الزمن لا يُصلح ما أفسدته الكذبة الأولى... كذبة بيضاء أم خيانة رمادية؟

الزمن لا يُصلح ما أفسدته الكذبة الأولى... كذبة بيضاء أم خيانة رمادية؟

 

Telegram

 

يبدأ الكذب أحيانًا بجملة بسيطة، بنية طيبة أو بدافع الخوف… نخشى أن نجرح، فنُخفي. نخاف أن نخسر، فنكذب. نظنّ أن الكذبة الصغيرة ستمر، بيضاء، عابرة… لكنها لا تمر، بل تترك ظلًا رماديًا لا يُمحى.
قال لها: "أحبك أكثر من أي وقت مضى"، وكانت الحقيقة أنه رحل عنها داخليًا منذ زمن. لم يُرِد أن يجرحها، فجرحها بكذبة. وحين قررت الرحيل، لم تؤلمها خسارته بقدر ما أحرقها الشعور بأنها خُدعت باسم الحب.
 
وفي بيت آخر، أمّ قالت لابنها إن والده مسافر وسيعود. مرت سنوات وهو ينتظر، يكتب له رسائل، ويركض إلى الباب كلما سمع الجرس. كبر الولد واكتشف الحقيقة: أب لم يغادر، بل تخلّى عنه. وحين واجه أمه، لم يصرخ… فقط قال: "كنت أفضّل أن أعرف الحقيقة صغيرًا، على أن أكتشف الكذبة وأنا كبير".
 
والكذبة بين الأصدقاء أكثر إيلامًا… حين يُخفي عنك صديقك خيانة يعلمها، ويختبئ خلف صمته. ثم تنكشف الحقيقة، وتنهار الصداقة. ليس لأن أحدهم خانك، بل لأن الذي وثقت به… سكت.
 
حتى في العمل، للكذبة أثر لا يُمحى. موظف ألقى خطأه على زميله. صعد هو، وسقط الآخر. لكن حين عادت الحقيقة متأخرة، لم يطلب البريء اعتذارًا. بل خرج بهدوء… كأن الكرامة أثقل من الإنصاف المتأخر.
 
هكذا هي الكذبة الأولى، تُشبه قطرة حبر سوداء في ماء صافٍ، لا ترى مفعولها فورًا، لكنها تغيّر كل شيء ببطء. تفسد النية، تزعزع الثقة، وتحوّل الدفء إلى حذر، والطمأنينة إلى ريبة.
الحقيقة قد توجع، لكن الكذب يقتل ببطء. والزمن لا يُصلح ما أفسدته الكذبة الأولى… لأن بعض الكسور، لا تُرمم… بل تُنسى فقط على سطح الحكاية، وتبقى تنزف في العمق.
 
   بقلم : فاطمة يوسف بصل.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram