الدماغ لا يُخزّن الذكريات كقرص صلب بل يعيد تشكيلها باستمرار

الدماغ لا يُخزّن الذكريات كقرص صلب بل يعيد تشكيلها باستمرار

 

Telegram

 

بعكس ما يحدث في الهواتف الذكية أو أجهزة الحاسوب، حيث يمكن أن تنفد المساحة التخزينية، فإن الدماغ البشري لا يواجه هذا القيد، فوفقاً لعلماء الأعصاب، لا توجد حدود ثابتة لكمية المعلومات التي يمكن للدماغ أن يحتفظ بها، بل تعتمد الذاكرة البشرية على التكيّف، وإعادة الاستخدام، والتداخل بين الذكريات لتكوين تصور مستقبلي واستيعاب الحاضر.
 
الدماغ لا يخزن الذكريات في مكان واحد
 
الذكريات لا تُخزَّن داخل خلية عصبية واحدة أو في منطقة واحدة من الدماغ، بل تُوزَّع عبر مجموعة من الخلايا العصبية تُعرف باسم "الإنغرام"، تتوزع بدورها في مناطق مختلفة من الدماغ، يُطلق العلماء على هذا النمط من التخزين اسم "التمثيل الموزّع"، حيث تساهم كل خلية عصبية في تخزين عدة ذكريات ضمن أنماط متداخلة. حيث
مثلاً، إذا أردت تذكّر حفلة عيد ميلادك الثاني عشر، فإن دماغك سيُفعِّل مراكز الرؤية (ألوان البالونات)، والتذوق (طعم الكعكة)، والسمع (أغنية الأصدقاء)، والعاطفة (شعور الإثارة). هذا النمط المشترك من النشاط العصبي هو ما يُخزّن الذاكرة، وعند استرجاعها يتم تفعيل هذا النمط مجددا.
 
السعة الهائلة للدماغ تأتي من "التداخل والتكرار"
 
وفقا للبروفيسور بول ريبر من جامعة نورثويسترن، فإن قدرة الدماغ على تخزين عدد ضخم من الذكريات ناتجة عن كون كل خلية عصبية تشارك في العديد من الذكريات المختلفة، هذا يضاعف من عدد التركيبات الممكنة، ويمنح الدماغ مرونة هائلة في التخزين.
 
علاوة على ذلك، فإن الذكريات المتشابهة تشترك بأنماط عصبية متداخلة، ما يساعد على التعميم والتوقع، ويُعتقد أن هذا هو السبب الأساسي وراء تطور نظام الذاكرة.
 
لماذا لا نتذكر كل شيء إذن؟
رغم السعة غير المحدودة تقريبا، فإن الدماغ لا يُسجل كل ما نعيشه، السبب يعود إلى أن المعلومات تتدفق بسرعة أكبر من قدرة نظام الذاكرة على معالجتها، فقط نسبة صغيرة من تلك المعلومات تُخزَّن على المدى الطويل، والباقي يُهمَل.
 
يشبّه ريبر ذلك بكاميرا فيديو لا تعمل سوى بنسبة 10% من طاقتها: نحن نتذكر نحو عُشر ما نمرّ به فقط. ما يتم الاحتفاظ به يتم "ترسيخه" لاحقا في الذاكرة الدائمة، في عملية تُعرف بالتثبيت أو "التدعيم العصبي".
 
الدماغ يُخزّن ما هو مهم فقط
الذاكرة البشرية لم تتطور لتسجيل كل شيء، بل لما هو ضروري للبقاء. تقول البروفيسورة ليلا دافاتشي من جامعة كولومبيا: "نظام الذاكرة مبرمج لتخزين ما هو ضروري ومفيد فقط".
 
نحن لا نحتاج لتذكر كل التفاصيل، مثل كل مرة قدنا فيها السيارة إلى العمل، ما لم يحدث أمر مميز. في هذه الحالات، يقوم الدماغ بتخزين "مخطط عام" بدلاً من التفاصيل الدقيقة، ويحتفظ بالتفاصيل فقط عندما تحدث أمور خارجة عن المألوف، كحادث مفاجئ أو طريق مغلق.
الدماغ لا يُفرغ .. بل يُعيد التنظيم
بدلاً من أن "تمتلئ" الذاكرة أو "تنفد"، يعيد الدماغ تنظيم المعلومات بشكل مستمر لمساعدتنا على التعلم والتأقلم والتنبؤ. لذلك، إن نسيت مكان فنجان قهوتك، فاعلم أن السبب ليس نفاد المساحة، بل أن دماغك اعتبر أن هناك أشياء أكثر أهمية يجب أن يتذكرها.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram