تابع.. عهد فؤاد شهاب المشؤوم تابع مؤتمر صحفي للأمين يوسف الأشقر :تخريب البيوت وهدمها ونهبها ..
- محلي
- icon news
- 09:39 am - يناير 23 , 2023
تابع المؤتمر الصحفي للأمين يوسف الأشقر
رابعا": صور من ثكنات الاعتقال
أ) في الفياضية وضع المعتقلون يومين ليلا" ونهارا" في ملعب الثكنة في العراء تحت المطر نساء ورجال أمروا بعدم الجلوس ومن بتعب ويحاول الجلوس يجلد بالسياط. ومنع الموقوفون الذهاب الى المراحيض ، وحشر اكثر من مئة شخص في كل غرفة بعد ان اقفلت النوافذ والأبواب بدون طعام وأجبروا على قضاء حاجاتهم في اماكنهم ، وفي أماكن كانت معدّة لاصطبلات الخيل حتى أن سقف الغرف كان يرشح بالمياه من النفس المتصاعد فأغمي على الكثيرين.
ب) في المدينة الرياضية حشر الألوف في غرف باردة وبدون غطاء او فراش وجوعوا ستة ايام وبعدها أخذ الجنود يرمون الخبز والراحة من الشرفات من الشرفات وعندما هم الموقوفون بالتقاط ما يرمي اليهم اطلق عليهم الرصاص ، فقتل مواطن وجرح آخرون ، وأخذ الحراس يطلقون قنابل الغاز وأمر الجميع بالدخول الى الغرف الممتلئة بالغاز حتى أغمي على الكثيرين منهم. وكان يسمح لكل حارس في المدينة الرياضية بأن يجلب من يشاء حسب مزاجه.
ج) وفي المير بشير وضع عشرة اعضاء من قيادة الحزب مدة تسعة اشهر في زنزانات هي أقرب الى القبور منها الى الغرف مظلمة لا نوافذ لها ، ومساحتها ضيقة لا تتجاوز المترين طولا والمتر عرضا.
د) وفي سجن الرمل بعد صدور احكام الاعدام نقل المحكومون من رفقائنا الى سجن الرمل حيث فتحت لأول مرة منذ جلاء الأجنبي، زنزانات الرمل المشهورة التي هي دهاليز تحت الأرض وتملؤها العفونة والرطوبة وارضها برك ماء لأنها لم تفتح منذ ربع قرن. فاستقبلت هذه القبور رفقاءنا المحكومين بالاعدام وبينهم المرضى والمتقدمون بالسن ، حتى ان ذويهم عندما قابلوهم لأول مرة لم يعرفوهم لشدة ما اصابهم من هزال ووهن ، وقد تك نقلهم من هذه الدهاليز بعد فترة وفي اعقاب زيارة رئيس الحكومة المرحوم الحاج حسين العويني اثر برقية عنيفة ارسلها محامو الدفاع الى المجلس النيابي للحكومة. يبقى ابتزاز الأموال من الموقوفين . كان كل من عشرات الألوف من الموقوفين الأبرياء يمنى عليهم ، عن طريق التجار من العملاء ، باخلاء سبيله لقاء مبلغ من المال تدفعه خارج السجن عائلته سلفا. وكان جو التعذيب والتجويع والاذلال النفسي والمادي يدفع هؤلاء الأبرياء الى تلبية كل ما يطلب منهم حتى يتخلصوا من ذلك الجحيم ، وبذلك جمع الزباينة ثروات لا تعد ولا تحصى. ومن باب الابتزاز ايضا ما كان يجري من تجارة سوداء داخل السجون ، من ادخال السجائر والمأكولات والثياب الدافئة. ابتز من الموقوفين مال لا يحصى ، حتى كان لكل شيء تسعيرة وكانت التسعيرة تبلغ احيانا خمسين ضعفا ثمن السلع في المرحلة الأولى ، ثم نزلت التسعيرة الى عشرين ضعفا ولكنها لم تهبط عن العشرة اضعاف في احسن الحالات. وبعد ذلك ، وعلى مدى سنين طويلة كانت الزوادة تدخل الى الموقوفين لقاء عمولة باهظة .وكان معدل زوادة واحدة يدخل مقابل عشرين زوادة ترفض بعد ان تركل صناديق الأكل وتتبعثر محتويانها على الأرض ، وبعد ان نقذف الألسنة الكريمة اقذع ما عندها من الشتائم . اما التطبيب والاحالة الى المستوصف فلهما حكايات طويلة من المساومات والابتزاز الرخيص وعند رفقائنا ما يقولونه في هذا الصدد الشيء الكثير ، وسيظهر كل ذلك في مذكراتهم. هذه بعض الصور والنماذج عما كان يجري من تعذيب جسدي ونفسي ومعنوي من ابتزاز وقح داخل السجن . وقد استمر ذلك حتى مثول رفقائنا في محكمة التمييز ، رغم محاولات رئيس المحكمة لوضع حد لذلك ، حتى اضطر رفقاؤنا الى مقاطعة المحكمة والاضراب عن الطعام . وقد اعلنوا ذلك في بيان رسمي في محكمة التمييز في 29 ايار 1969 ذكروا فيه الوان التعذيب التي يذوقون والمعاملة اللانسانية المستمرة التي لا تصدق ، كما أعلنوا عن الشهداء الثلاثين الذين قتلوا غدرا اثناء التحقيق او قبله.
باب الاضطهاد والتنكيل خارج السجون :
هذا ما كان يجري داخل السجون ، اما خارج السجون الرسمية ، في السجن الكبير الذي كانوا قد أقاموه للشعب بكامله، فكانوا يمارسون بحق القوميين الاجتماعيين وبعض المواطنين سياسة اجرامية مرسومة بدقة سياسة تطويق الانسان في حياته الخاصة والعامة ، وتجويعه بحجب الوظائف عنه وطرده من الوظائف الرسمية والخاصة، ومطاردته في حاجاته المعيشية عن طريق الضغط على البنوك والمؤسسات التجارية ، ومنع السفر عنه ، وتسليط عملاء الأجهزة عليه لتحقيره والاساءة اليه بصورة مستمرة ودورية ، وابتزاز الأموال مثه ، ومفاجأته ، بين حين وآخر ، بالجلد في الساحات العامة بدون سبب ، وتركه بعد الجلد العلني في ساحة القرية او البلدة مغميا عليه او محطما داميا حتى يأتي ابناء القرية وينقلوه الى بيته.
أذكر من بين الألوف الذين عوملوا بذلك جملة او تفصيلا" رفيقين اثنين تجاوزا العقد السابع من العمر هما : أمين داغر من المروج وميشال كرم من بسكنتا ، وقد تقدم المحامي الاستاذ جوزف خوري بدعوى قانونية لسبعة موكلين جلدوا في الساحات العامة في المتن ، ودفع عنهم الكفالات القانونية فطارت الكفالات ونامت الدعوى في المحكمة العسكرية حتى اليوم.
لم يحصر الطغيان نشاطه بالأحياء بل امتد جناحه الأسود حتى شمل الأموات . أجل ايها السادة ان امواتنا لم ينجوا من الامتهان . نبشت قبور شهدائنا في عدبل-عكار ، وقوسايا – البقاع ، حتى ضج بعض النواب من هذه الأعمال وسجلوا احتجاجاتهم في المجلس النيابي.
هذا بعض من كثير كان يجري في لبنان كله ، فظهرت للمواطنين جميع الأجهزة الخفية وعملائها الذين كانوا يعملون بالسر قبل محاولة الانقلاب . ان محاولة انقلابنا اضطرت فؤاد شهاب الى ان يكشف عن وجهه الحقيقي وعن وجوه عملائه، وبذلك عرف الشعب حقيقة الحكم البوليسي الخفي الذي كان يخرب حياته العامة والخاصة.
ان اعتماد المخبرين العملاء في كل قرية لبنانية وتكليفهم بالأعمال التجسسية والتخريبية التي قاموا بها ، ادخلا على الحياة اللبنانية فسادا مجرما غير معالم الحياة اللبنانية وأشاع مناخا نفسيا افسد النفوس وبلبلها وجعلها تعيش في القلق الدائم والشك المريض حتى بين افراد العائلة الواحدة.
باب تخريب البيوت وهدمها ونهبها
كانت الحملة البربرية في الخارج فور فشل المحاولة ابعد من ان يتصور الانسان ان مثلها يحدث في لبنان في القرن العشرين ، لقد انتهكت كل الأعراف والتقاليد الانسانية فضلا عن النصوص القانونية . اجتاحت مجموعات من رجالها البيوت وخربت الاثاث ونهبت المحتويات ، وذلك جرى على نطاق واسع في بيوت القوميين الاجتماعيين ، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر النماذج التالية :
1 – بيت الرفيق أســـــد الأشــــــقر الذي قصف بالمدفعية من الجو وذلك بعد ختمه بالشمع الأحمر ، ثم اجتاحته مجموعات من رجال السلطة وتعرضت محتوياته للنهب . مكتبة الرفيق أسد الأشقر الثمينة المحتوية على انفس الكتب والمخطوطات في التاريخ والاجتماع والفلسفة والثقافة بمختلف ابوابها ، نهبت حتى آخر ورقة ولم يرجع من المنهوبات كتاب واحد.
2- بيت الرفيق عبدالله سعاده الذي أخذت محتوياته كافة الى الثكنة ولم يتركوا من اثاث البيت ومحتوياته اثرا واحدا.
3- بيت الرفيق انعام رعد الذي صدر الأمر بتحطيمه بعد استسلام الرفيق انعام للسلطات وصدر الأمر عن الملازم المسؤول على مسمع الرفيق انعام في وزارة الدفاع ولدينا نماذج مصورة عمّا حل بذلك البيت.
4- بيت الرفيق بشير عبيد الذي اجتيح وخرب ، كما جلد ذووه ، وبعضهم في الثمانين ، في الساحات العامة.
5- بيت الرفيق خليل دياب الذي حطم كل ما فيه ، كما نبش قبر شقيقه عقل في عدبل . هذه بعض نماذج ما جرى في بيوت القوميين الاجتماعيين التي تعرضت للاباحة الكلية تخريبا وسلبا ونهبا ، هذه المشاهد تذكرنا بصور المدن المفتوحة للغزاة في العصور البربرية القديمة.
نسخ الرابط :
