البياضة تنشف… وبعلبك على حافة العطش

البياضة تنشف… وبعلبك على حافة العطش

 

Telegram

 

 

في مشهد لا يشبه تاريخها ولا يليق بجمالها, بدت بركة البياضة في بعلبك هذا العام جافة بالكامل, كأنّها تُعلن بصمت موجع عن كارثة بيئية تضرب المدينة. البركة, التي كانت لسنوات قلب الحياة الزراعية ومتنفّس الأهالي, تحوّلت إلى أرضٍ قاحلة متشققة, في صورة تختصر حجم الأزمة التي تتجاوز الجفاف العابر لتصبح تهديدًا وجوديًا للناس والمزروعات.

 

 

ليست هذه المرة الأولى التي تجف فيها البياضة, لكنها اليوم تواجه جفافًا مختلفًا: أكثر قسوة, أكثر إهمالًا, وأكثر إصرارًا على البقاء. فبين تراجع المتساقطات, وسوء إدارة المياه, والاستهلاك العشوائي, وجد مزارعو بعلبك أنفسهم بلا مورد أساسي, مضطرين للعودة إلى الآبار الجوفية التي بدورها بدأت تنضب, فيما الدولة غائبة, والبلديات تائهة, والناس تُصارع وحدها من أجل البقاء.

 

أبو علي, أحد مزارعي التبغ, يروي بأسى كيف تحوّلت المواسم إلى مقامرة. "كنت أروي من البياضة بسهولة, واليوم لا أستطيع ريّ نصف أرضي. البئر الذي أعتمد عليه بالكاد يضخ, والخسارة صارت شبه مؤكدة". وكأن الأرض تقول للمزارع: تعبك مهدور, وجهدك في مهبّ الجفاف.

 

ولم تتوقف الأزمة عند حدود الزراعة, بل تمددت إلى مياه الشرب. أحياء كثيرة في المدينة بدأت تعاني تقنينًا حادًا, والناس تُجبر على شراء المياه بأسعار باهظة قد تلتهم نصف رواتبهم. في المقابل, لم تُطلق وزارة الطاقة أي خطة طوارئ, ولا البلديات قدّمت حلاً, سوى بيانات وعظات لا تُروي عطشًا.

 

الأسوأ أن حفر الآبار بات عشوائيًا بلا دراسة أو رقابة, مما يهدد ما تبقّى من المياه الجوفية, ويُسرّع خطوات المدينة نحو التصحّر. إن ما يحصل في بركة البياضة ليس مشهدًا عابرًا, بل جرس إنذار لما قد تؤول إليه بعلبك إن بقي الإهمال هو القاعدة, وإن استمرّ التعاطي مع الأزمات البيئية بهذا الجمود المميت.

 

المدينة التي كانت تُعرف بوفرة الماء وخصوبة الأرض, تواجه اليوم جفافًا قاسيًا. البركة التي كانت عنوانًا للجمال والحياة, صارت شاهدًا صامتًا على الإهمال, وعلى عطش الناس والأرض في آن.

 

 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram