بيان الشيخ حمود الحناوي
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]
الحمد لله الحكم العدل القهّار، والصلاة والسلام على سيد الأبرار وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ومن سار على دربهم حتى يوم القرار.
أما بعد..
يا أحرار جبل العرب وابناء طائفتنا الكريمة في كل مكان ، ويا شرفاء الوطن ، لقد ابتُلينا بسلطة ومن معها لا عهد لهم ولا ذمة ، سلطة باعت الوطن في سوق المساومات، فطعنت أهله قبل أن تطعن حدوده، حتى غدت في وجداننا حكومة الغدر، التي نقضت المواثيق، وانقلبت على القيم، وارتضت أن تكون سيفًا مسلولًا على رقاب الأبرياء، بفتاوى فكرها الظلامي الجهادي المتطرف، المستبيح للدماء والأعراض والمقدسات والحقوق.
ويا عشائر العرب، ويا أبناء حوران، كنا نراكم إخوة الدم والمروءة، وسند الجار وذخيرة الملمات، فإذا بنا نصحو على طعنات في الظهر، وخذلان للجار، وانكسار لعهد الآباء والأجداد. أين وصايا العروبة؟ أين مواثيق الشهامة؟ اين الوفاء؟ أترضون أن تُسجَّل أسماؤكم في صحائف من أعان الظالم على ظلمه؟
إن جبل العرب، حصن المقاومة والكرامة، لم يعرف الخضوع يومًا، وهو الذي تصدّى للمحتل العثماني والمستعمر الفرنسي، ولقّن الغزاة دروسًا في الحرية، بقيادة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وفي طليعتهم سلطان باشا الأطرش، والشيخان الجليلان إبراهيم الهجري و أبو علي قسام الحناوي، وغيرهم من أعلام الدين والوطن.
واليوم، ورغم الحصار الجائر الخانق للسويداء في لقمة العيش والدواء والمحروقات ودمار البنية التحتية بما فيها الماء والكهرباء والاتصالات ، فإنها لن تركع إلا لله، وستظل شامخة كالسنديان، صامدة كالصخر في وجه الطغيان. وإننا ندعو أهل الجبل وابناءنا جميعًا للتكاتف، واقتسام رغيف الخبز، ورعاية بعضهم بعضًا، فالجوع يُكسر بالتكافل، والمحنة تنحسر حين تتشابك الأيدي وتتوحد القلوب.
فليعلم الجميع أن معركتنا اليوم لم تعد بندًا في جدول السياسة، ولا ورقة في صفقات المساومة، بل غدت قضية وجود ومصير لكل أبناء الجبل واهلنا اينما وجدوا، وجودٌ إما أن نصونه بدمائنا وإرادتنا، أو نُمحى من صفحات الأرض والتاريخ.
نترحم بخشوع على أرواح الشهداء الأبرار، ونبتهل إلى الله أن يعجّل بشفاء الجرحى، ونؤكد على أن الاسرى والمفقودين من حرائرنا ورجالنا أمانة في أعناقنا حتى يعودوا إلى ذويهم مكرمين سالمين .
ونتقدم بالشكر الخالص والعرفان لكل دولة شريفة وشعب حر لبوا نداء حماية طائفة الموحدين الدروز من حرب الإبادة، وندعو شرفاء العالم إلى نصرة قضيتنا العادلة في مواجهة الإرهاب، ونطالب جميع الدول والمنظمات الدولية والانسانية بتحمل مسؤولياتها والضغط الفوري لرفع الحصار الجائر المفروض على محافظة السويداء، وفتح الممرات الإنسانية دون قيد أو شرط.
ونطالب المجتمع الدولي بالتحقيق ومحاسبة المتورطين بجميع الجرائم الوحشية المرتكبة بحق أبناء طائفتنا ووجودهم.
كما نتوجه بأسمى آيات الفخر والاعتزاز إلى أهلنا في الجبل، رجالًا ونساءً، الذين ثبتوا في مواقعهم، وذادوا عن حياضه وكرامته، فكانوا الحصن الحصين والسد المنيع في وجه كل معتدٍ اثيم عتل زنيم ، وضربوا أروع الأمثلة في الشجاعة والإباء والتضحية.
ونبعث بتحية وفاء وإجلال إلى أهلنا الدروز في كل مكان، ولقيادتهم الدينية وعلى رأسها سماحة الشيخ موفق طريف، على مواقفهم المشرفة ودعمهم الثابت لأبناء الجبل.
ونحذر من الفتنة والحرب الاعلامية وخطورة الشائعات المزورة وخاصة انه لم يحدث اي تواصل أو اتفاقات حول ما أثير وذلك للتنويه .
ونرفض ونستنكر خروجهم عن حدود الآداب والأخلاق بتطاولهم على رموزنا الدينية ومرجعياتنا .
كما اننا نستغرب الصمت العربي والتعتيم الاعلامي وطمس الحقائق والاستهداف .
ختامًا.. نعاهد الله وأهلنا أن نبقى على العهد، لا نساوم على دم شهيد ولا نفرّط في حق مغتصب، وأن يبقى الجبل كما عهدتموه: عصيًّا على الانكسار، شامخًا بمقاومته، وفيًّا لدماء أبطاله، حتى يأذن الله بفرج قريب ونصر مبين، {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شيخ العقل
الفقير لرحمته تعالى
حمود يحيى الحناوي
سهوة البلاطة – 9/8/2025
نسخ الرابط :