هل التعليم في لبنان بخير؟

 هل التعليم في لبنان بخير؟

Whats up

Telegram


سؤال طرحته على نفسي مرارًا حين كنت أتحدث مع جهات تربوية في بعض البلدان الأجنبية والعربية سيما الأفريقية وما تعانيه من أزمات اقتصادية وسياسة ومعيشية جراء تسلط السياسة البيضاء على العالم الأسود..
نعم سياسة التكاذب للجنس الأبيض على أساس ان له الحق في استعباد الشعوب سيما الجنس الأسود بشعاراته الكاذبة كالديمقراطية والحرية، فيستعبد الشعوب بها بينما يجعلها تربويا وصحيا ومعيشيا في اسفل سافلين..
وقد يخرج متسائل ويقول: لماذا نقول بالجنسين الأبيض والأسود ؟
(لهذا مبحث آخر ومكان آخر )
كي نبقى في صلب الموضوع...
في تلك البلدان التي تحاول جاهدة النهوض من تحت الركام بالحد الأدنى الذي تمتلك من هامش الكرامة الوطنية والتي تذبحها السياسة المرتهنة للإرادات الخارجية وتشلعها الصراعات الإثنية والخرافة والمعتقدات المتصارعة من دينية واجتماعية، فهي وبالرغم من كل ذلك تحاول أن تبني مؤسسات تربوية وصحية بالحد الأدنى رغم افتقارها إلى المقومات الأولية التي تسمح لها بوجود مستوى تركن إليه في صناعة جيل تربوي او علمي يقدر ان يقود البلاد بعقلية وطنية او قومية يسمح لها بالاستقلال الحقيقي بدلا من أن تبقى تحت رحمة جيل الخريجين في جامعات الغرب الذي يصنع بها منهم قادة لقيادة تلك البلاد على قياسه ومصالحه وليس على أساس قياسها ومصالحها وكذلك في الأعمال والتجارة.
لنبقَ في الخط البياني للموضوع، فمع هذه المقاربة بين بلدان خرجت لا تمتلك أية قواعد حقيقية لتاريخ تربوي وبلدنا الذي نتباهى بعمقه الحضاري والتاريخ، أقف بصمت،
ثم أعود وأطرح السؤال: هل التعليم في لبنان بخير؟!
نحن في لبنان عرفنا الجامعات والمدارس الكبرى منذ أكثر من قرنين من الزمن بشكلها الحالي والحديث، وكانت جامعاتنا ومدارسنا تتفوق على جامعات ومدارس الغرب والعرب بشقيهما (الحجازي)و(وادي النيل والمغاربي)  على حد سواء والأفضل على مستوى الأمة السورية لفترة من الزمن..
وحين كانت بلادنا تنتصب فيها صروح التعليم العملاقة، كانت بلاد الغرب تتطاحن بجاهليتها وحروبها الأهلية الدامية وبلاد العرب لا يوجد فيها مدرسة ابتدائية... وان كان في بلاد النيل بعض تقدم علمي ملحوظ الا انها اليوم عادت وتقهقرت. 
وبلمحة سريعة، ودون عناء بحث معمق ولا دراسات ومطولات، ومن الملاحظ والمسموع والمشاهد بالانتاج والميديا والصناعة، يمكننا أن نستنتج وخلال المئة عام الأخيرة:
- تقدمت الأمم 
- تطورت الشعوب
- تطور العلم
- تقدمت أساليب التربية والتعليم شوطا هائلا
- تقدمت البشرية على كل الأصعدة 
- دول سابقت الريح ووصلت الى الفضاء الخارجي...
- دول عديدة لم تكن على لوائح دول العلوم والمعارف اصبح لديها صروحاً تربوية ضخمة ومكانة علمية واقتصاديات هائلة 
وأخرى غردت بعيدا جدا بفنون التربية والتعليم وبناء الأجيال، وكانت قبل مئة عام فقط غير موجودة على خارطة الجغرافيا البشرية، وأخرى لم تكن موجودة كدولة على الخريطة نفسها ... وفجأة اصبحت من كبريات الأمم في العلوم والمعارف..
بينما بلادنا سيما لبنان.. إلى تدهور وتدهور مستمر ..حتى اصبح التعليم فيه مسخرة الأمم! ابنية ضخمة واقساط هائلة قاتلة، بينما التعليم فيها يفتقد إلى الحد الأدنى من التطور والحداثة لا بل من المناهج الأولية التي تواكب ولو بالحد الأدنى قطار المعرفة الحديثة..
وعند اول حادثة عالمية انفضح كل شيء، وانكشف المستور، وتبين ان في لبنان هياكل تربوية فاشلة تنهب الشعب ولا تقدم له الا اوراقا ممضية وشهادات مصدقة لا تعترف بها افقر الدول في العالم لولا الحياء...(طبعا هنا للتوصيف وليس للتعميم)
اي حضيض هذا الذي فيه لبنان؟
اي مستوى هذا الذي وصل اليه التعليم في لبنان؟؟
بماذا سنتفاخر بعد ان فقدنا جمال البحر والجبل والفصول الأربعة بسبب ساسة الفشل وتجار المحاصصة؟
كان قد بقي لدينا التربية والتعليم... ولكن مع الازمة العالمية الاخيرة اكتشفنا ان هذا الصرح الفارغ ايضا يضج بالجهل والجهال، وتتناهشه المحاصصة والفراغ والتخلف مثله مثل كل مرافق البلد...
لا مناهج تربوية سليمة ولا سياسات تربوية صحيحة بل تفتقد لأبسط مناهج الحداثة والسياسات الأولية 
لا اساليب تربوية ناجحة وتفتقد لأبسط الاساليب تطورا
لا كوادر متخصصة بل هي نفسها تعاني من ازمة التطور والحداثة بسبب عدم تأمين مستلزماتها الأولية، والتطور نفسه يشكل عقدة لجزء كبير منها .. فهي في صراع مستمر لتأمين حقوقها الأولية، غرقت في معاركها الخاصة فخسرت شرف معركة التربية والبناء السليم ... فأسقطوها في شراكهم الخبيث
- لا مختبرات علمية
- لا مجمعات بحثية
- لا مراكز دراسات تخصصية
- لا بعثات علمية 
- لا تبادل خبرات حقيقية
- لا كتاب تاريخ موحد
- لا كتاب جغرافيا موحد
- حتى لا كتاب لغة موحد ... فتكاد تشعر وكأنك في عشرين دولة في آن كلما خرجت من محافظة الى أخرى، وكلما خرجت من قضاء إلى آخر، وكلما خرجت من مدينة الى أخرى .. فترى هنا (صبحك بالخير الفلاحية وهناك البونجور الباريسية) عبورا بكل اللهجات واللكنات والحركات حدث ولا حرج في مستويات اللغة الفاشستية في التخلف وفقدان النطق الصحيح  ومخارج الحروف والصرف والنحو و(الغرامير? ) والثقافة والخلفية الوطنية واختلال المفاهيم وضياع صورة الوطن والامة الحقيقة وغياب مفهوم الانتماء بكل صوره.
 لا فنون ولا علوم ولا قضاء ولا اي شيء  اللهم الا كتاب الدين فهو بتحديث مستمر ... فهذا الجانب الوحيد الذي يُبدع فيه لبنان ليضمن حق تخلفه المستمر فهو يُطور كتابه الديني سنويا.. ويجعل منه مادة اساسية لاختبار جهل الطالب ومقدار تخلفه.. وهذا مؤسف جدا ولا بد من القول والاعتراف به..
وزد على كل هذه المعاناة والمصائب والكوارث
غياب الخطط التربوية والمنهاجية والادارية وطرائق الادارة الحديثة ليس على مستوى القطاع التربوي عموما بل ايضا على مستوى الوزارة نفسها، فهي في قعر التخلف التربوي. بناء شاهق ولكنه فارغ جدا يتقاذفه موظفون احيانا لا يرحمون احدًا ... وكان لنا معهم جولات وجولات لولا رحمة ربي وقلة تمتلك من الاخلاق وبعض واسطة... ولولا ذلك لما نلنا مراد الحق...
واذا تحدثت عن العالم الرقمي... أكاد أن اقول ان لبنان الذي ازدهر منذ مئة عام وصنع صاروخا كأول تجربة له قبل ان تولد دولة العهر العنصري بشكلها الحالي... اليوم هو  بعيد عن العلوم الرقمية بسرعة الصاروخ الذي صنعه للوراء تخلفا بألف عام...
جائحة كورونا فضحت لبنان في كل شيء...
فضحته في التربية والتعليم والخبز والماء والكهرباء والمحروقات..
فمن المسؤول عن كل ذلك في لبنان؟
الطاقم السياسي ككل ام شخص بعينه؟ 
ام الاهل ام الطلاب انفسهم؟؟
فوزير التربية مثلا يسوق الطلاب الى مذبحة في اواسط الشهر المقبل ليسحق ما تبقى من امل فينا 
بينما الاهل يستيقظون صباحا وجل همهم كيف يجدون ربطة الخبز وليتر البنزين لقضاء حاجاتهم الضرورية فكيف تراهم يتابعون شؤونهم الحياتية الضاغطة ويحرصون على ابنائهم في هذه الكارثة التي تحل بهذا البلد الذي يذبحه الساسة الأغبياء الذين يتنازعون الكراسي ونسوا او تناسوا عمدا حقيقة ان الشعب مذبوحٌ من الوريد المعيشي الى الوريد التربوي فكيف بهمه الحياتي كاد ان يختنق بصبره!!
التعليم في لبنان جريمة
التعليم في لبنان في ازمة اخلاقية قبل كل شيء، واذا لم نعترف بذلك فنحن نجافي الحقيقة من كل جوانبها...
الثورة الحقيقية في لبنان يجب ان تبدأ من الصروح التربوية لنفض الجهل وزرع الأمل في الجيل الجديد والأجيال الآتية علّها تنشأ على حب وطن لا على حب مذاهب وطوائف تتناحر. 
نعم التعليم في لبنان ليس بخير، 
فهو أسير المذاهب ولعناتها وأسير الجشع وخبثه
هو أسير التخلف والاستغلال.. والتجارة بالنون والقلم أصبحت علّة الانسان بعد ان كانت منارته..
فمتى نضع حدًّا لهذا التخلف ونعيد الماضي المنير الى المستقبل المزهر المستنير بمواجهة الحاضر الخبيث الذي سحق في نفوس ابناء هذه الجيل بصيص النور؟؟
قد لا نجد اجابات على هذه التساؤلات قبل ان تعود الامهات الى المنازل من معارك جديدة مضافة فُرضت عليهن فوق مهامهن وهن يحملن ربطة الخبز وخبر الفوز بتعبئة بعض ليترات من البنزين تقارع العقلية الذكورية على المحطات تتناهش بعضها بعرض عضلات تتفتقها بسكين وجهل مبين وكأنها ذئاب كاسرة خرجت للتو من غابات جائعة ونسيت انها كانت نائمة بصمت تصفق لمتزعميها وتضرب بجهلها تبركا فيها. 
وقبل ان اختم اريد ان اعترف لكم حتى الاحزاب عموما و احزاب الحداثة والعلم والمعرفة غائبة عن المفاهيم التربوية الحديثة ولا سياسات تربوية حقيقة عندها تستطيع من خلالها مواجهة وزارات التخلف في كل كيانات الامة وليس في لبنان فحسب!!. 
ونسأل من جديد ولك الجواب كما شئت:
هل التعليم في لبنان بخير؟
هاشم حسين
باحث في علم الاجتماع 
كوتونو-بنين

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram