“أنا سوري يا خيّي”: صرخة الإنسان في وجه الطائفية

“أنا سوري يا خيّي”: صرخة الإنسان في وجه الطائفية

 

Telegram

 

كتب سومر امان الدين

في لحظة واحدة، أمام فوهة بندقية، وقبيل الإعدام بثوانٍ، قال منير الرجمَة كلمة تختصر كل الصراع في هذا المشرق: “أنا سوري يا خيّي”. لم يُجب قاتله بطائفة، لم يحتمي بهوية مذهبية، لم يطلب شفاعة من دم أو نسب. قالها وانتهى الأمر. كان يمكن أن يقول كلمة أخرى لينجو، لكنه اختار أن يموت واقفاً على مبدأ.

هذا المبدأ، الذي اختصره في كلمته، هو جوهر الفكرة القومية الاجتماعية: أن يكون الإنسان ابن أمته، لا ابن طائفته. أن يرى نفسه في خارطة الحياة، لا خارطة المذاهب. أن يختار الحرية، ولو على حساب حياته.

منير لم يكن حزبياً، ولم يرفع راية، لكن جوابه على سؤال القاتل كان بياناً وطنياً وأخلاقياً من الطراز الرفيع. موقفه لا يحتاج لانتماء حزبي كي يُفهَم؛ بل يحتاج فقط إلى ضمير حيّ يدرك خطر تحويل الهوية من انتماء إلى مشروع تصفية.

ما جرى في السويداء، ومعلولا، والساحل السوري، وتفجير الكنيسة في دمشق، ليس حوادث معزولة. هو ارتداد مباشر لانفجار الطائفية المذهبية التي تفتك بجسد الأمة، وتحوّل أبناءها إلى جزر متصارعة داخل حدود وهمية. القاتل لم يسأل منير عن موقفه السياسي، ولا عن وطنيته، ولا عن إنسانيته. سأل عن مذهبه. هذه هي الكارثة.

في فكر الحزب السوري القومي الاجتماعي، الطائفية ليست مجرد انقسام ديني، بل عدو وجودي. لأنها تحوّل الشعب الواحد إلى شعوب، وتُلغي فكرة المجتمع الواحد. ولهذا قال سعاده: الطائفية هي المقتل الأول في حياة أمتنا.

“أنا سوري يا خيّي” ليست مجرّد عبارة. هي صيحة حياة في وجه الموت المجاني. هي رفض للانصياع لمنطق القطيع. هي موقف وطني وقومي في لحظة يتراجع فيها كثيرون إلى داخل قوقعة الهويات القاتلة.

هذا الموقف يجب أن يُفهم لا كحادثة بطولية فردية، بل كنداء لكل من ما زال يرى في الطائفة ملاذاً. لقد قالها منير باسمنا جميعاً: إن الإنسان هو بالانتماء إلى الوطن، لا إلى الفئة.

ولذا، فإن مسؤوليتنا اليوم، كقوميين اجتماعيين، لا تقتصر على رثاء هذا المشهد، بل على تحويله إلى لحظة وعي جديدة. إلى منصة نعيد منها التذكير بأن الهوية السورية، المدنية، الجامعة، هي الطريق الوحيد للخلاص من جنون الطوائف. وأن لا كرامة لشعب يعرّف نفسه بالمذهب، ولا حياة لأمة تذبح أبناءها على مذبح الهوية الجزئية.

منير الرجمَة لم يكن شهيد حزب، لكنه كان شهيد فكرة نؤمن بها: فكرة الإنسان السوري الحرّ، المستقل، الرافض للذوبان في عصبيات التاريخ.

فلنكرّم هذا الموقف لا بالبكاء عليه، بل باستعادته كوصيّة:
أن نعيد بناء المجتمع على أساس قومي، وأن ندفن الطائفية قبل أن تدفننا.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram