بيروت تواجه أزمة غير مسبوقة... والمواطن يتحمل العبء الأكبر!
فيما كان اللبنانيون يأملون بصيفٍ أقل وطأة من الأعوام الماضية، جاء موسم الجفاف هذا العام ليقلب التوقّعات رأسًا على عقب. فالمشهد المائي في لبنان بات قاتمًا، بعد أن تراجعت معدلات الأمطار خلال الشتاء الماضي إلى نحو 55% من المعدل السنوي العام، ما أدى إلى أزمة مياه مبكرة هذا الصيف، على خلاف المواسم السابقة التي كانت الأزمة تظهر عادةً في أواخر الصيف مع اشتداد درجات الحرارة.
بيروت... مدينة "الصهاريج"
ورغم أن أزمة المياه تطاول مختلف المناطق اللبنانية، إلا أن العاصمة بيروت تبدو الأكثر تضررًا. فداخل المباني السكنية، يضطر غالبية السكان إلى شراء المياه بشكل شبه يومي، وسط استنزاف مستمر للدخل، وارتفاع غير مسبوق في الأسعار، ما يفاقم الشعور بالقلق والضغط النفسي.
ففي ظل الانقطاع المتكرّر للمياه من الشبكة الرسمية، التي تعاني بدورها من ضعف في الضخ والبنى التحتية، لم يعد أمام المواطن سوى اللجوء إلى خيار واحد: الصهاريج الخاصة، التي لا تخضع لأي رقابة فعلية، لا من حيث التسعير ولا من حيث جودة المياه.
يقول أبو علي، أحد سكان بيروت، في حديث إلى "ليبانون ديبايت": أنا وزوجتي وولديّ الاثنين في المنزل فقط، نشتري الماء على الأقل أربع مرات في الأسبوع. كل صاحب صهريج يبيع بالسعر الذي يريده... لا رقيب ولا حسيب، وأصبحنا تحت رحمة الاستغلال".
صهاريج تسعّر "على هواها"... والأسعار في ارتفاع
من جهته، يؤكد أبو حسين، أحد موزعي المياه في بيروت، أن الطلب هذا الصيف فاق التوقعات بكثير، مشيرًا إلى أن "الطلب عادةً يبدأ في شهر أيلول، لكن هذا العام بدأ منذ شهر حزيران الماضي".
أما عن الأسعار، فيُشير إلى وجود تفاوت كبير في التسعير بين البائعين، إذ يُباع صهريج المياه سعة 60 برميلًا بأسعار تتراوح بين 35 و47 دولارًا، حيث يُحدّد كل موزّع السعر وفق مزاجه.
وأضاف: "كثيرون يستغلّون هذا الواقع في ظل غياب الرقابة وغياب تسعيرة موحّدة"، لافتًا إلى أن الأسعار ارتفعت هذا العام بنحو 40% مقارنة بالعام الماضي.
ويُضيف: "حتى نحن كموزّعين، بدأنا نواجه صعوبة في تأمين المياه من الآبار، إذ إن بعضها قد جفّ، وبعضها الآخر يشهد طلبًا غير اعتيادي، فضلًا عن ارتفاع كلفة النقل، وكل ذلك ينعكس مباشرة على المواطنين".
صيف بلا مياه... واستغلال بلا رادع
في ظل هذا الواقع، تبدو أزمة المياه في لبنان واحدة من أخطر التحديات اليومية التي يواجهها المواطن، في غياب أي خطة رسمية أو تنظيم حقيقي لقطاع توزيع المياه. فاستغلال أصحاب الصهاريج بات جزءًا من المشهد اليومي، ينهك جيوب الناس، الذين لا تزال رواتبهم متدنية وسط أزمة اقتصادية واجتماعية متفاقمة.
وبين غياب الدولة عن تنظيم توزيع المياه، وانهيار مؤسسات الرقابة، وعجز البلديات، أصبح المواطن الحلقة الأضعف في مواجهة "سوق سوداء" جديدة، تتاجر بالماء تمامًا كما سبق أن تاجر البعض بالخبز والدواء والمحروقات.
فاللبناني اليوم لا يواجه فقط شحّ المياه، بل أيضًا غلاء الأسعار، واستغلالًا ممنهجًا لحاجاته الأساسية، في ظل فوضى عارمة لا يردعها قانون ولا جهة رقابية .
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي