حبلا "القوات" وخيط "التيار".. كيف ينقذان نفسَيهما؟

حبلا

 

Telegram

 

 

كان حزب «القوات اللبنانية» قابَ قوسَين أو أدنى من الوصول إلى نقطة اللاعودة في طريق الطلاق مع عهد الرئيس جوزاف عون عبر الاستقالة من حكومة الرئيس نواف سلام. فيما أسدى غريمه «التيار الوطني الحرّ» خدمة لسلام، بإنعاش الثقة بحكومته، على وقع اختبار ديموقراطي بين السلطات لم نعتد رؤيته لبنانياً.

 

منذ بداية العهد، انطلقت رحلة «القوات» بالمناورة في طريقَين: نحن مع ولكن… هذه الـ «لكن» كانت بمثابة اختبار ثقة بالنسبة إليهم تجاه الآخرين، وبالنسبة إلى الباقين تجاههم… فمن جهة كان وزراء «القوات» يُصوِّتون على القرارات الحكومية كما الأكثرية – ومن النادر جداً ما كانوا يخالفون التوجّه العام للتصويت، بحسب ما علمت «الجمهورية» من مصادر حكومية، فيما كان حزبهم الذي يُفترَض أنّه يقدّم لهم الدعم في درس الملفات ويوجّههم في القرارات العامة، يُعاكِس قرارات العهد والحكومة.

 

وكان الاختبار الأكثر وضوحاً في هذا النوع من الازدواجية، عندما صوّت وزراء «القوات» الأربعة على زيادة رسوم الفيول والمحروقات لتأمين مداخيل للخزينة العامة تسمح بإعطاء موظفي القطاع العام والمتقاعدين مِنَح على الرواتب. بيد أنّ تكتّل «الجمهورية القوية» توجّه إلى الطعن دستورياً بالرسوم – التي هي أساساً غير دستورية وقانونية كما سبق وأشرنا في مقال سابق يوم 13 حزيران في «الجمهورية». وهنا السؤال: ألا يُنسِّق نواب ووزراء «القوات» في ما بينهم ومع قيادة حزبهم؟

 

اتسعت التباينات الإعلامية بين «القوات» والعهد، عندما «مسّ وزير الخارجية بصلاحيات رئيس الحكومة»، بحسب مصدر حكومي، غامزاً إلى اعتبار الوزير يوسف رجّي، أنّ على الحكومة أن تُصدِر بياناً لتأكيد موقفها من سحب سلاح «حزب الله»، فيما سلام كان قد صرّح قبل ساعات بهذا الموقف… وهنا السؤال: ألا يعتبر الوزير رجّي أنّ مواقف الرئيس سلام تمثّل كل الحكومة وحتى وزراء «القوات» من بينهم، بما أنّهم وقّعوا بيانها الوزاري وساهموا في صوغه أيضاً؟

 

وكانت المحاولة «القواتية» الثالثة، للاستعلاء هذه المرّة على رئاستَي الجمهورية والحكومة، عندما شنّ الحزب حرباً إعلامية طويلة اعتراضاً على عدم «عرض الردّ اللبناني على ورقة الموفد الأميركي توم برّاك، على مجلس الوزراء»، فيما أنّ الحقيقة كانت «تغييب القوات عن صوغ الردّ وإبداء ملاحظاتها عليه، لأنّ ليس لأحد من أركانها صلاحية في ذلك»، بحسب المصدر نفسه.

 

ويشرح المصدر، أنّه بحسب الدستور اللبناني، رئيس الجمهورية هو المخوّل المفاوضة باسم الدولة اللبنانية، والحكومة تُمثَّل برئيسها الذي إن لم يكن قادراً يَنوب عنه نائب الرئيس أو حتى يمكن إيكال المهمّة إلى وزير آخر مختص «وهنا ربما يكون الأمر لوزير الدفاع – لو أراد الرئيس سلام – لأنّه صاحب الاختصاص بملف سلاح «حزب الله»، وليس وزير الخارجية أو الصناعة أو غيرهما…» فيما كان الطرفان الآخران هما رئاسة المجلس النيابي – للتنسيق بين الرؤساء الثلاثة وصوغ ردّ وطني متناسق – و«حزب الله»، لأنّ الردّ عنه. علماً أنّ الردّ ليس اتفاقاً، بالتالي ليس لزاماً عرضه على مجلس الوزراء، إذ يُعتبَر حصراً إطار تفاوض أو مراسلات.

 

وخفتت الدعاية «القواتية» مع استمرار اللجنة في تحضير ردّ على الردّ الأميركي، لكن هذه المرّة على وقع ظروف مختلفة. فقد تلقّت «القوات»، بحسب المعلومات، رسالة من حلفائها في ما كان يُسمّى «المعارضة» بأنّها ستبقى وحدها ولن يُطلِق أحد منهم النار على العهد والحكومة. وترجمها النائب نديم الجميّل بتصريح إعلامي: «يقرّروا إذا بدن يضلّوا جُوّا أو بَرّا». بالإضافة إلى السقوط المدوّي لرجّي بجلوسه على طاولة اجتماع مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في حضور وزراء دول عربية وإقليمية آخرين في بروكسل.

 

على وقع المتغيّرات الأخيرة، أُرغِمت «القوات» على إعطاء الثقة للحكومة – ولو على مضض – لأنّها كانت ستبقى وحيدةً في «المعارضة السيادية»، ولم تكن قادرة على قلب هفواتها داخل الحكومة، وبالتالي ستستمرّ في اللعب على حبل السلطة داخل الحكومة لكن بهدوء أكثر وبصوت ربما عالٍ لكنّه أضعف ممّا سبق، فيما حبلها الثاني للمعارضة بات أرفع وأضعف ممّا سبق.

 

في المقابل، حاول «التيار» لعب دور «المعارضة النموذجية دستورياً» في جلسة مساءلة الحكومة نيابياً، لكن يقول البعض إنّ «الدَور مش لابقلن… بعدن جُوّا»، غامزين إلى أنّ «التيار يُشكّل جزءًا كبيراً من القطاع العام»، أي أنّ كثراً من المتعهّدين والمدراء العامين والموظفين الحكوميين وفي الوزارات والبعثات الديبلوماسية محسوبين عليه… وهم قد لا يُسعفهم أي مشروع حكومي لإعادة هيكلة القطاع الخاص وتعيين الهيئات الناظمة لقطاعَي الكهرباء والاتصالات وخلق استثمارات تقصي المنتفّعين من «العهد القديم».

 

لكنّ حكومة سلام التي تلقّت انتقادات لاذعة من كلّ حدبٍ وصَوب، كانت في حاجة ماسّة لتجديد الثقة، عبر اختبار ديموقراطي ولو أنّه لم يكن مثالياً… غير أنّ سلام تجاوز اختبار جلسة الخطابات والنكوزات والجدالات من دون أن يكون خاسراً، إنّما رابحاً بأوراق مَن حاول نصب الفخّ له.

 

أمام هذه الوقائع، كيف تنجو «القوات» و«التيار» من سردياتهما المتناقضة قبل أقل من سنة على الانتخابات النيابية المقبلة؟

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram