لجنة رسمية تتولى ملف "اليونيفيل"... وبري يكشف التفاصيل!
يسعى لبنان الرسمي إلى استيعاب رفع السقوف وتسخين الأجواء استباقاً لطلبه تجديد ولاية قوات الطوارئ الدولية المؤقتة "يونيفيل" العاملة في جنوب لبنان، في ظل تباين المواقف الدولية بين تلويح واشنطن بخفض مساهمتها المالية في موازنة الأمم المتحدة، ما قد ينعكس سلباً على دورها في مؤازرة الجيش اللبناني لتطبيق القرار "1701"، وبين مطالبتها بإدخال تعديلات على مهامها، وصولاً إلى تلويح إسرائيل بإنهاء دورها بالكامل.
رغم عدم تلقّي الحكومة اللبنانية أي تبليغ رسمي من واشنطن بشأن تعديل مهام "يونيفيل" أو خفض عديدها، فإنّ التناغم بين الضغوط الأميركية والإسرائيلية يتزامن مع تشكيل لجنة لبنانية رسمية تتولّى إعداد الرسالة التي سيرفعها مجلس الوزراء إلى مجلس الأمن الدولي، لتقديم طلب تجديد مهمة "يونيفيل".
وأكدت مصادر وزارية أنّ ملف التجديد تصدّر الاجتماع بين رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري. وقد كشف بري لـ"الشرق الأوسط" عن تشكيل لجنة لصوغ الرسالة الموجّهة إلى مجلس الأمن، مع التأكيد أنّ لبنان يطلب التمديد من دون أي تعديل في المهام.
بري شدّد على أنّ لبنان، وفق ما نقله عن الرئيس عون، ليس على علم بأي نية لتعديل مهام "يونيفيل"، ولم يتبلغ من أي جهة دولية خفضًا في عديدها أو مراجعة في وظيفتها. وأوضح أنه بانتظار زيارة نائبة المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، إلى بيروت، للاطلاع مباشرة على الموقف الأميركي الحقيقي بعيداً عن التكهّنات، "حتى نبني موقفنا انطلاقًا من تمسكنا بدورها كما هي، بلا تعديل، وبإصرارنا على انسحاب إسرائيل الكامل تمهيدًا لتطبيق القرار 1701".
ونوّه بري بالأجواء الإيجابية التي سادت اجتماعه بالرئيس عون، وأشاد بالموقف الفرنسي الداعم لتجديد مهمة "يونيفيل"، لافتًا إلى أنّ لبنان لم يتبلّغ موقفًا أميركيًا جديدًا بشأن مهمة القوات الدولية، رغم ما يُحكى عن تباينات داخل الإدارة الأميركية. وأكد أنّ الموقف اللبناني النهائي سيكون مستندًا إلى القرار الذي سيصدر عن مجلس الأمن، ومضمون الرسالة التي يرفعها لبنان.
كما جدّد بري تأكيده أنّ لبنان نفّذ التزاماته بموجب اتفاق وقف النار الذي رعته كلّ من فرنسا والولايات المتحدة، على عكس تمادي إسرائيل في خرق الاتفاق. ولفت إلى أنّ "حزب الله" لا يزال ملتزمًا بوقف النار، ويتعاون مع الجيش اللبناني ويسهّل انتشاره جنوب الليطاني بمؤازرة "يونيفيل"، حيث انسحبت إسرائيل. وأشار إلى أنّ الحزب سلّم سلاحه في تلك المناطق، ولم يعترض على قيام الجيش بتفكيك منشآته العسكرية، ولم يُطلق رصاصة واحدة منذ دخول الاتفاق حيّز التنفيذ، رغم الخروقات الإسرائيلية المتكررة.
شدد بري على أهمية دور لجنة الرقابة، بدعم من الولايات المتحدة، في إلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار. وأكد عدم وجود مبرّر للتشكيك بتعاون "حزب الله" مع الجيش اللبناني، قائلاً إنّ الحزب يقف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، ويُراهن على تحركها للضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها.
وجدد بري تمسكه بـ"يونيفيل"، مؤكداً أنّ لبنان بحاجة لدورها، خصوصًا في دعم الجيش اللبناني ليتوسّع في انتشاره حتى الحدود الدولية. واعتبر أنّ استمرار احتلال إسرائيل للتلال الخمسة واعتداءاتها ورفضها إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين يجعلها الطرف المعرقل لتطبيق القرار 1701، متهماً إياها باستهداف الجيش و"يونيفيل" معاً، ومنعهما من تعزيز حضورهما الميداني.
ورأى بري أن أولويّة لبنان تبقى في إعادة إعمار المناطق الجنوبية، وهي خطوة يجب أن تتقدّم على كل الأولويات الأخرى. ولفت إلى أنّ إسرائيل تعيق هذا المسار من خلال إبقاء القرى الأمامية تحت مرمى نيرانها، لمنع أهلها من العودة، داعيًا مجموعة "الخماسية" إلى تحمل مسؤوليتها في تهيئة الظروف لاستكمال تنفيذ القرار الدولي الذي لا يزال معلّقًا بسبب رفض إسرائيل الالتزام به.
وفي سياق متّصل، ترى مصادر سياسية أنّ الضغط الأميركي لخفض عديد "يونيفيل" وتعديل مهامها يتعارض مع جوهر القرار "1701" الذي ينصّ على زيادة عدد الجنود ليصل إلى 15 ألفًا، معتبرةً أنّ إعطاء القوات الدولية حرية الحركة جنوبًا من دون مشاركة الجيش اللبناني، يؤشر إلى نية تطبيق القرار تحت الفصل السابع، ما يحوّل مهمتها إلى قوة ردع، وهو ما قد يُقابل باعتراض دول كبرى مثل روسيا، فرنسا، والصين، من خلال استخدام الفيتو.
وتساءلت المصادر عن الجدوى من سحب "يونيفيل" من الجنوب استجابة لرغبة إسرائيلية، وهل الهدف من ذلك "شراء" رضا إسرائيل الغاضبة من مسار المفاوضات الأميركية-الإيرانية؟ محذّرة من أن غياب "يونيفيل" سيحوّل الجنوب إلى صحراء أمنية ويعيده إلى زمن المواجهات، ويُفقد القرار 1701 أي آلية رقابة دولية، ما يفسح المجال أمام التدهور الأمني.
ورأت المصادر أنّ التلويح بخفض عدد القوات الدولية أو تعديل مهامها قد يكون يهدف للضغط على لبنان كي يسحب سلاح "حزب الله" من دون مقابل، أي دون أن تُلزم إسرائيل نفسها بأي انسحاب أو تطبيق فعلي لبنود الاتفاق.
في موازاة ذلك، يواصل لبنان الرسمي متابعة ملف السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، بالتوازي مع المساعي لضبط الوضع في الجنوب. وقد ترأس الرئيس جوزف عون اجتماعًا أمنيًا ضمّ وزير الدفاع ميشال منسى، وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، ومدير المخابرات العميد طوني قهوجي، والمستشار الأمني العميد المتقاعد طوني منصور
ويُرتقب وصول وفد فلسطيني إلى بيروت من رام الله، موفدًا من الرئيس محمود عباس "أبو مازن"، ويترأسه مسؤول الملف اللبناني في "منظمة التحرير" عزّام الأحمد، ويضمّ ضباطًا كبارًا، للقاء الجهات اللبنانية المعنية بملف جمع السلاح في المخيمات.
وبحسب ما علمت "الشرق الأوسط"، فإن المرحلة الأولى من العملية ستبدأ في 16 حزيران في مخيمات شاتيلا، مار الياس، وبرج البراجنة، على أن تشمل لاحقًا اعتبارًا من 1 تموز، المخيمات الأخرى، وأخطرها مخيم عين الحلوة، نظراً لوجود جماعات مسلحة خارجة عن سلطة "فتح"، وتتمتع بحضور عسكري مستقلّ، في ظل انعدام أي تواصل بينها وبين القيادة الفلسطينية المركزية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي