قصة طفلة كفيفة تتحدى الإحتلال..
يسلط برنامج “نساء المقاومة ” الضوء على الطفلة إيمان، إحدى التوائم الثلاث والتي وُلدت فاقدة للبصر، في غزة حيث يصبح مجرد البقاء على قيد الحياة تحدياً يومياً وسط غياب الرعاية الطبية.”
وبالرغم من أن المرافق الطبية الأساسية تكاد تكون غير موجودة الآن مع تصاعد العدوان الإسرائيلي، إلا أن والدة إيمان، ياسمين، لم تفقد الأمل. إليكم قصة نضالهم وأملهم.
لا تبقى النجوم في السماء دوماً، ففلسطين لديها نصيبها من الجواهر المتلألئة التي يضيء نورها دروبنا جميعاً.
الأم ياسمين.. أحلام تحت القصف وصبر لا ينكسر”
حيوية وشغف وإيمان يكمن في البيئة التي خلقتها عائلتها الكبيرة والمتماسكة. وفي ظل الاحتلال والظروف الصعبة، كان مستقبل فتاة فلسطينية صغيرة وكفيفة سيكون مليئاً بالتحديات مع وقوع هذه النكبة الجديدة، لكن هذه العائلة تواصل تحدي الصعاب.
تقول ياسمين: “اسمي ياسمين، نحن سكان مخيم جباليا، شارع السكة. أنا مولودة في عام 1995. من طفولتي منذ 1995 عشنا اجتياحات وعشنا أشياء كثيرة. كان أغلب الأوقات اجتياحات، لكن الناس يبقون في بيوتهم حتى يأتي الاجتياح، يأتي الإسرائيليون ويذهبون، ويتركون وراءهم الدمار.
ثم نعيد بناء أحلامنا ونكمل الحياة بشكل طبيعي. كانت حياة وأحلام طبيعية، وكان كل واحد من الأطفال يبني حلمه ويكبر معه. أنا بنيت أحلاماً وحققت جزءاً منها، بالنسبة لي حققت أحلاماً بأولادي. أما أجيالنا أو أجيال أولادنا، فأنا حلمت لأولادي وسأحقق أحلامهم، لكنني حققت جزءاً من أحلامي.”
هناك فرح ينبعث من معرفة أنك في حضن عائلة كبيرة ومحبة، والحزن يظهر عندما تتفكك هذه الوحدة وتتمزق مع اقتراب المآسي التي تلوح في الأفق.
من بيت العائلة إلى الشتات العاطفي: عندما تتفكك الروابط تحت النار
تتابع ياسمين: “نحن كنا نسكن في بيت العائلة مع أعمامي وأولاد عمي، حياة جميلة والعائلة حولك. أولاد الأعمام والإخوة مع بعض، كنا إخوة حقيقيين. نحن سبعة أعمام وإخوتي خمسة ونحن ثلاث أخوات. كان بيتنا مجمعاً للعائلة، عشنا حياة جميلة وكان كل شيء متوفراً.
ثم تفرقت العائلة، سواء العائلة الكبيرة أو أسرتنا الصغيرة، كل واحد ذهب في اتجاهه ونصيبه وعمله. سنوات لم أرَ فيها إخوتي، لكن بقيت العائلة حتى لو عن طريق التواصل والزيارات النادرة.”
المأساة التي عاشوها – الحروب والاجتياحات – كانت عبارة عن اجتياحات وليس حروباً حقيقية. كانوا أطفالاً صغاراً، في عمر خمس أو عشر سنوات، يواجهون الرصاص والخطر من كل الجهات.
“ذاكرة الفلسطيني… مقاومة من جينات الكلام
على الرغم من تفرقهم، فإن الفلسطينيين بارعون في سرد قصصهم ونقل التاريخ، وجيناتهم المتشابكة مع روح البحث عن المعرفة والثبات تحكي لنا: “كان وكان وكان… لكم تاريخ، وصار في أيام 48 وأيام 67، صارت حروب كثيرة، كان لنا أراضٍ احتلها الإسرائيليون.
بعد ما كبرنا نحن بحثنا وزدنا الثقافة عندنا، لكن أن تذهب إلى البحر ففي أوقات ممنوع، أن تمشي فأنت تسبح في البحر ممنوع، أن تركب سفينة لنفسك أو تتطور أو أن تراها مثل البلدان الخارجية منعوه عنك. آخر ما وصل إليك هو التطور المحدود.”
في مسرحية هاملت، كتب الكاتب المسرحي البريطاني وليم شكسبير: “أن نموت، أن ننام… لو ننام ربما نحلم، وهنا تكمن المعضلة.
ففي النوم جراء الموت، ما الأحلام التي قد تراودنا؟” يبدو أن الحلم والموت متشابكان بشدة في حياة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت ظل الإبادة الجماعية التي تمارسها “إسرائيل”. ففي مكان آخر دون هذا الجحيم المصنوع بأيدي البشر، كان من الممكن أن تكون قصة إيمان مختلفة تماماً.
تقول ياسمين: “حتى تزوجت وأحلامي توقفت وأكملت باقي دراستي الجامعية بصعوبة فصل واحد. أكملته في البيت وبعد ذلك توقفت، لأنني حصلت على الشهادة لكن لم أبحث عن عمل لأن حالتي لا تسمح لي بأن أخرج من باب البيت ولو لدقيقة واحدة.”
وأضافت: “ابنتي… أول ما تزوجت، في أول ثلاثة شهور صار حمل بثلاثة توائم. حملت بالثلاثة توائم وكان يحتاج تكاليف وعلاجات وأدوية. بعدها كل أسبوع عملت عملية لكي لا يسقط الحمل.
بصعوبة كنا نذهب إلى المستشفى عن طريق التنسيق، نقول إنني أعاني من مشكلة كذا ونشرح لهم. ذهبت إلى مستشفى الشفاء وابنتي دخلت الحضانة وبقيت فيها ثلاثة شهور. البنت كانت كفيفة بسبب خطأ طبي.”
وقالت: قبل الحرب كانت معنا ولها احتياجات كثيرة علينا. لا أخفي أنه خلال الحرب البنت صارت تحتاج أشياء كثيرة لكن لا يمكن أن تحصل عليها لأنه لا توجد موارد ولا يوجد علاج لابنتي.
أساساً من قبل الحرب لا يوجد علاج لها في قطاع غزة لأن كل علاج كان عن طريق السفر خارجاً، وابنتي لها مراحل علاج ولها عمليات ولها طريق لكي تتحسن.”
الحصار لا يمنع الحُلم… لكنه يؤجله قسرًا”
ونوهت السيدة ياسمين:”لكن معبر رفح مغلق، لا هي قادرة على دخول مواد طبية ولا هي قادرة على الخروج للعلاج. نحن قبل ستة شهور من الحرب وسعنا البيت لكي تستطيع البنت التحرك. قعدنا فترة طويلة حتى قدرنا نجمع المال وقدرنا أن نبني أحلامنا من مرحلة لمرحلة. فهذا كان حلمنا: بيت واسع لكن بيت سعيد، حياة مريحة.”
وأضافت:أحلام ابنتي بدأنا نبنيها لها، عملنا لها غرفة وجهزنا الغرفة بكل شيء. كل حاجة تمنتها البنت موجودة، حتى تعرف أن هذه غرفتها، تنام وتصحو فيها، ترتب كل شيء كانت تعمله بيدها. أدخلتها الروضة وكان عمر البنت ثلاث سنوات وتحفظ ثمانين كلمة إنجليزية. أي طفل عمره ثلاث سنوات لا يزال طفلاً صغيراً يتعرف على الدنيا، هي كان عندها وعي بأشياء أخرى. تفتح لها أي أنشودة أو مقطع تعيده لك كاملاً.”
وأوضحت :”لو انتهت الحرب وانفتحت المعابر وصار هناك علاج وسفر، أول رحلة بعد أن نبدأ نؤسس أنفسنا سأذهب لأكمل علاج ابنتي وممكن أن أذهب لأعالجها. حلم لا ينتهي من الأحلام.”
ماريا حسين تحلل صعوبة تربية الأطفال ذوي الإعاقة في غزة
وفي حوار مع ماريا حسين، معلمة وناشطة خاضت صراعها الخاص في دعم القضية الفلسطينية، تشاركنا رؤيتها:وحول قصة إيمان فإن رعاية طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة تستلزم تغييرات كبيرة في طريقة تربية هذا الطفل، وعليك أن تخلق بيئة خاصة داخل الغرفة بحيث يستطيع الطفل التكيف مع وضعه. لكن في الحالة الفلسطينية وفي قصة إيمان رأينا أنها تهجرت مراراً وتكراراً. برأيك، كم هو صعب على الأم والعائلة تربية هذا الطفل؟”
أكدت ماريا: ” أعتقد أننا نتفق جميعاً على أن رعاية طفل لديه احتياجات طبية خاصة أمر بالغ الصعوبة حتى في الظروف العادية، حيث تتوفر الرعاية الطبية والأمان والاستقرار. لكن في حالة إيمان ووالدتها ياسمين، فالوضع استثنائي بحق. تحت تهديد مستمر من العنف والنزوح، وفي ظل شح الطعام والماء والمستلزمات الطبية، تحدياتهم لا يمكن إنكارها. إنها بالفعل صعبة جداً.”
“أعتقد أنه في حالة ياسمين وإيمان، هما بحاجة إلى دعم ليس فقط دعماً فردياً وشخصياً من أشخاص مثلنا، بل دعماً مجتمعياً ودولياً أيضاً. وبدون ذلك، أخشى على أطفال مثل إيمان وعلى نموهم وتطورهم وسلامتهم.”
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي