المصارف تجهّز “مجزرة” لموظفيها!

المصارف تجهّز “مجزرة” لموظفيها!

 

Telegram

 

يتحسّس موظّفو المصارف الخطر المقبل عليهم، ويترقّبون «المجزرة» التي يحضّر لها أصحاب المصارف لتصفية عقود عملهم وإنهائها إثر إقرار «قانون إصلاح المصارف» يوم الخميس الماضي.
لذا، يتوقّع أن تنفّذ نقابة موظّفي المصارف تحرّكاً تصعيدياً يبدأ فور انهيار مفاوضات «الوساطة والتحكيم» التي تديرها وزارة العمل بين النقابة وأصحاب المصارف.
وهو تحرّك أتى متأخّراً بعد سنوات من تفرّد أصحاب المصارف بقرار طرد الموظفين من دون بروتوكولات صرف متّفق عليها وبتعويضات بخسة جدّاً لقاء إفناء أيامهم في خدمة نموّ وازدهار هذه المصارف. لليوم يتمسّك أصحاب المصارف بقرارات الطرد الخبيثة ويرفضون كل اقتراحات الحلول من دون تقديم بدائل. يبدو كأنّهم يخيّرون موظّفيهم بين الاستعباد أو الاستغفال.
حتى اللحظة، لم تسفر جلسات الوساطة والتحكيم بين نقابة موظفي المصارف وجمعية المصارف في وزارة العمل وبرعاية وزير العمل محمد حيدر، إلى أي إيجابية.
فأصحاب المصارف، بوصفهم أصحاب عمل، يتعنّتون في الاستجابة لمطالب النقابة ويصرّون على هضم حقوق الموظفين في الحدّ الأدنى من الراتب والتقديمات وصولاً إلى الامتناع عن توقيع عقد العمل الجماعي والاتفاق على بروتوكول صرف موحّد يحفظ حقوق الموظفين بعد الصرف التعسّفي.
طبعاً أصحاب المصارف الذين أخفوا ثرواتهم في الخارج وحوّلوا مليارات إلى الخارج حين كانت المصارف مقفلة الأبواب أمام الجمهور، لا يبدون أي استعداد لتسديد تعويضات صرف «منطقية» (علماً بأنّ أي تعويض صرف لا يمكن أن يندرج في خانة المنطق) محسوبة على أساس الحدّ الأدنى للأجور الذي لا يتجاوز 312 دولاراً.
أي موظف لديه 20 سنة خدمة لدى المصارف سيحصل على تعويض أقصاه 12 شهراً مضروباً بقيمة الراتب الأخير، أي ما لا يتجاوز 3700 دولار، وهذا هو الحدّ الأقصى الذي لا ضمانة له في المصارف، إذ اعتادت المصارف أن تخرق القوانين والأصول المرعية من دون أن يحاسبها أحد، وبعضها لم يسدّد لموظفين أمضوا 25 سنة لديهم إلا ألفَي دولار أو ما يزيد قليلاً.
ورغم أنّ رئيس اتحاد نقابات المصارف جورج حاج يصف موقف وزير العمل محمد حيدر في المفاوضات، بـ«الإيجابي» لأنه طلب منهم «عدم قبول كلّ شيء، أو رفض كلّ شيء»، إلا أنّ هذا الموقف هو اختبار لوزير العمل بمدى تمسّكه في تطبيق قانون الوساطة والتحكيم، وبانحيازه إلى أصحاب المصارف الذين يصنّفون في مرتبة «سارق» منذ أن انكشفت ألاعيبهم مع الحاكم السابق رياض سلامة في نهاية 2019. لذا، الإيجابية يجب أن تدرج في النتائج بشكل حاسم.
لا يمكن أن تكون النتائج ضدّ العمّال، رغم أنّ لوزير العمل سوابق في لجنة المؤشر حين أمسك العصا ضدّ تصحيح الأجور وأجّل الأمر لستة أشهر إضافية بعد مرور ستّ سنوات على الانهيار النقدي.
فإمّا أن يفرض الوزير تطبيق عقد العمل الجماعي ويضغط على المصارف لوقف أساليب التلاعب بالحقوق، وإمّا أن يقف إلى جانب الموظفين.
في جلسات التفاوض، قدّم محامي جمعية المصارف «ما يشبه الدفوع الشكلية، واعتبر وساطة وزارة العمل غير مقبولة، ومشوبة بالأخطاء» بدلاً من أن يقدّم أجوبة على الأسئلة والاقتراحات التي قدّمها اتحاد نقابات الموظفين.
ويلفت حاج إلى أنّ «عدم الوصول إلى حلّ لا يعني الاستسلام»، إذ إنّ المشكلة بين العاملين في المصارف وإداراتهم ليست بجديدة، بل تعود إلى بدايات الأزمة في عام 2019. حينها، بدأت المصارف بـ«عملية تشحيل» للعاملين لديها، ولم تتوقّف حتى اليوم، فأصابت 74.3% منهم، أي نحو 20 ألف عامل.
وانخفض عدد العاملين في المصارف من 27 ألف عامل و267 عامل في عام 2019، قبل الأزمة، إلى نحو 14 ألف عامل فقط في مطلع عام 2025. ويعود هذا الانخفاض إلى تقليص المصارف عملياتها مع تحوّلها إلى «زومبي»، وإقفال نحو 343 فرعاً مصرفياً، لتنخفض أعداد فروع المصارف من 1080 فرعاً في عام 2019، إلى 715 فرعاً في بداية عام 2024، وفقاً لما ورد على موقع جمعية المصارف الإلكتروني.
ومع صدور قانون «إصلاح المصارف»، يصف رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان جورج الحاج وضع الموظفين بـ«مش مرتاحين»، مؤكّداً أنّ أصحاب المصارف يحضّرون لـ«مذبحة» بحق الموظفين، لا سيّما أنّ القانون يفرض «اندماج وإعادة هيكلة عدد من المصارف»، ما يعني حكماً إغلاق عدد إضافي من الفروع وصرف المزيد من الموظفين. وبحسب الحاج، «رفض أعضاء لجنة المال والموازنة تعديل نص القانون، وإضافة مادة خاصة تحمي الموظفين وتحافظ على عقود عملهم في حال اندماج عدد من المصارف».
وأجمع أعضاء لجنة المال والموازنة على رأي واحد، أنّ «هكذا مادة قانونية يجب أن تكون في قانون العمل، لا قانون إصلاح المصارف».
أمّا قصة المفاوضات بين كلّ من موظفي المصارف، وجمعية المصارف، فتعود إلى 4 أعوام سابقة، تحديداً عام 2021.
وفي هذه المدّة، تقدّم اتحاد نقابات موظفي المصارف بورقتين، فيهما تصوّرات للمحافظة على حقوق الموظفين، ولكن رفض أصحاب المصارف الممثّلين بجمعيّتهم المقترحين.
وبكلّ صلافة، أعطوا الموظفين «توجيهات» في المفاوضات، فطلبوا التكلّم بنقاط محدّدة وتعليق مطالب أخرى إلى حين تحسّن الوضع الاقتصادي، ومعه وضع المصارف.
ورغم اعتماد هذا النمط الفوقي في المفاوضات، رضخ اتحاد نقابات موظفي المصارف، وعدّل مطالبه لتتناسب مع «توجيهات» جمعية المصارف.
ولكن، «لم يرضَ أصحاب المصارف»، يقول حاج مؤكّداً «تعالي أصوات من داخل جمعية المصارف لتقول: لا يمكن القبول بالاقتراحات الجديدة». وما يرفضه أصحاب المصارف اليوم، بعد 5 سنوات من الانهيار النقدي والمصرفي، هي أبسط الحقوق للموظفين في المصارف.
فالورقة الثالثة محلّ التفاوض الآن تحتوي على مطلبين أساسيين، الأول تعديل الحدّ الأدنى للأجر الشهري للموظف في المصرف، والثاني تحديد التقديمات الاجتماعية مثل المنح المدرسية والتغطية الصحية.
وبحسب الحاج، يطلب اتحاد النقابات تحديد الحدّ الأدنى للأجر بمبلغ بالليرة اللبنانية، قيمته 500 دولار للموظف الجديد من حملة شهادة الإجازة الجامعية، و800 دولار لحملة شهادة الماجستير.
كما طالب الاتحاد بإضافة الزيادات الحكومية المقرّة على الحدّ الأدنى للأجور لجميع الموظفين، لا ترميم الأجر ليصبح مساوياً للحدّ الأدنى الجديد.
أمّا في ما يتعلّق بالمنح التعليمية، فطلب الاتحاد أن يحصل الموظف على مبلغ بالليرة اللبنانية، قيمته 300 دولار عن كلّ ولد مسجّل في المدرسة الرسمية، و1200 دولار عن الطالب في الجامعة اللبنانية. وبالنسبة إلى أولاد الموظفين المسجّلين في مدارس خاصة، فطالب الاتحاد بمبلغ 2500 دولار عن كلّ ولد مسجّل في مدرسة خاصة، و4500 دولار عن كلّ طالب في جامعة خاصة. كما لفت الحاج لمطالب إضافية تتعلّق بتعديل المنح الاجتماعية الأخرى لمواكبة انهيار قيمة الليرة، مثل منحة الزواج والولادة والوفاة.
وتطرّقت المفاوضات مع جمعية المصارف إلى تعامل إدارات البنوك مع حسابات موظفيها المتقاعدين مثل تعاملها مع حسابات المودعين العاديين، إذ لا تقدّر المصارف الخدمات التي قدّمها هؤلاء، فتحسم منهم العمولات، وتتصرّف مع تعويضات نهاية الخدمة على أنّها ودائع.
فتقطّر السحوبات بمبالغ شهرية معيّنة بعد صرفها للموظف على شكل شيكات، فيما يطلب الاتحاد صرفها وفقاً لرغبة الموظف المتقاعد.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram