لكل حدث مفاعيل مباشرة ومفاعيل مُنتظرة والمفاعيل المباشرة تؤشّر للمفاعيل المُنتظرة ، بعضنا يكتفي بقراءة المفاعيل المباشرة ويتفاعل معها وينخرط في حركات أفعالها ويكتشف متأخّرا أنه كان نتعة من نتعات الأدراج التي يصعد عليها أصحاب النزعة الفردية ، ويمكن أن لا يكتشف لأن التطّبع الجديد غلب الطبع القديم والتطبّع الجديد حرمه من موهبة النظر الى أبعد من الأنف .
وأثبتنا نحن السوريين القوميين الاجتماعيين في أكثر من مناسبة أننا نندفع بإخلاص وحماس خلف المفاعيل المباشرة آملين رفع الزير من البير .ولذلك عندما كان ينشق الحزب كنا نذهب الى الأخير في الحديث عن منافع الانشقاق وعندما يتوحد كان يُغشى علينا عندما نتحدث عن فوائد الوحدة .
- -ألإنشقاق وظيفة كما الوحدة وظيفة
يستيقظ العقل الفئوي بأبهى صوره في الأحداث الانشقاقية المخجل منها والحقيقي ، ويستيقظ العقل الوحدوي بأجمل الصور والتعابير في حفل عقد قران الانشقاقيين ، وبين حفل عقد قران وجلسة طلاق غابت غاية الحزب وأهدافه وأقفل أولي الأمر خزانة الثقافة بقفل من حديد .
تخرق ظواهر الانشقاق كل المناقب وتتخطى كل الحدود وتخرج عن مقولات الأخلاق وتُسقط كل محرمات التعبير والكلام، وتُغيّب مرامي النهضة وغاية الحزب وتنتهي قضية الأمة والمجتمع ليحل مكانها قضايا إنشقاقية تخدم غايات فردية وشخصية .
- يُسقط الانشقاق روحية النهضة .
تلعب الحالة الانشقاقية في منظومة الواجبات الحزبية وتستبدل قاعدة القياس النهضوية بقواعد قياس المجتمع القائم على منظومة التوافق بين الطوائف والمذاهب والعشائر والعائلات .
كيفما كانت الحالة الانشقاقية تكون بشعة ، وتتمظهر بسلوك بشع ، وتترك أثرا بشعا
وأخطر ما في الحالة الانشقاقية هو استقطابها لعقول مؤمنة وأقلام صادقة تصلح أن تكون رائدة في مشروع استنهاض الحزب لكنها لا تدري أنها أصبحت وسط لعبة تقاذف الكرة وأن متش اللعبة سينتهي بالتعادل وبالتالي بالتعا نق والتعاضد .
أقول هذا للتأكيد أن الانشقاق لا يحمل معالم التغيير بل يؤسس لقيام حالات مشابهة للحالة الأساس .
من ظواهر الانشقاق الجديد :
--ألخروج عن قيمة أخلاقية كبيرة هي قاعدة: الغاية الشريفة تتطلب وسيلة شريفة واستبدالها بقاعدة الغاية تبرر الوسيلة ، هذه وحدها كفيلة للتعبير عن شطارة المستفيد الأول وقصور الوعي عند القوميين الذين اصطفوا خلف هذا المستفيد وقصورهم عن إدراك غاية الحزب ومبادئه .
-- نبش الظواهر الخلافية التي تؤجج مشاعر التباعد والاختلاف والافتراق قبل المحاكمة والإدانة التي لم تحصل حتى اللحظة مما يؤشر الى ان الخلاف بين إدارتين تريد كل واحدة تأمين مصالحها وليس بين نهجين .
-- ولكن أخطر ما شهده الانشقاق الاخير ما قرأته على صفحة أحد الرفقاء الذي جاء على خلفية قيام طرف إنشقاقي بكامل أركانه المركزية بواجب التعزية فذكّرنا بجولات المرشحين للإنتخابات النيابية وببعض المراجع النيابية التي تعتمد ركائز في المناطق يكون لها مهمة واحدة هي إعلامهم بزمن وفاة الأشخاص ومرافقة المرجعيات حين القيام بالواجب .
جاء في المنشور :
لأن حرمون أو جبل الشيخ كما يحلو لبعضنا أن يسميه الذي بيمينه يحيي دمشق وبيساره يحيي فلسطين . وبوجهه يصابح نجمتنا قبرص ، ولأن عين عطا وأخواتها ينطا وراشيا وبكيفا وميمس والخلوات وشويا وعين قنيا وعرقوبنا أبو الذل فكان عماد فرحات ........ ومنفذنا العام فارس زويهد وكل جرحى تلك المنطقة .
كانوا هناك في عين عطا يحيون قيادة حزبنا التي لأول مرة تكرم من أوفى بقسمه لآخر نفس
لعله زمن النصر بكم يأتي
تحيا سورية
لم يعد الخطر محصورا بأصحاب الألقاب والمقامات ، بل أصبح في همروجة القوميين الاجتماعيين المُستقبِلة لأفعال هؤلاء . والتي تأتي كردة فعل على سلوك مضى دون النظر الى نوعية السلوك ودلالاته .
إن السباق للإستقطاب أسقط كل المحظورات وأخرج الغول من المغارة المستترة الى الميدان الظاهر ، وحرف النضال عن غاية النهضة ، وصارت التعزية محطة نضالية تُبشّر بزمن النصر الآتي .
هكذا ينخفض مستوى التعبير والادراك وينخفض مستوى التقييم ويغيب المعنى الحقيقي للنضال وتستتر المعاني الحقيقية لفعل العقيدة السورية القومية الاجتماعية وتتقفدم عليه معاني المجتمع المريض .
أبشع ما فينا أننا لا نقرأ الدلالات ولا نراقب المؤشرات ، وننساق الى معارك لا نعرف لماذا بدأت وما الغاية منها وكيف انتهت .
سنبقى على مانحن عليه وقد تسوء حالنا الى الأسوأ إذا لم نقرأبعقلنا
يقرأ السوريون القوميون الاجتماعيون اليوم بعقل إنشقاقي مخيف لأن القراءة تترافق مع كتابات مخيفة ، قراءات تعتمد على مجموعة من الأوهام والتخيلات . ومنها على سبيل المثال انتخابات نقابة المهندسين والحديث عن خوض معركة منفردة بهلوانية تذكرنا ببطولات عنتر’ بن شداد والزير سالم .
آخر الابتكارت منشور دون عنوان ودون توقيع
هذا المنشور يؤكد فكرة التنظيمات السرية ويؤكد على خطورة وظيفة الانشقاق .
ويؤكد ايضا على انهيارآخر القلاع الأخلاقية ، ويُشير الى أن كاتبه يستخف بعقول القوميين ويحاول أن يحتال عليهم بتعابير إنشائية رنانّة طمعا في احتوائهم في قفض سجنه المقفل .
أنها الحماقة التي تفوق الجهل
لم تعد أخبار الطرفين مكتومة في غرفتين ، فلكل طرف عيونه عند الطرف الآخر التي تنقل أدّق التفاصيل وتنقل حتى طريقة الحديث والنبرة ، لذلك على من يكتب أن يتمتع بموهبة احترام عقول الآخرين ، فإذا كان يروي أخباره اليعقوبية لجماعته ويصفقون له ، لا يعني أن عامة القوميين والمواطنين سيصدقونه أو سيصفقون له .
هذه البدعة الجديدة تنذر بمسلك جديد خطير ، هو مسلك الهروب من تحمل المسؤوليات ، مسلك الهروب من موقف الرجولة القاضي بموقف المواجهة وقول الحقيقة مهما كانت النتائج ، الى مسلك وطاويط الليل التي تخاف الضوء ، لا يليق هذا النهج بالعقيدة السورية القومية الاجتماعية ولا يليق بالقوميين الاجتماعيين .
لا أريد رصد ما ورد من معلومات ومواقف وأراء لأن الوعاء الذي عُرضت من خلاله هذه المعلومات وهذه المواقف لا يعبّر عن نفسية قومية اجتماعية .
من مساويء الانشقاق بروز ظاهرة العربشة لأصحاب النفوس الصغيرة والقاصرة ، حيث نجد رجالا في مواقع لم يُخلقوا لها ، ويكتسبون ألقابا أكبر من قدراتهم فيخلطون الحابل بالنابل ويطبعون المواقع بأطباعهم فتصغر لتصبح متناسبة مع قدراتهم العقلية والسلوكية .
أيقظ الانشقاق حاسة الحماية عند الذين يعملون لحزب على قياسهم ، فاستنفروا بعد ثبات طويل ، وعادوا الى حلبة الصراع لإثبات وجودهم وفرض حقيقتهم من جديد وتجديد أدواتهم وطرائق أفعالهم وعلاقاتهم .
كل خلاف يّنتج انشقاقا يكون وباء خطيرا ، خاصة إذا لم يبن من طرفي الانشقاق ما يُشير الى المحاسبة والإقصاء ، ولم يُظهر خطابا مختلفا يحاكي واقع المجتمع ويُدلّل على التحديات التي تواجه الأمة ويرسم خطط المواجهة ويكتب مخارج الخلاص العملية المُرتكزة على العقيدة السورية القومية الاجتماعية ، من المشكلات إجتماعية
شرط التغيير إلغاء الآخر بالصراع الداخلي أو بإخراجه من المجتمع واحتلال كل المساحات الممكنة . أما إذا انتج الانشقاق حالتين متساويتين في القدرات وفي الحركة فهذا من دلالات التراجع الذي قد يصل الى الخروج من المجتمع .
أظهر مسار الأحزاب الإنشقاقية في فترة ما بعد انشقاق أيلول أننا أمام حقيقة مرة ، فلم تعد الوحدة مخرجا، ولم يعد الانشقاق خلاصا ، ولم يعد المؤتمر الجامع أو غير الجامع طريقا للنجاة ، لذلك وجب على القوميين الاجتماعيين الاتجاه نحو عملية إنشائية دقيقة تُعيد عملية البناء وتستكمل تأسيس الحزب السوري القومي الإجتماعي .
وسيم سعاده
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :