لماذا يخفت صوت الشارع في الضفة رغم الحرب في غزة؟

لماذا يخفت صوت الشارع في الضفة رغم الحرب في غزة؟

 

Telegram

صرخ عمر عساف، الناشط الفلسطيني الذي يشارك في إضراب عن الطعام في ساحة رام الله: "هذه صرخة للشعب الفلسطيني. لم يكن الشعب الفلسطيني يوماً مستكيناً صامتاً… عار علينا جميعاً".
 
رغم أن مشهد الحرب في غزة يوجع كل بيت فلسطيني، فإن الشوارع في الضفة الغربية لم تشهد موجات احتجاج عارمة كما كان متوقعاً. بعض المنتقدين، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي، رأوا أن الضفة لم تتحرك بالقدر المطلوب بينما غزة تدفع ثمناً باهظاً. كما برز قدر ملحوظ من الانتقادات في العالم العربي على لسان إعلاميين ومثقفين وناشطين.
 
بعض سكان غزة عبّروا عن شعور بالخذلان، معتبرين أن الضفة لم تتحرك كما يجب. وحتى في الضفة نفسها، تحدث مثقفون وناشطون عن تراجع مشاركة الناس في الاحتجاجات.
 
فما الأسباب الحقيقية وراء هذا العزوف؟
حتى دعوات حماس لاقت صدى محدوداً، تجاوبت معها مجموعات شبابية في بعض المدن والمخيمات، لكن الشارع العريض في الضفة لم ينخرط في احتجاجات جماهيرية واسعة.
 
ما خيارات الفلسطينيين لمواجهة "الدعوة غير الملزِمة" لفرض "السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية؟
لماذا لا تزال إسرائيل تحتل الضفة الغربية؟
حرب البقاء في الضفة الغربية
لم تخفِ السلطة الفلسطينية معارضتها لهجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بل اعتبرتها خطوة ضارة بالمشروع الوطني، وضيّقت على الاحتجاجات التي خرجت إلى الشارع، مبررة ذلك بضرورة الحفاظ على صورة "دولة تلتزم بالقوانين" أمام المجتمع الدولي، فانتشرت قوات الأمن الفلسطينية بكثافة، وفرضت قيوداً على أي حراك خارج الإطار السياسي المقبول لها.
إجراءات السلطة للحد من الاحتجاجات قلّصت من دون شك نطاق التعبئة الشعبية، إلا أن ذلك لم يوقف احتجاجات الفلسطينيين من قبل. على سبيل المثال، خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوني بلينكن في ديسمبر/كانون الأول 2023، حاولت قوات الأمن تفريق المتظاهرين، إلا أن المحتجين واصلوا اعتصامهم في أحد الشوارع المؤدية إلى مقر الرئاسة وأحرقوا صورة لبلينكن.
ويقول عبد الفتاح دولة، المتحدث باسم حركة فتح التي يرأسها محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية: "إن فتح نظمت العديد من المظاهرات".
وبالفعل دعت حركة فتح إلى مسيرات، لكن عدد المشاركين فيها كان محدوداً أيضاً. ويقر دولة بأن "هناك حالة من عدم الرغبة في التظاهر، وهذا أمر مفهوم ومن حق الناس أن يختاروا أمنهم وسلامتهم".
منذ بدء الحرب على القطاع، كثفت إسرائيل ضغوطها على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وبررت ذلك بأنها تتخذ إجراءات أمنية مشروعة. وظلت القيادات الإسرائيلية تروج لسياسة تهجير الفلسطينيين، وهو ما أثار حالة من الغضب لدى الفلسطينيين ليس فقط في غزة، بل في الضفة أيضاً، خاصة مع التوسع الاستيطاني وتزايد عدد المستوطنين.
يشار إلى أنه منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية عام 1967، بنت إسرائيل عشرات المستوطنات التي بلغ عدد سكانها نحو 700 ألف مستوطن. وتعتبر غالبية الدول ومنظمات المجتمع الدولي المستوطنات مخالفة للقانون الدولي، وهو ما ترفضه إسرائيل.
 
وقد أعطت وزارة الدفاع الإسرائيلية (الأربعاء) الضوء الأخضر لخطة "إي 1" الاستيطانية المثيرة للجدل التي تهدف إلى بناء نحو 3400 وحدة سكنية بين القدس ومستوطنة معالي أدوميم في الضفة الغربية. هذا المشروع كان قد جُمّد منذ عقود وسط معارضة دولية واسعة لأنه سيؤدي فعلياً إلى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها. وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وصف القرار بأنه "تاريخي" ويشكل "خطوة مهمة سوف تمحو عملياً وهم الدولتين، وترسخ سيطرة الشعب اليهودي على قلب إسرائيل"، وفق صحيفة ذا تايمز أوف إسرائيل.
 
يقول أحمد غنيم، أحد قادة حركة فتح، إن إسرائيل اعتمدت بشكل واضح "أسلوب التخويف والردع بعد السابع من أكتوبر، وهو ليس جديداً، لكنه اتخذ أشكالاً أكثر حدة هذه المرة".
وقد أثر ذلك في الشارع والأحزاب الفلسطينية في الضفة، فبرزت رؤية سياسية موحدة لم تقتصر على حركة فتح، بل اشتركت فيها أيضاً جميع الفصائل في منظمة التحرير الفلسطينية. هذه الرؤية يشرحها خليل شاهين، الكاتب والمحلل السياسي في المركز الفلسطيني للدراسات الاستراتيجية: "لا يوجد قرار وطني بالذهاب إلى انتفاضة، بل على العكس، ما يجري هو انعكاس لقرار القيادة الفلسطينية باتباع سياسة البقاء في مواجهة ما تعتقد أنه هجمة إسرائيلية تهدف إلى تهجير الفلسطينيين." وبالفعل، هذا ما لمسته في حواراتي مع الكثيرين في الشارع الفلسطيني؛ فالهدف الأسمى هو البقاء والصمود.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram