تحليل الحمض النووي (DNA): التقنية الذهبية لتحديد هوية ضحايا الكوارث الجماعية

تحليل الحمض النووي (DNA): التقنية الذهبية لتحديد هوية ضحايا الكوارث الجماعية

 

Telegram

 

يُعد تحليل الحمض النووي (DNA) المعيار الذهبي في تحديد هوية ضحايا الكوارث الجماعية، سواء كانت ناتجة عن حوادث نقل، كوارث طبيعية، أو هجمات إرهابية، هذا الأسلوب، عندما يُنفذ وفقا للمعايير العلمية، يُعتبر شبه مؤكد في نتائجه، ولكن كيف يتم هذا التحليل؟ ولماذا هو فعّال إلى هذا الحد؟
 
كارثة الطائرة الهندية مثال على دقة الحمض النووي
في 12 يونيو 2025، تحطمت طائرة تابعة للخطوط الجوية الهندية بعد إقلاعها، مما أسفر عن مقتل 260 شخصا. اشتعلت النيران نتيجة وجود أكثر من 125,000 لتر من الوقود على متنها، مما جعل التعرف على الجثث المتفحمة والمجزأة شبه مستحيل بالطرق التقليدية، استعانت السلطات بتحليل الحمض النووي عبر أخذ عينات من أقارب الضحايا، وبعد أكثر من أسبوعين، تم التعرف على جميع الضحايا بنجاح تام.
 
العينات المستخدمة: ما قبل الوفاة وما بعدها
يتطلب تحديد الهوية عبر الحمض النووي جمع نوعين من العينات:
 
عينات ما بعد الوفاة (Postmortem): تُؤخذ من مكان الحادث، وتشمل صورا لأسنان الضحية، وبصمات الأصابع، والعلامات الفارقة كالثياب والممتلكات الشخصية.
 
عينات ما قبل الوفاة (Antemortem): وهي تتضمن أشياء شخصية مثل فرشاة الأسنان أو أدوات الحلاقة، أو عينات من أقارب الضحية المباشرين.
 
تُستخلص المادة الوراثية من أي نسيج بالجسم، ولكن يُفضل الدم أو الأنسجة السليمة، وفي حال تحلل الجثث أو تداخلها، تُستخدم العظام أو الأسنان، وهي ما أثبتته دراسات سابقة مثل ورقة علمية نُشرت عام 2007 في مجلة Forensic Science, Medicine, and Pathology.
 
خطوات إعداد ملف الحمض النووي
1. جمع العينات: مع الحرص على تجنّب التلوث البيئي أو التداخل بين الجثث.
 
2. استخلاص الحمض النووي: يتم فصله من الأنسجة باستخدام إنزيمات خاصة.
 
3. تحليل الكمية: تحديد كمية الحمض النووي الموجودة.
 
4. التكثير (Amplification): يتم مضاعفة المادة الجينية لتصبح قابلة للتحليل.
 
5. الفصل والتحليل: تُفصل شظايا الحمض النووي حسب الحجم، وتُستخدم للمقارنة.
 
بعد استخراج البصمة الجينية، تتم مقارنتها إما بعينات شخصية سابقة، أو بعينات من الأقارب البيولوجيين كالأم أو الأب.
 
تحديات علمية وتقنية
رغم فعالية تحليل الحمض النووي، إلا أنّ هناك عدة تحديات:
 
تدهور العينات: الجثث المتفحمة أو المتحللة قد تفتقر إلى كميات كافية من المادة الوراثية.
 
المعدات المتقدمة: يتطلب التحليل أجهزة دقيقة وغالية الثمن.
 
البيئة المحيطة: كما في أحداث 11 سبتمبر أو تسونامي آسيا 2004، قد تتأثر العينات بعوامل الحرارة، المياه، أو الرطوبة العالية.
 
الجوانب الأخلاقية والثقافية
ترتبط هذه العملية بقضايا أخلاقية حساسة تتعلق بكيفية التعامل مع جثث الضحايا بعد الوفاة، على سبيل المثال، في العراق عام 2005، طالبت الحكومة بإعادة العظام التي استُخدمت للتحليل حتى تُدفن مع أصحابها، احتراما لكرامتهم.
 
توضح الباحثة كارولاين بينيت من جامعة ساسكس البريطانية أن هذه الاعتبارات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار منذ البداية، لضمان احترام الخصوصيات الثقافية والاجتماعية في التعامل مع الموتى.
 
تحليل الحمض النووي هو أداة علمية لا غنى عنها في مواجهة تحديات تحديد هوية ضحايا الكوارث، لكنه ليس مجرد إجراء تقني، بل هو عملية معقدة تتقاطع فيها الاعتبارات العلمية، والإنسانية، والثقافية.
 ومع استمرار تطوّر هذه التكنولوجيا، يبقى التوازن بين الدقة العلمية والاحترام الإنساني هو التحدي الأكبر أمام فرق الإنقاذ والتحقيق.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram