المخيّمات الفلسطينية على صفيح ساخن

المخيّمات الفلسطينية على صفيح ساخن

 

Telegram

لم يعد ملفّ السلاح الفلسطيني في لبنان مجرّد قضية جانبية، بل أصبح تهديدًا مباشرًا لسيادة الدولة واستقرار المخيّمات. فعلى الرغم من تعهّد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أيّار الماضي بتسليم السلاح، بقي التنفيذ غائبًا، باستثناء حادثة مصادرة الجيش اللبناني شحنة أسلحة في مخيّم برج البراجنة، التي كان وراءها القياديّ المفصول من قوات الأمن الوطني الفلسطيني شادي الفار، والذي أوقفته الأجهزة الأمنية اللبنانية قبل يوم من العملية. وأكّد قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، اللواء صبحي أبو عرب، أنّ هذه الأسلحة لا تمتّ بصلة لحركة “فتح” أو لأيّ فصيل فلسطيني، بل تُصنّف ضمن “السلاح المتفلّت” الخارج عن السيطرة.
 
مصادر فلسطينية مطّلعة صرّحت لـ “نداء الوطن” بأنّ الأسلحة المضبوطة كانت خارج أي مرجعية تنظيمية، ما فتح الباب لاستخدامها في دعم تجّار المخدّرات وتعزيز نفوذهم. وقد أسفر ذلك عن اشتباكات بين العصابات، حوّلت برج البراجنة إلى ساحة مفتوحة للفوضى. ومع استمرار المواجهات، لم تعد المخيّمات مجرّد ملاذ للاجئين، بل أصبحت نقاطًا ساخنة تهدّد الأمن في برج البراجنة، حيّ الطوارئ المحاذي لمخيّم عين الحلوة، ومناطق جنوب وشمال نهر الليطاني، حيث لا تزال أسلحة الفصائل منتشرة دون تنفيذ عمليات التسليم.
 
حيّ الطوارئ: معقل للفوضى والإرهاب
تحوّل حي الطوارئ والتعمير من مجرّد منطقة مجاورة لمخيّم عين الحلوة إلى معقل للفوضى والإرهاب المسلّح، إذ تحولت الأزقّة الضيّقة إلى مربّعات محصّنة يسيطر عليها المسلّحون والمطلوبون، ما يهدّد حياة الأهالي والمناطق المحيطة. وتشير مصادر فلسطينية موثوقة إلى أن غالبية المتشدّدين ينتمون إلى “جند الشام” و “الشباب المسلم”، ويرفضون تسليم أسلحتهم، مستغلّين نفوذهم، وموجّهين شعارات دينية لتجنيد الشباب بما يخدم مصالح خارجية لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية، مع التأكيد على أنّ سلاحهم لم يُوجّه ضد إسرائيل، بل ضد الجيش اللبناني وحركة “فتح” .
 
في خطوة أمنية نوعية، نفّذت مخابرات الجيش اللبناني منذ أيام عملية عند جسر الأولي في صيدا، أسفرت عن توقيف المطلوبين الخطيرين نمر عيسى وأشرف حمد، القياديين في تنظيم “الشباب المسلم”. العملية، التي ركّزت على تتبّع تحرّكاتهما بين حيّ الطوارئ وسوريا، حيث كانا عائدين محمّلين بمبالغ مالية تتراوح بين 80 و 90 ألف دولار إلى جانب أسلحة، تمّت بنجاح ومن دون أي اشتباك، ما يعكس الاحترافية العالية للجيش وكفاءة مخابراته. وتشير مصادر خاصة لـ “نداء الوطن” إلى أن العملية تؤكد أيضًا مدى تعقيد وامتداد الشبكات المتشدّدة التي يواجهها الجيش اللبناني بصمت واحترافية.
 
وتشير المصادر إلى أن الحيّ تحوّل إلى مخزن للأسلحة والمتفجّرات، حيث يُمنع على القوى الشرعية اللبنانية أو الفلسطينية دخوله، ليصبح بذلك جزيرة مسلّحة خارجة عن سيادة الدولة، ويشكّل تهديدًا مباشرًا لاستقرار المخيّم والمناطق المجاورة.
 
ياسر عباس يمنع محاولات التمرّد على قرارات الرئيس
على الصعيد السياسي، أفاد مسؤول فلسطيني رفيع المستوى لـ “نداء الوطن” بأن السفير الفلسطيني الجديد لدى لبنان، محمد قاسم الأسعد، وصل لتسلّم مهامه، بالتزامن مع زيارة ياسر عباس، نجل الرئيس محمود عباس، لوضع خارطة طريق لسحب السلاح ومصير ممتلكات منظمة التحرير الفلسطينية المسجلة بأسماء نافذين، تحت متابعة القاضي وائل اللافي، المسؤول عن لجنة المؤسسات التابعة للمنظمة.
 
وأكّدت المصادر وجود قرار واضح من الرئيس عباس بضرورة تنفيذ جميع القرارات التي تمّ تنسيقها مع السلطات اللبنانية، مع الالتزام بعدم التدخّل في الشؤون الداخلية للبنان، مؤكّدًا أنّ الشعب الفلسطيني مقيم موقتًا لحين العودة إلى فلسطين. كما أنهت حركة فتح إعادة ترتيب تشكيلاتها العسكرية والأمنية والسياسية لضمان أنّ عملية سحب السلاح تتمّ بسلاسة، بدءًا بمخيّمات جنوب نهر الليطاني ضمن نطاق القرار الدولي 1701، ما يعزّز سيطرة المؤسسات الشرعية على المخيّمات.
 
“حماس” تعترض على قرارات الرئيس عباس
 
أما بالنسبة إلى حركة “حماس”، فقد عبّر رئيس دائرة العلاقات الوطنية في الخارج، علي بركة، في عدة مناسبات عن اعتراضه على آلية التعاطي مع ملف السلاح الفلسطيني. وأوضح أن زيارة عباس إلى لبنان في أيار الماضي جرت دون التشاور مع الفصائل الفلسطينية، ما أدّى إلى اعتراضات واسعة، مؤكّدًا ضرورة حوار فلسطيني – لبناني شامل لمعالجة الملف بجميع أبعاده.
 
ضرورة موقف حازم لإنقاذ المخيّمات
 
بقاء السلاح داخل المخيّمات، خاصة بأيدي المتشدّدين والمطلوبين للقضاء، يشكّل قنبلة موقوتة تهدّد الأمن اللبناني وتُنذر بانفجار الأزمات. لذلك، تبرز الحاجة الملحّة إلى موقف حازم من الدولة اللبنانية والفصائل الفلسطينية، عبر تفكيك المربّعات الأمنية، تسليم المطلوبين وسلاحهم، وتجفيف منابع التطرّف الفكرية والمالية، لضمان حماية لبنان وأهله والمخيّمات، وإعادة المخيمات إلى دورها الطبيعي كمجتمعات آمنة للاجئين، بعيدًا من النفوذ الخارجي والصراعات المسلحة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram