في قراءة الإعلام الغربي خلال العدوان على غزة، ظهرت بوضوح شديد ازدواجية المعايير في التعامل مع الفلسطينيين والأخبار المتعلقة بكل ما كان يحدث في الحرب. ويمكن القول إنّ أبرز ما نقده، حتى كثيرون من الغربيين المعادين للصهيونية، يتلخّص في اللغة المستخدمة في الحرب الإعلامية. في محاضرته قبل أسابيع في جامعة «يو سي بيركلي»، شدّد إيلان بابيه، أحد أبرز المؤرخين الجدد في كيان الاحتلال، على اللغة التي يستخدمها الصهاينة في سرد الصراع الصهيوني الفلسطيني: لغة «تحصّن إسرائيل ولا تسمح بتبرير النضال الفلسطيني ضد الاستعمار». شدّد بابيه حينها على أهمية استخدام اللغة، مع إدراك عالٍ لما تخدمه في نشر الفكر الصهيوني وحشد التأييد العالمي له، قائلاً: «أكبر التحديات التي نواجهها كناشطين من أجل فلسطين أنّنا لا نستطيع تحدّي عقود من البروباغندا والتلفيقات والسرديات المضادة بالمقاطع الصوتية، وهذه مشكلتنا الرئيسية. نحن بحاجة إلى مساحة ووقت لشرح الواقع لأنّ الكثير من المنصّات ومصادر المعلومات والأماكن التي تنتج المعرفة، رسمت صورةً ووضعت تحليلات خطأ عن فلسطين جرى تشكيلها على مرّ السنوات بمساعدة الأوساط الأكاديمية والإعلام وهوليوود والمسلسلات التلفزيونية التي تؤثر في عقول الناس وعواطفهم».
يرى أبو السيميولوجيا ومطوّر علم اللسانيات اللغوي السويسري فيردينان دو سوسير (1857-1913)، أنّ اللغة بطبيعتها بنيوية، أي إنّها بُنية قائمة بحد ذاتها يمكن فهمها على أنّها أداة تخدم التواصل البشري عبر نظام من الرموز (الكلمات والأحرف). البنيوية، المشتقة في الأصل من اللغة اللاتينية التي تعني «شيّد أو بنى»، توحي باسمها أنها شيء منظّم له ترتيبه الخاص، والمعنى يظهر من ترتيب العناصر التي تشكّل الجملة، فأي تغيير في ترتيب الكلامات يؤدي بنسبة معينة إلى تغيير معنى الجملة. قدّم سوسير العلاقة «التركيبية/ Syntagm» والعلاقة «التبادلية/ Paradigm» في اللغة، معتبراً أنّ «السينتاغم» هو تركيبة الجملة الأفقي. أما «البرادايم» (عامودي)، فهو مجموعة الاحتمالات والإشارات اللغوية التي تستبدل كلمة واحدة في الجملة، وأي تبديل للكلمة بمرادف آخر لها، وإن كان يخدم معنى مشابهاً يبقى في إيحائه الثقافي والمجتمعي، يضيف شيئاً جديداً على المعنى العام للجملة. لتبسيط الفكرة، يمكن تناول موضوع المصطلحات المستخدمة في الإعلام مثل «شهيد/ قتيل»، «فدائي/ إرهابي»، «مقاوم/مخرّب»، «جيش الدفاع الإسرائيلي»/ قوات الاحتلال» أو «جيش العدو الصهيوني»، فكل واحدة وإن كانت تدل في الظاهر على الشخص ذاته، إلا أنّ تفضيل استخدام كلمة من بين عدد من الاحتمالات، يوحي بمدلول ثقافي وإيديولوجي. هذا الاختيار الواعي والمتعمّد للإشارة اللغوية (الكلمة/ المصطلح) وجدناه حاضراً بقوة في تغطية الإعلام الغربي لاتفاق التبادل بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال. المعركة الإعلامية وتأثيرها في الجماهير، يكمنان في اللغة المستعملة والمصطلحات التي تتكرّر وتترسّخ لدى المستمع، حتى تقنعه بما يخدم الأجندات السياسية للمنصّات الإعلامية.
في نقد اللغة التي يستخدمها الإعلام الغربي للحديث عن الهدنة واتفاق تبادل الأسرى المستوطنين بالأسرى الفلسطينيين، يمكن رصد أبرز المصطلحات التي قد تبدو في ظاهرها مرادفات تدل على الشيء/ الشخص ذاته، أما في مدلولها الثقافي والسياسي، فهي تختلف أشد اختلاف، خصوصاً في معناها وأثرها النفسي في الجماهير: «أطفال/ أشخاص دون الثامنة عشر/ قاصر»، و«مدنيون/ أضرار جانبية»، و«النساء والأطفال/ دروع بشرية»، و«رهائن/ معتقلون/ مساجين»، و«قُتل/ مات»، «هجوم/ انفجار». مجموعة لغوية أضاء عليها الإعلام الإيرلندي تحت عنوان «لغة التجريد من الإنسانية»، في محاولة لفضح الانحياز الغربي وازدواجيته في التعامل مع الحرب بين الاحتلال الصهيوني والمقاومة الفلسطينية.

أثبت السفير الفلسطيني حسام زملط أنّه لا يقع ضحية الترهيب الذي يمارسه الإعلاميون المتمرّسون في مهنتهم
في إطار تغطيتها لتبادل الأسرى، أوردت قناة CNN الأميركية على لسان إحدى مذيعاتها إنّ ««حماس» أفرجَت عن أطفال إسرائيليين (Israeli children)، وإسرائيل أفرجَت في المقابل عن ذكور فلسطينيين غير بالغين (Immature Palestinian male)». أصرّت القناة أوّلاً على تفادي المساواة بين الأطفال المحتجزين لدى «الطرفين»، وهو أضعف الإيمان في التغنّي بشعار «الموضوعية الإعلامية»، إحدى خرافات الغرب الذي بات مفضوحاً اليوم. طبعاً، يجب القول إنّ المساواة هنا من منظور الإعلام المقاوم باطلة وغير عادلة، إذ لا يمكن المساواة بين المستوطن الطارئ والدخيل، وصاحب الأرض. ثانياً، دلالة انتقائها المتعمّد للمصطلحَين يخدم في التأثير النفسي على الجمهور، والحفاظ على اللغة التي تبرّئ الاحتلال من انتهاكه للقضايا الإنسانية واختراقه للقانون الدولي. يأتي سؤال القارئ: لماذا بدّلت الأطفال بـِ «ذكور غير بالغين»؟ تدرك المحطة أنّها لا تستطيع استخدام كلمة «أطفال» في الحديث عن الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية، فذلك يؤكّد الفكرة الأهم بأنّ سلطات الاحتلال تعتقل الأطفال، وبالتالي يتحرّك الرأي العام ليسأل: لماذا تعتقل إسرائيل في الأصل الأطفال؟ ومنذ متى تفعل ذلك؟
تُجيد CNN هذه اللعبة اللغوية وتستعملها أيضاً في محاولتها للتشكيك في السردية الفلسطينية. قبل يومين، أطلّ السفير الفلسطيني في بريطانيا حسام زملط على القناة للحديث عن عملية التبادل. افتتح ريتشارد كويست الحوار بمقدمة عن الأسرى (المستوطنين طبعاً)، «منهم نساء يبلغن 85 عاماً وأطفال في التاسعة، اختطفتهم «حماس» على الدراجات النارية... نحن نتحدّث هنا عن أشخاص مخطوفين سيُطلق خاطفوهم سراحهم». كرّر المذيع كلمة «خطف» و«مخطوفين»، وأصرّ على المناشدة العاطفية (appeal to emotions) في تقديمه لأعمار الأسرى، فهم إما أطفال صغار أو طاعنون في السن، أي كلاهما يتعاطف معه الرأي العام. لكن زملط أثبت مراراً تيقّظه للغة واستعمالاتها ودلالاتها. واللافت عند السفير الفلسطيني أنّه لا يهاب المواجهة ولا يقع ضحية الترهيب الذي يمارسه الإعلاميون المتمرّسون في مهنتهم، فلا ينجحون في إغراقه بالرد الانفعالي على أسئلتهم الملغومة. بل إنّ زملط يهاجم بأسئلته الخاصة ويطلب من الإعلاميين أنفسهم الرد على أسئلته: «جيد أنك تسأل عنهم... لكن لمَ لم تسألني عن الرهائن الفلسطينيين، الأطفال الذين أطلق سراحهم اليوم وكانوا في السجون الإسرائيلية قبل السابع من أكتوبر؟ كما تعلم، لدينا المئات من الأطفال الفلسطينيين الذين تعتقلهم إسرائيل على مدى سنوات من دون تهمة، ولا محاكمة، ولا إمكانية الوصول إلى المحامين أو عائلاتهم وأولياء أمورهم. هذا أمر غير مقبول حقاً، إنه لا ينتمي إلى يومنا هذا وإنسانيتنا. وبالتالي، فإنه الوقت المناسب للتركيز حقاً على نظام القمع الشامل. وأنتم تعلمون ما هو معبّر جداً أن الكثير من وسائل الإعلام الدولية تركّز على الإسرائيليين الخمسين». يقاطعه كويست معلّقاً: «السبب بسيط بالنظر إلى الطور التي توضح كيفية اختطاف هؤلاء الأشخاص، تم إلقاء جميع النساء المسنّات على دراجات نارية وهن يصرخن، ونٌقلن عبر الحدود ودفعهن إلى الأنفاق وبقين في الظلام. هناك فرق كمي ونوعي في طريقة الاحتجاز بين الاثنين». لكن زملط يجيب مجدداً: «الفارق أن الأول يقوم به أفراد، أما الثاني فتقوم به دولة ترعى جيشاً يداهم منازل الأبرياء في منتصف الليل وفي ساعات الصباح الأولى، يوقظ هؤلاء الأطفال في حالة رعب شديد». يقاطعه المذيع ولا يسمح له بإكمال كلامه، لكن زملط يكمل: «من المشين حتى إقامة أي مساواة/ إنصاف equity بين دولة عضو في الأمم المتحدة هي إسرائيل ومسؤوليتها بموجب القانون الدولي وبين الأفراد. لذا في الواقع، فإن الافتقار إلى العدالة هو التركيز على المسؤولية بين الجهات الفاعلة بين قوسين التي يجب أن تؤديها بما يتوافق تماماً مع القانون الدولي».

 


يحاول مذيع CNN أن يضغط على حساسية فرض سيادة السلطة الفلسطينية في غزة، بقوله إنّ نتياهو قال إنّ السلطة الفلسطينية لن تكون قادرة على فرض سيطرتها، ولن يكون لها دور في ما يحدث في غزة بعد الحرب. يأتيه الرد: «هذه أجندة نتنياهو منذ ربع قرن وهو يصرح علناً بذلك. لذلك نحن لا نستمع إلى السياسيين الإسرائيليين ويجب أن نتوقف عن سماعهم. هو موجود ليمنع تحقيق حلّ الدولتين وتحقيق جبهة فلسطينية جغرافية موحدة، ويحافظ على الانقسام ويهاجم منظمة التحرير. وماذا يفعل المستوطنون غير الشرعيين في الضفة الغربية؟ قُتل أكثر من 200 شخص منذ الحرب على غزة. هذا منطق نتنياهو في الحفاظ على الاحتلال». الخطاب الموحّد واللغة العاطفية التي تستعملها القناة، نراها أيضاً في تغريدات موظفيها وحساباتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي مثل تغريدة الإعلامي الأميركي بيرس مورغان الذي لديه من الإحساس والمشاعر ليتعاطف مع عائلة «إسرائيلية» لم يكن أفرادها من ضمن الأسرى الذين سيُطلق سراحهم، إذ كتب «إن المعاناة المستمرة لعائلات هؤلاء الرهائن المساكين لا يمكن التعبير عنها»، متجاهلاً أنّ هناك آلاف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. في المقابل، ظهر مذيع القناة الأميركي وولف بليتزر في اتصال مع نعمة الباقر، مراسلة التحقيقات الدولية حول عملية تبادل الأسرى، لكنّ النظرة على وجه بليتزر تظهر أنّه لم يكن يتوقع كلامها، إذ قالت: «السلطات الإسرائيلية أغلقت الطرق، وحاصرت وسائل الإعلام في مكان واحد، وأحضرت الفلسطينيين من الباب الخلفي عندما استقبلوهم، ولم تسمح لأفراد الأسرة إلا بالحضور في صف واحد محدود جداً في سيارات فردية، وهناك سبب لذلك، فبعكس مظاهر الاحتفالات في رام الله والضفة الغربية، هنا في شرق القدس، تستطيع السلطات الإسرائيلية فرض تنفيذ تصريح وزير الأمن القومي اليميني المتطرف الذي اعتبر السجناء المفرج عنهم اليوم إرهابيين، ولكن ليس هذا فقط، بل قال إن أي فلسطيني يحتفل، سيواجَه بتهمة الإرهاب. لا سبب لوصفهم بالإرهابيين، لأنه بحسب تقديرات إسرائيل نفسها، كان هؤلاء السجناء 15 قاصراً، و10 منهم متّهمون فقط، و24 امرأة معتقلة، لم توجه إليهم اتهامات. تخيل أن ابنتك قد عادت إليك إلى المنزل وعليك أن تختبئ في الداخل للتعبير عن فرحتك».


بالانتقال إلى BBC البريطانية التي ادّعت لعقود أنّها الأكثر مهنية وتعتبر مقياساً مهماً في الاحترافية الإعلامية، فقد سقطَت ورقة التوت عنها منذ بداية «الطوفان». إذ أثبتت أنّ «المهنية» غير متلازمة مع «الأخلاق»، فالقناة المحترفة ليست بالضرورة «أخلاقية» و«موضوعية». بثت المحطة خبراً تعزّز فيه توجّهها السياسي بالقول إنّ عدداً من الأشخاص من بينهم طفلان «ماتوا» في غزة، بينما «قُتِل» عدد في «إسرائيل». الفارق هنا بين مصطلحي «الموت» و«القتل»، أنّ الأول لا يضع اللوم على أي جهة، فالموت يحدث حتى من دون سبب، أمّا القتل فيحثّ المستمع ليسأل: من القاتل؟ تحاول القناة الحفاظ على سرديتها عبر استضافتها مسؤوليين ومتحدثين صهاينة، لكنها في أحيانٍ عدة تشي بما يجب التستر عليه حسب سياسة القناة، مثلما حدث مع استضافة المتحدث الرسمي باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي، فسألته المذيعة عن إمكانية سماح «الجيش الإسرائيلي» للصحافيين الدوليين بمساندة زملائهم المحليين في غزة ونقل القصة ميدانياً خلال مدة الهدنة. جاء رده بأن الإعلام العالمي كان يرافق الجيش لفضح «دلائل جرائم حماس»، و«النفق أسفل المستشفى سيجعلهم يرون بالدليل الكامل كيف تستخدمها «حماس» كدروع بشرية في خرقها للقوانين الإنسانية»، و«تستغل المدنيين لتحقيق أهدافها الخاصة بالحرب والجهاد ضد الشعب الإسرائيلي سيتوضح». لكن حين تعلّق الصحافية أنّ في خدمة الوضوح السماح للصحافيين بحرية الوصول لرؤية ذلك، والجيش يقوم بتسهيل الزيارات الصحافية ولكنه في الوقت نفسه «يمارس القيود على المواد التي يستعملها الصحافيون... فماذا عن حرية الوصول المهم؟» فيجيب إجابة ضعيفة جداً: «لا أستطيع التعليق بالتحديد كيف يخطّط الجيش لتسهيل وصول الصحافيين للمعلومات في غزة».


بوقاحة أيضاً يقول أحد المتحدثين عبر القناة ذاتها: «سيأتي وقت، وأعتقد أنّ الإسرائيليين يدركون ذلك عندما يصبح الضغط الديبلوماسي من الغرب قوياً جداً إذ يتعيّن عليهم الرد على ذلك، ليس بسبب العدد المرعب من القتلى الفلسطينيين ولكن أيضاً لأن الغرب يعاني الآن. ويعاني الحلفاء الغربيون من الضرر الذي لحق بسمعتهم في بقية العالم لأن بقية العالم يرى المعايير المزدوجة». عدد الشهداء الفلسطينيين وعدد الأطفال الذين قتلتهم «إسرائيل» ليس الدافع لهذه الرسالة، إنّما الخوف على «سمعة» الغرب التي يفقدها في أعين العالم ككل.
أما «واشنطن بوست»، فقد عنونت إحدى المقالات بقلم شيرا روبين «إسرائيل تطارد عدواً مراوغاً ومروعاً: الاغتصاب كسلاح حرب». اتهم المقال المقاومة الفلسطينية باغتصاب جماعي وعنف جسدي أجرته على الفتيات اللواتي كنّ في الاحتفال يوم تنفيذ «عملية الطوفان»، ويظهر في النص «تحذير بأنّ التقرير التالي يتضمن أوصافاً بيانية للعنف الجنسي». أما صحيفة «غارديان»، فنشرت الخبر: «الرهائن (الإسرائيليون) الذين سيُطلق سراحهم هم نساء وأطفال، وعلى الجانب الفلسطيني مساجين نساء وأشخاص تحت الثامنة عشر».
على قناة «سكاي نيوز»، توجّهت المذيعة للمتحدث الإسرائيلي مارك ريغيف، مستشار رئيس وزراء الاحتلال، بالقول إنّهم أطلقوا سراح 39 امرأة وطفلاً، فقاطعها بأنه «لا يمكنه أن يتقبّل فكرة المساواة بين «هم أطلقوا سراح أطفال ونحن أطلقنا سراح أطفال»، قبل أن يسألها: «كيف يمكنك أن تقارني بين طفلة في الرابعة والخامسة والتاسعة بقاصر في السادسة عشر والسابعة عشر متورط في هجوم طعن أو رمي قنبلة أو أي عنف آخر. يمكنك القول «نساء وقاصرون»، لكن مقارنة ذلك بطفل إسرائيلي ذي عامين هو أمر غير موفق». أخافها ريغيف باتهامه فارتبكت وقاطعها مرة أخرى بنبرة أعلى: «إنك للمرة الثانية تتحدثين عن أطفال أبرياء مقابل مراهقين تلاعبت بعقولهم منظمات إرهابية».
في استضافتها لديانا بطو، وهي محامية سابقة في «منظمة التحرير الفلسطينية»، بدأت قناة MSNBC بسؤالٍ بدا ذا نبرة استخفاف، كأنّه منطقي وإجابته معروفة، إذ قال المذيع: «هل تقولين إنّ الـ150 شخصاً (من الفلسطينيين) الذين سيطلق سراحهم في عملية التبادل لم يخضعوا لأي معاملات قضائية ولم يعرضوا على النظام القانوني؟» فردّت بطو بأن معظمهم كذلك، وبأنّ هناك «نظاماً داخل إسرائيل يسمى الاعتقال الإداري، حيث يمكن احتجاز الشخص من دون تهمة أو محاكمة لمدة تصل إلى ستة أشهر، ويُجدّد اعتقاله كل ستة أشهر. معظم من اسمه على اللائحة، هو من هؤلاء. من المهم جداً أن ندرك أنه لسوء الحظ، فإن الضغط الدولي هو الشيء الوحيد الذي نجح في إطلاق سراح الأشخاص، ولم يكن هناك أي ضغط دولي على إسرائيل طوال هذه السنوات التي خلت».
أما قناة «فوكس» الأميركية، فقد عرضت تقريراً عن جنود صهاينة يقبضون على شاب فلسطيني من غزة، معصوب العينين بشريط أبيض ويظهر في خلفية المراسل بثياب داخلية زرقاء (أو رمادية) والجنود يجرّونه يحاولون تجريده من أي حركة. لكن للمصادفة التي تتشارك فيها القناة مع وسائل الإعلام الصهيونية، فإنّ «حبل الكذب قصير جداً»، فبعد لحظات، ظهر في الفيديو الشخص نفسه وقد أزال العصبة البيضاء عن عينيه ورماها إلى جانبه على الأرض، كما يستطيع المشاهد رؤيته في الخلفية يرتدي بنطالونه بعدما أنهى «أداء تمثيليته» أمام الكاميرا.