والتي تنص على بنود من بينها إقامة تعاون سياسي واقتصادي وثيق بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.
يأتي ذلك في ظل حالة تجويع تفرضها إسرائيل على القطاع الساحلي منذ أكثر من خمسة شهور، وإعلان الحكومة الإسرائيلية اعتزامها احتلال مدينة غزة وإجبار مئات آلاف الأشخاص على النزوح منها.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي