ارفعوا أيديكم عن زياد

ارفعوا أيديكم عن زياد

 

Telegram

 

لا مفاجأة!
فالأوغاد يحسبون أنه زمنهم.
في وداع زياد الرحباني، اجتمع اللص مع النصاب مع القواد مع السافل مع العاهرة مع المنحطّ مع العميل مع السمسار مع الانتهازي مع المرتزق مع «الناشط» مع قناص الفرص مع مهووس الضوء مع... (لا ضرورة لذكر الأسماء، ولا متسع لها أصلاً!)، فكان أكثر المشاهد اللبنانية بعثاً للتقزز، وإثارة للاشمئزاز. فهؤلاء الذين توافدوا (من كل وِكر وجُحر) وحداناً وزرافات لم يسبق لهم أن اجتمعوا في مكان واحد كما اجتمعوا في وداع المقاوم الثقافي الأول. بل إن اجتماعاتهم، السابقة على الاجتماع التاريخي الذي يؤمل لبنانياً وعربياً، أخلاقياً وإنسانياً، ألا يتكرر (لا ضمانات في ألا يتكرر)، كانت تقتصر على فئات وشرائح معينة منهم. كأن يجتمع النصاب مع السافل مع المأجور مع الناشط، أو العميل مع العاهرة مع المنحطّ مع المرتد مع... وهكذا. لكن أن يبلغ الاحتشاد ما بلغه في وداع الكبير اللبناني والعربي، فهذا كان مما يصعب توقعه، بل لم يكن ليخطر على بال أعتى المنجمين الذين لم (ولن) يصدقوا يوماً.
لعلها أحد وجوه «المعجزة اللبنانية». تلك التي لا تغيب إلا لتحضر. ومع كل حضور لها تتعمّق الحفرة وتتسع. أو لعلها تجلٍّ لمبلغ الانحطاط والتردي الذي صارت إليه أحوال البلاد المفتوحة أمام كل غازٍ طامع بالأرض.
وبالتزامن مع الاجتماع في بكفيا، سجلت مواقع «الاستعراض الاجتماعي» بدورها أرقاماً قياسية في الكذب الصريح والمفضوح. وعمّ الهرج والمرج. فالفرصة لا تعوّض، وخصوصاً للباحثين والباحثات عن «بقعة ضوء» من فاقدي الأهلية الأخلاقية والسياسية والثقافية، أولئك الذين امتهنوا افتراش «الصفحات» والحسابات للتمويه على بؤس حقيقتهم وفقر واقعهم. فصار في وسع كل عابر لـ «فايسبوك» أو «تويتر» أو «إنستغرام»... ادعاء صداقة الراحل والمعرفة الوثيقة به مسنداً زعمه إلى صور فوتوغرافية ثبت أن بعضها مختلس أو مزوّر تقنياً.
في هذه الغضون، سمح الناشط حنا غريب لنفسه بالذهاب بعيداً. أي، بالضبط، إلى حيث لم يجرؤ الآخرون من أقرانه الناشطين والناشطات. فـ «الناشط» العتيد الذي آلت إليه مقاليد إدارة جثة «الوتوات» الهامدة أو ملحقاتها البائسة في «خيم الثورة» في رياض الصلح، ومعه من معه من مقاولي ثورات، وسماسرة مبادئ، وأغرار يسار مزعوم، قد تجاوز زميله، وربما مثاله الأعلى، الناشط الفذّ الياس عطالله وتفوق عليه. فالأخير كان - على ما نعلم - قد اكتفى من «المخطط» بتسميم البيئة النضالية وتلويثها بسقط متاع المهزومين والتائبين والمرتدين والحانقين والفاشلين. فكان أن تولى، بالأصالة والوكالة، نشر الأكاذيب وتزوير الوقائع واختلاق السرديات المضادة وادعاء أدوار نضالية لا وجود لها حتى في عالم «الخيال الثوري»، فضلاً عن تلويث سمعة الشهداء والإساءة إلى تضحيات المناضلين. وكانت ذروة ما أتاه نجاحه في شراء البعض من أصحاب «النفوس الميتة» وطنياً وحزبياً وأخلاقياً وقيمياً من «رفاق الأمس النضالي الذي أفل».
إن ناشطنا العتيد بمحاولته، هو الآخر، الاعتداء على المقدس الوطني والأخلاقي والقيمي الذي يمثله زياد الرحباني، عبر الرسملة السياسية الرخيصة، إنما يرتكب إثماً لم يتجرأ حتى الياس عطالله عليه.
لكن هيهات أن يصلوا إلى مبتغاهم الوضيع. إذ يغيب عن هذا الجمع الهجين أنّ زياد الرحباني عنوان مقاومة ورمز صمود وبيرق ثورة ومثال إبداع وقرين عبقرية وعَلَم نزاهة وراية وضوح ومقلع فخر... وأكبر من أن يُختطف أو يُصادر أو يُلوث تاريخه المقاوم والمبدئي والثابت، سواء في مواجهة إسرائيل بما تمثله من عار إنساني وجب محوه، أو أدواتها وصنائعها اللبنانية والعربية ذات الهوية الصحراوية التي قارعها، شبه وحيد، مقارعة الفارس والمناضل والمقاتل والمقاوم والمثقف الثوري الحقيقي الذي لم يهب التبعات، ولا سأل عن الأكلاف. فظل على موقفه الأول (الأول الأول)، موقف الانخراط في المعركة إلى جانب المقاومة وأمامها وخلفها، رافعاً الراية التي لامست السماء وخدشتها في غير موضع، خصوصاً مع استشهاد من استشهد من أبطال تصدّرهم القائد التحرري الفذ السيد حسن نصرالله، وبكتهم السماء قبل الأرض.
إن ما يسمح لهذا الدعي، وريث الدعي، بالتطاول على علامتنا الثقافية الفارقة، هو صمتنا نحن أهل الراحل الكبير من رفاق درب، ورفاق «سلاح» وأبناء مقاومة. فأهل الراحل الكبير الحقيقيون لمن لا يعلم أو لا يريد أن يعلم، هم، في الواقع، كل من يحرص على المقاومة ويدافع عن سلاحها المقدس، نعم المقدس. كمعيار أول وأساسي في تكوين الوعي وصوغ الوجدان وصنع الهوية وحتى رسم الملامح الشخصية لكل صاحب سوية إنسانية.
دعوة الناشط العتيد إلى فتح باب التعازي، خلسة، وبأسماء مفتعلة، لا محل لها من الإعراب النضالي السياسي أو الثقافي أو الوطني هي سطو واضح وفاضح يستدعي من المعنيين بصون العهد ومعها الأمانة، أمانة الموقف والرأي والبندقية، إدانتها واستنكارها ومقاطعتها.
ولتكن الكلمة الواضحة له ولغيره ممن يتجرأ على المسّ بزياد الرحباني وما مثّله ويمثّله من قيم ومُثل، اليوم وغداً وبعده: أبعدوا أيديكم القذرة عن زياد الرحباني.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram