6 أفكار خطيرة تتحرك بها إسرائيل

6 أفكار خطيرة تتحرك بها إسرائيل

 

Telegram

 

في سؤال قديم يحمل طابع العبث، يُطرح على الدجاجة: "لماذا عبرت الطريق؟"، فتأتي الإجابة التقليدية ساخرةً: "للوصول إلى الجهة الأخرى".
 
لكن عندما ننقل هذا السؤال إلى السياق الإسرائيلي، يتحول من نكتة إلى مشروع سياسي وأيديولوجي يحمل أبعادًا فلسفية، تاريخية، ولاهوتية. في العقل الإسرائيلي، لا يوجد "عبور" اعتباطي، ولا "جهة أخرى" واضحة المعالم، بل خارطة دائمة التغير تُعاد هندستها بالقوة، بالخطاب السياسي، وبالادعاء الأخلاقي.
 
الطريق هنا ليس ممرًا ماديًا، بل رمزًا للهيمنة، للسيادة، ولإعادة صياغة الواقع بما يتماشى مع رؤية صهيونية متجذّرة في إحساس بالاستحقاق التاريخي والأمني. هذا المقال يغوص في أعماق هذا العبور، متتبعًا دوافعه السياسية، أبعاده العسكرية والاستيطانية، وصولًا إلى تأثيراته على الفلسطيني الذي يُختزل إلى مجرد عائق في هذا المشروع.
 
فلسفة الطريق: العبور كمخطط هيمنة
إسرائيل، في جوهرها، ليست دولة تسعى إلى الاستقرار ضمن حدود ثابتة، بل هي كيان يعيش في حالة عبور دائم، يتغذى على فكرة إعادة تشكيل الواقع الجغرافي والرمزي.
العقل الإسرائيلي، كما تكشفه النصوص العبرية وسياسات القادة، لا يرى في الثبات فضيلة، بل في التوسع والهيمنة. الطريق، في هذا السياق، ليس مجرد أرض أو حدود، بل فضاء لفرض السيادة عبر الاستيطان، العمليات العسكرية، أو إعادة صياغة الرواية الإعلامية.
 
هذا المفهوم يتجلى في اللغة العبرية المستخدمة في الخطاب السياسي، حيث تُستخدم مصطلحات مثل (التوسع) "הרחבה"، و(السيادة)   "ריבונות" كمرتكزات لتبرير أي تحرك.
 
العبور هنا ليس فعلًا عابرًا، بل مخطط هيمنة يسعى لإعادة كتابة التاريخ والجغرافيا، ليس فقط لتغيير المشهد، بل لتثبيت سردية تجعل إسرائيل المالك الوحيد للطريق.
هذا المخطط يتجاوز البعد الأنطولوجي للوجود الصهيوني إلى طموح سياسي يقوم على فرض الأمر الواقع بكل الوسائل المتاحة.
في المشهد السياسي الإسرائيلي، القانون ليس قيدًا، بل أداة مرنة تُعاد صياغتها لخدمة الأهداف الإستراتيجية.
 
منذ ضمّ القدس الشرقية عام 1967، مرورًا بقانون القومية عام 2018 الذي كرّس إسرائيل كدولة قومية لليهود فقط، وصولًا إلى التنكر الصريح لحل الدولتَين، يظهر العبور السياسي كخيار منهجي لا استجابة لظرف طارئ.
 
قول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مؤتمر إيباك عام 2017: "ما لا تفرضه على الأرض، لا يُحسب لك في التاريخ"، يلخّص هذا المنطق. الشرعية، في هذا السياق، لا تُستمد من قرارات الأمم المتحدة أو الإجماع الدولي، بل من موازين القوة.
 
إسرائيل تعبر لأنها تملك القدرة على ذلك، ولأن الاعتراضات الدولية، رغم ضجيجها، غالبًا ما تظل حبرًا على ورق.
 
هذا المنطق يفسر استمرار إسرائيل في فرض سياسات الأمر الواقع، سواء عبر ضم الجولان أو دعم مشروع "صفقة القرن" التي حاولت إعادة رسم حدود المنطقة بما يتماشى مع رؤيتها السياسية.
العقل العسكري الإسرائيلي يتجاوز مفهوم الدفاع التقليدي إلى إستراتيجية هجومية استباقية. رئيس الأركان السابق أفيف كوخافي عبّر عن ذلك بوضوح في تصريح لصحيفة هآرتس عام 2020، حين قال: "لن ننتظر أن تُنتهك سيادتنا، بل سنبادر إلى رسمها من جديد حين نرى أن ذلك يخدمنا".
 
هذه الرؤية تجسدت في عمليات عسكرية متكررة، من "القبضة الحديدية" في غزة إلى الغارات الجوية في سوريا ولبنان، حيث تُبرر إسرائيل تحركاتها بمبدأ "الدفاع الاستباقي".
 
العبور العسكري هنا ليس مجرد اجتياح، بل فرض قواعد جديدة على الأرض. فهي لا تعترف بخطوط حمراء لغيرها، وتتعامل مع صمت المجتمع الدولي كضوء أخضر لاستمرار سياساتها.
هذا المنطق يجعل الطريق ملكًا لها وحدها، ما دام الردع غائبًا.
 
إسرائيل الاستيطانية: العبور كوعد لاهوتي
في الخطاب الصهيوني الديني، يتحول العبور من فعل سياسي إلى مشروع لاهوتي. اليمين الصهيوني، بقيادة شخصيات مثل بتسلئيل سموتريتش، يرى في كل تلة فلسطينية "وعدًا توراتيًا" يجب استعادته.
تصريح سموتريتش في راديو الجيش عام 2023: "كل من يمنعنا من البناء في يهودا والسامرة، يمنع عودة التاريخ"، يكشف عن رؤية تجمع بين الأيديولوجيا الدينية والطموح السياسي. الاستيطان ليس مجرد توسع جغرافي، بل محاولة لإعادة صياغة التاريخ والجغرافيا وفقًا لرواية توراتية. فالطريق هنا ليس إسفلتيًا، بل خريطة رمزية تحمل أحلام "أرض الميعاد"، وتُغطى بالبؤر الاستيطانية كرموز للسيادة الدائمة.
 
إسرائيل الأمنية: العبور لتطهير الظلال
الأمن في إسرائيل ليس سياسة، بل هوية مركزية تُشكّل العقل الجمعي. الجنرال عاموس يادلين، في ندوة لمعهد أبحاث الأمن القومي عام 2019، لخّص هذا الهوس الأمني بقوله: "لا نملك رفاهية الانتظار. في هذا الحي، من لا يضرب أولًا، يُدفن".
 
هذا المنطق يجعل العبور الأمني فعلًا لا يحتاج إلى مبرر ملموس، لأن الخطر مفترض دائمًا. اغتيالات في بيروت، قصف أهداف مدنية في غزة، أو سحب تصاريح من أطباء فلسطينيين، كلها تُبرر بحجة "تطهير الطريق" من أي تهديد محتمل.
هذا النهج يعكس عقلية ترى في كل ظل خطرًا، وفي كل تحرك دفاعًا عن الوجود.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram