حققت إسرائيل والجيش الإسرائيلي في الحرب الأخيرة إنجازات استثنائية، وذلك على عدة جبهات، وفي سياقات متعددة، وضد أعداء متنوعين، لكن في ضوء هذه الإنجازات الممتازة، تزداد القناعة بأن النتائج في غزة غير واضحة بشكل كافٍ، وبأنه كان يجب علينا أن نكون في مكان مختلف تماماً في هذه المرحلة.
إن المستوى السياسي حمّل المستوى العسكري مسؤولية التخبط، ولفترة طويلة، لكن يبدو كأنه على الرغم من استبدال عدد من أصحاب المناصب البارزين، فإن القطار لم يوضع بعد على السكة، ولا يُعرف متى وكيف يمكن أن يحدث ذلك. ستكون لنتائج المعركة في غزة تأثيرات كبيرة في أعدائنا في مختلف الجبهات، وكذلك في ثقتنا بقدرتنا على التغلب على "الشر"، ولذلك، من المهم جداً أن تكون نتائج المعركة حاسمة وقاطعة، في الآونة الأخيرة، تُسمع ادّعاءات، مفادها بأن خطة "مركبات جدعون" من المفترض أن تكون هي التي تضع القطار على السكة المؤدية إلى الحسم ضد "حماس"، لكنني أشك فيما إذا كانت تملك فعلاً القدرة على إحداث التغيير المطلوب من أجل التوصل إلى الحسم، لأن الخطة تفتقر إلى العنصر المركزي في مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي، وهو السعي لحسم سريع. إن غياب هذا العنصر يثير المخاوف من ألّا تؤدي الخطة أيضاً إلى الحسم في مواجهة "حماس"، في نهاية المطاف.
وفقاً للخطة الحالية، سيقوم الجيش الإسرائيلي بإنشاء عدد من المراكز لتوزيع المساعدات الإنسانية، التي سيتوجه إليها العائلات، ومن هناك سيأخذون حصة عائلية من المواد الغذائية والمنتوجات الأساسية للأسبوع القادم، وبعد جمع المواد الغذائية، سيتمكنون من العودة إلى المناطق التي أتوا منها،أرغب في رسم الخيار الوحيد الذي من شأنه أن يحلّ العقدة المستعصية، ويقود إلى حسم مع "حماس". يستشهد كثيرون بالقول إن مركز الثقل لدى "حماس" يكمن في كونها مندمجة في السكان المدنيين، وتعمل من داخل المجتمع، ولذلك، نحن بحاجة إلى الفصل والتمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين من أجل حسم المعركة في القطاع.
يجب على الجيش الإسرائيلي أن يعلن منطقة معينة (على سبيل المثال: شمال القطاع حتى ممر نتساريم) منطقة قتال، ويُخطر السكان المدنيين القاطنين فيها بضرورة مغادرتها، حفاظاً على سلامتهم، بحسب القانون الدولي. بعد ذلك، يجب فرض حصار كامل على تلك المنطقة (بما في ذلك إغلاق أنبوب المياه القادم من إسرائيل)، وهو ما يشكل بداية العد التنازلي نحو استسلام "حماس" في تلك البقعة الجغرافية، بهذه الطريقة، سنفصل بين السكان المدنيين وبين "حماس"، وهذا الفصل سيؤدي إلى فقدان الحركة قدرتها على العمل بفعالية في المنطقة. بعد ذلك، يمكن تطبيق الأسلوب نفسه على مناطق إضافية، الأمر الذي سيؤدي، على الأرجح، وفي فترة زمنية قصيرة، إلى استسلام التنظيم وموافقته على صفقة بشروط تقبلها إسرائيل، ومن غير الضروري التشديد على أن هذا الأسلوب مسموح به بموجب القانون الدولي، ويُدرَّس كطريقة قتال مفضلة في العديد من الجيوش الغربية، مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وغيرها، ما دمنا نواصل العمل وفق النهج الحالي، فإننا نحكم على أنفسنا بحرب استنزاف لا نهاية لها، ولن ننجح في حسم المعركة ضد "حماس"، ولن نتمكن من استعادة الأسرى. على المستوى السياسي أن يدرك أن تعبئة قوات الاحتياط الحالية بهدف حسم المعركة مع "حماس" قد تثبت في النهاية أنها "الرصاصة الأخيرة في المخزن"، ومن الأفضل استخدامها بحكمة.
نسخ الرابط :