ألقى العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين، في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين ومما جاء في خطبته السياسية:
وقال: “عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بما جاء في وصيّة الإمام الرّضا الّذي استعدنا ذكرى وفاته في السّابع عشر من هذا الشّهر شهر صفر…والّذي حدّد من خلاله إلى من تتوجّه مشاعرهم ومواقفهم عندما قال لهم: “من أحبّ عاصيًا فهو عاص، ومن أحبّ مطيعًا فهو مطيع، ومن أعان ظالمًا فهو ظالم، ومن خذل عادلًا فهو ظالم، إنّه ليس بين الله وبين أحد قرابة ولا ينال أحد ولاية الله إلّا بالطّاعة، ولقد قال رسول الله(ص) لبني عبد المطّلب: أتونِي بأعمالكم لا بأحسابكم وأنسابكم”. وفي ذلك قال الإمام الباقر لأصحابه: “والله ما معنا من الله براءة، ولا بيننا وبين الله قرابة، ولا لنا على الله حجّة، ولا نتقرّب إلى الله إلا بالطّاعة، فمن كان منكم مطيعًا لله تنفعه ولايتنا، ومن كان منكم عاصيًا لله لم تنفعه ولايتنا”. فلنستوصِ بوصايا هذا الإمام بأن نبدي مشاعرنا لمن أطاع الله وأحبّه وأن لا نعين ظالمًا ولا نخذل من يعمل للعدل ويواجه الظّلم وعندما نأتي إلى الله نأتيه كما أمر بأعمالنا ومواقفنا حيث الجزاء عنده بالأعمال، وبذلك نخلص لهذا الإمام ونكون أكثر قدرة على مواجهة التّحدّيات”.
وتابع: “البداية من لبنان الّذي يستمرّ فيه العدو الصّهيوني بممارساته العدوانيّة على هذا البلد دون أن نشهد أيّ رد فعل من الدّولة اللّبنانيّة المطلوب منها أن تقوم بواجبها بحماية مواطنيها والسّيادة على أرضها ولو برفع صوتها في المحافل الدّوليّة وعبر مجلس الأمن والّذي إن حصل سيعزّز ثقة اللّبنانيّين بدولتهم وبحضورها عندما تواجههم التّحديات… أو عندما ينتقص من سيادتها فلا تبقى مكتوفة اليدين أمام ما تشهده من اعتداءات. في هذا الوقت لا يزال لبنان تحت وطأة تداعيات القرار الّذي صدر عن مجلس الوزراء والقاضي بحصريّة سلاح بيد الدّولة وسحب أي سلاح آخر حتّى سلاح المقاومة والّذي صدر من دون أن يتضمّن أيّة خطّة دفاعيّة يطمئن معها اللّبنانيّون بأنّ دولتهم قادرة على التّصدّي للأخطار الّتي تحدق بهم ومن دون أيّة ضمانات من الرّاعي الأميركي بالزام العدو بما تمّ التّوافق عليه في قرار وقف إطلاق النّار مع الدّولة اللّبنانيّة ووقف العدوان والانسحاب من الأراضي الّتي لا يزال يحتلّها وإطلاق الأسرى الّذين يقبعون في سجون الاحتلال… ومن دون أن يأخذ في الاعتبار تداعيات هذا القرار على الدّاخل اللّبناني إن على صعيد التّماسك الحكومي أو على الصّعيد الشّعبي والّذي شهدناه في الانقسام الّذي حصل بعد صدور هذا القرار ولا يزال والّذي يخشى من تفاقمه بما يهدّد الوحدة الوطنيّة الّتي هي ضمانة هذا البلد والعنصر الأساس لقوّته، لن يكون الرّابح منها إلّا العدوّ الصّهيوني”.
وأضاف: “نحن في هذا الإطار وإلى حين استحقاق تنفيذ هذا القرار إن تم الإصرار على تنفيذه بالصّورة الّتي أقرّ بها وحرصًا منّا على استقرار البلد ووحدته سنبقى نراهن على جهود المخلصين في هذا البلد ممّن يسعون إلى التّوصّل إلى صيغة تضمن عدم وصول البلد إلى طريق مسدود والّتي نريدها أن تأخذ في الاعتبار حفظ أمن البلد وسيادته وقوّته وقدرته على مواجهة أيّة تحدّيات قادمة مع عدو شهدنا أخيرًا رئيس أركان جيشه يستبيح سيادته ويهدّد لبنان ويتوعّده بالمزيد ممّا تحدّث عنه من قتل وغارات تستهدفه.ونتوقّف عند زيارة رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني الّتي جاءت لتؤكّد على عمق العلاقة الّتي تربط الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران مع لبنان ولتمتين هذه العلاقة… ونحن في الوقت الّذي نريد للدّولة أن تحرص على سيادة هذا البلد ومنع التّدخّلات الخارجيّة في شؤونه ولكنّنا لا نريد أن يكون في ذلك صيف وشتاء على سطح واحد بحيث لا نسمع أي أصوات تندّد بتدخّلات وتهديدات وإملاءات عليه من دول تتبنّى الكيان الصّهيوني بينما ترتفع الأصوات في وجه من كان عونًا له في تحرير أرضه من الاحتلال الصّهيوني، وفرض سيادته عليها ومن أبدى حرصه على عدم التّدخّل بشؤونه والّذي جاء على لسان رئيس مجلس أمنها القومي، ما يدعو إلى تقدير هذا الموقف والبناء عليه في العلاقة مع الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران… وعدم استعداء هذا البلد. ونتوقّف عند الحديث الخطير لرئيس وزراء العدوّ والّذي أفصح فيه عن مشروعه الّذي سيبدأ بتنفيذه وهو يشكّل الحلم الّذي بني عليه هذا الكيان وهو ما كان يسعى إليه دائمًا لتحقيق إسرائيل الكبرى والّذي سيكون على حساب لبنان وسوريا وقطاع غزّة والضّفّة الغربيّة والأردن ومصر وقد يمتدّ لدول أخرى، ونحن في الوقت الّذي ننوّه بكلّ البيانات الّتي صدرت من العديد من الدّول نرى أنّ هذا القرار لا يواجه فقط ببيانات استنكار وإدانة بل بالعمل وبكل جديّة لتوحيد الجهود والوقوف في وجه هذا المشروع التّدميري للعالم العربي وعدم الاستكانة لكلّ ما يتحدّث به هذا العدو عن إقامة حدود آمنة مع جيرانه والتّطبيع معها، والتّلهّي عنه بالخلافات الّتي تعصف داخل كلّ بلد من هذه البلدان أو الّتي تجري في ما بينها، ولعلّ أبرز وأهم خطوات مواجهة هذا المشروع يتمثّل في الوقوف مع الشّعب الفلسطيني ومنع العدو من تحقيق أهدافه الّتي يسعى إليها باحتلال غزّة وتهويده للضّفّة الغربيّة تمهيدًا لتصفية القضيّة الفلسطينيّة”.
وختم فضل الله: “أخيرًا نتطلّع باعتزاز إلى الملايين الّذين يفدون اليوم وفي أربعينيّة الإمام الحسين إلى كربلاء بقلوبهم العابقة بالحب للحسين لزيارة مقامه تعبيرًا عن الوفاء لهذا الإمام، والتزامًا بالأهداف السّامية الّتي لأجلها كانت ثورته. وهنا لا بدّ من التّأكيد أنّ هذه الحشود الّتي اجتمعت في كربلاء هي ليست كما قد يصوّرها البعض لحساب مذهب في مواجهة المذاهب الأخرى أو دين في مواجهة الأديان الأخرى بل هي لحساب كلّ الأديان الّتي تلتقي في شعاراتها وأهدافها بالغايات والقيم الّتي انطلق لأجلها الحسين (ع) والّتي تدعو إلى العدالة ومواجهة الظّالمين والفاسدين والمستكبرين والمستأثرين بأموال الشّعوب ومقدّراتها والمتلاعبين بها. ونسأل الله أن يحفظ هذه الجموع ويتقبّل عملهم ويعيدهم إلى بلادهم سالمين غانمين ومصلحين لكلّ ما فسد منهم في المواقع الّتي يتواجدون فيها”.
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي