تل أبيب عند مفترق طرق: لا إنجاز من دون واشنطن!
تقف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، اليوم، أمام مفترق طرق حاسم: فمن جهة، يؤكّد الجيش الإسرائيلي أن الجدول الزمني للتقدّم الميداني يمضي بوتيرة «أسرع مما كان متوقّعاً»؛ ومن جهة أخرى، يدرك القادة الأمنيون في تل أبيب أن «الساعة السياسية بدأت بالدقّ»، ما يُحتّم تحقيق أكبر قدر من الإنجازات العسكرية والأمنية، قبل أن تبدأ الضغوط الدولية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
هذه القناعة تعكسها أجواء هيئة الأركان الإسرائيلية، كما ورد في تقرير صحيفة «يديعوت أحرونوت» للصحافي يوسي يهوشواع، الذي قال إن مصادر المؤسسة الأمنية في تل أبيب، ترى أن «الوقت الراهن ليس وقت تسويات»، بل لحظة مناسبة للاستثمار في زخم الضربات التي وُصفت بـ«الناجحة وغير المسبوقة»، ولا بدّ من تحويل هذا التقدّم إلى أوراق تفاوض تُفرض لاحقاً على طاولة الحلّ.
وبحسب تصريحات لمسؤولين نقلتها الصحيفة نفسها، فإن «أيّ وقف لإطلاق النار الآن سيكون بمثابة خسارة لما تمّ تحقيقه، أو استجابة مبكرة للضغوط، قبل اكتمال الإنجاز المطلوب».
وفي السياق نفسه، شدّد مسؤول كبير في هيئة الأركان على ضرورة ترجمة ما أُنجز ميدانياً إلى اتفاق «يمكن العيش في ظله»، مؤكداً أن «الطريق إلى التسوية باتت أقصر، لكنها ما زالت غير ناضجة».
في المقابل، وعلى الرغم من التفوّق الذي تزعم إسرائيل تحقيقه في الضربة الافتتاحية، ثمّة إدراك في تل أبيب لحقيقة أن «القدرات الإيرانية لم تُنهك بعد بالكامل»، وأن قدرة طهران على الردّ ما زالت قائمة، بدليل ما حدث خلال الأيام الأخيرة، حيث سُجّلت عمليات إطلاق صواريخ ذات رؤوس حربية ثقيلة من طرازات متطوّرة، ما أدّى إلى دمار واسع النطاق في مناطق مثل بات يام، حيث أصبح 1500 من المستوطنين بلا مأوى، ودُمّرت عشرات المباني، فيما ما زالت فرق الإنقاذ تبحث عن مفقودين تحت الأنقاض بعد أربعة أيام على القصف، بحسب التقارير الإعلامية العبرية.
وفي الوقت الذي تؤكّد فيه قيادة «الجبهة الداخلية» في الكيان، أن الملاجئ «أثبتت فعاليتها»، تشير الأرقام إلى سقوط 24 قتيلاً، وإصابة عدد كبير، نتيجة إطلاق نحو 350 صاروخاً إيرانياً منذ بداية الحرب.
لا يُخفي الجيش الإسرائيلي قلقه من الانزلاق إلى حرب استنزاف
وعلى صعيد متصل، تتعزّز التقديرات في الكيان بأن دخول الولايات المتحدة على خطّ الحرب على إيران، بشكل مباشر، بات «مسألة وقت» فقط. وتؤكّد مصادر رفيعة، لـ«القناة 12» العبرية، أن «كل المؤشرات من واشنطن تدلّ على تحضيرات جدية للانضمام إلى العمليات»، وأن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي «طالما تهرّب من المواجهات المباشرة»، أصبح الآن في «وضعية ذهنية هجومية»، يرى فيها أن اللحظة ملائمة لاستثمار النجاح الإسرائيلي والبناء عليه، بما يخدم صورته السياسية وشعاره المتجدّد في مواجهة التهديد النووي الإيراني.
وفي الإطار نفسه، أفادت معلومات إضافية أوردتها صحيفة «هآرتس» في تقرير لعاموس هرئيل، بأن «ترامب عقد خلال الساعات الماضية اجتماعات مغلقة مع قادة الجيش والاستخبارات»، ووجّه انتقادات حادّة إلى عدد من مستشاريه المعروفين بـ«توجهاتهم الانعزالية، وعلى رأسهم تولسي غابارد وتاكر كارلسون»، مشدّداً على أن «أميركا أولاً» لا تعني ترك إيران تصل إلى القنبلة النووية.
وفي انتظار كلمة ترامب، لا يُخفي الجيش الإسرائيلي قلقه من الانزلاق إلى حرب استنزاف تُفرغ الإنجازات من محتواها، خصوصاً في حال تأخّر الحسم، أو عدم انضمام واشنطن الى الحرب بالشكل المتوقّع.
ويتخوّف قادة الجيش من أن يتحوّل الزخم الحالي إلى «عبء» إذا طال أمد المعركة من دون اختراق حاسم على الصعيد السياسي أو العسكري. ولهذا، يتواصل الضغط داخل إسرائيل في اتجاه دفع الولايات المتحدة إلى حسم موقفها، على الرغم من تأكيد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، خلال جلسة «الكابينت» أمس، أن قرار التدخّل الأميركي «يعود حصراً إلى الرئيس ترامب، وهو سيتخذ القرار بما يتماشى مع مصلحة الولايات المتحدة»، نافياً أن تكون إسرائيل تسعى إلى «جرّ» واشنطن إلى الحرب.
في المحصّلة، تبدو إسرائيل عازمة على استثمار كل ما تحقّق ميدانياً، في محاولة لتغيير قواعد اللعبة مع إيران. غير أن هذا الطموح لا يمكن تثبيته من دون تدخّل أميركي مباشر، وهو ما ينتظر الجميع أن يحسمه ترامب قريباً.
وفي الأثناء، يبقى احتمال الحرب الطويلة قائماً، وكذلك احتمال الانزلاق إلى مواجهة تتجاوز الحسابات الأولية، في حال لم تُتَرجَم الإنجازات العسكرية إلى اختراق سياسي واضح.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي