في اليوم الثاني لاعتذار سعد الحريري يبدو مشهد الناس في حارة حريك طبيعياً، باستثناء حديث الدولار وانعاكاسات ارتفاعه على الحياة المعيشية، الهدوء سيد الموقف، حركة السوق شبه طبيعية ولا شيئ يوحي بالفوضى والارتباك.
كذلك في مكاتب كتلة الوفاء للمقاومة الأمر يبدو أكثر من عادياً، النواب والقيادات السياسية تعمل بوتيرة اسرع من السابق، ما يعني أن "وضع البلد ليس طبيعياً".
تتردد في الأوساط الاعلامية مقولة انتهاء الاتفاق الأميركي الايراني وهي قيد التوقيع النهائي خلال المرحلة القريبة القادمة بعد تبوؤ الرئيس ابراهيم رئيسي مقاليد السلطة رسمياً، وكيف سينعكس ذلك على ملفات المنطقة عامةً وعلى لبنان خاصة، فهل تنتظر الضاحية الجنوبية التواقيع لتبني على الشيئ مقتضاه؟ وهل فعلاً أزمة الحريري محصورة بعلاقته المتوترة مع السعودية ما دفعه للخروج من سباق التكليف؟.
الوزير السابق محمود قماطي يبدو "مرتاحاً بهدوء المتمكن الذي ينظر الى مشهدية لبنان من خلال صورة المنطقة، من شواطئ بحر قزوين وثبات ايران الى انتصارات غزة"، وهو في هذه الأثناء، وكما دائماً، يؤكد أنه "لا يمكن فك المسألة اللبنانية عن المحيط وما يجري فيه، وأصلاً المنطقة مستهدفة من الأميركيين بالجملة، وتجربة الجمهورية الاسلامية أكبر دليل على ما يحصل" ويضيف "الحصار على الجمهورية والمواجهة دفع الشعب الايراني لبناء اقتصاد متين واكتفاء ذاتي بغض النظر عن التقارير الغربية والعربية التي تشوه الحقائق وتشيطن أرض الواقع ولكن بالنهاية لا يصح الا الصحيح".
ويستفيض الحج بشرح التجربة الايرانية في المواجهة مع الغرب والدور الصيني المستجد ليسقط من خلالها الأمر على ما يجري في الداخل اللبناني.
وهنا بيت القصيد في لقاء مع مسؤول اساسي من الحزب في هذه الظروف، ولا يخفي قماطي خيبته من تصرف وخطاب الرئيس سعد الحريري الأخير "اذا كانت أزمته شخصية إقليمية لا يعني أن ندفع بالبلد الى حافة الهاوية، يجب أن نتصرف بمسؤولية ونحن أمام أزمة عميقة تطال كل الشعب اللبناني وبنيته الاقتصادية والاجتماعية".
ويؤشر الى مسألة أساسية في صلب المشكلة اللبنانية "وهي دور الدولة العميقة في تثبيت اختلال التوازن الاجتماعي في البلاد، وهذه الطبقة الحاكمة فعلياً لا تتنازل عن احتكاراتها وامتيازاتها رغم كل ما يحصل، هي تزايد على الأميركي في الحصار والضغط وتزيد من هموم الناس بالنهب والاستغلال ولا تتراجع عن دورها الذي رسمته منذ زمن".
ولايخفي قماطي الإستغراب من خطاب الحريري الأخير الذي أنكر فيه الدور الإيجابي الحثيث لدورنا في تذليل العقبات المحلية وحلها كليا وبقيت العقبة الإقليمية التي لم يستطع حلها مع الأسف،وكان عليه ان يتصرف بمسؤولية.
ومن هنا، يضيف نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله، أن "المرحلة المقبلة بالنسبة لنا محفوفة بالمخاطر والفرص، جماعة أميركا في لبنان يعولون على الانتخابات النيابية المقبلة وهذه العملية مرهونة بشرطين: الاستقرار وضخ الاوكسجين في شرايين الاقتصاد".
ومن هنا يؤكد أن "محور المقاومة سيعمل على تعزيز دوره في كل القطاعات، بدءً من كسر القيود على فتح آفاق التواصل والعمل مع الشرق أو عبر دعم حلفاءه المحليين خاصةً خلال الانتخابات النيابية المقبلة، وكل ما يقال عن تراجع في ثقة الجمهور والناس بهذا الخط لربما ستكون نتائج صناديق الاقتراع مختلفة تماماً" ويضرب مثال على ذلك أن "المعركة السابقة كان هناك بعض الأخطاء في الحسابات أفقدتنا عدداََ من المقاعد التي لن تتكرر في المعركة المقبلة ومنها مثلاً بعض مرشحي التيار الوطني الحر وحلفاء في طوائف أخرى من السنة والدروز".