ماذا في رسائل زيارة عراقجي؟

ماذا في رسائل زيارة عراقجي؟

 

Telegram

 

بدت زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للبنان لافتة وغنية بالدلالات في هذا التوقيت تحديداً، ربطاً بالمتغيّرات التي طرأت على البيئتَين اللبنانية والإقليمية.

إذا كانت زيارة عراقجي قد أتت، في الشكل، ضمن سياق توقيع كتابه «قوة التفاوض»، إلّا أنّها في المضمون حملت دلالات تتجاوز دفتَي الكتاب إلى تأكيد استمرار الحضور الإيراني في لبنان بعد محاولات تطويقه.

وليس خافياً أنّ العلاقات الرسمية بين بيروت وطهران مرّت في مرحلة من الفتور عقب قرار منع هبوط الطيران الإيراني في مطار رفيق الحريري الدولي، واستدعاء السفير الإيراني مجتبى أماني إلى وزارة الخارجية للاعتراض على إحدى تصريحاته، وصولاً إلى موقف رئيس الحكومة نواف سلام حول رفض تصدير الثورة الإيرانية.

من هنا، توحي زيارة عراقجي بأنّ طهران تميل إلى احتواء البرودة التي طرأت على العلاقات الثنائية، قبل أن تتحوّل جليداً يصعب كسره، فيما النفوذ الأميركي في لبنان آخذ في التوسع.

وقد انطوت تصريحات الوزير الإيراني من بيروت على مقدار كبير من البراغماتية والقابلية للتعامل بواقعية ومرونة مع التحوّلات المستجدة في لبنان والإقليم، الأمر الذي عكسه عراقجي بتكراره أكثر من مرّة الحرص على فتح صفحة جديدة مع لبنان.

لكنّ السؤال المطروح هو: هل السلطة السياسية تريد أن تتفاعل مع الصفحة الجديدة، أم تفضّل أن تطويها حتى لا يخرج من بين سطورها شبح الضغوط الأميركية؟

ومع أنّه سبق لعراقجي أن زار لبنان مرّتَين، الأولى خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، والثانية للمشاركة في تشييع الشهيد السيد حسن نصرالله، إلّا أنّ الزيارة الثالثة تميّزت بأنّها تمّت بعد اكتمال عقد السلطة في لبنان من خلال انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة.

ويؤكّد المطلعون على مجريات لقاءات عراقجي مع المسؤولين، أنّ حصيلتها الإجمالية كانت إيجابية، وأنّ الضيف الإيراني خرج منها مرتاحاً، وهذا ما عكسه بنفسه أمام من تسنّى له اللقاء معه في ختام يومه اللبناني الطويل.
لكن هذا لا ينفي أنّ الاجتماع مع وزير الخارجية يوسف رجي شكّل «الاستثناء» الوحيد للطابع الودّي الذي غلّف اجتماعات عراقجي مع الشخصيات اللبنانية. وكان واضحاً أنّ رجي تعمّد أن يظهر متجهّماً خلال استقباله عراقجي، لإيصال رسالة أولية في لغة الجسد، استتبعها برسالة أخرى في السياسة خلال النقاش، عندما شدّد على أحادية الخيار الديبلوماسي لتحرير الأراضي اللبنانية التي تحتلها «إسرائيل»، ما استدعى رداً من عراقجي الذي اعتبر أنّ الضغوط الدولية وحدها غير كافية، منبّهاً إلى أنّ الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي لن يكتفِيا بنزع سلاح المقاومة بل سيطلبان لاحقاً نزع حتى سلاح الجيش اللبناني.

ووفق المنطق الإيراني، لا توجد أصلاً قيمة أو فعالية للخيار الديبلوماسي من دون قوة يستند إليها، وبالتالي فإنّ المقاومة هي تلك القوة التي تمنح المفاوض القدرة على حماية حقوقه أو استعادتها. ولعلّ فحوى كتاب «قوة التفاوض» يترجم تلك المعادلة التي دافع عنها عراقجي أمام رجي.

لكنّ عراقجي تفادى في الوقت عينه خلال اجتماعاته الرسمية الإدلاء بأي موقف حيال مصير سلاح «حزب الله»، واضعاً هذا الملف في إطار الشؤون الداخلية اللبنانية، على قاعدة أنّ الحزب والدولة هما المعنيان بالخوض في هذا الملف.

وعلى رغم من التوتر الذي ساد العلاقات الثنائية في الفترة الأخيرة، إلّا أنّ عراقجي أبدى الاستعداد للمساهمة في إعادة إعمار ما هدّمه الإسرائيلي إذا أرادت الحكومة اللبنانية ذلك، إذ إنّه وضع الكرة في ملعب السلطة التي تخشى من جهة الموافقة على العرض المقترح في ظل العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، وتتهيّب من جهة أخرى رفضه بصراحة خشية من ردّ فعل الجنوبيِّين وسائر المتضرّرين من الحرب الإسرائيلية الأخرى.

وتبعاً للمقاربة الإيرانية، يمكن للدولة اللبنانية أن تجد ثغرة في جدار العقوبات، تسمح لها بالتعاون مع الشركات الإيرانية، من دون أن يُرتّب ذلك أي تداعيات أو تبعات عليها، لكنّ المهم هو القرار السياسي.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram