بـ«تواطؤ» واضح بين كل الأطراف السياسية، بما فيها من يسمون «معارضة»، أُقر أمس التمديد للبلديات المفلسة لسنة واحدة، من دون إقرار اي اقتراح يمكنها من زيادة مداخيلها أو اجتراح حلول لتلك المنحلّة منها.بمادة واحدة تنص على «تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025»، صوتت الكتل النيابية التي حضرت جلسة مجلس النواب أمس (حزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر والمردة ومستقلون) مع اقتراح القانون الذي قدّمه النائب جهاد الصمد، لتدخل البلديات عامها التاسع منهكة ومفلسة. في المقابل، امتنع عن التصويت كل من «كتلة الاعتدال الوطني» وكتلة «لبنان الجديد» والنائبة حليمة قعقور، التي لفتت إلى أن «قرار المجلس الدستوري واضح بعدم السماح للمشترع بترك التحديد لتاريخ إجراء الانتخابات النيابية أو البلدية للسلطة الإدارية (الحكومة) لتكون بمنأى عن سوء استعمال السلطة»، وإلى أن ذلك قد يعرّض القانون للطعن.
وسبق التصويتَ سقوطُ اقتراحي قانونين مقدمين من النائبين جميل السيد وهادي أبو الحسن، يطرح الأول تكليف الحكومة إجراء الانتخابات في أي تاريخ تراه مناسباً بعد هدوء الأوضاع في الجنوب «بين اليوم و31/5/2025»، فيما اقترح الثاني تمديداً لا يتعدى تاريخ 30 أيلول 2024.
وبسبب الإفلاس الذي تواجهه البلديات، تعددت الاقتراحات لزيادة بعض الرسوم. فعرض النائب طوني فرنجية إضافة بندين على القانون، يتعلق الأول بإضافة رسم نفايات مقطوع على الشقق السكنية تبعاً لحجمها، والثاني بإضافة رسم مقطوع (مليون ليرة) للبلديات على كل من يتجاوز عمره الـ18 عاماً من الأجانب الذين يقيمون في نطاقها. النائب جبران باسيل أثنى على الاقتراح الثاني، كما طرح فرض رسوم تحتسب وفقاً للقيمة التأجيرية، ووافق النائب علي حسن خليل على منح البلديات صلاحية الفرض لرسم نفايات، ولكنه عارض اقتراح باسيل القيمة التأجيرية مشيراً إلى ضرورة درس الموضوع بما أنه سبق لهذه المادة أن عُدّلت في قانون الموازنة. وعقد فرنجية وباسيل وخليل خلوة مصغرة، انكب بعدها خليل على كتابة التعديلات المتفق عليها بمباركة من رئيس المجلس نبيه بري. وبعد مداخلة للنائب حسن فضل الله أشار فيها إلى «أننا ككتلة نريد درس التعديلات، خصوصاً أن الأمر يتعلق بفرض رسوم إضافية، لذلك نتمنى الالتزام بما تم التوافق عليه في لجنة الدفاع والبلديات عبر إقرار اقتراح القانون المقدّم». عندها أسقط بري اقتراح التعديلات من التصويت. وأمام إصرار باسيل، عاد إلى طرحها على التصويت وأعلن سقوطها، وسط اعتراض رئيس التيار الوطني الحر على عدم عدّ الأصوات.
وفي ما يتعلق بالبلديات المنحلة، اقترح باسيل عودة تلك البلديات إلى العمل في حال عاد أكثر من نصف أعضائها عن استقالاتهم، وفي المقابل السماح للمجالس التي يرغب أكثر من نصف أعضائها أو رئيسها في الرحيل، إجراء جلسة انتخاب بين 1 و15 حزيران. واقترح خليل نصاً يقضي بالإجازة لأعضاء المجلس البلدي المستقيلين الرجوع عن الاستقالة حتى بعد صدور قرار نهائي بقبولها، طارحاً التوافق على آلية للرجوع عنها لدى القائمقام والمحافظ. أما في حال كان المجلس منحلاً، دائماً بحسب خليل، فيعاد تكوينه إذا ما زاد عدد الأعضاء الراغبين في العودة عن النصف وفقاً لقرار يصدره وزير الداخلية. وأشار إلى ضرورة إقرار نص مقترح من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لإعفاء الرؤساء الممددة ولاياتهم من الخضوع للتصريح عن الذمة المالية. طروحات باسيل وخليل لاقت اعتراضاً من الاشتراكي، فحذّر النائب أكرم شهيب من «خطأ كبير في حال إعادة المستقيلين لأسباب متنوعة، بعضها يتعلق بخلافات داخلية مع الرئيس وبعضها بقضايا فساد. وبالتالي تصبح إعادتهم إلى مناصبهم بمنزلة تعيين، فضلاً عمّا سيثيره ذلك من مشكلات في القرى والبلدات». ولفت النائب فيصل كرامي إلى أن التعديلات المقدمة غير مدروسة، طارحاً أسئلة حول آلية الرجوع عن الاستقالة، وهل تكون مع الرئيس أم لا.
لم يقر مجلس النواب أي اقتراح لزيادة مداخيل البلديات المفلسة ولا حلول لـ«المنحلّة»
ونبّه من أن هناك «مطبخاً يعمل على تغيير القانون بطريقة غير قانونية»، أمام هذا الانقسام وعدم وجود آلية جدية لحلّ مشكلة البلديات المنحلة، سقطت الاقتراحات تلقائياً.
وكان كرامي قد صرّح قبل الجلسة بأن «التمديد للمجالس الاختيارية والبلدية هو من إخراج ميقاتي، وسيناريو وتمثيل وزير الداخلية والحكومة مجتمعة». فيما التزم الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي الصمت رغم الانتقادات التي وُجّهت إليهما بعدم الجدية في إنجاز الاستحقاق الانتخابي. إذ لم ينفك وزير الداخلية منذ أشهر عن إعلان جهوزية وزارته لإنجاز الاستحقاق البلدي، ملقياً بالمسؤولية على «القرار السياسي». غير أن كل المؤشرات كانت تشير إلى انعدام هذه الجهوزية، وعدم قيامه بأي من الإجراءات الواجب اتباعها. فباستثناء دعوة الهيئات الناخبة وتوزيع أقلام الاقتراع في المحافظات والأقضية التي أنجزت قبل 2 نيسان الماضي (أي قبيل إحالة مدير عام الأحوال الشخصية الياس الخوري إلى التقاعد)، لم ينجز مولوي أيّاً من الإجراءات البديهية الأخرى. إذ كان، مثلاً، يفترض قبل دعوة الهيئات الناخبة تأمين سلف مالية للمحافظين والقائمقامين ليتحضروا لقبول طلبات الترشيح، فيما اكتفى الوزير بإعداد المراسلات للاستحصال على السلف من دون أن يرسلها إلى وزارة الداخلية، ولم تطبع الداخلية لوائح الشطب أو تراسل الوزارات لإبلاغ رؤساء الأقلام بمكان مباشرة عملهم ومواعيدها. كذلك لم يزود المولوي المحافظين بتعليمات حول العملية الانتخابية، ولم يأتِ مجلس الأمن المركزي في الاجتماعات الثلاثة الأخيرة التي عقدها برئاسة وزير الداخلية على ذكر الانتخابات. وأدّى إلى اقتصار الترشيحات على ثلاثة فقط في جبل لبنان قبل 3 أيام من تاريخ إقفال باب الترشيحات، فيما لم يُسجّل للأحزاب والقوى المعارضة للتمديد أي نشاط انتخابي ولا ترشيح مناصرين لها، ما يشير إلى أن مزاعم معارضة التمديد ليست سوى كلام شعبوي.
إلى ذلك، صوّت المجلس على قانون معجل مكرر يرمي إلى تحديد القانون الواجب التطبيق على المتطوعين المثبتين في الدفاع المدني باعتبارهم موظفين في الملاك الإداري العام، ما يسمح باستفادتهم من الرواتب والتعويضات والمنافع الاجتماعية، خصوصاً أنهم لم يتقاضوا رواتب منذ 8 أشهر. وصوّت المجلس على القانون من دون نقاش بعد تعديل اقترحه النائب جميل السيد بإلغاء كلمتي «فرد» و«رتيب» من الفقرة الأولى والوحيدة.
نسخ الرابط :