افتتاحية صحيفة الاخبار
إسرائيل تُواصل الغرق في الحرب: الاحتلال كأداة ابتزاز جديدة
في جلسة ماراثونية استمرّت نحو 10 ساعات، أقرّ المجلس الوزراي المصغر في تل أبيب، خطّة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، للسيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة، والتي جرى تخفيفها حتى يتاح تمريرها من دون معارضة داخل «الكابينت»، أو انتقادات من خارجه، في حين تأكد مجدداً أن الصوت الحاسم الذي يُسمع جيّداً على طاولة اتّخاذ القرارات، هو الصوت الأميركي، الذي لم يبدِ أيّ معارضة للفكرة.
ووفقاً للتسريبات (صحيفة «يسرائيل هيوم»)، جرت بلورة خطة الاحتلال، مسبقاً، بالتنسيق والتشاور المشترك بين الجانبين، مع تحفّظات ومحدّدات تريد الإدارة الأميركية أن تلتزم بها إسرائيل خلال تنفيذ العملية؛ فـ«الولايات المتحدة تُقدّم دعماً سياسيّاً وعسكريّاً كاملاً، ولكنها تريد أن تكون العملية مقيّدة زمنيّاً، ومشروطة بالتعامل الإنساني مع المدنيين». مع ذلك، يؤكد مسؤولون أميركيون أن الدعم مستمرّ، وأن هناك ضوءاً أخضر للتوسّع العسكري، رغم وجود شكوك في قدرة إسرائيل على نقل مليون مدني بأمان، وتأهيل مساحات كافية لاستيعابهم، ومنْع الكارثة الإنسانية المرتقبة.
وفي بيان صدر عن رئاسة الحكومة في أعقاب جلسة «الكابينت»، ورد أن المجلس المصغّر أقرّ خطّة نتنياهو لـ«تحطيم حماس»، مع تجنّب استخدام مصطلح «احتلال» واستبداله بـ«سيطرة»، وذلك لأسباب قانونية ودولية، تتعلّق بالمسؤولية تجاه السكان المدنيين؛ علماً أن مسؤولاً إسرائيليّاً رفيعاً كشف، في حديث إلى صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن «هذا مجرّد تغيير في المصطلح. وفي الواقع، نحن نتحدّث عن احتلال كامل لغزة».
والخطّة، كما أُقرّت، ستُنفّذ بشكل تدريجي على النحو الآتي:
- دعوة المدنيين الفلسطينيين إلى الانتقال جنوباً، نحو مخيّمات الوسط ومناطق جنوبية؛
- حصار كامل لمدينة غزة؛
- عمليات تمشيط واسعة داخل الأحياء؛
- إخلاء كامل للمدينة بحلول السابع من أكتوبر 2025، وهو «الموعد الرمزي» لمرور عامين على «طوفان الأقصى»؛
- فرض حصار على مقاتلي «حماس» العالقين في المدينة، مع تمركز القوات الإسرائيلية داخلها وفرض سيطرة أمنية كاملة، وهو ما سيستغرق حوالى خمسة أشهر، ويتطلب مشاركة خمسة إلى ستة ألوية من الجيش الإسرائيلي.
وكان رئيس الأركان، إيال زامير، قد أعرب، خلال جلسة «الكابينت»، عن معارضته القاطعة لخطّة احتلال غزة، وطالب، في المقابل، بأن يتواصل الحصار على القطاع، داعياً إلى «إزالة عودة الرهائن من أهداف الحرب»، في تعبير واضح عن إرادة إشراك الأسرى الإسرائيليين والتهديد المحدق بحياتهم ضمن حملة التأثير في القرار. وحذّر زامير، الوزراء، قبل اتّخاذ القرار، من الإرهاق الشديد في صفوف وحدات الاحتياط في الجيش، وضرورة تحييد الوسائل القتالية حالياً لأغراض الصيانة بعد استخدامها المفرط، ومن غياب حلول إنسانية لمليون شخص سيتم نقلهم، مع التشديد على فقدان الشرعية الدولية.
وبالنتيجة، أقرّ «الكابينت» مبادئ خمسة من أصل ستة - هي عمليّاً أهداف الحرب التي تنتهي مع تحقّقها كاملةً -، بعدما رفض الوزراء بند إدخال مساعدات إنسانية واسعة إلى القطاع. والمبادئ الخمسة هي التالية:
- نزع سلاح «حماس» بالكامل؛
- إعادة جميع الأسرى أحياء وأمواتاً؛
- تفكيك البنية التحتية للحركة؛
- فرض سيطرة أمنية إسرائيلية على قطاع غزة؛
- إقامة حكم مدني بديل ليس فيه «حماس» ولا السلطة الفلسطينية.
من شأن احتلال قطاع غزة أن يؤثّر سلباً في مسار التطبيع مع الدول العربية
لكن، متى تنفّذ الخطّة؟ وبأيّ وتيرة؟ وهل تستطيع إسرائيل تطبيقها من دون تعميق معاناة الفلسطينيين؟ وماذا عن المتغيّرات التي قد تطرأ خلال التنفيذ، ميدانيّاً وسياسيّاً ودوليّاً؟ وماذا عن اليوم الذي يلي العملية؟ الأكيد أن هناك دلالات وتداعيات ممتدّة وإستراتيجية لما جرى على مجمل مسار الحرب، تصل إلى حدّ التأثير إستراتيجيّاً في تصميم المشهد الإقليمي برمّته.
ولعلّ أبرز تلك الدلالات، ما يلي:
- أولاً، لا يجري الحديث عن مجرّد مشروع بقاء سياسي لنتنياهو؛ إذ إن الواقع تجاوز هذا الاعتبار، وباتت ثمة خطّة عسكرية لاحتلال قطاع غزة، وإعادة تصميمه من جديد، مع التطلّع إلى أن يكون خالياً من الفلسطينيين. لكن كيف السبيل إلى تحقيق ذلك؟ لسان حال إسرائيل أن كل هدف يتقرّر في حينه، بناءً على ما يتحقّق قبله، وهو ما جرى حتى الآن في سياق الحرب وأشهرها الطويلة.
- يشير القرار إلى تحوّل من سياسة «الحروب العابرة» أو العمليات المحدودة الردّية، أو العمليات في سياق الضغط على الآخر لتحصيل تنازلات، إلى نيّة معلنة لفرض سيطرة عسكرية مباشرة على مركز مدينيّ رئيسي في قطاع غزة، ما يعكس رغبة في إعادة تشكيل المشهد، أمنيّاً وسياسيّاً، بشكل جذري.
أمّا حديث نتنياهو، في مقابلاته الأخيرة مع الإعلام الخارجي، عن «المساحة العازلة» بين إسرائيل وغزة، فيشير إلى أن الهدف ليس عسكريّاً فقط، بل جغرافي واستيطاني مُحتمل، قد يفتح الباب أمام إعادة ترتيب ديموغرافي أو تهجير سكاني، وإنْ كانت هذه الأهداف تتحقَّق واحداً تلو الآخر، وفقاً لظروف اليوم الذي تُتّخذ فيه.
- ثمة انقسام داخلي واضح بين المؤسستَين السياسية والأمنية في إسرائيل؛ فالتوتّر المعلن بين نتنياهو وزامير، مع تلميح قادة عسكريين إلى إمكان استقالتهم، يُظهران تصدّعاً خطيراً بين المؤسستَين اللتين كانتا، حتى الأمس القريب، متجانستَين ضمن قواعد لعبة وحوكمة تغلب فيها تقديرات الجيش ورؤيته للفرص والتهديدات، على طاولة اتخاذ القرارات.
إلا أن هذه القواعد تتداعى، مع فقدان المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية دورها الريادي، بوصفها أجهزة ومؤسسات «مهنية»، لمصلحة قيادة سياسية تغلب عليها الأيديولوجيا المسيحانية المتطرّفة التي تستسهل المخاطرة لغرض تحقيق أهدافها، ومنها الغيبية، في حين أن رأس الهرم السياسي يتحرّك وفق أجندة شخصية خاصة به، حتى وإنْ كانت قراراته تضرّ بأمن إسرائيل ومصالحها. ومن شأن هذا الشرخ أن يقوّض التماسك المؤسساتي، ويزيد من مخاطر اتّخاذ قرارات «غير مهنية».
- من شأن احتلال غزة أن يهشّم أيّ إمكانية لاستئناف عملية سياسية مع الفلسطينيين، ويُرسّخ سياسة الأمر الواقع، ما يبعد فكرة حل الدولتَين إلى الأبد.
- من المحتمل أن تواجه إسرائيل انتقادات دولية، غير أميركية، من مثل إدانة واسعة في الأمم المتحدة، ومن جانب الاتحاد الأوروبي، ودول عربية محرَجة، وهو ما قد يؤدي إلى مبادرات جديدة في «المحكمة الجنائية الدولية» أو مجلس الأمن، لن تكون بأيّ حال كافية لحثّ إسرائيل على تغيير خطط أقرّتها بمعيّة الأميركيين، الذين سيعملون على مساندتها ودعمها في وجه الضغوط. أما الدول الأوروبية، فيمكن أن تصدر بيانات، أو تقدم على إجراءات تزعج إسرائيل، من دون أن تؤثّر في قراراتها. وكما حدث في أكثر من محطّة في سياق الحرب، وما سبقها، يُتوقّع أن تتحوّل تلك المواقف الشاجبة، إلى روتين يومي لا يغني ولا يسمن.
- من شأن احتلال قطاع غزة أن يؤثّر سلباً في مسار التطبيع مع الدول العربية، ولكنه لن «يخدش»، وفقاً للترجيحات الأكثر احتمالاً، التطبيع الحاصل حالياً، وإنْ كان سيحرج دولاً أخرى مرشّحة للانضمام إلى هذا المسار. لكن التطبيع مع السعودية وغيرها لم يَعُد، من جهة إسرائيل، هدفاً «سامياً» من شأنه أن يؤثّر في مسارات أخرى، في حين تكوّن لدى تل أبيب بأن مَن يضع شرط إقامة الدولة الفلسطينية ثمناً للتطبيع، ثم يتنازل إلى شرطَي افتتاح مسار تفاوضي ما في اتّجاه تلك الدولة، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، يمكنه أن يتنازل أيضاً إلى مجرد تحسين وضع اللاجئين في القطاع، بعد احتلاله.
*************************************************
افتتاحية صحيفة البناء
ترامب يرعى اتفاق أذربيجان وأرمينيا لقطع التواصل البرّي بين روسيا وإيران |
نتنياهو يُقرّ خطة تهجير غزة ومجلس الأمن يناقشها اليوم وألمانيا توقف الأسلحة |
رعد: الموت أشرف من تسليم السلاح… بري الأخ الأكبر… ونميّز عون عن سلام
بينما يفترض أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الأسبوع المقبل، وسط ترجيحات بقرب التوصل إلى تفاهم أميركي روسي على عناوين اتفاق ينهي الحرب في أوكرانيا، بشروط روسيا وتسليم ترامب ببقاء القوات الروسيّة في المناطق التي تتمركز فيها عند وقف إطلاق النار، وشرعنة هذا البقاء ضمن أي اتفاق سلام، رعى ترامب في البيت الأبيض اتفاقاً بين رئيس أرمينيا وأذربيجان، حقق لأذربيجان مطالبها التاريخيّة من أرمينيا، وضمن خروج أرمينيا من منطقة التوازن بين الغرب والشرق تمهيداً لإقفال القاعدة الروسية فيها. ويبقى الأهم أن هذه المصالحة تضمنت اتفاقاً على ممر زانغزور الذي يقوم على الأراضي الأرمنيّة ويربط جزءين منفصلين من أذربيجان، لكنه يقطع تواصل إيران وروسيا عبر الأراضي الأرمنية، وهو حدث جيوسياسي كبير، كانت روسيا وإيران تضعان ضغوطاً كبيرة على الحكم في أرمينيا لرفضه، بينما يبدو أن المبعوث الرئاسي الأميركي توماس باراك الذي يتولى ملف أذربيجان وأرمينيا إضافة لإلى مسؤوليته عن ملف كلّ من لبنان وسورية، قد نجح في تأمين شراكة عقارية لاستئجار منطقة الممر لمئة عام بمئة مليار دولار من أرمينيا، وتطويرها عقارياً لجعلها منطقة استثمارية، ما سرّع حسم الموافقة الأرمنية.
في غزة تستمرّ حرب القتل والتدمير والتجويع، بينما أقرّ المجلس الوزاري المصغر في كيان الاحتلال خطة بنيامين نتنياهو لمواصلة الحرب تحت عنوان احتلال كامل قطاع غزة، ضمن خطة تستهدف تهجير سكان شمال غزة إلى الجنوب تمهيداً لتهجيرهم إلى خارج قطاع غزة، وفقاً لما سبق وطرحه الوفد الإسرائيلي المفاوض ورفضته المقاومة، وخطة نتنياهو سوف تكون على طاولة مجلس الأمن اليوم في ضوء احتجاجات واعتراضات دوليّة كثيرة عليها، حيث تقدمت دول أوروبية وأفريقية بالدعوة للجلسة، بينما ندّدت فرنسا وبريطانيا وألمانيا بالخطة، وجاء إعلان ألمانيا عن وقف تصدير الأسلحة إلى كيان الاحتلال احتجاجاً على تدهور الشأن الإنساني في غزة، ما أثار غضب نتنياهو وتنديده.
في لبنان لا تزال الساحة السياسية والإعلامية منشغلة بتداعيات قراري الحكومة بإنهاء ملف سلاح المقاومة قبل نهاية العام من جهة، والموافقة على ورقة المبعوث الأميركي توماس باراك الخالية من أي ضمانات لتنفيذ الاحتلال لموجبات وقف الاعتداءات والانسحاب من الأراضي المحتلة، ومن خلالها بما ترتب على انسحاب وزراء الطائفة الشيعية من الجلستين، وتحدّث أمس رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، في حوار تلفزيوني، متسائلاً هل تملك الحكومة أي ضمانة لانسحاب الاحتلال ووقف اعتداءاته، وقال إن الجواب الذي سمعناه كان بالنفي، ولذلك فلا خيار أمام اللبنانيين إلا أن يدافعوا عن أنفسهم وأن يتمسكوا بسلاحهم ليفعلوا ذلك، واعتبر أن الموت أشرف من تسليم السلاح، ولفت إلى أنّ “اتفاق 17 آيار لم يستمر 6 أشهر”، وقال: نحن في مرحلة يُصرّ الأميركي على جدول زمني لتنفيذ ما طلبه من الحكومة، لأن الوقت لا يمرّ لمصلحة العدو وليس فقط للضغط علينا”، وبينما استعاد رعد في توصيف العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري تعابير الأمين العام السابق لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله، بوصفه الأخ الأكبر، أكد أنه يميّز بين موقفي كل من رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، مؤكداً أن لا مشكلة شخصية مع سلام بل قضية مواقف وتوجّهات وسياسات، داعياً إلى عدم التسرّع في الحكم على المشهد الراهن فالمعركة لم تنته والحرب سجال، واتفاق 17 أيار لم يعش ستة شهور.
وفيما تتصرّف حكومة الرئيس نواف سلام بعد قراراتها المشؤومة وكأن شيئاً لم يكُن، توالت المواقف المندّدة بقرارت الحكومة وخطورتها وتداعياتها على السلم الأهلي والاستقرار في لبنان، على وقع تفاعل وردات فعل جمهور المقاومة في الشارع. في حين علمت «البناء» أن الاتصالات بين المقار الرسمية ومع حزب الله لم تتوقف حتى بعد الجلسة الأخيرة وإن بشكل غير مباشر، وذلك لمحاولة احتواء صدى قرارات الحكومة وضبط الشارع والعودة إلى الحوار وطاولة لحل الخلافات السياسية حول معالجة ملف السلاح وضمان عودة الوزراء الشيعة إلى الحكومة لكي لا يتعطل عملها.
في المواقف، أشار الرئيس السابق العماد اميل لحود في تصريح الى أنّ «الكلام عن سحب سلاح المقاومة في هذا التوقيت مستغرب جدّاً، إذ أنّ تسليم السلاح في خضمّ المعركة يُعتبر خيانةً بالمفهوم العسكري، خصوصاً أنّ ساعات لم تمرّ على دفن طفلٍ قتلته يد الغدر الإسرائيليّة، وهو ينضمّ إلى مئات الشهداء الذين سقطوا منذ الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى الخروقات اليوميّة واستمرار الاحتلال وعدم تسليم الأسرى، حتى أنّه في الوقت الذي كان فيه مجلس الوزراء يناقش ورقة توم برّاك، كان العدو الإسرائيلي يستهدف منطقة المصنع ويقتل اللبنانيّين».
ولفت لحود الى أن «من المسلّم به أن يقوم الجيش بمهمّة الدفاع عن الوطن، ونحن أكثر من يعرف مناقبيّته ووطنيّته، ولكنّ على الدولة أن تسلّحه علماً أنّه ممنوع من التسلّح لمواجهة العدو. وحين يوافقون على تسليح الجيش، من دون قيد أو شرط، نقبل بمناقشة تخلّي المقاومة عن سلاحها، علماً أنّ لبنان يواجه خطراً ليس فقط من «إسرائيل» بل أيضاً من جهات أخرى تملك مطامع واضحة في لبنان». وأضاف لحود: «كي لا يُفسّر كلامنا في خانة الانحياز، نأمل أن يُبدي «السياديّون» الحرص نفسه على الوحدة حين يأتي أوان الانتخابات النيابيّة، بدل أن نشهد تناتشهم على مقعدٍ نيابيّ».
وأطلق رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمد رعد، جملة من المواقف من التطورات حاسماً النقاش بمسألة السلاح بمعادلة: «الموت ولا تسليم السلاح». وشدّد رعد على أنّ «قرار «سحب السلاح» الذي اتّخذته الحكومة فرضته الإملاءات وليس قراراً سيادياً ونُزعت عنه الميثاقية الوطنية»، مشدّداً على أنّ «من يسلّم سلاحه يسلّم شرفه وتسليم السلاح انتحار»، متسائلاً: «من يضمن حماية البلد في حال تسليم السلاح؟». وكشف عن أنّ «الموضوع هو جرّ لبنان من أذنه إلى المصالحة مع «إسرائيل»»، منبّهاً إلى أنّ «من أخذ قرار سحب السلاح يعرف ما تداعياته»، ومشيراً إلى أنّ «البقاء في الحكومة من عدمه يقرّره الحزب»، قائلاً: «لا تسليم للسلاح و»يروحوا يبلطوا البحر».
وأكد أنّ قرار «سحب السلاح» الذي اتّخذته الحكومة، قرار مرتجَل فرضته الإملاءات وليس قراراً سيادياً ونُزعت عنه الميثاقية الوطنية، والذين اتخذوه يقولون إنّهم اتّخذوه بناءً للضغوط». وكشف عن «اتصالات حصلت يوم الثلاثاء من دبلوماسيّين مواكبين للضغط الأميركي ببعض الشخصيات من أجل الاتصال برئيس الجمهورية لتهنئته».
وجزم بأنّه «لا توجد سلطة تتحمَّل مسؤولية بل توجد سلطة تعمل برنامجاً مقرَّراً لها ولا تستطيع أنْ تحيد قيد أنملة عنه». وأضاف: «في جلسة واحدة تقول إنّ هذا السلاح غير شرعي! يمكن أنت غير شرعي. 33 سنة وأنت تُقرُّ بشرعيّة هذا السلاح وحالياً تقول غير شرعي».
وأضاف: «جدوى بقاء السلاح أنْ تبقى مواطناً شريفاً. مَن يسلّم سلاحه يسلّم شرفه»، سائلاً «هل يسلّم العسكر في الجيش سلاحهم الذي هو شرفهم؟ هل يدعون العالم إلى الخيانة بتسليم السلاح؟ من يضمن حماية البلد في حال تسليم السلاح؟»، مشدّداً على أنّ «تسليم السلاح انتحار».
وتابع: «قلتُ لمن يعنيهم الأمر من السلطة إذا سلمنا سلاحاً هل تضمن أنْ «الإسرائيلي» لا يطالبك بأمر ثانٍ، قالوا لي: «لوقتها نرى». أريد أمناً واستقراراً ولكنْ في ظل قرار الحكومة لا أضمن شيئاً، وهي التي أخذت القرار بفتح باب التوتر الداخليّ. صاحب القرار السياسيّ يتحمّل المسؤولية في كل تداعيات القرار الذي اتّخذه».
وقال: «حاولنا تصحيح القرار لكنْ وجدنا إصراراً، وقبلنا عودة الوزراء لتصحيح القرار لكنْ أصرّوا مناقشة ورقة (المبعوث الأميركي توم) برّاك لكي يبصم لهم الأميركيّ أنّهم مطيعون. كان يمكن أنْ يتأخَّر موضوع قرار سحب السلاح لكنّ التبرير الذي نسمعه هو الضغوط».
ورأى النائب رعد أنّ «من ساهم في إقرار نزع السلاح إمّا غبي أو أنّه ارتجل موقفاً غير مسؤول وارتكب خطيئة تدفع إلى خيارات صعبة».
وأردف: «أجواؤنا في الجنوب والبقاع والضاحية أنّ هذا القرار فتح لنا الطريق إلى كربلاء».
وفي ما أكّد أنّ «البقاء في الحكومة من عدمه يقرّره الحزب»، أكّد أنّ «الحزب حتى الآن لم يتّخذ أيّ تَوجُّه»، مضيفاً: «نحن حريصون على السلم لكنْ بعد هذا القرار لا ندري ما هي الضمانة للسلم الأهلي. القرار خطير فكيف يمكن أنْ نضمن ارتداداته؟».
وأضاف: «نحن لا نبدّل ثوابتنا في ما هناك في العالم الكثير من الذين يبدّلون ثوابتهم مثلما يبدّلون ثيابهم»، متوجّهاً إلى المسؤولين بالقول: «في المساحات المشتركة لقد اعتديتم على حصَّتنا التي هي أمننا». وتساءل»: «الجيش الذي يقبض رواتبه من الخارج كيف يحمينا؟»، فـ»أنا أقول الموت ولا تسليم السلاح و»يروحوا يبلطوا البحر»»، وفق تعبير النائب رعد.
وقال النائب رعد: «لا يمكن أنْ نعيد الإعمار بالحرام وعلى حساب دماء الشهداء. نحن الذين نبني وبنينا في ما مضى ولسنا عاجزين ولنا حصَّة في الدولة عليها أنْ تدفعها وتستطيع ذلك». وكشف عن أنّه «بعد استشهاد سماحة الشهيد الأسمى ازددنا تعلقاً وحباً بالرئيس بري وازداد التنسيق معه».
بدوره، أوضح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، خلال استقباله النّائب البطريركي العام على نيابة إهدن ـ زغرتا المطران جوزيف نفاع والمونسنيور إسطفان فرنجية وكهنة رعية زغرتا ـ إهدن أنّ «حصرية السلاح في يد الدولة مطلب وطني والكل موافق، ولكن الاستعجال والتسرّع يخفي خطراً ما، ولو كانت نيّة البعض إيجابية لكنّ البعض الآخر وفي مقدّمهم بعض السفراء يعملون حسب أجندة محدّدة، حيث تتقاطع مصالح دولهم مع مصالح «إسرائيل» التي تضمن استمراريتها بتفتيت دول المنطقة». وقال فرنجية: «إننا نحذّر من الفتنة والانجرار الى وعود فارغة وقد تكون مدمّرة».
وأشار فرنجية إلى أنّ «المنطقة تمرّ في وضع صعب وخطير والمشروع الذي جاء إلى المنطقة منذ 2010 وبدأ في مصر وتونس وليبيا وصولاً إلى سورية تحت شعار الحرية والديمقراطية وإسقاط الديكتاتوريات، لم يؤدّ إلا إلى الفوضى والانهيار وإلى ضرب الأقليات وتخويفها وجرّها إلى المطالبة بالأمن الذاتي أو التقسيم كما هو حاصل ويحصل في الساحل السوري والسويداء والمناطق الكردية، وهذا أمر خطير وقد ينسحب لا سمح الله على لبنان».
من جانبه، أشار نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ علي الخطيب، إلى أنه «لا يزال لدينا رغم الإصرار على المضيّ قدُماً في السير بقراره الخاطئ في الجلسة الأخيرة التي انسحب منها الوزراء الأربعة، وافتقاد الجلسة بذلك للشرعية الدستورية، ما زال رغم ذلك لدينا الأمل في إيجاد المخرج الذي يحفظ ماء الوجه وعدم وضع البلد في حالة من عدم الانتظام الدستوري».
وتوجه الخطيب الى «جمهور المقاومة بعدم القيام بأي رد فعل يريد البعض أن يستفزكم به. لذلك نحن من يريد الحفاظ على السلم الأهلي، فهو يعنينا كما المقاومة، ألم ندفع الأثمان الكبيرة من أجل ذلك؟».
في غضون ذلك، علمت «البناء» أنّ «ثنائي حركة أمل وحزب الله يدرسون كافة الخيارات بعد قرارات الحكومة الخاطئة، ومن بينها الاستقالة مع استبعاده حتى الساعة لاعتبارات عديدة، نظراً للحاجة إلى حضور وزراء الثنائي للاطلاع على ما يحيكه فريق نواف سلام ومناقشات المجلس وتسجيل المواقف والمناقشة ودعوة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة للعودة عن القرارات واحترام الشراكة والميثاقية»، ورجّحت المعلومات أن يتعامل الثنائي مع الجلسات على «القطعة» والذهاب الى خيار الاعتكاف كحد أقصى في المرحلة الراهنة.
وأكدت وزيرة البيئة تمارا الزين أنّ «الورقة الأميركية تمسّ بسيادة لبنان وتحتاج إلى مشاورات أوسع وإجماع وطني». وأضافت في حديث متلفز: «ما حدا يزايد علينا» فاعتراضنا لم يكن يوماً على تكليف الجيش اللبناني. ورداً على سؤال بشأن الاستقالة من الحكومة قالت الزين: «لو أردنا التعطيل لما شاركنا في الجلسات وكلّ شيء رهن بما ستؤول إليه الأمور».
وأفادت مصادر مطلعة لقناة «المنار»، بأنّ ثنائي حزب الله وحركة يواصل مشاوراته بشأن جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي لاتخاذ الموقف المناسب، لا سيّما حول استمرار انعقاد جلسة الحكومة رغم انسحاب الوزراء الشيعة منها». وقالت إنّ «الثنائي شارك في جلسة الخميس انطلاقاً من التزامه بثابتة وطنيّة تركز على حماية المصلحة الوطنية والاستقرار»، وإنّ «الثنائي يرفض التصعيد والتحريض مؤكداً عدم الاستسلام لمحاولات تفجير الأوضاع في الشارع، وموقفه نابع من حرص على الوطن وليس ضعفاً».
وشدّدت المصادر على أنّ «الثنائي سيواصل اتخاذ خطوات لحفظ الدماء وحماية البلد، وهذا لا يعني السكوت عن الحق أو قبول التجاوزات».
وفي سياق ذلك، ذكرت مصادر دبلوماسيّة لقناة «الجديد»، عن «ترحيب دوليّ بمقررات جلستَي الثلاثاء والخميس بشأن السلاح اللتين سيُبنى عليهما في حصول لبنان على دعم اقتصاديّ مباشر يفترض أن يبدأ في الأسابيع المقبلة».
وقالت إنّ «خطة الجيش شبه جاهزة بشأن حصر السلاح وسبق أن بدأ بإعدادها وتتضمّن أبراج المراقبة على الحدود اللبنانية الجنوبية وحواجز للجيش في بعلبك الهرمل وانتشاره في التلال الخمس»، والتي تواصل «إسرائيل» احتلالها في الجنوب. وكشفت مصادر حكومية للقناة أنّ «وفداً قطرياً يصل لبنان الأسبوع المقبل وسيزور السراي الحكومية ووزارة الطاقة».
وعلمت «البناء» أن تأجيل زيارة المبعوث الأميركيّ توم براك الى لبنان، تعود لخلافات داخل الإدارة الأميركية مع وجود تيار داخل وزارة الخارجية يريد إعادة تكليف المبعوثة السابقة مورغان أورتاغوس لتسلّم الملف، فيما ينتظر أن يتمّ منح الكونغرس الموافقة كسفير أميركي في لبنان وتسليمه الملف اللبناني.
ورحبت وزارة الخارجية الفرنسية بما وصفته «بالقرار التاريخي والجريء الذي اتخذته الحكومة اللبنانية، الذي عكس تقدماً باتجاه حصرية الدولة للسلاح وذلك وفق جدول زمني وخطة دقيقة».
وهنأ وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس، والسفير البريطاني هامش كويل، لبنان بالقرارات الحكوميّة، وأعربا عن استعدادهما لدعم لبنان.
بدوره، رحّب مجلس التعاون لدول الخليج العربية بقرار الحكومة اللبنانيّة حصر السلاح بيد الدولة في جميع أنحاء لبنان.
وشهدت الضاحية الجنوبية لبيروت أمس، مسيرات دراجات نارية رفضاً لقرار الحكومة بشأن سحب السلاح.
كما شهدت شوارع مدينة بعلبك مسيرات رفضاً للقرار الحكوميّ بشأن حصريّة السلاح والعمل على وضع مدة زمنية لذلك ودعماً لمواقف حزب الله وحركة أمل.
أمنيّاً، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، بـ»اندلاع حريق كبير في بلدة الجبين. وهرعت عناصر الدفاع المدني للعمل على إخماده، إلا أنّ مُسيّرة معادية أطلقت باتجاههم صاروخاً موجّهاً لمنعهم من إطفاء الحريق، ولم يُفَد عن إصابات».
وقد ناشد رئيس بلدية الجبين جعفر عقيل قيادتي الجيش و»اليونيفيل» المساعدة في إطفاء الحرائق التي أتت على أشجار الزيتون والأشجار المعمرة في البلدة.
وادّعى جيش الاحتلال الإسرائيلي «القضاء على محمد وشاح «أبو خليل» في منطقة البقاع اللبنانية، وهو سوري بارز في تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في سورية»، زاعماً أنه «كان مسؤولاً عن إبرام تعاون مع منظمات فلسطينية أخرى، وعمل على تعزيز التعاون مع المحور الشيعيّ، وفي الآونة الأخيرة عمل على تنفيذ أنشطة عسكرية ضد أهداف إسرائيلية».
***********************************************
افتتاحية صحيفة النهار
الترحيب الخارجي رافعة للتحول اللبناني وبراك يعود مجددا
في المواقف السياسية الداخلية برز موقف متحفظ لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي اكد” أن حصرية السلاح بيد الدولة مطلب وطني يتفق عليه الجميع، إلا أن الاستعجال والتسرع في هذا الملف يخفي خطرًا ما”
مع ان موجة “تنظيم” العراضات الاحتجاجية بالدراجات النارية وسواها في مناطق مختلفة من ضاحية بيروت الجنوبية إلى الجنوب إلى البقاع الشمالي تواصلت امس ايذاناً بإبقاء صوت الشارع حاضرا في المشهد الداخلي الطارئ الذي يعيش تحولا مفصليا وتاريخيا منذ الثلاثاء 5 آب والخميس 7 آب تاريخي جلستي قراري مجلس الوزراء بحصرية السلاح بيد الدولة وإقرار أهداف ورقة توم براك ، فان ذلك لم يحجب الجانب الأبرز الذي تصاعد في الساعات الأخيرة عبر ترددات الترحيب الغربي والخليجي الواسع بالتحول اللبناني الأخير . وقد اكتسبت ردود الفعل الأميركية والفرنسية والأوروبية والخليجية دلالات مهمة للغاية اذ تسارعت بوتيرة كثيفة ما ان أعلنت واشنطن أولى إشارات الترحيب بقراري مجلس الوزراء بما يؤشر إلى انفتاح مرحلة جديدة طال انتظارها لجهة توقع الدعم الخارجي للسلطة وترجمته ديبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا في مقابل التزام الدولة اللبنانية بتنفيذ القرارات المفصلية السيادية التي اتخذها مجلس الوزراء بحذافيرها ومن دون أي تراجع او تلكؤ . وتزامن ذلك مع معلومات من مصادر متعددة تفيد بان الموفد الأميركي توم براك سيعود إلى لبنان في وقت قريب لاستئناف وساطته على أساس الموقف الذي اتخذه مجلس الوزراء من ورقته . وقد بات هذا الجانب اساسياً غداة جلستي مجلس الوزراء فيما ستكون الأنظار شاخصة إلى الحلقة الثانية المقبلة المتمثلة بتسلم مجلس الوزراء خطة قيادة الجيش لتنفيذ قرار حصرية السلاح . واما السيناريوات المتصلة بتصاعد رفض الثنائي الشيعي لقراري مجلس الوزراء فلا يبدو انها ستتجاوز ما حصل حتى الان ان سياسيا وحكوميا بعدم الذهاب أبعد إلى استقالة وزراء الثنائي وهذا صار شبه محسوم او “شارعيا” بعدم تجاوز التعبير السلبي بالتظاهرات الدراجة لا ابعد . وتبقى المرحلة الأكثر حساسية بعد انجاز خطة قيادة الجيش وتبنيها من مجلس الوزراء بما يصعب معه من الان الخوض في التوقعات المتسرعة في انتظار بلورة المناخات حتى نهاية آب على الأقل .
في الانتظار توالت حلقات الترحيب الخارجي امس وكان ابرزها موقف مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي رحب بقرار الحكومة اللبنانية حصر السلاح بيد الدولة في جميع أنحاء لبنان. وأكد الأمين العام لمجلس التعاون أن” هذا القرار يشكل خطوة مهمة نحو تعزيز سيادة الدولة اللبنانية وترسيخ الاستقرار والأمن للشعب اللبناني وتفعيل مؤسساتها”، مشيرا إلى أن” التقدم في هذا المسار مقرونا بالإصلاحات المطلوبة سيسهم بشكل كبير في تعزيز ثقة المجتمع الدولي والشركاء متعدد الأطراف، ويمهد الطريق لبيئة أكثر جذبا للاستثمار، بما في ذلك القطاع الخاص”. كما جدد” تأكيد دعم مجلس التعاون المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، ولمسار الإصلاح وبناء الدولة اللبنانية، وضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن بشأن لبنان، وبخاصة القرار 1701، واتفاق الطائف، لاستعادة الأمن والاستقرار الدائم في لبنان، وضمان احترام سلامة أراضيه واستقلاله السياسي وسيادته داخل حدوده المعترف بها دوليا، وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية، بما يلبي تطلعات الشعب اللبناني نحو مستقبل أكثر أمنا وازدهارا واستقرارا”.
كذلك رحبت وزارة الخارجية الفرنسية بالقرار التاريخي والجريء الذي اتخذته الحكومة اللبنانية، الذي عكس تقدماً باتجاه حصرية الدولة للسلاح وذلك وفق جدول زمني وخطة دقيقة. ووصف الناطق بإسم الوزارة القرار بأنه مؤشر قوي يظهر تصميم السلطات اللبنانية على أن يكون لبنان بلداً سيداً وأن يتم إعادة إعماره وتحقيق الازدهار، كما ضمان وحدة أراضيه وفق حدود متفق عليها مع جيرانه ويعيش بسلام معهم.
وأضاف المتحدث الفرنسي ان فرنسا والشركاء الأوروبيين والأميركيين، كما الشركاء في المنطقة، ستواصل الوقوف الى جانب السلطات اللبنانية من أجل تنفيذ تعهّداتها، وستعمل أيضاً من خلال مشاركتها في آلية المراقبة مع الولايات المتحدة على وقف اطلاق النار الذي يمكن تعزيزه. وشدد الموقف الفرنسي على أن باريس تعمل من خلال دعمها للقوات العسكرية اللبنانية والتزامها بقوات اليونيفيل التي تتمتع بدور أساسي على تثبيت الأمن في جنوب لبنان وتطبيق القرار ١٧٠١. ودعت الخارجية الفرنسية جميع اللاعبين اللبنانيين الى احترام قرار الحكومة السيادي والشرعي.
من جهته، اشاد عضو الكونغرس الأميركي داريل عيسى بالقرار خلال زيارته لرئيس الحكومة نواف سلام في حضور السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون ونائب رئيس مجموعة “تاسك فورس فور ليبانون” نجاد فارس. وقال عيسى “هذا يوم جديد للبنان، ولقد سجل الكثير من التقدم في الأيام الماضية، ونحن نتحدث عن ولادة جديدة للبنان وعن الاعمار واعادة الإعمار اكان في الجنوب او في كل لبنان، وعن الاحتياجات العديدة في قطاعات مختلفة مثل الكهرباء والمياه، وكيف يمكن للولايات المتحدة مع شركاء لها في اوروبا والخليج ان نعمل معا وسريعا من أجل تحقيق ذلك، وبحثنا في المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، وإعادة هيكلة المصارف والعديد من المواضيع، ولكن كل هذه الأمور ما كانت لتحصل لولا وجود حكومة فعالة وموحدة … واعتقد بان اي لبناني صالح يود ان يتأكد من تسليم السلاح، واتوقع بأن يكون التسليم طوعيا، ولكن هذا قرار اتخذته الحكومة اللبنانية، واعتقد بإن الحكومة موحدة حول الحاجة الى تطبيقه، ونعتقد ان الجيش اللبناني سيقوم بما هو مطلوب منه في نهاية آب”.
وكان رئيس الجمهورية العماد جوزف عون اكد في كلمة القاها في خلال رعايته افتتاح مؤتمر “الاقتصاد الاغترابي الرابع” ، “أن الطريق صعب، وأن هناك إصلاحات وقوانين في طور الإعداد. لكن الإصلاح على طريق الإقرار، ونحن نعمل بإصرار على مجموعة ملفات، بعضها صار قانوناً وبدأ تطبيقه، وبعضها لا يزال قيد التحضير والنقاش”:
اما في المواقف السياسية الداخلية فبرز موقف متحفظ لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي اكد” أن حصرية السلاح بيد الدولة مطلب وطني يتفق عليه الجميع، إلا أن الاستعجال والتسرع في هذا الملف يخفي خطرًا ما”، موضحًا “أن نوايا بعض الأطراف قد تكون إيجابية، لكن أطرافًا أخرى، وفي مقدمتهم بعض السفراء، يعملون وفق أجندات محددة تتقاطع فيها مصالح دولهم مع مصالح إسرائيل، التي تضمن استمراريتها عبر تفتيت دول المنطقة. وختم بالتحذير من “الفتنة والانجرار خلف وعود فارغة قد تكون مدمّرة”.
في المقابل اعلن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل بعد زيارته ووفد كتائبي للرئيس عون في قصر بعبدا : ” وقوف حزب الكتائب الى جانبه وجانب الحكومة ورئيسها. نحن فخورون انه، وللمرة الأولى منذ 35 سنة، وصلنا الى هذا النهار الذي كنا ننتظره. وهو اليوم الذي تكون فيه للدولة اللبنانية الجرأة، من قبل رئيس الجمهورية والحكومة ورئيسها، لأخذ هذه القرارات التاريخية القادرة وحدها على بناء دولة. وهذه الدولة التي يحاول فخامة الرئيس بناءها هي لكل اللبنانيين. وجوابا على كل الكلام الذي يصدر، والذي يذكر فيه البعض بفترة الطائف، وخلاصته ان الزمن كان في إتجاه واليوم بات في إتجاه معاكس، فإنني اريد ان اذكّر انه في التسعينيات حصل إقصاء لكل القوى المسيحية بين نفي وسجن وقتل. وكان هناك وضع يد ووصاية سورية على لبنان. إن الصفحة الجديدة التي يحاول فخامة الرئيس فتحها اليوم، ونحن نحاول معه تقديمها، هي لأول مرة في تاريخ لبنان يكون فيها لبنان من دون وصاية احد أيا كان، وتبنى فيها دولة بشراكة كاملة بين كل اللبنانيين، حيث لا إقصاء لأي كان. ومن هنا أهمية ما يتم العمل عليه اليوم، وما نريد ان نؤكد عليه كحزب الكتائب، بناء على ما تكلمنا به في مجلس النواب، حيث دعونا لمصالحة ومصارحة، والى شراكة حقيقية بين جميع اللبنانيين. ونحن اليوم ندعو كل القوى التي لا زالت متحفظة على مسار بناء الدولة، مؤكدين لها اننا نمد اليد الى جميع اللبنانيين تحت سقف القانون والدولة، وسيادتها والمساواة بين اللبنانيين بحيث لا يكون للبعض حقوق لا يتمتع بها غيرهم.”
في غضون ذلك مضت إسرائيل في عمليات الاغتيال فاستهدف الطيران المسيّر الإسرائيلي امس سيارة رابيد على اوتوستراد صيدا – صور بالقرب من جامعة “فينيسيا”، أدت الى مقتل الاعلامي المراسل والمصور ومدير موقع”هوانا لبنان” محمد شحادة.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر منصة “إكس”، أن طائرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي نفذت غارة في منطقة عدلون بجنوب لبنان، أسفرت عن مقتل محمد حمزة شحادة، الذي قال إنه يشغل منصب مسؤول استخبارات في قوة الرضوان التابعة للحزب .
*******************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
إيران تتمسك بسلاح «الحزب» لفتح قنوات التفاوض مع واشنطن
توجهت برسالة لبيئة «المقاومة» تعويضاً لعدم تدخلها عسكرياً
بيروت: محمد شقير
تدخّل إيران بلسان وزير خارجيتها عباس عراقجي في الشأن الداخلي بالطلب من «الحزب» عدم تسليم سلاحه، يضع علاقتها بلبنان على حافة الهاوية، خصوصاً أنه سبق أن تدخّل في أثناء تصاعد وتيرة المواجهة بين الحزب وإسرائيل، وكان وراء اضطرار رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، عندما التقاه، للفت نظره بوجوب التقيُّد بالأصول الدبلوماسية الناظمة للعلاقات بين الدول واحترام السيادة اللبنانية، ومن قبله سبق لرئيس الحكومة آنذاك نجيب ميقاتي أن أبدى في العلن انزعاجه الشديد من رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف على خلفية إبداء استعداد بلاده للتفاوض مع فرنسا لتطبيق القرار 1701.
فطلب عراقجي من «الحزب» عدم تسليم سلاحه تلازم مع موقف مماثل للحزب بإعلان تعامله حيال تكليف مجلس الوزراء قيادة الجيش بوضع خطة، قبل انتهاء شهر أغسطس (آب) الحالي، تؤدي لحصر السلاح بيد الدولة وكأنه لم يكن، وهذا ما يذكّرنا، كما يقول مصدر وزاري، بانقلاب الحزب على تعهّده بحياد لبنان الذي تم التوصل إليه بإجماع القوى السياسية في أثناء تولي ميشال سليمان رئاسة الجمهورية.
ويؤكد المصدر الوزاري لـ«الشرق الأوسط» أن عراقجي يتوخى بطلبه هذا من الحزب توجيه رسالتين: الأولى للولايات المتحدة الأميركية باعتبارها واضعة الورقة التي أعدها الوسيط الأميركي السفير توم برّاك، ويشكّل حصر السلاح بيد الدولة الإطار العام فيها لبسط سلطة الدولة اللبنانية على كافة أراضيها. والثانية لبيئة المقاومة لعله يبدد قلقها حيال عدم تدخل إيران في الحرب ضد إسرائيل. مع أنه، أي عراقجي، يدرك أن الضغط لن يؤدي إلى تراجع مجلس الوزراء عن تبنيه للورقة الأميركية في ضوء الرد اللبناني عليها.
ويلفت إلى أن عراقجي أراد بموقفه هذا «التحرش» بواشنطن لإعلامها بأن إيران تبقى الممر الإلزامي لإقناع حليفها بالانخراط في التسوية التي تقوم على حصر السلاح، وبالتالي لا خيار أمامها إلا بالتواصل معها، في محاولة إيرانية مكشوفة لفتح قناة للتفاوض في الحائط المسدود الذي لا يزال يعطّل معاودة المفاوضات الأميركية – الإيرانية حول السلاح النووي.
ويقول المصدر إن عراقجي يحاول بطلبه هذا من الحزب، استدراج لبنان للانزلاق إلى حافة الهاوية لعل واشنطن تستجيب ضمناً لطلب طهران بمعاودة التفاوض معها، رغم أنها تدرك أن تهديدها للحكومة اللبنانية لن يؤدي لإقناع الإدارة الأميركية بتعديل موقفها، بل ستتصلب في مواجهة التعطيل الإيراني للحل الأميركي المدعوم عربياً ودولياً لمساعدة لبنان للخروج من التأزم، ويؤكد أن طهران كانت وما زالت تستخدم لبنان ساحة لتحسين شروطها للعودة إلى المنطقة من البوابة اللبنانية، بعد أن خسرت موقعها في سوريا بسقوط بشار الأسد، وفي بغداد بعدم انخراط «الحشد الشعبي» في المواجهة دفاعاً عنها.
ويؤكد أن المصالح الإيرانية في الشرق الأوسط أصيبت بضربة قاصمة يصعب على القيادة الإيرانية تعويضها في منطقة أخرى، وإن كانت لم تفقد الأمل باستعادة نفوذها باستخدامها الساحة اللبنانية لتحسين شروطها بإيعازها للحزب بعدم تسليم سلاحه.
أما الرسالة الثانية لإيران بدعوتها الحزب إلى الاحتفاظ بسلاحه فموجّهة خصيصاً لحاضنة المقاومة لتبديد حالة الإرباك التي سيطرت عليها بعدم تدخّلها إلى جانب الحزب وتركته وحيداً في حربه مع إسرائيل التي بلغت ذروتها باغتيالها أمينيه العامين السابقين نصر الله وهاشم صفي الدين، وأبرز قياداته العسكرية والأمنية.
فالوزير الإيراني بقوله إن الحزب استعاد قدراته العسكرية أراد، بحسب المصدر الوزاري، التصالح مع جمهور المقاومة لعله ينجح بتبديد قلقه وسحب تساؤلاته من التداول حول الغموض الذي يكتنف موقف طهران بعدم مناصرتها الحزب رغم التهديدات بالتدخل التي كان قد أطلقها المرشد علي خامنئي.
ويسأل المصدر: هل تأكيد عراقجي استعادة المقاومة قدراتها العسكرية يدعو بيئتها للاطمئنان بأنها استردت توازن الرعب وقواعد الاشتباك كما كانت عليه قبل إسناد الحزب لغزة؟ وأين تكمن المصلحة في كشفه عن أسرار عسكرية بهذا المستوى؟ ولماذا اختار هذا التوقيت للإعلان عن ذلك؟ وهل يصرف موقفه ميدانياً، أم أراد تزويده بجرعة معنوية ليس أكثر؟
ويضيف بأن دعوة عراقجي لن تؤدي لخفض منسوب التحولات في المنطقة ولبنان بخروج محور الممانعة بقيادة إيران من المعادلة في الإقليم، وبالتالي لن تعيد التوازن العسكري لما كان عليه بين إسرائيل والحزب قبل إسناده لغزة؛ لأن خريطة التحالف في الداخل اللبناني لم تعد كما كانت قبل اندلاع الحرب التي تسببت بابتعاد حلفائه عنه، ولم يبق بجانبه سوى حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
وعليه، فإن لبنان، مع تصاعد الاشتباك السياسي بين الثنائي الشيعي والأكثرية الداعمة للحكومة بتبنيها الأفكار الأميركية لتطبيق حصرية السلاح، يقف أمام إقحامه بدورة غير مسبوقة من التأزم السياسي ومحكومة بشد الحبال بينهما بغية تقطيع الوقت لفترة زمنية حتى انتهاء قيادة الجيش من وضع الخطة لتطبيق حصرية السلاح، ليكون في وسع الثنائي أن يبني على الشيء مقتضاه، مع أن سحب وزرائه ليس مطروحاً حتى الساعة، فيما جنوح الحزب نحو تحريك الساحة احتجاجاً على موقف الحكومة يبقى محدوداً رغم العراضة بالدراجات النارية التي شهدتها مناطق نفوذه، وامتدت ليل أمس إلى أطراف بيروت، بعدما دعا الرئيس بري محازبي حركة «أمل» إلى عدم المشاركة في المسيرات وتحذيره الاقتراب من العاصمة؛ لقطع الطريق على حصول إشكالات تنذر ببوادر احتقان مذهبي وطائفي.
وإلى أن تفرغ قيادة الجيش من إعداد الخطة، فإن ما يشغل البال انقطاع التواصل بين رئيسي الجمهورية العماد جوزيف عون والحكومة نواف سلام من جهة، والرئيس بري من جهة أخرى، على أمل أن تنجح الاتصالات لعلها تؤدي للتأسيس لشبكة أمان تشكل حماية للبنان، بالتلازم مع التوافق على حصرية السلاح على نحو يطمئن الثنائي، وتحديداً «الحزب» الذي يتطلع، بحسب المصدر، لثمن سياسي لتبرئة انعطافته أمام بيئته، في مقابل تسليم سلاحه.
*******************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
الداخل مسموم… وتحذير من الشارع والفتنة «أزمة القرارين» تتفاعل وترقّب للخطوات التالية
أمرٌ وحيد يجب الإقرار به، هو أنّ السياسة المسمومة في البلد، بالتضافر والتضامن مع غرف الشحن والتجييش والتحريض، نجحت في تلويث الأجواء اللبنانية، وتعميم الخوف في كلّ الأرجاء، من أنّ لبنان يوشك أن يدخل في الزمن الصعب. هذا هو واقع الحال الذي ترسّخ في «اسبوع القرارين»، اللذين اتخذتهما الحكومة بسحب سلاح «الحزب» والموافقة على أهداف ورقة المبعوث الأميركي توم برّاك. وما بين مؤيّدي القرارين ومعارضيهما تنبري مجموعة من الأسئلة القلقة: ماذا بعد؟ وما هي الخطوة التالية؟ وهل سيكمّل مسار التصعيد السياسي، وربما غير السياسي تدحرجه الخطير، أم أنّ المجال مفتوح للعثور على حلّ عقلاني يكبح هذا التدحرج وينجّي البلد من السقوط في المحظور؟
أزمة كبرى
هذه الأسئلة، ومثلها الكثير يتداولها الناس. فالبلد وباعتراف الجميع هوى إلى أزمة كبرى معدومة المخارج، واللبنانيون زُجُّوا في قفص مفخخ بسيناريوهات مجهولة تُسقَط عليهم من المهوّلين، والعابثين، والمسترزقين، والنافخين في نار الأزمة، ومحترفي الرقص على الأطلال، وأقلّها يضع البلد على كفّ عفريت، ينذر بضربة قاضية لحاضر البلد ومستقبله.
في الخلاصة، تعدّدت الاحتمالات والسيناريوهات، والضحية واحدة هي البلد وأهله، وفي هذا المأزق المخيف، كلّ الأطراف، ومن دون استثناء أي منها، امام لحظة الحقيقة، وامتحان الوطنية والإحساس بالمسؤولية، والانتصار الجدّي والحقيقي للبلد ومصلحته، فالمسار كما هو واضح في انحدار متسارع وبلا كوابح، والخوف الخوف من أن تسود لغة الشارع التي بدأت تطلّ برأسها من عمق التنافر والتباعد والانقسام.
الارتدادات تتسارع
الواقع اللبناني يهتز، وباب ارتدادات القرارين وما سبقهما ورافقهما وتلاهما من تأييد واعتراض، مشرّع على مصراعيه، فالشارع كما تبدّى في الساعات الأخيرة يسوده غليان خطير يشرّع بدوره الباب على أسوأ الاحتمالات، وأهل الربط السياسي والرسمي بَعّد بينهم القراران، ويكاد لا يكون للثقة مطرحٌ في ما بينهم، وتوزّعوا بين اصطفافين متعاكسين، لكلٌ منهما خريطة طريق انتهجها في هذه المواجهة، وقد لا يتأخّر الوقت والحالة هذه، ليذوب ما تؤكّد عليه الرسائل المباشرة وغير المباشرة بـ«الحفاظ على الشعرة الرفيعة التي ما زالت تربط هذه الخطوط ببعضها البعض»، ويطفو ما يغلي في الصدور على السطح.
لا عودة إلى الوراء
الحكومة قالت كلمتها بإقرار القرارين. واللافت في هذا المستجد هو إجماع أطراف الاشتباك على القرارين على أنّ ما بعدهما غير ما قبلهما. واستطلعت «الجمهورية» متحمسين لقراري سحب السلاح والموافقة على الورقة الأميركية، عن الخطوة التالية، فبرز تأكيد على «أنّ الحكومة اتخذت القرارين ليس لوضعهما على الرف، بل لتنفيذهما، دون التأثر بأي تهويل أو معوقات سياسية او غير سياسية تعترض طريقها، وعلى كل الأطراف، وخصوصاً من قرّروا الاعتراض، أن يدركوا أنّ المسار انطلق، ولن يعيقه أو يوقفه شيء، فخطاب القَسَم لرئيس الجمهورية حدّد المسار، والبيان الوزاري محلّ إجماع عليه من كلّ الأطراف، والحكومة عملت بموجبهما، وتبعاً لذلك لا عودة بعقارب الساعة إلى الوراء».
من هنا، تؤكّد مصادر سياسية لـ«الجمهورية»، أنّ «حلبة القرارين مرشّحة للدخول في تجاذب سياسي أكثر حدّة مما هو عليه اليوم. فالحكومة بقرارها تكليف الجيش اللبناني إعداد خطة ضمن فترة لا تتعدى نهاية الشهر الجاري لسحب سلاح «الحزب»، ألزمت نفسها بقرار تنفيذي لهذه الخطة وضمن فترة زمنية حتى آخر السنة (5 اشهر). ولكن دون هذا التنفيذ تعقيدات كبرى ومحاذير، وأكثرها صعوبة عدم اعتراف الحزب بالقرار واعتباره غير موجود، ورفضه القاطع التخلّي عن سلاحه. والحكومة بالتزامها بالتنفيذ، لا تستطيع الّا أن تسلك هذا المسار، لأنّ عدم التنفيذ يعني سقوطها، وخضوعاً لإرادة «الحزب». فكيف في هذه الحالة سيُصار إلى التنفيذ؟ وبأيّ وسيلة؟ وهل بالصدام واستخدام القوة؟ وهل هناك قدرة على ذلك؟ واذا ما حصل ذلك، هل من يقدّر حجم التداعيات؟
كما أنّ الحكومة، تضيف المصادر، بقرارها الموافقة على أهداف الورقة الأميركية، «ثبّتت هذه الورقة على طاولة مجلس الوزراء، بحيث صار من الصعب جداً سحبها وإهمالها أو حتى تأجيلها، فلسحبها وإهمالها وتأجيلها ثمن باهظ مع الأميركيين الذين كانوا اول من رحّب بقرار الحكومة، وبالتالي ألزمت الحكومة نفسها باستكمال البحث فيها لإقرارها، بمعزل عن اعتراض ثنائي حركة «أمل» و«الحزب» عليها، ومن هنا فإنّ المرجح أن يكمل هذا المسار بالدعوة قريباً إلى جلسة او جلسات لمجلس الوزراء حول الورقة الأميركية، وهذا يعني البقاء في دائرة الاشتباك بين الحكومة بأكثريتها الموافقة على هذه الورقة، وبين «الثنائي الشيعي» (حركة «أمل» و«الحزب») وبيئتهما التي عبّرت عن نفسها ببعض التحرّكات في الشارع.
خلاصة الأمر، الوضع أكثر من حرج، وكلّ الأطراف عالقون ليس في عنق زجاجة، بل في «شيليمون» ضيّق، الخروج منه يتطلّب معجزة. ومن هنا، فإنّ الإشتباك هو عنوان المرحلة، وربما اشتباك مفتوح بلا سقف، وثمة صعوبة كبرى في تقدير خواتيم الامور وأي شكل سترسو عليه».
لا ميثاقية
الصورة في مقلب «الثنائي الشيعي»، وكما لاحظت «الجمهورية»، تظهر بوضوح «واقعاً مُستفَزًّا، وحالاً من عدم الإطمئنان، وغضباً عارماً على كلّ المستويات، وشعوراً بالإستهداف المتعمّد لواحد من المكوّنات الأساسيّة في البلد، وتجاوزاً له في أمر يهدّد مصيره ويضرب مصلحة البلد في الصميم.
يواكب ذلك حذر شديد من أن يكون خلف الأكمة امور أخرى أبعد من القرارين. وفق ما عبّر مصدر مسؤول في هذا الجانب لـ»الجمهورية»، حيث كانت أمام الحكومة فرصة في جلسة الخميس للتصحيح والعودة عن الخطأ، ولكنهم أصرّوا على تعميق الجرح، ولم ينقلبوا فقط على خطاب القَسَم والبيان الوزاري، بل انقلبوا على الدستور باتخاذ قرارات غير شرعية وغير ميثاقية في غياب المكوّن الشيعي، ونسفوا بذلك الفقرة «ي» من مقدمة الدستور التي تقول ما حرفيته :»لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك».
واللافت في كلام المصدر المسؤول عينه قوله «انّ التبريرات حول انّ الضغوط الخارجية التي مورست على كبار المسؤولين والسياسيين وحدها هي التي دفعت إلى اتخاذ القرارين، لا تعبّر عن الحقيقة الكاملة، حيث انّ الاتصالات المكثفة التي سُمّيت ضغوطاً كانت واضحة وشبه علنية وباللغتين الأميركية والعربية، وبعض كبار المسؤولين نقلوا شكواهم منها إلى مستويات وجهات سياسية معارضة للقرارين، الّا انّ الجهات الضاغطة لم تتكبّد أي عناء، وخصوصاً انّها تلاقت مع إرادات داخلية سبقت الضاغطين بمسافات، وليست في حاجة أصلاً الى ضغوط لتتأثر بها».
وعندما سُئل المصدر المسؤول عينه عن كيفية مواجهة ما استُجد، اكتفى بالقول: «المواجهة بدأت الآن، طبعاً المواجهة السياسية لقرارين لا يمكن القبول بهما، والكرة ليست في ملعبنا بل هي في ملعب من اتخذهما. وبالتأكيد أنّ تطور الامور مرهون بما قد يبرز من تطورات».
حذارِ الفتنة
إلى ذلك، علمت «الجمهورية»، انّ اتصالات على مستويات سياسية وأمنية جرت بصورة مكثفة خلال اليومين الأخيرين، جرى خلالها التأكيد على احترام إجراءات الجيش اللبناني في حماية السلم الأهلي، وحفظ أمن واستقرار البلد، وهذا معناه إحباط أي محاولة لتوتير الشارع او قطع الطرقات، ومنع حصول أي مظاهر وتحرّكات استفزازية او توتيرية من أي نوع كانت». وبحسب المعلومات، فإنّ ثنائي «حركة «امل» و»الحزب» عبّرا عن حرصهما على السلم الأهلي، وليسا معنيَّين بأيّ تحرّك من شأنه أن يمسّ به، وهما اصلاً ليسا في هذا الوارد».
بدوره أكّد مرجع سياسي لـ«الجمهورية»، أنّ السلم الأهلي خط أحمر، وانّه يرفض أي تحرّكات في الشارع. وخصوصاً انّ «التجربة مع الشارع دلّت اننا نكون بشارع فنصبح بشوارع خارجة عن السيطرة».
وحذّر المرجع عينه من «فتنة يُعمل لها من جهات تريد تخريب البلد»، وقال: «هناك من يريد الفتنة بين الشيعة والمسيحيين، وهناك من يريد الفتنة بين السنّة والشيعة، هذا واقع يجعلني أخشى أن اقول بأنّهم لا يريدون السلاح بقدر ما يريدون استهداف الشيعة بصورة عامة. كل ذلك، يجعلنا نتمسك بثوابتنا اكثر، وبحرصنا على لبنان وسلمه الاهلي اكثر، وبالتالي نحن لن نكون طرفاً في أي فتنة، بل سنواجهها ونمنعها، ولعن الله من يوقظها، فليفعلوا ما يشاؤون، وليمعنوا في الاستفزاز قدر ما يريدون، ولن ننجرّ إلى حيث يريدون أن يأخذونا. وللجميع نقول حذارِ الإنجرار إلى الفتنة ، والمطلوب هو التروّي وعدم الانفعال وتجنّب ما يحقق للخبثاء ما يريدونه».
ورداً على سؤال قال المرجع السياسي: «نحن ممثلون في الحكومة، ولن نغادر الحكومة بل سنبقى فيها، ووزراؤنا، لن يستقيلوا، فقد مارسوا حقهم الطبيعي في الإنسحاب من جلسة مجلس الوزراء احتجاجاً على أمر ضدّ مصلحة البلد، وموقفهم ثابت حياله. اما في ما خصّ الامور الأخرى فسيكملون مهامهم بصورة طبيعية».
وعمّا إذا كانت ظروف ما او تطورات تفرض مواجهتها بأبعد من خطوة الانسحاب من جلسة مجلس الوزراء، أي إلى تعليق المشاركة في الجلسات او الاستقالة من الحكومة، اكتفى المرجع السياسي بالقول: «لا تستعجلوا الظروف والتطورات، ودعونا الآن في ما نحن فيه، الوزراء انسحبوا من الجلسة وليس من الحكومة».
وعمّا إذا كان الباب ما زال مفتوحاً على حلول تخفف من وطأة الأزمة قال: «مفتاح الحلّ في يدهم وليس في يدنا. قلنا لهم انّ ما تُقدمون عليه أمر خطير جداً، قلنا لهم صحّحوا، فلم يفعلوا، فهل نقبل بذلك، لا. كل الأعراف والمواثيق الدولية والوطنية والأخلاقية والإنسانية تعطي الحق بالمقاومة والدفاع عن البلاد التي يُعتدى عليها، فكيف أجرّد نفسي من قوتي، وكيف أسحب السلاح والعدو يهدّدني، ويحتل أرضي وفوق رأسي ويستبيح سيادتي بالعدوان اليومي والاغتيالات على امتداد لبنان؟ وكيف أوافق على ورقة حلّ أميركي تطلب مني كل شيء ولا تجرؤ على أن تأخذ شيئاً من إسرائيل أو تلزمها بوقف العدوان؟ الجواب لا ننتظره من الخارج فهو يعبّر عن نفسه في الورقة الأميركية، بل ننتظره من شركائنا في الداخل».
عون في المؤتمر الاغترابي
افتتح الرئيس ميشال عون مؤتمر الاقتصاد الاغترابي الرابع بكلمة وجّه فيها الشكر للبنانيين المنتشرين في العالم على دعمهم المتواصل للبنان، مؤكداً أن المغتربين شكّلوا النبض الذي حافظ على الحياة الاقتصادية خلال الانهيار، إذ بلغت التحويلات السنوية 6.5 مليار دولار وشكّلت 33% من الناتج المحلي في ذروة الأزمة.
وشدد على أن المرحلة المقبلة تتطلب شراكة حقيقية مع الاغتراب، ليس فقط عبر الدعم المالي، بل من خلال الاستثمار ونقل المعرفة وخلق فرص العمل ودعم المشاريع الصغيرة. وأشار إلى بدء تنفيذ إصلاحات أساسية، بينها إعادة هيكلة القطاع المصرفي، الشراكة بين القطاعين العام والخاص، واستقلالية القضاء، بهدف خلق بيئة آمنة وشفافة للمستثمرين.
*******************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
الكرة في ملعب الإحتلال بعد قرارات الحكومة.. وبراك عائد
المشهد السياسي يميل إلى التبريد لا التصعيد.. وترحيب عربي ودولي بقرار حصر السلاح بيد الدولة
الثابت في السياسة وعلى الأرض، أن الاستقرار الوطني والسلم الأهلي خط أحمر، وأن الاطراف التي تضمها الحكومة بما فيها الثنائي الشيعي، والمؤسسات المرتبطة به ضنينة بالوحدة وبالاستقرار، والتطلع الى ضمان عمل مؤسسات الدولة.
و قالت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» ان رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لم يتلقّيا أية اشارات حول إمكانية استقالة الوزراء الشيعة، ولفتت الى ان لقاءً سيُعقد بين رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة لبحث تداعيات ما جرى في مجلس الوزراء مؤخراً.
وقالت المصادر ان حملة قوية تشن ضد رئيس الحكومة وقد يرتفع منسوب الإعتراض انما الحكومة مصممة على السير بقراراتها والتزاماتها، وبالتالي لا عودة الى الوراء في ما اتخذ لجهة حصرية السلاح وتكليف الجيش بإعداد الخطة وعرضها على مجلس الوزراء حول تسليم السلاح.
وأكدت ان سيلاً من المواقف الخارجية المرحبة تلقتها الحكومة بشأن هذا القرار، ما يؤشر الى ان المجال اصبح متاحا لمجموعة مساعدات قد تكون في طريقها الى لبنان.
وأوضحت مصادر المعلومات أن إستقالة وزراء الثنائي غير مطروحة حتى الآن، والأولوية ستكون لتسيير شؤون المواطنين والتعامل مع الملفات المعيشية الضاغطة، التي ستُشكّل محور الجلسات الحكومية المقرَّرة حتى نهاية آب الجاري موعد انتهاء مهلة وضع خطة الجيش.
كما قالت مصادر رسمية مسؤولة لـ «اللواء»: ان الكرة الآن في الملعب الاسرائيلي حيث ينتظر لبنان موقف حكومة الاحتلال من القرار اللبناني الحكومي، وهل ستقوم الادارة الاميركية بالضغط على اسرائيل؟ حيث ان لبنان يطالب اميركا بأكثر من موقف ترحيب بقرار الحكومة، بأن تسعى لدى الاحتلال ليقابل موقف لبنان الايجابي بموقف مماثل ولو بخطوة اولى يسهل استكمال البحث بهذا الملف ومن ثم تنفيذ القرار.واذا لم تبادر اسرائيل الى خطوة تنفيذية كوقف الاعمال الحربية العدائية او الانسحاب من النقاط المحتلة او من بعضها او اطلاق سراح بعض الاسرى، فسيتوقف مفعول القرار اللبناني وتتوقف كل الحلول. وسيتصلب الحزب اكثر في موقفه.والاميركي اصبح في صورة الوضع ونحن ننتظر ان يبادر الى الضغط على اسرائيل لتنفيذ اول خطوة منها في آلية تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار.
واوضحت المصادر ان هناك اتصالات لتهدئة الامور بعد انسحاب وزراء الثنائي من جلسة الخميس، ولكي تبقى ردود الفعل محصورة بإطار المواقف الكلامية وليس بتوترات على الارض.
وينتظر لبنان الرسمي والسياسي والشعبي الخطوة التي ستلي قراري الحكومة في جلستي الثلاثاء والخميس حول تطبيق حصرية السلاح، سواء من الحكومة او من ثنائي امل والحزب، او حتى من قيادة الجيش المكلف وضع الخطة التنفيذية لقرار الحكومة خلال شهر آب. كما مطلوب خطوة تنفيذية من الجانب الاميركي للضغط على اسرائيل لتنفيذ خطوة مما نص عليه اتفاق وقف اطلاق النار.فيما الند المتعلق بالجانب السوري وترتيب العلاقات يبدو مجمداً حتى تتحسن وتستقر اوضاع سوريا، لأن السلطة الجديدة منشغلة بامور كثيرة وخطيرة وليست مشغولة بلبنان، حسب مصادر رسمية.
وقالت مصادر حكومية لـ «اللواء» ان لا جلسات لمجلس الوزراء قبل ان تهدأ النفوس، والحكومة تنتظر خطة الجيش اللبناني حول تطبيق جمع السلاح نهاية هذا الشهر حسب قرار مجلس الوزراء لتبني على الشيء مقتضاه، كما ننتظر وصول الموفد الاميركي توم براك بعد نحو عشرة ايام اي يوم الاثنين الذي يلي الاسبوع المقبل(يوما 18 و19 آب).لنعرف ما الخطوة الاميركية التي ستتخذ بعد الترحيب الاميركي بقرار الحكومة.
ولكن ذكرت بعض المعلومات ان وزراء الثنائي لن يقاطعوا الجلسات العادية التي تتناول قضايا معيشية واجتماعية إجرائية عادية. وحسب مصادر وزراء القوات اللبنانية فإن الرئيس نواف سلام سيدعو لجلسة يوم الثلاثاء من الاسبوع المقبل تتضمن بنوداً عادية.
ورأت بعض المصادر ان زيارة وزير العمل محمد حيدر الى بعبدا، اشارة ايجابية من الثنائي، وإن كان المعلن انه اطلع رئيس الجمهورية على نتائج زيارته الى العراق.
وحسب مصادر حكومية فإن ما أُقِرَّ في جلستي الحكومة الثلثاء والخميس جنّب لبنان الاستمرار في دوامة المراوحة والعزلة، وتساءلت: ما الداعي للاعتراض على القرارات ما دامت الورقة الاميركية تلحظ مطالب لبنان بانسحاب اسرائيل ووقف العدوان وتثبيت الحدود واعادة الاعمار.
ورأت المصادر ان الحكومة تقدمت خطوة كبيرة الى الامام فهل سيبادلها المجتمع الدولي بخطوة مماثلة.
وحسبما نُقل عن وزيرة البيئة تمارا الزين: لو اردنا التعطيل لما شاركنا في الجلسات، وكل شيء رهن بما ستؤول اليه الامور.
وكشف رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد ان لا توجه او اي قرار للحزب في ما خص الحركة في الشارع او سواها. ووصف قرارات الحكومة بالخطيرة وهي مرتجلة، وليست سيادية.
واشار رعد الى ان تسليم السلاح هو انتحار، ونحن لا ننوي الانتحار.
واعتبر ان الذي اتخذ القرار إمَّا غبي او ارتجل موقفا غير محسوب النتائج.
ورد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ان الانتحار الاستمرار بالسلاح. وقال ان بيئة الحزب هي المتضررة خلال 24 قرية مدمرة في الجنوب، داعيا الحزب لطرح الثقة بالحكومة، ووجَّه جعجع تحية الى الوزراء الشيعة الذين انسحبوا من الجلسة بطريقة ديمقراطية و«مرتّبة».
عودة براك
دولياً، تحدثت معلومات عن توجُّه لدى الموفد الاميركي توم براك للعودة الى بيروت في وقت قريب لمتابعة الوضع عن كثب بعد قرارات مجلس الوزراء الأخيرة.
ترحيب بقرار الحكومة
ولاقى قرار الحكومة ترحيبا عربيا وغربيا حيث رحب مجلس التعاون لدول الخليج العربية بقرار الحكومة اللبنانية حصر السلاح بيد الدولة في جميع أنحاء لبنان. وذكرت مصادر المعلومات ان وفدا قطريا سيزور لبنان الاسبوع المقبل للبحث مع الرئيس سلام ووزير الطاقة ما يمكن تقديمه من مساعدات.
كما جرت لقاءات لبنانية- اميركية للبحث في دعم الجيش اللبناني بالمعدات والتجهيزات لتمكينه من تطبيق قرار حصر السلاح ومن ثم التمركز في المناطق التي ينسحب منها الاحتلال الاسرائيلي.
وقال الأمين العام لمجلس التعاون في بيان له امس، اوردته وكالة الانباء القطرية «قنا»: أن هذا القرار يشكل خطوة مهمة نحو تعزيز سيادة الدولة اللبنانية وترسيخ الاستقرار والأمن للشعب اللبناني وتفعيل مؤسساتها، وأن التقدم في هذا المسار مقرونا بالإصلاحات المطلوبة سيسهم بشكل كبير في تعزيز ثقة المجتمع الدولي والشركاء متعدد الأطراف، ويمهد الطريق لبيئة أكثر جذبا للاستثمار، بما في ذلك القطاع الخاص.
وجدد «تأكيد دعم مجلس التعاون المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، ولمسار الإصلاح وبناء الدولة اللبنانية، وضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن بشأن لبنان، وبخاصة القرار 1701، واتفاق الطائف، لاستعادة الأمن والاستقرار الدائم في لبنان، وضمان احترام سلامة أراضيه واستقلاله السياسي وسيادته داخل حدوده المعترف بها دوليا، وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية، بما يلبي تطلعات الشعب اللبناني نحو مستقبل أكثر أمنا وازدهارا واستقرارا».
واعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، ان «قرار الحكومة اللبنانية اعتماد خطة عملية لتنفيذ قرار حصر السلاح بيد الدولة سبيلاً لاستقرار لبنان».
وأضاف: ان مسألة حصرية السلاح في يد الدولة هو مبدأ اساسي من مبادئ السيادة لا يجوز تجاهله او خرقه تحت اي ذريعة، وان قرار الحكومة اللبنانية باعطاء فترة زمنية للجيش لتطبيقه على الارض، ينبغي ان يلقى تعاونا ومساندة من كافة اللبنانيين والحريصين علي سيادة لبنان واستقلال قراره.
كما رحبت وزارة الخارجية الفرنسية ايضا بما وصفته «القرار التاريخي والجريء الذي اتخذته الحكومة اللبنانية، الذي عكس تقدماً باتجاه حصرية الدولة للسلاح وذلك وفق جدول زمني وخطة دقيقة». وقال الناطق بإسم الوزارة كريستوف لوموان: ان القرار مؤشر قوي يظهر تصميم السلطات اللبنانية على أن يكون لبنان بلداً سيداً، وأن يتم إعادة إعماره وتحقيق الازدهار، كما ضمان وحدة أراضيه وفق حدود متفق عليها مع جيرانه ويعيش بسلام معهم.
وأضاف المتحدث الفرنسي: ان فرنسا والشركاء الأوروبيين والأميركيين، كما الشركاء في المنطقة، ستواصل الوقوف الى جانب السلطات اللبنانية من أجل تنفيذ تعهّداتها، وستعمل أيضاً من خلال مشاركتها في آلية المراقبة مع الولايات المتحدة على وقف اطلاق النار الذي يمكن تعزيزه.
ومن السرايا الحكومية، اشاد بالقرار عضو الكونغرس الاميركي داريل عيسى الذي زار رئيس الحكومة نواف سلام، في حضور السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون ونائب رئيس مجموعة «تاسك فورس فور ليبانون» نجاد فارس، وقال عيسى بعد اللقاء: بصراحة هذا يوم جديد للبنان، ولقد سجل الكثير من التقدم في الأيام الماضية، ونحن نتحدث عن ولادة جديدة للبنان وعن الاعمار واعادة الإعمار اكان في الجنوب او في كل لبنان، وعن الاحتياجات العديدة في قطاعات مختلفة مثل الكهرباء والمياه، وكيف يمكن للولايات المتحدة مع شركاء لها في اوروبا والخليج ان نعمل معا وسريعا من أجل تحقيق ذلك، وبحثنا في المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، وإعادة هيكلة المصارف والعديد من المواضيع، ولكن كل هذه الأمور ما كانت لتحصل لولا وجود حكومة فعالة وموحدة.
وعن رأيه بما قاله الحزب بأنه لن يسلم سلاحه؟ قال:ان مجلس الوزراء اللبناني اتخذ قرارا بهذا الشأن، وهذا قرار صادقت عليه الحكومة، وقرار الحكومة يستند الى اتفاق عقد عام ١٩٨٩(الطائف) وينص على تسليم كل الميليشيات سلاحها، وهذا ما تحاول القوات المسلحة اللبنانية القيام به، واعتقد بأن كل مواطن لبناني مخلص يود ان يرى السلاح في يد الدولة اللبنانية، واعتقد بان اي لبناني صالح يود ان يتأكد من تسليم السلاح، واتوقع بأن يكون التسليم طوعيا، ولكن هذا قرار اتخذته الحكومة اللبنانية، واعتقد بإن الحكومة موحدة حول الحاجة الى تطبيقه، ونعتقد ان الجيش اللبناني سيقوم بما هو مطلوب منه في نهاية آب.
سئل: هل انت متفائل بمستقبل لبنان؟ أجاب: نعم انا ارى الان ولادة جديدة للبنان وهذا السبب الذي حملني لاتي الى هنا الآن، والقرارات التي اتخذت الان لم تتخذ منذ عقود، وأومن بشدة بأن هذه القرارات ستتحقق.
كما تلقّى الوزير يوسف رجي مساء امس اتصالاً هاتفياً من وزير خارجية اسبانيا خوسيه مانويل الباريس، هنأ خلاله الحكومة اللبنانية على قرارها القاضي بحصر السلاح بيد القوى الشرعية وبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية.
تجمُّعات في الضاحية
ولليلة الثانية على التوالي، جرت تجمعات مؤيدة للحزب وأمل عند مداخل الضاحية، واتخذ الجيش اللبناني الاجراءات المطلوبة لمنع اي احتكاكات او تعديات.
الاحتلال يستهدف إعلامياً
وفي يوميات الاعتداءات الاسرائيلية، استهدف الطيران المسيّر المعادي سيارة رابيد على اوتوستراد صيدا – صور بالقرب من جامعة «فينيسيا»، ما أدى الى استشهاد الاعلامي المراسل والمصور ومدير موقع «هوانا لبنان» محمد شحادة. وهومن بلدة عدلون.
وقد نعاه زملاؤه في بيان، معبرين عن «بالغ الحزن والاسى لفقدان زميل شجاع ارتقى شهيداً في العدوان الاسرائيلي الغادر، حيث استهدفته مسيرة معادية، وهو يؤدي رسالته المهنية بصدق وأمانة، شاهداً على الحقيقة ومنحازاً لنبض الناس».واكد البيان ان»محمد شحادة لم يكن مجرد ناقل خبر، بل كان صوت الميدان وصورة الواقع، يواجه الخطر ليُوصل الكلمة الحرة من قلب الحدث، مؤمناً بأن الصحافة أمانة في عنق صاحبها».
وزعم جيش الاحتلال الاسرائيلي ان الشهيد محمد حمزة شحادة «عمل مسؤول استخبارات في قوة الرضوان التابعة للحزب ».
وبعد الظهر، نفذ الاحتلال غارة من مسيّرة استهدفت جرافة في منطقة المحافر بين بلدتي بليدا وعيترون ما ادى الى اشتعالها. والقى العدو مناشيرفي عيترون زعم فيها «أنّ الآلية المستهدفة في عيترون تعمل لصالح الحزب»!
والقت درون اسرائيلية قنبلتين صوتيتين عند أطراف بلدة رميش باتجاه مزرعة ماعز دون تسجيل إصابات.
والى ذلك، القت درون اسرائيلية قنبلتين حارقتين على المنطقة الواقعة بين بلدتي الجبين ويارين ما أدى إلى نشوب حريق في المنطقة.
واكد رئيس بلدية الجبين جعفر عقيل بأن فرق الدفاع المدني في جمعية الرسالة في الإسعاف الصحي توجهت إلى المكان المستهدف، إلّا ان مسيّرة إسرائيلية اطلقت في اتجاههم صاروخا موجها لمنعهم من إطفاء الحريق، ولم يفد عن اصابات.
وقد ناشد رئيس بلدية الجبين جعفر عقيل قيادتي الجيش و«اليونيفيل» المساعدة في اطفاء الحرائق التي اتت على اشجار الزيتون والأشجار المعمرة في البلدة.
الى ذلك، كشف مسؤول في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» لقناة «الجزيرة» القطرية» امس الجمعة عن «اغتيال عضو اللجنة المركزية أبو خليل وشاح والقائد الميداني مفيد حسن حسين في استهداف إسرائيلي في لبنان».وقد نعتهما الجبهة امس.
وكان الجيش الإسرائيلي قد استهدف سيارة على طريق ديرزنون – المصنع شرق لبنان. ما أدى إلى سقوط 6 شهداء و10 جرحى بينهم عامل نعته ادارة «مطعم الشمس» في عنجر.
***********************************************
افتتاحية صحيفة الديار
ربط نزاع بين الحكومة والثنائي الشيعي بانتظار 31 آب
هل حصل سلام على تطمينات اميركية بالتمديد لليونيفيل دون تعديلات؟
الحزب ضد اي تحرك في الشارع وتنسيق مع الجيش لضبط الاوضاع
الانقسام الحالي هو الأخطر على لبنان الكبير وسلمه الاهلي ووحدته منذ الاستقلال، والبلد مفتوح على كل الاحتمالات السيئة، واللبنانيون امام مرحلة خطرة، وجمهور الحزب حاسم بوصف ما جرى في جلستي 5 و7 اب بـانقلاب، سيواجهونه بكل الأساليب المشروعة الديموقراطية المنظمة لان ما اقدمت عليه الحكومة يضع البلاد امام مصير مجهول يهدد كل الانجازات التي تحققت منذ الطائف حتى الان، فتسليم السلاح بنظر جمهور المقاومة خيانة واستسلام ولا يمكن ان يمر، وكأن البعض من المسؤولين لم يتعلموا من تجارب الماضي و ما اصاب الجيش من انقسامات عندما زج بمهام داخلية خلافية بين اللبنانيين، لكن في المقابل، فان الحزب لم يدع حتى الان لاي تحركات في الشارع وما حصل امس الاول رد فعل عفوي ليس مسؤولا عنه الحزب او حركة امل بحسب مصادر مطلعة، وهناك تنسيق مع الجيش لضبط الامور، وهذا الأسلوب لا يعتمده الحزب في توجيه الرسائل كما يتهم البعض، فالحزب على لسان مسؤوليه ضد اي صدام في الشارع وغير الشارع، وضد اي فتنة اهلية او طائفية، وضد اي صدام مع الجيش، والحزب مع اي خطاب هادئ وموضوعي في هذه المرحلة وضد لغة التخوين والتحذير والتهويل وليس هناك اي قرار بالخروج من الحكومة حتى الان، والحزب معني بتبريد الرؤوس الحامية في البلد بالحكمة والتروي، لانه من السهولة الدخول بالفوضى لكن الخروج منها أصعب بكثير وتجلب على البلد الويلات وهذا ما تريده اسرائيل.
وفي المعلومات، ان الرئيس نواف سلام قاد الانقلاب الكبير دون اعتراضات من الرئيس جوزيف عون، واصر على استكمال جلسة مجلس الوزراء واعلان الموافقة على الورقة الاميركية قاطعا كل خطوط التواصل مع الرئيس نبيه بري والحزب مهددا بتعيين وزراء مكان اي وزير شيعي يقدم استقالته، وكان خط هاتفه مفتوحا مع المبعوث السعودي يزيد بن فرحان الذي طلب من نواف سلام عدم رفع الجلسة بعد انسحاب الوزراء الشيعة وإعلان الموافقة على الورقة الاميركية، ولذلك لم يكن مفاجئا ان تتضمن مواقف الحزب ونوابه انتقادات عنيفة للمملكة العربية السعودية ودورها بعد ان تجنب الحزب توجيه اي انتقادات علنية للرياض منذ العدوان الاميركي على ايران.
وفي المعلومات ايضا، ان لبنان عاد ساحة لتبادل الرسائل الإقليمية الكبيرة، وان السفير الإيراني في لبنان مجتبى إبادي عقد جلسة منذ 10 ايام مع صحافيين من مختلف الاتجاهات السياسية شارحا لهم الموقف الايراني من تطورات المنطقة وقال كلاما واضحا وصريحا وحاسما امامهم بالنسبة لرفض تسليم سلاح المقاومة الذي واجه «اسرائيل» والقرار لن يمر، واكد ان لبنان لن يستسلم للشروط «الاسرائيلية» واشاد بالحزب وحركة امل وصمودهما، واكد على استمرار الدعم الإيراني للحزب في كافة المجالات، مشيرا الى ان قرار تسليم السلاح هو قرار اميركي اسرائيلي بالدرجة الأولى، ووصلت اجواء اللقاء الى الرئيسين عون وسلام والسفارات الأجنبية والعربية.
وفي المعلومات، ان الموفد الاميركي توماس براك الذي سيعود الى لبنان في 18 اب الجاري، اشترط للحصول على الموافقة الاسرائيلية السورية على الورقة الاميركية موافقة كل الاطراف اللبنانية وتحديدا من المشاركين في الحكومة وخصوصا حركة امل و ، لانه من دون موافقة الحزب لا قيمة لاي اجراء او قرار.
ربط نزاع
وفي ظل الاجواء الملبدة بالغيوم السوداء، تدعو مصادر سياسية الرئيس نواف سلام الى الاقتداء بادارة الرئيس نبيه بري لجلسات مجلس النواب وتمسكه بالميثاقية، ورفضه اقرار اي مشروع قانون اذا لم يحصل على الميثاقية وموافقة كل المكونات الطائفية عليه وكان يعطي النقاشات متسعا من الوقت للحصول على الاجماع، واذا لم يتامن يجمد المشروع فورا، وساير رئيس المجلس التيار الوطني الحر في عز الخلافات معه حول مشاريع القوانين الميثاقية وكذلك القوات اللبنانية رغم حملاتها عليه،ولم يتصرف بكيدية مع اي طرف حرصا على الميثاقية واستقرار البلد.
وتؤكد المصادر السياسية، ان ربط النزاع بين الثنائي الشيعي والحكومة وتحديدا الرئيس نواف سلام قائم حتى 31 اب مع اشتباكات تحت السقف، وكشفت معلومات عن زيارة للموفد السعودي الى لبنان يزيد بن فرحان منتصف اب و قبل تسليم الجيش اللبناني خطته لتنفيذ الورقة الاميركية كما اقرها مجلس الوزراء، وعلى ضوء ما تتضمنه خطة الجيش وموقف الحكومة منها سترسم معالم المرحلة المقبلة حتى نهاية العهد، وفي المعلومات، ان خطة الجيش قد تكون المخرج للمازق الحالي رغم الخوف من الضغوط التي قد تمارس على الجيش خلال الاسابيع القادمة من واشنطن لاقرار خطة شاملة لسحب السلاح والبدء بالتنفيذ مهما كانت العواقب وبغطاء سياسي من نواف سلام حتى لو غاب المكون الشيعي، علما ان مثل هذا الإجراء حسب المصادر السياسية، يفجر البلد برمته وياخذه الى مواجهة كبيرة من دون خطوط حمراء وصولا الى استقالة الوزراء الشيعة وربما النواب الشيعة من المجلس النيابي مع الحق باستخدام كل الاوراق المشروعة والسلمية تحت سقف عدم الاصطدام بالجيش اللبناني مهما كلف الامر، لان سلاح المقاومة لن يسلم كما يعتقد سلام وداعميه مهما كانت الأثمان وعمليات التهويل، وما عجزت عنه اسرائيل في الحرب لن تأخذه في السلم والمفاوضات، ومن هنا، فان أبواب الاتصالات ستبقى مفتوحة حتى 31 اب للوصول الى صيغة ترضي الجميع والا على الدنيا السلام ودخول البلد في نفق مظلم وتطيير الانتخابات النيابية ومحاصرة السراي لاسقاط الحكومة واعلان العصيان المدني، وهذا السيناريو مرهون بوصول الاتصالات الى طريق مسدود، وحسب المصادر السياسية، فان البلاد على مفترق خطر ومن يعتقد ان تسليم السلاح يتم بالطريقة التي سقط فيها النظام السوري ساذج وواهم وبسيط، والمشكلة ان الرئيس سلام يتعامل مع المرحلة بمنطق الغالب والمغلوب، ومقتنع بان الحزب هزم عسكريا ويجب عليه تسليم سلاحه دون اي شروط وحسب البيان الوزاري، وهذا يفرض على حركة امل التعامل تحت هذا السقف ايضا، وحسب المصادر السياسية، فان الرئيس بري مستاء جدا من مواقف سلام في جلسة مجلس الوزراء وكيفية تصديه للوزراء الشيعة ورفضه النقاش معهم والاستماع الى هواجسهم مع التمسك الحاد بمواقفه رافضا التشكيك بوطنيته مذكرا بأنه أصدر احكاما بحق نتنياهو عندما كان رئيسا للمحكمة الجزائية الدولية، بالمقابل، فان العلاقات مقطوعة كليا بين سلام والحزب، وتعرض رئيس الحكومة لاعنف الحملات من مسؤولي الحزب ونوابه واستخدموا بحقه عبارات عالية السقف، فيما الانتقادات لرئيس الجمهورية بقيت تحت السقف وكان لافتا زيارة وزير العمل محمد حيدر لرئيس الجمهورية امس وتم التطرق الى ما حصل في جلسة الحكومة وما صدر من قرارات يعتبرها الحزب ساقطة وغير ميثاقية.
التمديد لليونيفيل
رغم القرار الاميركي بتجميد واشنطن مساهمتها في تمويل قوات الطوارئ الدولية في الجنوب والمقدرة بـ 600 مليون دولار، فان القرار قد يتم التراجع عنه والموافقة على التمديد لليونيفيل في جلسة مجلس الامن اواخر الشهر الحالي بعد الارتياح الاميركي للقرارات الحكومية الاخيرة في جلستي 5 و7 اب بالنسبة لحصرية السلاح بيد الدولة والقبول بالورقة الاميركية، وهذا الامر قد يسهل التمديد للقوات الدولية في الجنوب دون اعتراضات من اي طرف او تعديلات، علما ان جلسة التمديد لليونيفيل اواخر الشهر الحالي تتزامن مع اعلان الجيش اللبناني خطته لتنفيذ سحب سلاح المقاومة، وهذا عامل ايجابي إضافي للتمديد لليونيفيل الذي يتزامن ايضا مع اعلان الناطق الرسمي باسم اليونيفيل اكتشاف شبكة انفاق سرية تابعة للحزب في الجنوب و مصادرة كميات كبيرة من الاسلحة والصواريخ والقنابل من الإنفاق، هذه الخطوة هي الأولى لليونيفيل من دون مساندة الجيش اللبناني وتأكيد على ادوار جديدة لليونيفيل بعد التبدلات في المشهد الجنوبي كما يتم الحديث عن ذلك في الكواليس السياسية الدولية و نشر اليونيفيل على الحدود السورية اللبنانية، والسؤال، هل حصل سلام على تطمينات اميركية بالتمديد لليونيفيل دون تعديلات، وهذا التوجه أبلغه ماكرون الى رئيس الحكومة.
************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
ترحيب عربي ودولي بالقرارات التاريخية للحكومة
على وقع قرار مجلس الوزراء الجريء والاول من نوعه منذ اتفاق الطائف القاضي بحصر السلاح بيد الدولة، وسحب غطاء الشرعية عن المقاومة، يمضي المشهد اللبناني، وسط ترحيب عارم من الداخل والخارج، باستثناء محور الممانعة وراعيته الاقليمية ايران اللذين يصعدان سياسياً ويهددان بمواجهات مباشرة ، عبر مواقف قادتهم والمسؤولين او من خلال حركة “الموتوسيكلات” التي تجوب الشوارع ليلاً من دون طائل، ما دام الجيش في المرصاد، وتحريك الشارع لم يعد متاحاً كما في السابق ، حتى ان الاستقالة من الحكومة ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، ولو اراد وزراء الثنائي ذلك لفعلوها خلال الجلسة.
ترحيب خليجي
موجة الترحيب المحلي والدولي بالقرار الحكومي تواصلت امس. فقد رحب مجلس التعاون لدول الخليج العربية بقرار الحكومة اللبنانية حصر السلاح بيد الدولة في جميع أنحاء لبنان. وأكد الأمين العام لمجلس التعاون في بيان اوردته وكالة الانباء القطرية “قنا” أن “هذا القرار يشكل خطوة مهمة نحو تعزيز سيادة الدولة اللبنانية وترسيخ الاستقرار والأمن للشعب اللبناني وتفعيل مؤسساتها”، مشيرا إلى أن “التقدم في هذا المسار مقرونا بالإصلاحات المطلوبة سيسهم بشكل كبير في تعزيز ثقة المجتمع الدولي والشركاء متعدد الأطراف، ويمهد الطريق لبيئة أكثر جذبا للاستثمار، بما في ذلك القطاع الخاص”. كما جدد “تأكيد دعم مجلس التعاون المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، ولمسار الإصلاح وبناء الدولة اللبنانية، وضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن بشأن لبنان، وبخاصة القرار 1701، واتفاق الطائف، لاستعادة الأمن والاستقرار الدائم في لبنان، وضمان احترام سلامة أراضيه واستقلاله السياسي وسيادته داخل حدوده المعترف بها دوليا، وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية، بما يلبي تطلعات الشعب اللبناني نحو مستقبل أكثر أمنا وازدهارا واستقرارا”.
… وفرنسي
والى الترحيب الخليجي، رحبت وزارة الخارجية الفرنسية ايضا بالقرار التاريخي والجريء الذي اتخذته الحكومة اللبنانية، الذي عكس تقدماً باتجاه حصرية الدولة للسلاح وذلك وفق جدول زمني وخطة دقيقة. ووصف الناطق بإسم الوزارة القرار بأنه مؤشر قوي يظهر تصميم السلطات اللبنانية على أن يكون لبنان بلداً سيداً وأن يتم إعادة إعماره وتحقيق الازدهار، كما ضمان وحدة أراضيه وفق حدود متفق عليها مع جيرانه ويعيش بسلام معهم.
وأضاف المتحدث الفرنسي ان فرنسا والشركاء الأوروبيين والأميركيين، كما الشركاء في المنطقة، ستواصل الوقوف الى جانب السلطات اللبنانية من أجل تنفيذ تعهّداتها، وستعمل أيضاً من خلال مشاركتها في آلية المراقبة مع الولايات المتحدة على وقف اطلاق النار الذي يمكن تعزيزه. وشدد الموقف الفرنسي على أن باريس تعمل من خلال دعمها للقوات العسكرية اللبنانية والتزامها بقوات اليونيفيل التي تتمتع بدور أساسي على تثبيت الأمن في جنوب لبنان وتطبيق القرار 1701. ودعت الخارجية الفرنسية جميع اللاعبين اللبنانيين الى احترام قرار الحكومة السيادي والشرعي.
ولادة جديدة للبنان
من جهته، اشاد بالقرار عضو الكونغرس داريل عيسى الذي زار رئيس الحكومة نواف سلام في السراي صباحا، في حضور السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون ونائب رئيس مجموعة “تاسك فورس فور ليبانون” نجاد فارس، وعرض معه التطورات إضافة الى العلاقات اللبنانية – الأميركية. وقال عيسى بعد اللقاء: “كان لدينا لقاء مثمر جدا مع رئيس الوزراء نواف سلام، وبصراحة هذا يوم جديد للبنان، ولقد سجل الكثير من التقدم في الأيام الماضية، ونحن نتحدث عن ولادة جديدة للبنان وعن الاعمار واعادة الإعمار اكان في الجنوب او في كل لبنان، وعن الاحتياجات العديدة في قطاعات مختلفة مثل الكهرباء والمياه، وكيف يمكن للولايات المتحدة مع شركاء لها في اوروبا والخليج ان نعمل معا وسريعا من أجل تحقيق ذلك، وبحثنا في المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، وإعادة هيكلة المصارف والعديد من المواضيع، ولكن كل هذه الأمور ما كانت لتحصل لولا وجود حكومة فعالة وموحدة” . وعن رأيه بما قاله الحزب بأنه لن يسلم سلاحه قال: “ان مجلس الوزراء اللبناني اتخذ قرارا بهذا الشأن، وهذا قرار صادقت عليه الحكومة، وقرار الحكومة يستند الى اتفاق عقد عام 1989 وينص على تسليم كل الميليشيات سلاحها، وهذا ما تحاول القوات المسلحة اللبنانية القيام به، واعتقد بأن كل مواطن لبناني مخلص يود ان يرى السلاح في يد الدولة اللبنانية، واعتقد بان اي لبناني صالح يود ان يتأكد من تسليم السلاح، واتوقع بأن يكون التسليم طوعيا، ولكن هذا قرار اتخذته الحكومة اللبنانية، واعتقد بإن الحكومة موحدة حول الحاجة الى تطبيقه، ونعتقد ان الجيش اللبناني سيقوم بما هو مطلوب منه في نهاية آب”.
سئل: هل انت متفائل بمستقبل لبنان؟ أجاب: “انا لبناني، وصديقي نجاد لبناني، ونحن أيضا اميركيون، واذا كنت لبنانيا فانت متفائل، واذا كنت لبنانيا فأنت تعرف بأننا انتظرنا منذ عقود للحصول على الفرص التي نتمتع بها الآن. نعم انا ارى الان ولادة جديدة للبنان وهذا السبب الذي حملني لاتي الى هنا الآن، والقرارات التي اتخذت الان لم تتخذ منذ عقود، وأومن بشدة بأن هذه القرارات ستتحقق “.
أبو الغيط: حصرية السلاح مبدأ أساسي للسيادة
رحّب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، اليوم، بقرار اعتماد «خطّة عملية لتنفيذ قرار حصر السلاح بيد الدولة»، معتبراً أنه «سبيل لاستقرار لبنان». ورأى أبو الغيط، في بيان، أنّ «مسألة حصرية السلاح في يد الدولة مبدأ أساسي من مبادئ السيادة لا يجوز تجاهله أو خرقه تحت أي ذريعة»، مضيفاً أنّ «قرار الحكومة اللبنانية بإعطاء مدّة زمنية للجيش لتطبيقه على الأرض، ينبغي أن يلقى تعاوناً ومساندة من كافة اللبنانيّين والحريصين على سيادة لبنان واستقلال القرار».
*******************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
جعجع يُهدّئ ورعد يُهدّد
الحكومة واثقة الخطوات وتراقب الشارع
حظيت قرارات مجلس الوزراء في جلستي الثلثاء والخميس الماضيين بترحيب عربي ودولي، ما يعيد لبنان إلى دائرة الاهتمام الخارجي ويطلق مرحلة البناء على هذه القرارات كي يتلقى الدعم اللازم في مسيرة إعادة الإعمار وتعزيز قدرات الدولة لبسط سيادتها على كامل أراضيها. وصدرت تباعًا مواقف مؤيدة لهذه القرارات، منها ما هو عربي، من مجلس التعاون الخليجي ومن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ومنها ما هو دولي، حيث رحبت وزارة الخارجية الفرنسية بـ “القرار التاريخي والجريء” الذي اتخذته الحكومة اللبنانية.
كما تلقى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، اتصالًا من وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس، هنأ خلاله الحكومة على قرارها القاضي بحصر السلاح وبسط سلطة الدولة. بدوره، وصف السفير البريطاني في لبنان، هاميش كويل، القرار بالخطوة التاريخية على طريق تعزيز سيادة لبنان.
برّاك يعود
وفي سياق متصل، علمت “نداء الوطن” من مصادر رسمية أن زيارة المبعوث الأميركي توم برّاك، قد تتأخر إلى النصف الثاني من الشهر الحالي، وحسب المعلومات، تبلغت الدوائر الرسمية تأجيل الزيارة 10 أيام على أن تكون يومي 18 و19 آب الجاري. وقد أرسلت واشنطن إشارات رضى إلى رئيس الجمهورية وإلى الحكومة عن القرارات التي اتخذت والتي تضع لبنان على السكة الصحيحة.
بدوره، أشاد عضو الكونغرس داريل عيسى الذي زار أمس رئيس الحكومة نواف سلام بالقرارات الحكومية وقال: “هذا يوم جديد للبنان، ونحن نتحدث عن ولادة جديدة للبنان وعن الإعمار وإعادة الإعمار أكان في الجنوب أو في كل لبنان”. وتوقع بأن يكون “تسليم السلاح طوعيًا، وأن الجيش اللبناني سيقوم بما هو مطلوب منه في نهاية آب”.
الدعم الدولي
سألت أوساط سياسية بارزة عبر “نداء الوطن”: متى سيترجم المجتمع الدولي دعمه للبنان تعزيزًا لقرارات الدولة اللبنانية؟ هل سيترجم الدعم بعد تنفيذ قرارات الحكومة أم بدءًا من الآن؟ وهل ستمضي الدولة قدمًا في قراراتها؟ ماذا سيفعل “الحزب”، إذ ليس واضحًا ما إذا كان سيعلن نهاية مشروعه المسلح؟ فهل سيكتفي بهذا القدر من الردود التي صدرت عنه، والتي بيّنت أنه لم يفعل شيئًا؟ وقالت الأوساط: “في أي حال، يشهد لبنان حاليًا مسارًا دوليًا ودولتيًا لبنانيًا “طاحشًا”، ويمضي من دون إبطاء”.
الاستنفار الأمني
في موازاة ذلك، أوضحت مصادر أمنية لـ “نداء الوطن”، أن حجم الاستنفار الأمني لا يزال مرتفعًا، إذ إن القرار واضح في حفظ حرية التظاهر والاعتراض، لكن من دون التعدي على الأملاك العامة والخاصة. وأشارت إلى أن الإجراءات ما زالت مشددة خصوصًا في الأماكن الحساسة والتي تشكل خطوط تماس تاريخية أو مناطق ممكن أن يؤدي أي احتكاك إلى إشعال فتنة.
وأكدت على إبقاء الطرق مفتوحة وخصوصًا الرئيسية وطريق المطار، مشيرة إلى أن الوعي الداخلي هو أساسي وهناك تجاوب من المواطنين نظرًا لحجم المخاطر.
إلى ذلك، أشارت مصادر متابعة لـ “نداء الوطن” إلى أن يوم أمس شهد اتصالات مكثفة من أجل تطويق ذيول جلسة الحكومة الأخيرة، وسط تأكيد أن لا تراجع عن المقررات، في حين توحي أجواء بري بالتهدئة ومحاولة معالجة الأمور، وسط تشديد مستمر على حضور وزراء “الثنائي الشيعي” الجلسات الحكومية المقبلة.
جر لبنان لمصالحة إسرائيل
في مقابل هذه العلامات المشجعة، انقسم المشهد التلفزيوني ليل أمس على لغة هادئة واستيعابية لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مقابل لغة انتحارية حملت تهديدات مبطنة للحكومة وللجيش اللبناني. فرئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد وصف القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية بشأن سحب السلاح بأنه “قرارٌ مرتجل وغير سيادي، فُرض بفعل الإملاءات الخارجية”. وهاجم رئيس الحكومة نواف سلام ووزير الخارجية يوسف رجي داعيًا الحكومة إلى تحمل “تبعات القرار”. أضاف “إن تسليم السلاح انتحار ونحن لا ننوي الانتحار والمطلوب هو جر لبنان لمصالحة اسرائيل والانقلاب على الطائف… كما يجب أن لا يصبح الجيش طرفًا وقيادة الجيش متنبّهة لهذه المسألة”. وتابع: “ولو مات الرئيس نبيه بري سننتخبه رئيسًا للمجلس”.
جعجع: الحرب ليست على الأبواب
في المقابل، أشار رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، في مقابلة تلفزيونية إلى أنه لا يتفق مع مقولة أن اللبنانيين ينتظرون آخر آب لمعرفة كيف سيُطبَّق قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة، وقال: “أعتبر أن القرار قد اتُّخذ. والقرار عندما يُتخذ، يظن البعض وكأن هناك حربًا على الأبواب، وهذا غير صحيح. أنا أتحدث هنا عن تنفيذ القرار، وهو لا يحتاج إلى حرب ولا إلى شيء من هذا القبيل”.
واعتبر جعجع، أن مجلس الوزراء، كونه السلطة العليا في البلاد، حسم هذا الملف بإقراره يوم الثلثاء وإعادة التأكيد عليه يوم الخميس، مشيراً إلى أن مجرد إعلان الدولة عدم شرعية أي تنظيم مسلح أو أمني خارج سلطتها، ووقف تقديم أي خدمات أو تسهيلات له، كفيل بإنهاء الظاهرة.
وأوضح جعجع، أن إحالة الملف على الجيش لا تعني رمي كرة النار في حضنه، لأن من حمل كرة النار هما رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة، وجل ما في المسألة هو إعداد خطة تنفيذية تبدأ بوقف التسهيلات والخدمات لـ “الحزب”، والتعاطي أمنياً مع عناصره وأجهزته الأمنية كما يتم التعاطي من قبل أجهزة المخابرات مع اللبنانيين كافة على حد سواء، وصولاً إلى مصادرة السلاح تدريجياً. ورفض منطق المواجهة مع الطائفة الشيعية، مؤكداً أن الخلاف مع “الحزب” أيديولوجي ومرتبط بسلاحه، أما الشيعة فيمثلون مكوّنًا عزيزًا وأساسيًا من النسيج اللبناني.
إسرائيل تغتال إعلاميًا
أمنيًا، استهدف الطيران المسيّر الإسرائيلي أمس سيارة رابيد على أوتوستراد صيدا – صور بالقرب من جامعة “فينيسيا”، وأدت الغارة إلى مقتل الإعلامي المراسل والمصور ومدير موقع “هوانا لبنان” محمد شحادة.
وعلى خط التجييش واصل “الحزب” مساء تسيير مسيرات احتجاجية على مقررات الحكومة وذلك في الغازية والنبطية جنوبًا وفي الهرمل بقاعًا.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :