ماذا قصد بارّاك بكلامه على “تبادل الأراضي” في مزارع شبعا؟

ماذا قصد بارّاك بكلامه على “تبادل الأراضي” في مزارع شبعا؟

 

Telegram

 

مرّر المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية والمكلّف حالياً الملف اللبناني توم بارّاك خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان عبارة “تبادل الأراضي”، كمفتاح لحلّ مسألة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر التي لا تزال محتلّة من قبل “إسرائيل”.
ومرّ كلامه هذا مرور الكرام بالنسبة للبعض في الداخل، في ما وقع كالصاعقة على البعض الآخر، لا سيما منه المدافع عن كلّ شبر من الأراضي اللبنانية.
واللافت أنّ بارّاك لم يناقش مثل هذا الأمر مع المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم خلال زيارته الثالثة إلى لبنان، على ما أكّد أكثر من مصدر، بل طرحه في إطار غير رسمي، مع مجموعة صغيرة من الإعلاميين، لجسّ نبض المسؤولين ربما.
وما زاد من وقع كلامه قوله إنّه ذهب الى مزارع شبعا، وظنّ أنّها مزرعة خبول أصيلة من كنتاكي، وأنّها أجمل قطعة أرض رآها أحد على الإطلاق.
وأضاف متسائلاً بما اكتشفه “ما زلت لا أفهم تماماً على ماذا يتقاتلون؟ إنّه أمر يتعلّق بالحدود… وهي مجرد مساحة جغرافية غير مهمة… لنتبادل بعض الأراضي المحيطة بها… هذه أرض لا قيمة لها”.
غير أنّ هذه الأرض التي لا قيمة لها، من وجهة نظر، بارّاك، ذات قيمة كبيرة بالنسبة للبنان واللبنانيين بمقدّساتها وثرواتها وناسها وتاريخها، على ما تقول مصادر سياسية مطلعة، لا سيما من قبل أصحاب ملكية هذه المزارع، ونظراً الى ما تضمّه من أوقاف تتبع للطوائف اللبنانية لا سيما للطائفتين السنية والروم الأورثوذكس.
كما لها قيمة تاريخيّة وإنسانية واقتصادية لما فيها من ثروات طبيعية وأراضٍ زراعية خصبة تشتهر بأشجار الزيتون التي هي مصدر رزق لجميع العائلات التي تسكنها من لبنانيين وسوريين وسواهم.
إلى جانب موقعها الاستراتيجي كونها تقع عند نقطة التقاء ثلاث دول: لبنان، سوريا، وفلسطين المحتلة، ما يجعلها موقعاً حيوياً له أهمية أمنية فائقة، كما تحتوي على خزان مائي جوفي ضخم متغذٍ من جبل الشيخ، ويُعتبر من أهم مصادر المياه الجوفية في المنطقة.
والمزارع التي تمتدّ بحدود 24 كلم في الطول ويتراوح عرضها بين 13 14 كلم، وهي 15 مزرعة تحتلّ “إسرائيل” 12 مزرعة منها، هي جزء لا يتجزأ من الأراضي اللبنانية، ولا يمكن بالتالي للبنان التخلّي عنها، مقابل الحصول على أراضٍ أخرى لا تدخل ضمن الحدود اللبنانية.
والمادة 2 من الدستور اللبناني تنصّ على أنّه “لا يجوز التخلي عن أحد أقسام الاراضي اللبنانية او التنازل عنه”.
أما ترسيم الحدود وتثبيتها فيحصل غالباً وفق اتفاقيات دولية، تقضي بالتراجع هنا قليلاً والتقدّم هناك بعض الشيء، في حال كانت الأراضي متداخلة جغرافياً، وبهدف ذلك إلى تثبيت الخط الحدودي مع الأخذ بالاعتبار عدم تقسيم قرية معيّنة إلى نصفين، كلّ نصف في بلد مختلف، وعدم تهجير سكّان قرية ما يودّون البقاء فيها وغير ذلك من الأمور الإجتماعية إلى جانب الأمور الطوبوغرافية وتنفيذ ما تنصّ عليه الخرائط على أرض الواقع.
أمّا الحديث عن “تبادل الأراضي”، وهي عبارة قصد بارّاك تمريرها أمام الصحافيين، لجسّ نبض لبنان الرسمي والشعبي منها، ومن المساومة التي يطرحها في هذا السياق، على ما تلفت المصادر، فهو أمر لا يوافق عليه لبنان، لأنه ليس تاجر عقارات، بل هو يريد الحفاظ على سيادته واستقلاله وعلى حدوده الجنوبية المتفق عليها في الاتفاقيات الدولية.
ولهذا يطالب “إسرائيل” اليوم بالانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر، ما دامت “أراضٍ لا قيمة لها”، من وجهة النظر الأميركية”، وليس فقط تطبيقاً للقرار الدولي 1701 والقرارات ذات الصلة.
وتساءلت: لماذا تتمسّك “إسرائيل” بالتالي بهذه الأراضي، ولا تزال تواصل احتلالها لها منذ العام 1967، حتى بعد تحرير القسم الأكبر من الجنوب في العام 2000، ما دامت لا قيمة لها؟! ولكن تصريح بارّاك هذا الذي أثار الكثير من التساؤلات حوله، لم يصدر أي موقف رسمي إزاءه، كونه غير رسمي، على ما تؤكد المصادر السياسية، ولأنّه لم يُطرح في “ورقة واشنطن”.
لكنها لا تستبعد أن يقوم المبعوث الأميركي بوضعه جديّاً على طاولة المفاوضات حول ترسيم الحدود البريّة في المثلث الحدودي بين لبنان وسوريا و”إسرائيل”، في حال بدأت.
علماً بأنّ بارّاك يُطالب بمفاوضات مباشرة بين لبنان و”إسرائيل”، عن طريق لجنة لبنانية- إسرائيلية”، لا أن يكون هو، وسيطاً فيها، على غرار ما كان عليه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين خلال المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين الجانبين.
الأمر الذي يرفضه لبنان، كونه لا ينوي التطبيع مع “إسرائيل” في الوقت الراهن. كذلك بتمّ حالياً طرح مسألة “تبادل الأراضي” بطرح مختلف من قبل واشنطن، كأن تتنازل الدولة اللبنانية عن مزارع شبعا أو عن جزء منها، مقابل موافقتها على التجديد لبقاء “اليونيفيل” في جنوب لبنان.
في الوقت الذي تطرح فيه أن يحلّ محلّ “اليونيفيل” قوّات أجنبية، أو متعدّدة الجنسيات تتألّف من كلّ من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
ويهدف هذا الطرح للضغط على لبنان ومساومته إمّا للتخلّي عن “اليونيفيل”، فيصبح الجنوب ساحة للصراع بين الجيش اللبناني و”إسرائيل”، أو لبقاء “اليونيفيل” وإيجاد الحلّ لمزارع شبعا، على ما تريد “إسرائيل”، أي بالبقاء فيها على أنها جزء من الجولان السوري المحتل. وبالنسبة إلى الأوقاف والمشاعات التابعة للطائفتين السنيّة والأرتوذكسية في مزارع شبعا والتي تُشكّل بُعداً دينياً وثفافياً وملتقى الأديان، تفيد المعلومات بأنّ هناك وقفا أورثوذكسيا في راشيا الفخّار، الى جانب وقف سني في “مشهد الطير” حيث يوجد مقام النبي إبراهيم. وهو وقف شرعي قديم صدر بشأنه حكم قضائي عام 1944–1949 يؤكد وقفيته لمصلحة مسجد شبعا ومشهد الطير، ويسجل ريعه لصيانة وبناء هذين المسجدين، وقد جرى تسجيل الحكم النهائي في 30 تشرين الثاني من العام 1944 واستكملت الإجراءات الحكومية حتى 2 شباط من العام 1949.
كما أنّ أراضي الوقف الاورثوذكسي في المزارع التابعة لوقف بلدة راشيا الفخار موجودة في منطقة “جلالي حافظ” في غربها لجهة مزرعة “مغر شبعا” السورية. وتقع هذه الاراضي بين مزرعة “خلّة غزالة” و “جورة العقارب” وهي أراضٍ كان يملكها آل أبو نقولا من بلدة راشيا الفخار المجاورة وجرى وهبها الى الوقف الاورثوذكسي.
وتوجد خريطة عقارية صادرة في العام 1946 عن مهندس المحكمة العقارية في صيدا رضا رضا، بطلب من دائرة الاوقاف السنية، تُطهر أنّ الوقف السني في “مشهد الطير” في مزارع شبعا تحدّه أراضٍ تعود ملكيتها إلى الياس الخوري (يعتقد انه ماروني من شبعا)، وأراضٍ أخرى يملكها ورثة حبيب طراد (يعتقد انهم اورثوذكس).
وقد وهبوا هذه الاراضي الى الوقف الاورثوذكسي.
كما تمتلك الدولة اللبنانية سندات طابو رسمية تصدر لجميع السكّان من أبناء شبعا، وتُسجّل الضريبة، والأحكام القضائية اللبنانية تُطبّق عليها.
فضلاً عن إشراف مؤسّسات أمنية وإدارية (درك، عدلية، دائرة أملاك الدولة، إلخ) عليها كمظاهر ممارسة سيادة لبنان على هذه الأراضي.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram