افتتاحية صحيفة النهار:
عون وعباس يعلنان "نهاية السلاح خارج الدولة" إسرائيل تصعد الاغتيالات عشيّة الجولة الجنوبية
مجلس المطارنة الموارنة: نأمل من أركان الحكم اتخاذ خطواتٍ حازمة وحاسمة ينتظرها كلّ اللبنانيين على صعيد تعافي الدولة وحصرية مرجعيتها في شؤونهم المصيرية والحياتية المختلفة
اتّخذت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبيروت معظم دلالاتها البارزة والأساسية بعد ساعات قليلة من وصوله إلى العاصمة، إذ كشف البيان المشترك الذي صدر عن محادثاته مع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون أن التحضيرات للزيارة ونتائجها كانت أُنجزت مسبقاً بكل المواقف المهمة التي أُعلنت من قصر بعبدا. ووفقاً للتقديرات التي سبقت وصول الرئيس الفلسطيني التي تستمر زيارته الرسمية ثلاثة أيام احتل ملف حصرية السلاح واحتكاره من الدولة والامتناع عن استعمال الأرض اللبنانية كمنطلق لأي أعمال عسكرية ضد إسرائيل الوهج الأساسي للزيارة، إذ يُمكن اعتبار هذا الموقف من الناحية المبدئية مفصلياً وحاسماً لجهة إنهاء كل رواسب ما تبقى من “اتفاق القاهرة” ضمناً أو مباشرة لجهة التسليم بأحادية السلاح الشرعي اللبناني وتسليم السلاح الفلسطيني ووقف كل العمليات المسلحة ضد إسرائيل من الجنوب اللبناني. ومع ذلك أثار هذا الموقف المهم والمفصلي الذي توّج بإعلان “نهاية زمن السلاح الخارج على سلطة الدولة”، تساؤلات مشروعة ومبرّرة لبنانياً عن الآلية التي ستتبع في ترجمة البيان اللبناني – الفلسطيني، والذي يكتسب شرعيته الكاملة لجهة صدوره عن الرئيسين اللبناني والفلسطيني، ولكن ذلك لا يقف حائلاً أمام واقع الانقسامات الفلسطينية- الفلسطينية، والتي قد تثير تباينات عميقة حيال هذا التطور في حال قررت فصائل معارضة للسلطة الفلسطينية وفي مقدمها “حماس” التشويش على نتائج زيارة الرئيس الفلسطيني والمضي في لعب أدوار تؤكد ارتباط هذه الفصائل بدول وجهات إقليمية لا ترغب في تسهيل استكمال نشر السلطة اللبنانية على كامل أرضها، وتسعى إلى إبقاء اللجوء الفلسطيني ورقة نفوذ أو ابتزاز أو مقايضات للأوقات الملائمة. ولكن المعطيات المتوافرة حيال هذا المسار اللبناني الفلسطيني، تلفت إلى أنه يشكّل التقاءً جوهرياً مع المسار الدولي العربي الأساسي الذي يدعم بقوة بل يضغط لتسريع الإجراءات اللبنانية الآيلة إلى احتكار السلاح وإنهاء كل السلاح غير الشرعي خارج الشرعية اللبنانية، سواء كان فلسطينياً أو سلاح “حزب الله”، وتالياً فإن النتائج الفورية التي أعلنت عقب وصول الرئيس عباس إلى بيروت يجب أن تقرأ بتمعن من الزوايا اللبنانية والفلسطينية والإقليمية لكونها تحظى بمظلة دعم خارجية قوية.
وكان البيان المشترك الذي صدر تلته الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية نجاة شرف الدين عقب اجتماع الرئيسين عون وعباس، شدّد على التمسك بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وأكد فيه الجانبان “ضرورة تفعيل دور الأمم المتحدة ومؤسساتها في توفير الحماية للشعب الفلسطيني وضمان احترام القانون الدولي وتطبيق قرارات الشرعية الدولية”. ودان الجانبان الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان، ودعوا المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، إلى الضغط على إسرائيل لتنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه برعاية الدولتين في تشرين الثاني الماضي لجهة وقف الاعمال العدائية والانسحاب من التلال التي تحتلها إسرائيل، وإعادة الاسرى اللبنانيين، لتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود المعترف بها دولياً تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 الذي التزم لبنان احترام كامل مندرجاته. وفي ما يتعلق بوضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أكد الجانبان “تمسكهما بحل عادل للاجئين الفلسطينيين، بما يسمح لهم بالعودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها، وفقاً للقرار الأممي 194، ورفضهما لكل مشاريع التوطين والتهجير. وشدّد الجانبان على أهمية استمرار دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ومواصلة تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين”. وفي مجال الأمن والاستقرار
أكد الجانبان “التزامهما مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة اللبنانية. كما يؤكدان أهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه. ويعلنان إيمانهما بأن زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد انتهى، خصوصاً أن الشعبين اللبناني والفلسطيني، قد تحمّلا طيلة عقود طويلة، أثماناً باهظة وخسائر فادحة وتضحيات كبيرة”. وشدّد الجانبان على “تعزيز التنسيق بين السلطات الرسمية، اللبنانية والفلسطينية، لضمان الاستقرار داخل المخيمات الفلسطينية ومحيطها”. واكتسب تعهد الجانب الفلسطيني “التزام عدم استخدام الأراضي اللبنانية كمنطلق لأي عمليات عسكرية، واحترام سياسة لبنان المعلنة والمتمثلة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والابتعاد عن الصراعات الإقليمية”، أهمية استثنائية إذ جاء وسط الترددات المتواصلة لحوادث طلاق الصواريخ من الجنوب التي لاحقها الجيش وسلّمت “حماس” خمسة مطلوبين من عناصرها اتهموا بإطلاقها.
وخلال محادثاته مع عون، قال عباس إنه “يكرَّر ما يعلنه دائماً من أن الفلسطينيين في لبنان ضيوف موقتون، وليس لديهم لا رغبة ولا رأي ولا موقف ينادي بحمل السلاح فيه”، مؤكداً “أنهم في ظل الحكومة اللبنانية، ولن يكون لديهم أي نشاط خارج إطار القانون اللبناني والشرعية اللبنانية، ومكرراً أيضاً أنهم لا يريدون سلاحاً لا داخل المخيمات ولا خارجها، وهذا هو موقف السلطة الفلسطينية. أما بخصوص التنظيمات الفلسطينية الأخرى، فأعرب عن استعداده للتعاون وفق هذا الاتجاه.
مجلس المطارنة الموارنة
إلى ذلك ترأس البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الاجتماع الشهري لمجلس المطارنة الموارنة في أول ظهور له بعد خضوعه لعملية جراحية أخيراً، وأصدر المجلس بياناً رأى فيه المطارنة أن الكلام على أن بلادنا أمام فرصة لا يمكن أن تتكرّر وينبغي أن نستفيد منها على دروب الأمن والإصلاح، هو بمثابة تذكير بمواقف معظم الدول من لبنان. وأمل المجلس في أن يستجيب له أركان الحكم، من خلال خطوات حاسمة ينتظرها كل اللبنانيين على صعيد تعافي الدولة وحصرية مرجعيتها في شؤونهم المصيرية والحياتية المختلفة.
وأبدى المجلس وفق البيان رضى ملحوظًا عن مسار الانتخابات الإختيارية والبلدية، على رغم بعض الشوائب في الممارسة الشعبيّة. ويتطلّع إلى استكمال حلقاتها بمزيدٍ من الوعي والمسؤوليّة، تحت سقف الشرعيّة والقانون، وفي حمى المؤسسات العسكرية والأمنية، وإلى صبّ اهتمام البلديّات الجديدة على الإنماء الذي ينتظره شعبنا.
التصعيد جنوباً
وعشية الجولة الرابعة والأخيرة من الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية تواصل التصعيد الإسرائيلي في المناطق الجنوبية. واستهدفت غارة إسرائيلية صباح أمس سيارة في بلدة عين بعال الواقعة في قضاء صور، أدت إلى مقتل حسين نزيه برجي من بلدة الرمادية. وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف القيادي في “حزب الله” حسين نزيه في الغارة على صور. ولاحقاً، أعلنت وزارة الصحة في بيان عن سقوط ضحية في الغارة التي استهدفت السيارة. وبعد ساعات قليلة استهدفت مسيرة إسرائيلية، آلية بوكلين، في بلدة ياطر، ما أدى إلى وقوع قتيل وجريح. وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف قائداً في قوة الرضوان التابعة لـ”حزب الله” في منطقة ياطر جنوب لبنان بغارة نفذتها مسيّرة.
ومساءً نفذت مسيّرة إسرائيلية الغارة الثالثة، واستهدفت دراجة نارية في بلدة عيترون. وأفيد عن سقوط مواطن نتيجة الغارة.
***********************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري
أطاحت الانتخابات البلدية الأخيرة في بيروت بمفاهيم رُسّخت على مدى ثلاثة عقود، قوامها ترشيح شخصيات نخبويّة آتية من خارج النسيج الاجتماعي المحلي، لا يعرف «البيارتة» عنها شيئاً.
هذا النمط تغيّر مع دخول محمود الجمل إلى المشهد. منذ أن كان يرتدي بزّته العسكرية، اعتاد الجمل التجوّل في أحياء الطريق الجديدة وتلبية حاجات سكانها. منصبه كمستشار أمني للرئيس سعد الحريري أتاح له الاحتكاك بـ«فتوات» الشوارع و«شباب المنطقة»، فيما مكّنه موقعه كمنسّق عام لبيروت في تيار المستقبل من مدّ الجسور مع مختلف طبقات المدينة، من «التحتا» إلى «الفوقا». ومعركته النيابية عام 2022 لم تكن إلا تتويجاً لحضوره الشعبي المتنامي.
إلى جانب الجمل، برز نبيل بدر. رجل أعمال ناجح جمع ثروة مالية، وترأّس نادي الأنصار، ودخل الندوة البرلمانية. لم تغيّره الثروة ولا العمل السياسي؛ لا يزال يرتاد المقاهي الشعبية، يجلس بثيابه الـ«casual» حول «الأرغيلة»، ويتحدّث بلغة الناس البسيطة. لا يُفلسف السياسة، بل يراها كما يراها جمهوره: «ماتش فوتبول» فيه فائز وخاسر.
شكّل الاثنان «ديو» جسّد أهواء الشارع البيروتي السنّي. لذلك، لم يكن الجمل بحاجة إلى مقدّمات عندما قرّر الترشّح لرئاسة البلديّة؛ فصوره رُفعت بمبادرات فردية من أبناء الأزقّة الفقيرة الذين رأوا فيه امتداداً للحريرية السياسية الغائبة.
تحالف هجين بلا روح حريرية
رأى المزاج البيروتي في لائحة «بيروت بتجمعنا» مزيجاً من الأضداد اجتمعوا في «تحالف هجين». صحيح أنّ هذا النموذج من التحالفات بدأ في عهد الرئيس رفيق الحريري، وتمسّك به لاحقاً نجله سعد، إلا أنّ غياب التمثيل الحقيقي لـ«الحريريين» ومن يدور في فلكهم، جعل من الصعب على الكثيرين من أبناء العاصمة هضم مثل هذا التحالف. وما عزّز هذا الرفض الشعبي، الدور المحوري الذي يلعبه فؤاد مخزومي داخل اللائحة، وهو شخصية مثيرة للجدل لم تحظَ يوماً بقبول واسع لدى الشارع السنّي البيروتي. في المقابل، كان البديل الذي يمثّل وجدانهم حاضراً أمامهم: لائحة «بيروت بتحبّك».
أدرك بدر والجمل حساسية المزاج العام، وعرفا كيف يظهّران خطاب المظلوميّة، وانضويا تحت راية «تيّار المستقبل» من دون السقوط في فخ الطموحات المكشوفة لوراثة سياسية. والأهمّ، أنّهما استخدما «الأدوات الحريريّة» في الحركة على الأرض، إذ طرقا الأبواب ودخلا أزقّة لم تطأها قدم زعيم منذ أيام رفيق الحريري. وليس تفصيلاً أن تُقاد الحملات الانتخابيّة من زاروب الطمليس والبرجاوي وأبو الخدود... وغيرها من الأزقّة الضيّقة التي يقطنها أبناء بيروت المنسيون.
كلّ ذلك جعل من الجمل اسماً مقبولاً لدى الشارع السنّي من دون الحاجة إلى حملات تسويق مصطنعة. اندفع الناخب السنّي البيروتي إلى صناديق الاقتراع مدفوعاً بالإحساس بالتمثيل، لا بقوة ماكينة انتخابية منظّمة، إذ بدت لائحة «بيروت بتحبّك» شبه مجرّدة من البنية اللوجستية المطلوبة: حضور خجول للمندوبين داخل مراكز الاقتراع، وضعف لافت في عمليات النقل من خارج بيروت إلى داخلها.
وما زاد الطين بلّة، الضربات المتتالية التي تلقّتها الماكينة: بدءاً من ضيق الوقت بعد تشكيل اللائحة قبل أسبوعين فقط، إثر فشل المفاوضات بين بدر واللائحة الائتلافية، وصولاً إلى غياب الخبرات وضعف الإمكانات، وانتهاءً بما تردّد عن انسحاب جماعي لأكثر من 175 مندوباً فجر يوم الأحد، تبيّن لاحقاً أنّ كثيرين منهم كانوا «مدسوسين»!
وبالتالي، اعتمدت لائحة «بيروت بتحبّك» على «حواضر البيت»، على عكس ما أشيع عن إنفاق بدر 4 ملايين دولار قبل أيام من فتح صناديق الاقتراع. ما برز فعلياً على الأرض كان صورة مغايرة تماماً: مجموعات شبابية من أبناء بيروت تطوّعت عفوياً للعمل ضمن الماكينة، وساهمت في نقل الناخبين دون أن يُطلب منها رسمياً أو تُمنح مقابلاً مادياً، كما فعل على سبيل المثال «اتحاد أهالي عائشة بكّار».
تدقيقٌ في الأرقام
هذه العوامل أدّت إلى استناد لائحة «بيروت بتحبّك» إلى الدعم السنّي بشكل شبه كامل، إذ شكّل الصوت السنّي ما يقارب 99% من رصيدها الانتخابي. لكنّ الخلل الجوهري الذي واجهها تمثّل في عجزها عن تسمية مرشّحين مسيحيين وشيعة ودروز يتمتّعون بحضور شعبي وازن، بعدما أُقفلت الأبواب بوجهها من قِبل الأحزاب المتحالفة.
ويُظهر تحليل أولي للأرقام بحسب التوزيع الطائفي أن اللائحة المدعومة من بدر والجماعة حصدت نحو 30 ألف صوت، من بينها حوالى 27 ألف صوت سنّي، ونحو 2000 صوت مسيحي، و500 صوت شيعي، و100 صوت درزي، تفاوتت بين المرشحين. وهذا يعكس بوضوح أن نحو 65% من الأصوات السنّية صبّت لـ«بيروت بتحبّك»، مقابل القاعدة السنّية التي أمّنتها «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» وحدها للائحة «بيروت بتجمعنا».
وقد تمكّن الجمل من حصد أكثر من 40 ألف صوت سنّي، بعدما نجح في اختراق عدد من البلوكات الحزبيّة، من بينها بلوك «المشاريع» لما يتمتع به من حيثيّة شعبيّة ولامتلاكه شبكة من العلاقات العائلية والاجتماعية داخل الجمعية. كما كان خياراً مشتركاً لعدد كبير من البيارتة، حتى من خارج الاصطفافات الحزبية، إذ وضع كثيرون اسمه منفرداً على اللوائح، لكونه المرشّح الوحيد الذي يعرفونه.
«الهوى مستقبلي»
تحليل الأرقام يُظهر بوضوح أنّ «الهوى السنّي» مالَ إلى لائحة «بيروت بتحبّك». مع ذلك، من المجحف اختزال هذا الفوز بجهود بدر والجماعة والجمل. فالأرقام تعكس في الواقع حضور تيار «المستقبل» المستمر على الأرض السنّية، رغم غياب قيادته عن المشهد السياسي. ويتجلى ذلك بوضوح في النتائج الاختيارية، حيث اكتسح المرشحون المحسوبون على «الأزرق» المقاعد في أكثر من دائرة بيروتية، بما يعكس مزاجاً شعبياً لا يزال وفيّاً لرفيق الحريري ونهجه.
صحيح أنّ تيار «المستقبل» لم يُصدر أي تعميم رسمي يطلب من مناصريه التصويت للائحة «بيروت بتحبّك»، إلّا أن النبض كان واضحاً في اتجاهات التصويت. «القلب الأزرق» كان عند الجمل، ما أتاح له حرية التحرّك داخل الشارع السنّي واستقطاب مفاتيح انتخابية أساسية تُعدّ من صلب التيار.
فالجمل، بصفته منسّق بيروت السابق، يتمتع بشبكة علاقات أخطبوطية متجذّرة في مفاصل «سبيرز»، ما عزّز حضوره وجعل منه الخيار التلقائي لفئة واسعة من السنّة الباحثين عن امتداد «مستقبلي» ولو بصيغة جديدة.
وعليه، لم يكن التصويت السنّي سوى تعبيرٍ عن «نوستالجيا» لرفيق الحريري وابنه سعد، ورسالة واضحة مفادها: «ما زلنا على العهد».
لا الغياب القسري، ولا الشحّ المالي والخدماتي، ولا حتى إخراج المقرّبين من التيار الأزرق من مفاصل القرار السياسي والأمني، لم ينجح كل ذلك في زعزعة مكانة الحريري في وجدان السنّة الذين ذهب صوتهم، عملياً، إلى «الحريري الغائب» ممثّلاً بالجمل، لا إلى أي مشروع بديل. ما يشي بأن أحداً من اللاعبين السياسيين الحاليين في الشارع السنّي لا يملك حتى الآن القدرة على وراثة المرجعية الحريرية، أو الحلول مكانها. ولعل النتيجة الأبرز لانتخابات بيروت أنّ الغالبية السنّية التي امتلكها «المستقبل» في حضوره، ما زالت «في جيبه» حتى في غيابه.
وكما يترك ابتعاد الحريري عن الساحة السنّية فراغاً في شارعه، فإنّ لهذا الغياب تداعيات سياسية عميقة أيضاً، ظهرت جلياً في الانتخابات البلدية الأخيرة. فقد أربك غيابه القوى السياسية التقليدية التي وجدت صعوبة في تأمين المناصفة داخل المجلس البلدي في بيروت، وهو ما كان يُعتبر في السابق تحصيلَ حاصلٍ بفضل حضور «تيار المستقبل». القلق الذي اعترى الأحزاب في تشكيل اللوائح المتوازنة كشف حجم الدور الذي كان يلعبه الحريري في الحفاظ على التوازنات الهشّة، والتي باتت مهدّدة اليوم في ظل غيابه الطويل.
******************************************
افتتاحية صحيفة الديار:
نتنياهو يهدّد وأورتاغوس تساوم... لبنان يردّ بالتفاهمات والترقب
انتكاسة لمخزومي في بيروت: طموح السراي يصطدم بضعف التمثيل السني
«بلديات المتن»: نيكول الجميّل تتحدى ميرنا المرّ في معركة الاتحاد
بينما يستعدّ اللبنانيون لإنجاز الاستحقاق البلدي في جنوب لبنان يوم السبت المقبل، تعود الجبهة الجنوبية لتتصدر المشهد، ليس فقط كحدّ ملتهب، بل كمسرحٍ مفتوحٍ على احتمالات التفجير، في ظل تصعيد إسرائيلي متواصل بلغ ذروته مع تهديدات علنية أطلقها رئيس حكومة الاحتلال، وتصريحات اميركية تعيد خلط أوراق الداخل اللبناني تحت عنوان الاستثمار والسلاح. إن ما نشهده اليوم من غارات على القرى الجنوبية، وتحذيرات مموّهة تحت غطاء الاقتصاد، ليس إلا استكمالًا لمحاولات تطويع لبنان عبر أدوات متعدّدة: نارية واقتصادية وسياسية. في هذا المناخ المتداخل بين الأمن والسيادة والضغط الدولي، يتقدّم الجنوب مجددًا في واجهة الأحداث، بينما تتكثّف اللقاءات والمواقف لرسم معالم المرحلة المقبلة، داخليًا وعربيًا ودوليًا.
هذا وصعّد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس لهجته تجاه لبنان، موجّهًا تحذيرات مباشرة إلى حزب الله، ومهدّدًا بأن «أي هجوم من الأراضي اللبنانية سيقابل بردّ غير مسبوق»، على حدّ تعبيره.
تصريحات نتنياهو، التي أتت خلال جلسة وزارية أمنية في تل أبيب، أعادت تسليط الضوء على هشاشة الوضع عند الحدود الجنوبية للبنان، في ظل استمرار الغارات والاعتداءات الإسرائيلية شبه اليومية على مناطق في جنوب لبنان، والتي استهدفت مؤخرًا منشآت مدنية وأراضي زراعية، وأسفرت عن سقوط شهداء وجرحى من المدنيين.
وكالعادة، لجأ نتنياهو إلى الخطاب التهوِيلي لتبرير الاعتداءات الممنهجة على السيادة اللبنانية، متذرّعًا بوجود ما وصفه بـ «تهديدات مباشرة» من جانب حزب الله. لكن مصادر أمنية لبنانية مطّلعة ترى أن التصعيد الأخير يخدم، في جوهره، أجندة داخلية إسرائيلية تعاني من أزمات متلاحقة على المستويين السياسي والعسكري، لا سيما بعد فشل جيش الاحتلال في تحقيق مكاسب ميدانية حقيقية في قطاع غزة، والتعرض لخسائر نوعية في المواجهات الأخيرة مع المقاومة.
تصعيد «إسرائيلي» في جنوب لبنان يسفر عن ثلاثة شهداء
وشهد جنوب لبنان، أمس الأربعاء، اعتداءً إسرائيليًا جديدًا، تمثل في سلسلة من الغارات الجوية التي استهدفت مناطق متفرقة، وأسفرت عن سقوط ثلاثة شهداء، وسط مخاوف من تأثير هذا التصعيد في الانتخابات البلدية المرتقبة في الجنوب.
ففي بلدة عين بعال – قضاء صور، استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية سيارة مدنية، ما أدى إلى استشهاد حسين نزيه برجي، الذي ادعى جيش العدو الاسرائيلي انه قيادي في حزب الله بينما لم تعلق المقاومة حتى اللحظة على المزاعم الاسرائيلية. أما في بلدة ياطر – قضاء بنت جبيل، فقد استُهدفت آلية من نوع «بوكلين» كان يقودها المواطن علي حسن عبد اللطيف سويدان أثناء قيامه بإزالة أنقاض منزله المتضرر، ما أدى إلى استشهاده على الفور. وفي بلدة عيترون، نفّذت مسيّرة إسرائيلية غارة أخرى، أسفرت عن سقوط شهيد ثالث لم تعلن الجهات الرسمية عن اسمه بعد.
أورتاغوس تساوم من الدوحة: الاستثمارات ممكنة...
في تصريح لافت خلال مشاركتها في منتدى اقتصادي عقد في العاصمة القطرية الدوحة، أعلنت مورغان أورتاغوس، نائبة مبعوث الرئيس الأميركي الى الشرق الأوسط، أن «صندوق النقد الدولي ليس الخيار الوحيد أمام لبنان»، مشيرة إلى إمكان اعتماد البلاد على استثمارات دولية مباشرة بدلًا من القروض المشروطة، شرط تأمين بيئة مناسبة لجذب هذه الاستثمارات.
لكن اللافت في كلام أورتاغوس كان ربطها الواضح بين تحوّل لبنان إلى بلد جاذب للاستثمار وبين نزع سلاح حزب الله، حيث لمّحت إلى أن الاستقرار الأمني والسياسي – وفق منظورها – لا يمكن أن يتحقق في ظل وجود سلاح الحزب.
وأضافت أورتاغوس أن لديها «خطة كبيرة للبنان» تسمح له بالخروج من أزمته دون اللجوء إلى مزيد من المديونية، شرط أن يُعاد بناء الثقة مع المجتمع الدولي والمستثمرين، معتبرة أن «الفرصة لا تزال قائمة، لكنها مشروطة بخطوات سيادية واضحة».
وتشير أوساط سياسية إلى أن الطرح الأميركي الجديد يعيد تظهير المعادلة التي تربط تخلي لبنان عن سلاح المقاومة مقابل حصوله على الدعم والاستثمارات، كما اعتبرت الاوساط ان تصريح اورتاغوس يأتي وفق قراءة أحادية تتجاهل سنوات من السياسات المالية الفاشلة والفساد المستشري في مؤسسات الدولة.
عون – عباس: تفاهم مشترك على ضبط السلاح وتنظيم الوضع الأمني والاجتماعي في المخيمات
هذا وعُقدت أمس في بيروت قمة استثنائية جمعت بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون، في أول لقاء مباشر بين الجانبين بهذا المستوى منذ سنوات. وقد صدر عن اللقاء بيان مشترك تضمن نقاطًا أساسية تُشكّل في مضمونها خارطة طريق جديدة لتنظيم العلاقة الفلسطينية – اللبنانية، خصوصًا في الشق الأمني المتعلق بالمخيمات. وجاء في مقدمة هذه النقاط:
• تشديد قاطع على مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، ومنع استخدام الأراضي اللبنانية لأي أنشطة عسكرية أو أمنية خارجة عن سلطة الدولة، وذلك في انسجام تام مع قرارات الحوار الوطني اللبناني والإجماع السياسي القائم منذ سنوات حول ضرورة إنهاء مظاهر التفلت الأمني في المخيمات.
• إرساء آلية تنسيق أمني مشترك بين الأجهزة اللبنانية والفصائل الفلسطينية الرسمية، لضبط أي تجاوزات ومنع تكرار الاشتباكات المتنقلة التي شهدتها بعض المخيمات مؤخرًا، والتي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، وتسببت بنزوح مئات العائلات، كما حصل في عين الحلوة خلال الاشتباكات الأخيرة التي استمرت لأيام.
• تأكيد مشترك على الرفض القاطع للتوطين، والتشديد على أن الفلسطينيين في لبنان هم ضيوف مؤقتون إلى حين العودة إلى ديارهم، مع التمسك الكامل بحق العودة كمسار لا يمكن التراجع عنه في أي تسوية سياسية مستقبلية. وقد حرص الجانبان على تجديد الالتزام بـ «الهوية الفلسطينية الوطنية» كإطار جامع لكل المبادرات السياسية.
• البدء بإجراءات لتحسين الوضع الاجتماعي والحقوقي للاجئين الفلسطينيين في لبنان، خصوصًا في مجالات العمل، التعليم، والخدمات الصحية، بما يخفف من معاناتهم اليومية ويقلّص احتمالات التطرّف أو الانجرار نحو العنف، في ظل ظروف إنسانية واقتصادية خانقة، يعانيها أكثر من 174 ألف لاجئ مسجل لدى الأونروا في لبنان بحسب التقديرات الرسمية.
المطارنة الموارنة: ارتياح للعملية الانتخابية وتركيز على النزوح السوري
في بيانهم الشهري الصادر عن اجتماعهم الدوري في بكركي، عبّر مجلس المطارنة الموارنة عن ارتياحهم لمسار العملية الانتخابية البلدية والاختيارية، مؤكدين أن «الجو الديموقراطي العام الذي طغى على الاستحقاق يُعدّ مؤشرًا إيجابيًا على استمرار الروح الجمهورية في البلاد، رغم هشاشة الواقع السياسي وتعقيدات المشهد الداخلي».
وأشار البيان إلى أن مشاركة المواطنين، رغم الظروف الاقتصادية الخانقة وغياب التمويل المركزي، عكست تمسك اللبنانيين بحقهم في الاختيار المحلي وتقرير مصيرهم الإنمائي والمعيشي في ظل لامركزية شبه واقعية فرضها الفراغ السياسي العام. وفي هذا السياق، شدد المطارنة على أهمية احترام نتائج صناديق الاقتراع، بعيدًا عن الضغوط الحزبية والطائفية، داعين إلى ترجمة هذا الاستحقاق إلى دينامية إصلاحية في المجالس البلدية المنتخبة، خصوصًا في ما يتعلق بالخدمات الأساسية، والنفايات، والمياه، والإنارة.
كما رحّب المطارنة برفع العقوبات الدولية عن سورية، معتبرين أنها «خطوة تُمهّد لعودة تدريجية للأمن والاستقرار في الجوار السوري، وقد تسهم، إن أُرفقت بضمانات أممية، في فتح الباب أمام عودة كريمة وآمنة للنازحين السوريين الموجودين في لبنان، والذين يرزح البلد تحت وطأة أعبائهم الاقتصادية والاجتماعية».
أما داخليًا، فقد أولى المجلس ملف سجن رومية أولوية خاصة، في ضوء ما يُنقل من معطيات حول التدهور الخطر في أوضاع السجناء، لا سيما من الناحية الصحية والغذائية، وفي ظل اكتظاظ يفوق خمسة أضعاف القدرة الاستيعابية للسجن المركزي في لبنان. ولفت البيان إلى «أن الكرامة الإنسانية لا تُجزّأ، وأن حقوق المساجين في الطبابة والغذاء والمياه النظيفة تُعدّ من أساسيات أي منظومة عدالة». وطالب المطارنة بـ «معالجة جذرية لهذا الملف، تشمل تسريع المحاكمات، وتفعيل السجون البديلة، وتحديث البنى التحتية المتهالكة». كما دعا المجلس الحكومة اللبنانية إلى «عدم إغفال البعد الإنساني في المقاربة الأمنية»، مشيرًا إلى أن «العدالة الحقيقية تُقاس بمدى احترامها لكرامة الإنسان، وليس فقط بصرامتها في العقاب».
صفعة لمخزومي في بيروت
شكّلت نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة في العاصمة بيروت صفعة قوية للنائب فؤاد مخزومي، في ظل الاتهامات التي وُجّهت إليه بمحاولة توظيف هذا الاستحقاق لتحقيق طموحاته السياسية، لا سيما في ما يتعلّق برئاسة الحكومة بعد الانتخابات النيابية المقبلة. وتشير مصادر متابعة إلى أن مخزومي ادى دورًا محوريًا في تشكيل لائحة تحالف الاحزاب، واختار معظم المرشحين السنّة فيها، في محاولة لتكريس نفسه ممثلًا أول للطائفة السنية على مستوى العاصمة.
وتلفت المصادر إلى أن رهان مخزومي على دعم القوات اللبنانية وبعض الشخصيات المحسوبة على خطها السياسي، بما في ذلك ترشيحه لرئاسة الحكومة قبل طرح اسم نواف سلام، يعزز الانطباع بأن حركته في هذه الانتخابات لم تكن فقط بلدية الطابع، بل مدروسة في سياق طموح سياسي أوسع.
غير أن النتائج، بحسب هذه المصادر، أظهرت بوضوح ضعف التمثيل السني الذي يتمتع به مخزومي، إذ جاءت الأصوات التي نالتها لائحة التحالف دون الكتلة التصويتية المعروفة لجمعية المشاريع، ما كشف هشاشة الحضور الشعبي لمخزومي داخل الشارع السني في بيروت، خلافًا لما كان يسعى إلى تثبيته عبر صناديق الاقتراع.
زيارة نيكول أمين الجميّل إلى معراب: معركة اتحاد بلديات المتن انطلقت
في مؤشر سياسي وانتخابي لافت، حطّت رئيسة بلدية بكفيا - المحيدثة نيكول الجميّل رحالها في معراب، حيث التقت رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، في زيارة تحمل أكثر من دلالة في توقيتها ومضمونها، خصوصًا مع اقتراب استحقاق انتخاب رئيس لاتحاد بلديات المتن الشمالي، الذي بات يختزن في طياته أبعادًا تتخطى الحسابات الإنمائية إلى ما يشبه معركة رمزية على زعامة القضاء المسيحي الأوسع في جبل لبنان.
الزيارة، التي أتت بعد اتصالات غير معلنة، تأتي على خلفية ترشح الجميّل في وجه ميرنا المرّ، التي تستند إلى إرث سياسي وشبكة نفوذ واسعة خلفها النائب والوزير الراحل ميشال المرّ، في وقت تعاني فيه الساحة المتنية من تباينات بين قوى «المسيحيين السياديين» حول مقاربة المعركة: هل تكون مواجهة سياسية صريحة مع المرّ؟ أم تسوية محلية تقطع الطريق على استقطاب عمودي داخل القرى والبلدات المتنية؟
داخل القيادة القواتية تحديدًا، لا يبدو القرار محسومًا: فهناك من يعتبر أن دعم نيكول الجميّل هو تموضع طبيعي في سياق مشروع سياسي مشترك قائم على ثوابت سيادية واضحة، بينما يُفضّل آخرون التفاهم مع المرّ باعتبارها «شخصية مستقلة» تملك حضورًا محليًا واسعًا، وتُشكّل امتدادًا لتركيبة متنية دقيقة، يصعب كسر توازناتها.
لكن مصادر مواكبة للقاء أشارت إلى أن الزيارة كانت إيجابية جدًا، وجرى خلالها نقاش في العمق حول إمكان توحيد الجهود في هذه المرحلة المفصلية، لا سيما مع تراجع الحضور المسيحي الفاعل في الدولة، والحاجة إلى إعادة رسم خارطة تحالفات جديدة تعيد تصليب الساحة المسيحية في مواجهة محاولات التذويب السياسي والاجتماعي.
***********************************************
افتتاحية صحيفة البناء:
أوروبا لخطوات عقابية للضغط على «إسرائيل» لوقف الإبادة والتجويع.. ونتنياهو يسخر
استعصاء تخصيب اليورانيوم وجولة مفاوضات الجمعة في روما وتهديد إسرائيلي
اتفاق لبناني فلسطيني على احترام وقف النار… والجنوب يستعدّ ليوم بلديات السبت
مع تصاعد حرب الإبادة على غزة وسقوط عشرات الشهداء يومياً وتحذيرات أممية من مفاجأة مؤلمة بسقوط المئات جراء الجوع والمرض، وارتفاع ضغط الشارع الأوروبي، بدأت الاستجابة الحكومية تظهر على السطح، ولو كانت البداية بخطوات خجولة متأخرة كثيراً عن موعدها وضعيفة التأثير، كما يقول النشطاء الأوروبيون الذين ينظمون التحركات الاحتجاجية، إلا أن هذه الخطوات قوبلت باستخفاف وبلغة التحدّي من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ما سوف يرتّب تصاعداً في الحراك الغاضب في الشارع الأوروبيّ، وتصاعداً في الخطوات الأوروبية استجابة للضغط ورداً للاعتبار بعد كلام نتنياهو، وهذا السيناريو التصعيديّ قد يفتح كوّة في الجدار الصلب الذي بنته أميركا لحماية حرب الإبادة ضد شعب غزة.
في المنطقة غموض حول مستقبل المفاوضات النوويّة بين واشنطن وطهران بعد الخلاف الواضح والمتصاعد حول تخصيب اليورانيوم، حيث تصرّ واشنطن على رفض أي مستوى من التخصيب من الجانب الإيراني، تعتبر إيران أن التخصيب مفردة تقنية محورية في برنامجها النووي وهي غير قابلة للتفاوض، وبينما كان البعض يستبعد عقد جلسة تفاوض قريبة بسبب ما بدا أنه حجم الخلاف الجذري حول ملف التخصيب، جاء الإعلان العماني عن عقد جولة تفاوض جديدة في روما غداً الجمعة، بينما كشفت قناة سي أن أن عن وجود معلومات أميركية مؤكدة حول استعداد “إسرائيل” لشن هجمات على المنشآت النووية الإيرانية، رابطة ذلك بالتوصل إلى اتفاق نووي سيئ مع إيران، وقد وضعت مصادر تتابع التفاوض النووي الأميركي الإيراني، هذه التسريبات الإعلامية في سياق الضغط الاميركي على إيران عبر التلويح بخطر التعرّض لضربة إسرائيلية، اذا بقيت على مواقفها المتصلبة تجاه تخصيب اليورانيوم.
لبنانياً، كان لقاء رئيس الجمهورية العماد جوزف عون والرئيس الفلسطيني محمود عباس، مناسبة لاستعراض ما تتعرّض له القضية الفلسطينية من ضغوط ومخاطر، ووضع اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان، والحاجة لمعالجة المشكلات التي يعانون منها بروح الأخوة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، أكد الجانب الفلسطيني الالتزام بموجبات وقف إطلاق النار الذي يلتزمه لبنان، واحترام السيادة اللبنانية وحق الدولة بحصرية حمل السلاح.
فيما تتجه الأنظار إلى الجولة الرابعة والأخيرة من استحقاق الانتخابات البلدية في الجنوب، انشغل لبنان الرسمي بزيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت، والمحادثات التي أجراها مع المسؤولين اللبنانيين، وتناولت العلاقات الثنائية وآخر التطورات الإقليمية والدولية، وأفضت إلى التوافق على معالجة ملف المخيمات الفلسطينية وحصر السلاح بيد الدولة.
ووفق معلومات “البناء” فإنّ “المباحثات بين الرئيسين عون وعباس وضعت خريطة طريق لمعالجة أزمة المخيمات الفلسطينية في لبنان على كافة الصعد، لا سيما مسألة التفلت وانتشار السلاح وتحوّل بعض المخيمات إلى ملجأ للهاربين من القانون لا سيما التنظيمات المتطرفة وذلك في إطار بسط سيطرة الدولة وأجهزتها ومؤسساتها على كامل أراضيها وفق ما ورد في خطاب القَسَم لرئيس الجمهورية، وكان اتفاق بين الرئيسين على أن لبنان حضن القضية الفلسطينية لعقود خلت وضحى من أجلها ودفع أثماناً باهظة، ولذا لا بد من تجنيب لبنان التداعيات لكون الوجود الفلسطيني المسلح داخل المخيمات لا يفيد حق العودة ولا القضية الفلسطينية، ما يستوجب تنظيم هذا الوجود بالتعاون مع السلطة الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية في لبنان حماس والجهاد الإسلامي”.
وفيما أفيد أن حركة حماس أبدت تعاوناً على هذا الصعيد، يتردّد وفق معلومات “البناء” أن قيادات في حماس وتنظيمات أصولية ستغادر لبنان خلال فترة خمسة عشر يوماً، ومن غير المعلوم وجهة سفرهم حتى الآن مع ترجيح أن تكون قطر وتركيا.
وبعد الاجتماع بين الرئيسين عون وعباس، أكد الجانبان، في بيانٍ مشترك، على العلاقات الأخويّة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، وشدّدا على التزامهما بتعزيز التعاون والتنسيق على مختلف المستويات. وجدّد الطرفان التأكيد على ضرورة التوصل إلى سلام عادل وثابت في المنطقة، يسمح بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وفق قرارات الشرعية الدولية، ويضمن حقوق شعوب المنطقة. وأدان الرئيسان استمرار العدوان “الإسرائيلي” على قطاع غزّة، واصفَين ما يجري بأنه “كارثة إنسانية غير مسبوقة”، ودعوَا المجتمع الدولي إلى تحرك فوري وجاد لوقف العدوان وتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين.
كما شدّدا على ضرورة تفعيل دور الأمم المتحدة ومؤسساتها لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني واحترام القانون الدولي. وأعربا عن شجبهما للاعتداءات “الإسرائيلية” المتكرّرة على لبنان، مطالبَين المجتمع الدولي، وخصوصًا الولايات المتحدة وفرنسا، بالضغط على “إسرائيل” لتنفيذ اتفاق تشرين الثاني 2024، والانسحاب من التلال المحتلة، والإفراج عن الأسرى اللبنانيين، تمهيدًا لتنفيذ القرار 1701 كاملًا.
وبشأن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أكد الجانبان تمسكهما بحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، يضمن عودتهم إلى ديارهم وفق القرار الأممي 194، ورفضا مشاريع التوطين والتهجير. وشدّدا على أهمية استمرار دعم وكالة “الأونروا” وزيادة مواردها المالية لضمان استمرار خدماتها. واتفق الجانبان على تشكيل لجنة لبنانية فلسطينية مشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات وتحسين الظروف المعيشية، مع احترام السيادة اللبنانية والقوانين المحلية. كما أكدا التزامهما بتوفير ظروف كريمة للاجئين، دون المساس بحق العودة أو التأثير في الهوية الوطنية الفلسطينية.
إلى ذلك اكتملت الاستعدادات الأمنية واللوجستية للانتخابات البلدية والاختيارية في الجنوب السبت المقبل، وسط مخاوف من اعتداءات إسرائيلية على القرى والمواطنين خلال يوم الانتخاب بخاصة في المناطق الحدودية، ووفق معلومات “البناء” فإن الاتصالات السياسية والدبلوماسية لم تتوقف بالمسؤولين الأميركيين لا سيما برئيس لجنة الإشراف على تطبيق القرار 1701 لأخذ ضمانات من جيش الاحتلال الإسرائيلي بعدم شنّ غارات وتسيير مسيّرات في يوم الانتخابات لتمرير هذا الاستحقاق الدستوري وللسماح للمواطنين الجنوبيين بممارسة حقهم الديمقراطي، ووعدت اللجنة بإجراء الاتصالات اللازمة مع الحكومة الإسرائيلية غير أن اللجنة لم تقدّم للحكومة اللبنانية وعداً جازماً على هذا الصعيد. ووفق المعلومات فإن المخاوف الأمنية من أن تستغل “إسرائيل” حركة المواطنين على الطرقات للانتقال إلى أقلام الاقتراع وتقوم بعمليات اعتداءات واغتيالات لما تدعيه أنهم قيادات أو عناصر أو آليات لحزب الله.
وعشيّة الاستحقاق، بقي التصعيد الإسرائيلي سيّد الموقف جنوباً. فقد استهدفت غارة إسرائيلية أمس، سيارة في بلدة عين بعال الواقعة في قضاء صور جنوب لبنان، أدّت إلى مقتل حسين نزيه برجي من بلدة الرمادية. وزعم جيش الاحتلال أنّه استهدف القيادي في “حزب الله” حسين نزيه في الغارة على صور. ولاحقاً، أعلنت وزارة الصحة في بيان عن سقوط ضحيّة في الغارة التي استهدفت السيارة. كما استهدفت مسيّرة آلية بوكلين، في بلدة ياطر، مما أدى إلى استشهاد شخص. وألقت محلّقة إسرائيلية ثلاث قنابل صوتيّة على منطقة المرجة في أطراف كفرشوبا الشرقية.
ومساء أفادت قناة “المنار”، بأنّ قوة مشاة إسرائيلية بحماية مدرعات توغلت نحو الأراضي اللبنانية في وادي هونين جنوب بلدة العديسة.
وفي سياق ذلك، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار، حيث جرى البحث في الأوضاع العامة والمستجدات السياسية لا سيما الأمنية منها والتحضيرات لإنجاز المرحلة الأخيرة من استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي الجنوب والنبطية السبت المقبل. ونشرت وزارة الداخلية والبلديات قرار تقسيم مراكز الاقتراع في محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية، وتتمنى على الناخبين التأكد من ورود أسمائهم في المراكز قبل التوجّه للتصويت، حرصاً على حسن سير العملية الانتخابية.
وأشارت مصادر في “الثنائي” الوطني حركة أمل وحزب الله لـ”البناء” إلى أن الرئيس بري وقيادتي الحزب والحركة في الجنوب يبذلان جهوداً كبيرة في مختلف قرى ومدن الجنوب للتوصل إلى لوائح تزكية وتجنيب الجنوب معارك انتخابيّة، وقد نجحت الجهود في إنجاز لوائح تزكية في عشرات القرى مع المواءمة بين مصلحة الحزب والحركة ومصلحة العائلات في القرى، وفي حال تعذّر التزكية فيفسح المجال أمام تنافس حر وديمقراطي وهادئ بين عائلات البلدات التي أعلنت انضواءها تحت راية الحزب والحركة مهما كانت النتائج. موضحة أن معظم العائلات أبدت تفهماً وتعاوناً مع قيادتي الحزب والحركة، وبعض التباين في وجهات النظر بين العائلات يعود للتنافس على الإنماء وتعزيز الخدمات وليس لأسباب سياسية. ووفق المصادر فإن إنجاز التزكية جاء نتيجة التفاهمات السياسية والاجتماعية ما يعكس حجم التأييد الشعبي للمقاومة. ودعت المصادر إلى أوسع مشاركة في البلدات التي ستشهد انتخابات ليوجه الجنوب كما البقاع والضاحية وجبل لبنان وبيروت، رسالة مدوّية للداخل والخارج بأنه يتمسك بخيار المقاومة ورفضه للاحتلال وبعودته إلى قراه المدمّرة لإعادة إعمارها.
وفي سياق ذلك، حُسمت المعركة البلدية في قضاء صور لصالح لوائح “التنمية والوفاء”، التي فازت حتى الآن بالتزكية في 20 بلدية. وقد شمل الفوز بلدات: بدياس، المنصوري، دبعال، الكنيسة، وادي جيلو، الجبين، الحنية، النفاخية، بافليه، بثتيات، يانوح، صديقين، باريش، شيحين، قانا، الحميري، دير قانون رأس العين، القليلة، الحلوسية، وطورا.
أعلنت اللجنة الانتخابية في إقليم جبل عامل في حركة أمل بأن 42 بلدية فازت فيها لوائح التنمية والوفاء بالتزكية في أقضية صور وبنت جبيل ومرجعيون، وذلك بعد فوز بلدية الناقورة بالتزكية. ووفق معلومات “البناء” فإن الرئيس بري الموجود بدارته في مصيلح يتابع عن كثب مع قيادة الحركة نتائج جولة اللجان الانتخابية على العائلات في القرى ويتدخل حيث تدعو الحاجة لحل بعض الخلافات، انطلاقاً من توجيهات الرئيس بري للقيادة بتفضيل لوائح التزكية على المعارك الانتخابيّة حيث أمكن. كما يتابع الرئيس بري شؤون الجنوبيّين ومشاكلهم على الصعد الاقتصادية والاجتماعية.
وفيما تزور نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس لبنان خلال أيام، وفق ما أفادت المعلومات، أكدت في كلمة ألقتها في منتدى قطر الاقتصادي، أن “الإصلاحات التي نتحدث عنها مهمة جداً، وبالمناسبة “صندوق النقد الدولي” ليس الخيار الوحيد”. وأضافت “لديّ خطة كبيرة ورؤية قد تمكّن لبنان من الاستغناء عن صندوق النقد ربما، إذا تمكنّا من تحويله إلى بلد استثمارات يمكننا استعمال أموال المستثمرين هنا، وتجنيبه من المزيد من الديون”.
وعلمت “البناء” أن الساحة اللبنانية ستشهد بعد انتهاء الانتخابات البلدية والاختيارية وعطلة عيد الأضحى حركة دبلوماسية لافتة عربية وأجنبية لمتابعة ملفات عدة أهمها ملف المخيمات الفلسطينية وسلاح حزب الله والإصلاحات إضافة إلى القضايا المشتركة بين لبنان وسورية لا سيما تلك التي بحثها رئيس الحكومة نواف سلام مع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع في دمشق الشهر الماضي، ومن المحتمل زيارة قريبة لوزير الخارجية السوريّ أسعد الشيباني إلى بيروت.
******************************************
افتتاحية صحيفة اللواء:
قمة عون - عباس: خارطة طريق لمعالجة السلاح والحياة الكريمة للاجئين
تزكية في أكثر من نصف بلديات الجنوب.. وسلام يحضر ملف لبنان للمحادثات مع بغداد
وضعت القمة اللبنانية – الفلسطينية بين الرئيسين جوزف عون ومحمود عباس خارطة طريق لمعالجة الملف الفلسطيني ببعديه الاجتماعي والحياتي والسلاح في المخيمات وخارجها، بعدما انتفت الضرورات الحقيقية لبقائه خارج إطار الدولة اللبنانية التي قررت حصر السلاح الشرعي بيدها فقط، بصرف النظر عن أي اعتبار آخر
وفي الاجراءات العملية، اتفق على إحالة الملف الفلسطيني إلى لجنة لبنانية – فلسطينية تضم وزراء وسفراء وأمنيين وستبحث في معالجته بدءاً بالسلطة الفلسطينية إلى سائر الفصائل.
وقالت مصادر سياسية لـ«اللواء» ان اتفاق الرئيس عون على تأليف لجنة مشتركة من شأنه ان يساهم في وضع ملف السلاح على بساط البحث الدائم انطلاقا مما ورد في البيان المشترك بينهما، ولفتت الى ان هذه اللجنة ستتألف سريعا وستضم ديبلوماسيين وامنيين من البلدين، متوقفة عند كلام الرئيس عباس من ان الفلسطينيين لا يريدون سلاحا لا داخل المخيمات ولا خارجها والاشارات التي حملها مع العلم انه تحدث عن مساعٍ ستبذل في هذا السياق.
وأوضحت المصادر ان البيان خلص الى توافق على عدة امور تتعلق بعدة قضايا تهم البلدين.
وحضر ملف غزة، والوضع الانساني للفلسطينيين في لبنان في صلب المحادثات، على أن يلتقي عباس الرئيسين نبيه بري، ونواف سلام ظهر اليوم في السراي الكبير.
وفي الإطار الدبلوماسي، وقبل مجيء الموفدة الاميركية مورغن اورتاغوس إلى بيروت عقد اجتماع الاحد الماضي في باريس، ضم إليها الامير يزيد بن فرحان المكلف بالملف اللبناني في الديوان الاميري، وممثل عن قصر الاليزيه.
يشار إلى أن اورتاغوس، قالت في كلمة ألقتها في منتدى قطر الاقتصادي، أن «الاصلاحات التي نتحدث عنها مهمة جداً، وبالمناسبة «صندوق النقد الدولي» ليس الخيار الوحيد.» وأضافت «لديّ خطة كبيرة ورؤية قد تمكّن لبنان من الاستغناء عن صندوق النقد ربما، اذا تمكنا من تحويله الى بلد استثمارات يمكننا استعمال أموال المستثمرين هنا، وتجنيبه من المزيد من الديون».
وبعد اجتماع الرئيسين عون وعباس، أصدرا بيانا مشتركا اكد «التمسك بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية ومما جاء فيه: يؤكد الجانبان على ضرورة تفعيل دور الأمم المتحدة ومؤسساتها في توفير الحماية للشعب الفلسطيني وضمان احترام القانون الدولي وتطبيق قرارات الشرعية الدولية. يشجب الجانبان الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان، ويدعوان المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، الى الضغط على إسرائيل لتنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل اليه برعاية الدولتين في تشرين الثاني من العام 2024 لجهة وقف الاعمال العدائية والانسحاب من التلال التي تحتلها إسرائيل، وإعادة الاسرى اللبنانيين، لتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود المعترف بها دولياً، وذلك تطبيقاً لقرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701 الذي التزم لبنان احترام كامل مندرجاته. وفي ما يتعلق بوضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، يؤكد الجانبان على تمسكهما بحل عادل للاجئين الفلسطينيين، بما يسمح لهم بالعودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها، وفقاً للقرار الأممي 194، ورفضهما لكل مشاريع التوطين والتهجير. يشدد الجانبان على أهمية استمرار دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ومواصلة تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، مع العمل على زيادة مواردها المالية لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها. ايضا، في مجال الأمن والاستقرار يؤكد الجانبان التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة اللبنانية. كما يؤكدان على أهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه. ويعلنان إيمانهما بأن زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد انتهى، خصوصاً أن الشعبين اللبناني والفلسطيني، قد تحمّلا طيلة عقود طويلة، أثماناً باهظة وخسائر فادحة وتضحيات كبيرة. يشدد الجانبان على تعزيز التنسيق بين السلطات الرسمية، اللبنانية والفلسطينية، لضمان الاستقرار داخل المخيمات الفلسطينية ومحيطها.
يؤكد الجانب الفلسطيني التزامه بعدم استخدام الأراضي اللبنانية كمنطلق لأي عمليات عسكرية، واحترام سياسة لبنان المعلنة والمتمثلة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والابتعاد عن الصراعات الإقليمية. يتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وضمان عدم تحول المخيمات الفلسطينية إلى ملاذات آمنة للمجموعات المتطرفة.
ولاحقاً اعلن الرئيس عباس ان الفلسطينيين هم ضيوف موقتون في لبنان ولن يكون لهم أي نشاط خارج إطار القانون اللبناني.
وأوضح الرئيس عباس الى ان ما يهم الجانب الفلسطيني هو وحدة لبنان وسيادته على أراضيه، معربا عن امنيته في عدم تدخل أي طرف خارجي في الشؤون الداخلية اللبنانية، لكي يحيا لبنان حرا من أي تعديات إسرائيلية، ويبقى منارة في قلب العالم العربي.
ورد الرئيس عون مكررا ترحيبه بالرئيس الفلسطيني والوفد المرافق، مشيرا الى ان لبنان اعطى الكثير للقضية الفلسطينية، وهو لا يزال الى جانب أحقيتها ، كما انه يؤيد كافة القرارات العربية ذات الصلة إضافة الى تأييده مبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت في العام 2002.
واعتبر رئيس الجمهورية ان ما يحصل في غزة غير مقبول إنسانيا، وما من دين ولا طائفة ولا أي إنسان يمكن ان يقبل بما يجري فيها، وحتى التاريخ العسكري الحديث لا يمكنه ان يستوعب ذلك.
وأوضح الرئيس عون اننا في لبنان نعترف بالسلطة الفلسطينية، ونوافق على ما توافق عليه هذه السلطة، معلنا انه سيتم تشكيل لجنة من الجانب اللبناني، ولجنة فلسطينية مماثلة للعمل بهدوء لحل كافة المسائل العالقة، بما يخدم مصلحة لبنان والشعب الفلسطيني.
وفد وزاري للعراق
وفي اطار العمل الحكومي، ترأس رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام اجتماعا وزاريا، حضره وزراء: المال ياسين جابر، الاقتصاد عامر البساط، والطاقة والمياه جو صدي، وذلك في إطار التحضير لزيارة وفد وزاري إلى العراق للبحث في المشاريع ذات الاهتمام المشترك.
وعلمت «اللواء» ان الزيارة ستمم في اوائل شهر حزيران المقبل.
وتأتي هذه الزيارة بناء على تنسيق بين الرئيس سلام ونظيره العراقي محمد شياع السوداني لزيادة التعاون بين البلدين في مجالات مختلفة، لا سيما الطاقة، وإصلاح وتفعيل أنبوب النفط من العراق إلى لبنان، وإنشاء منطقة اقتصادية خاصة لتصنيع وتخزين البتركيماويات، ووصل خط فايبر أوبتيك من العراق إلى لبنان، ومنه إلى اوروبا، إضافة الى تفعيل عمل اللجنة المشتركة العراقية - اللبنانية، وفتح المجال أمام استثمارات القطاع الخاص بين البلدين.
واجتمع رئيس الحكومة مع وزير العدل عادل نصار، وتم البحث في شؤون وزارية.
كما علمت «اللواء» انه مجلس الوزراء لن يعقدجلسة اليوم، بل الاسبوع المقبل، لإستكمال التعيينات في مجلس الانماء والاعمار.
سياسياً، أكد المطارنة الموارنة ان «لبنان أمام فرصة يجب الاستفادة منها على دروب الأمن والاصلاح ونوجه تحية الى السعودية والخليج على وقوفهم سندا للبنان»، ولفت المجتمعون الى «اننا ننظر بارتياح الى رفع العقوبات عن سوريا وما له من تأثير على لبنان وراضون عن مسار الانتخابات البلدية والاختيارية رغم بعض الشوائب»، ودعوا «المسؤولين الى المعالجة السريعة والانسانية لأوضاع السجناء في سجن رومية.
بلديات المرحلة – 4
وتأتي هذه التطورات في وقت يتوجه فيه الجنوبيون في محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية إلى صناديق الاقتراع لانتخاب ما تبقى من بلديات ومخاتير لم تفز بعمليات التزكية الجارية على قدم وساق، واقتربت من 90 بلدية أو أكثر.. في ضوء جهود تبذلها الماكينة الانتخابية لحزب الله وحركة أمل.
استمرت العين على الجنوب من جهة التحضيرات الرسمية للإنتخابات البلدية والاختيارية حيث نشرت وزارة الداخلية والبلديات قرار تقسيم مراكز الإقتراع في محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية، وتمنت على الناخبين التأكد من ورود أسمائهم في المراكز قبل التوجه للتصويت يوم السبت المقبل، حرصاً على حسن سير العملية الإنتخابية. ومن جهة متابعة الاعتداءات الاسرائيلية اليومية وآخرها غارات امس التي أدت الى استشهاد شخصين واصابة ثالث بجروح، فيما استمر اعلان اللوائح في صيدا ولوائح التزكية لثنائي امل وحزب الله في قرى الجنوب والتي فاق عددها 90 بلدة حتى بعد ظهر امس وآخرها في بلدة الغسانية – قضاء صيدا عصراً بعد انسحاب آخر مرشحة. كما فازت لائحتا «التنمية والوفاء» في الناقورة وقعقعية الصنوبر بالتزكية.
ويبلغ عدد بلديات المحافظتين 272. في محافظة الجنوب ١٥٣ مجلساً بلدياً موزعين على ثلاثة اقضية هي جزين (اربعون بلدية)، صور (خمسة وستون بلدية)، وصيدا (ثمانية واربعون بلدية). فيما في محافظة النبطية١١٩ بلدية تتوزع كالاتي : النبطية ٤٠، بنت جبيل ٣٦، حاصبيا ١٧، ومرجعيون ٢٦. اماعدد الناخبين فنحو 500 الف ناخب.
وتجري الانتخابات في قرى الحدود على الحد الاول والحد الثاني تأكيداً لتمسك الجنوبي بأرضه ولإصرار الدولة على ممارسة سيادتها ودورها على كامل تراب الجنوب. وحسب بعض المعلومات قد استحدثت مراكز اقتراع بديلة لناخبي القرى الحدودية في اماكن آمنة بعيدة عن الخط الحدودي، حيث حددت لناخبي بلدات القطاع الغربي الحدودية اقلام اقتراع في مدينة صور. ومركزي اقتراع لقرى قضاء بنت جبيل في مدينة بنت جبيل. اما اهالي القطاع الاوسط فسيقترعون في بلدة بيت ليف، وأهالي عيتا الشعب في الطيري،..وفي بلدات القطاع الشرقي، فسينتخب أهالي بليدا وميس الجبل وحولا والعديسة وطلوسة ورب ثلاثين وبني حيّان في بلداتهم، فيما سيقترع سكان كل من محيبيب في ميس الجبل، كفركلا في النبطية، ومركبا في مجدل سلم. أما ناخبو بلدات ياطر، زبقين، رب ثلاثين، الخيام، عديسة، وميس الجبل، فسيقترعون في بلداتهم.
وكان الرئيس بري استقبل وزير الداخلية والبليات أحمد الحجار، وعرض معه الاجراءات الامنية والادارية لليوم الانتخابي السبت المقبل.
تصعيد خطير وشهداء جدد
واستهدف الاحتلال في بلدة ياطر «بوكلين» كانت ترفع الاضرار من أمام منزل استشهد صاحبه بمسيرة معادية، وفي عين بعال، تمكنت مسيرة اسرائيلية من استهداف سيارة المواطن حسين نزيه البرجي، الذي سقط شهيداً.
واغار الطيران المعادي عصراً، على دراجة نارية في بلدة عيترون ادت الى ارتقاء شهيد، في استمرار للعدوان الاسرائيلي المتمادي على لبنان.
كما ألقت محلقة للاحتلال 3 قنابل استهدفت كمطقة المرجة في أطراف كفرشوبا.
وسجل بداية المساء، قصف مدفعي إسرائيلي لمنطقة تلة السدانة جنوبي شبعا.
وتوغلت قوة معادية من موقع المرج الإسرائيلي باتجاه الأراضي اللبنانية في وادي هونين
في هذا الوقت نفذ الطيران الحربي والاستطلاعي الصهيوني طلعات جوية في اجواء القطاعين الغربي والأوسط على مستويات متوسطة وفي اجواء مناطق عدة لا سيما القرى الحدودية في الجنوب.
ولاحقاً، اعلن المتحدث بإسم الجيش الفرنسي لقناة «لعربية»: أن قواتنا في اليونيفيل تلعب دور وساطة بين لبنان وإسرائيل.
******************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية:
أجندة أورتاغوس: "حزب الله" والإصلاحات... عون وعباس: زمن السلاح خارج الدولة انتهى
على عتبة الجولة الرابعة والأخيرة من الانتخابات البلدية والاختيارية المحدّدة في منطقة الجنوب، يتبدّى إصرار الدولة والجهات المعنية على إتمام هذا الاستحقاق في موعده المحدّد يوم السبت المقبل، وتوفير ما يتطلّبه حُسن سَير العملية الانتخابية من إجراءات أمنية ولوجستية وإدارية، بالتوازي مع جهود كبرى لبلورة الحدّ الأقصى من التوافقات والتزكية، خصوصاً في ما تُعرف بقرى وبلدات الحافة الأمامية. إلّا أنّ الوضع مشوب بحذر بالغ، في غياب أيّ ضمانات جديّة لإتمامه بصورة طبيعية، في ظلّ تفلّت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار، وتماديها في الاعتداءات والاغتيالات التي تنفّذها بوتيرة يومية، ما يجعل الوضع مفتوحاً على شتّى الاحتمالات.
على الخط الداخلي الآخر، يبرز ملف الانتخابات النيابية في رأس قائمة الأولويات، باعتباره عنوان المرحلة المقبلة، ويشكّل الأسبوع المقبل انطلاقة للنقاش حوله في اللجان النيابية المشتركة لبحث مجموعة من الاقتراحات، وسط انقسام واضح بين المتمسكين بالقانون الحالي، على رغم ممّا يعتريه من شوائب وثغرات، وبين الداعين إلى تعديله، ما يُنذر برحلة طويلة وشاقة من النقاشات والتباينات والمزايدات والشعبويات. فيما الوضع السياسي يتجاذبه من جهة؛ بطء الإنتاجية الحكوميّة على خط الأولويات والإصلاحات، ومن جهة ثانية، الصعوبات التي تعتري الملفات الحساسة، ولاسيما ملف إعادة الإعمار وكيفية توفير التمويل اللازم له، وكذلك الملف المرتبط بتأكيد حصرية السلاح بيَد الدولة. ومن جهة ثالثة، الإرباك السائد على كل المستويات، جراء الضخّ المُريب لسيناريوهات خطيرة باتت وشيكة الحصول على طول المنطقة وعرضها ولبنان من ضمنها. وثمّة مَن يقول بجدّيتها، وثمة في المقابل مَن يُدرجها في خانة التهويل والتخويف.
ماذا تحمل أورتاغوس؟
في هذا الجو المربك، تحطّ نائبة المبعوث الأميركي إلى المنطقة مورغان أورتاغوس في زيارة إلى بيروت بعد أيام قليلة، وموعد وصولها محدّد مبدئياً مطلع الأسبوع المقبل. وثمة تساؤلات سبقت وصولها حول ما تحمله في جعبتها من طروحات، وما هي الغاية من زيارتها بيروت في هذا التوقيت بالذات، وإلامَ تؤسّس هذه الزيارة؟
وإذا كانت بعض التقديرات قد حصرت زيارة أورتاغوس بوصفها رسالة دعم مباشر للحكم الجديد في لبنان، وأنّ هذه الزيارة ليست مفاجئة، باعتبار أنّ أورتاغوس أكّدت خلال زيارتها السابقة إلى لبنان مطلع نيسان الماضي، أنّها تنوي العودة إلى بيروت في وقت لاحق. وتوقف المراقبون عند ما تضمّنته كلمتها بالأمس في منتدى قطر الاقتصادي، حول لبنان، إذ اعتبرت أنّ «الإصلاحات التي نتحدّث عنها مهمّة جداً، وبالمناسبة صندوق النقد الدولي ليس الخيار الوحيد. لديّ خطة كبيرة ورؤية قد تُمكِّن لبنان من الاستغناء عن صندوق النقد ربما، إذا تمكنّا من تحويله إلى بلد استثمارات يمكننا استعمال أموال المستثمرين هنا، وتجنيبه المزيد من الديون».
ورداً على سؤال حول زيارة أورتاغوس إلى لبنان، كشفت مصادر على صلة بالأميركيِّين لـ«الجمهورية»: إنّ «أورتاغوس نفسها لا تخلو من مفاجآت، والموفدون الأميركيّون لا يأتون لزيارة لبنان أو يَزورون غيره من الدول لمجرّد الزيارة فقط، بل يتحرّكون وفق برنامج وأجندة عمل وطروحات محدّدة، وضمن هذا السياق تندرج الزيارة المرتقبة لأورتاغوس إلى بيروت». ونفت المصادر علمها بما تحمله أورتاغوس في جعبتها، مضيفةً إنّ ملف الإصلاحات عنوان علني للزيارة، لكن المرجّح أن يكون سلاح «حزب الله» هو البند الأساس لزيارتها، والعنوان الضاغط الذي ترى الولايات المتحدة الأميركية أنّ على الدولة اللبنانية أن تبادر إلى اتخاذ الإجراءات السريعة لنزع سلاح الحزب ليس فقط جنوب نهر الليطاني بل في كلّ لبنان.
ولفتت المصادر إلى أنّ واشنطن تضغط بقوة في ملف «حزب الله» وسلاحه. فما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول إمكان بناء دولة جيدة في لبنان خارج سطوة «حزب الله» ليس كلاماً عابراً، كما أنّ أورتاغوس نفسها كشفت عن هذه الضغوط بصورة غير مباشرة، حينما قاربت إعلان بعض دول الخليج رفع الحظر عن سفر رعاياها إلى لبنان، باعتراض واضح يقطع الطريق على قرارات مماثلة لقرار دولة الإمارات، بقولها «إنّ أياً من الدول لا تريد إرسال أبنائها إلى لبنان في ظلّ وجود الصواريخ الباليستية»، وقرنت ذلك بقولها أيضاً أنّه «ما زال أمام لبنان الكثير ليفعله لنزع سلاح حزب الله».
يُشار في هذا السياق، إلى أنّ بعض التحليلات الأميركية والغربية راجت في الآونة الأخيرة، وتحدّثت عن أنّ المقصود الأساس من طلب نزع السلاح هو ما تبقّى من ترسانة «حزب الله» الصاروخية التي تُشكّل تهديداً لأمن إسرائيل.
هل التوقيت ملائم؟
إزاء هذا الملف، تبدو الدولة من رئاسة الجمهورية إلى الحكومة عالقة بين فكَّي كماشة؛ الضغط الخارجي لنزع السلاح وما قد يتأتى عن أي خطوة في هذا الاتجاه من تداعيات. والضغط المتأتي عن حساسية هذا الملف داخلياً وصعوبة بلوَرة الحل المطلوب له، في ظل إصرار الحزب على التمسك بسلاحه.
وأوضحت مصادر رسمية لـ«الجمهورية»، إنّ «الديبلوماسية الهادئة التي يقودها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في هذا الاتجاه، عنوانها الجوهري حصرية السلاح بيَد الدولة، ومعالجة سلاح الحزب بالحوار والروية من دون تسرّع قد يؤدّي إلى مواجهة وإخلال بأمن واستقرار لبنان. وأمّا بالنسبة إلى توقيت طرح هذا الأمر على بساط البحث الجدّي، فيُقرّره رئيس الجمهورية عندما يرى الظرف مناسباً للخوض في هذه العملية، ويؤمَل ألّا يطول الانتظار لوقت طويل».
وجزمت المصادر «أنّ لا مفرّ من الوصول في نهاية المطاف إلى حلّ لملف السلاح، بالشكل الذي يخدم الأمن والاستقرار ويحفظ لبنان وكل مكوّناته. فكل تأخير في هذا الأمر يُراكم المزيد من التعقيدات في شتى المجالات، وخصوصاً في مجال إعادة الإعمار. ولنكن صريحين، فإنّ الدول المعنية بمساعدة لبنان أبلغت أنّها لا يمكن أن تُفرج عن مساعداتها إلّا عندما تتأكّد من حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني وحده».
ولفتت إلى أنّ كل المجتمع العربي والدولي يؤيّد هدف حصرية السلاح بيد الدولة، وهذا الأمر يضع «حزب الله» أمام مسؤولية تقدير مصلحة لبنان واللبنانيِّين، وخصوصاً المتضرّرين من العدوان الإسرائيلي، واتخاذ المبادرة في هذا الاتجاه بخطوات تفتح الباب أمام وصول المساعدات لبدء عملية الإعمار وإزالة آثار العدوان في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع.
موقف الحزب
في موازاة الأصوات الداخلية الداعمة لسحب سلاح «حزب الله»، التي تتهمّ الحزب بأنّه يشكّل عائقاً أمام نهوض الدولة وبدء عملية الإعمار، وحديث بعض الأوساط الخارجية عن أنّ فترة السماح الأميركية للبدء في الحراك الجدّي من قِبل الدولة نحو نزع هذا السلاح، فإنّ مطّلعين على أجواء «حزب الله» أكّدوا لـ«الجمهورية»، أنّ «الحزب» ليس في وارد التخلّي عن سلاحه، ولن يُعطي الإسرائيلي ورقة قوة لبنان التي فشل في انتزاعها في الحرب».
وينقل هؤلاء المطلعون عن مسؤول كبير في الحزب قوله «إنّ «حزب الله» أعلن أنّه منفتح على النقاش في استراتيجية وطنية تحمي لبنان من إسرائيل، وقبل الحديث عن السلاح هناك مسار ينبغي سلوكه من قِبل الدولة اللبنانية لتحرير المناطق المحتلة ووقف الاعتداءات الإسرائيلية وضمان ألّا تُكرّر عدوانها على لبنان».
وعن الدعوات الداخلية لسحب السلاح، أكد المسؤول عينه: «هذه حالات صوتية لا تأثير لها، ولو أنّ مَن يتحدّثون عن نزع سلاح المقاومة وتحديد مهل زمنية لنزعه، يتحدّثون بذات الحماسة والاندفاع حيال المناطق التي ما زالت محتلة من قِبل العدو الإسرائيلي، والاعتداءات والانتهاكات اليومية للسيادة الوطنية، لكانوا أخرجوا أنفسهم من دائرة الاتهام وأثبتوا بالفعل أنّهم حريصون على ما يُسمّونها السيادة».
مخاوف من حصار
ويبرز في هذا السياق ما كشفه سياسي وسطي بارز رداً على سؤال لـ«الجمهورية»، بـ«أنّنا في لبنان والمنطقة دخلنا في عصر جديد، ما يوجب علينا أن نكون واقعيِّين، ولا نمارس المكابرة والإنكار لما حلّ بنا. وعلى «حزب الله» أن يعترف بأنّه اليوم ليس كما كان عليه قبل الحرب، وعليه أن يعترف ويقبل بأنّ احتكار حيازة السلاح واستخدامه، حق للدولة اللبنانية وحدها، وجانب أساس من مسؤوليّتها في حماية المواطن وضمان الأمن في لبنان، والنأي به عن أن يكون منصة لخلق توترات».
وأضاف: «لا أرى في الأفق حالياً فرصة لإنهاء ملف السلاح، بالتالي ينبغي التعايش مع هذا الأمر ربما لفترة طويلة، لكن ما أخشى منه هو أن نتعرّض إلى حصار كبير وحجب كلّي لما قد يساعد لبنان على النهوض وإعادة الإعمار».
زيارة عباس
على الصعيد السياسي، برزت أمس زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس على رأس وفد إلى بيروت وتستمر ثلاثة أيام. وعقد الرئيس الفلسطيني، محادثات رسمية مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في القصر الجمهوري في بعبدا، صدر في ختامه بيان مشترك أكّد فيه الجانبان «على العلاقات الأخوية بين الشعبَين اللبناني والفلسطيني، وأكّدا على ضرورة التوصّل إلى سلام عادل وثابت في المنطقة».
وأدان عون وعباس «استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة». وطالبا المجتمع الدولي «بالتحرّك الفوري والجاد لوَقفه وتوفير الحماية الكاملة للمدنيِّين الفلسطينيِّين». كما شجبا الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على لبنان، ودعا المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، إلى الضغط على إسرائيل لتنفيذ الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه برعاية الدولتَين في تشرين الثاني من العام 2024 لجهة وقف الأعمال العدائية والانسحاب من التلال التي تحتلها إسرائيل، وإعادة الأسرى اللبنانيِّين، لتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود المعترف بها دولياً، وذلك تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 الذي التزم لبنان بكامل مندرجاته».
في مجال الأمن والاستقرار، أكّد عون وعباس التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة اللبنانية. كما أكّدا على أهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه. وأعلنا إيمانهما بأنّ «زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد انتهى، خصوصاً أنّ الشعبَين اللبناني والفلسطيني، قد تحمّلا طيلة عقود طويلة، أثماناً باهظة وخسائر فادحة وتضحيات كبيرة». كما شدّد الجانبان على تعزيز «التنسيق بين السلطات الرسمية، اللبنانية والفلسطينية، لضمان الاستقرار داخل المخيّمات الفلسطينية ومحيطها».
وبحسب البيان، فقد أكّد الجانب الفلسطيني التزامه بعدم استخدام الأراضي اللبنانية كمنطلق لأي عمليات عسكرية، واحترام سياسة لبنان المعلنة والمتمثلة بعدم التدخّل في شؤون الدول الأخرى والابتعاد عن الصراعات الإقليمية». واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرّف، وضمان «عدم تحوّل المخيمات الفلسطينية إلى ملاذات آمنة للمجموعات المتطرّفة».
****************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط:
عون وعباس يؤكدان الالتزام بـ«حصرية السلاح» بيد الدولة في لبنان
زيارة الرئيس الفلسطيني تثمر لجنة مشتركة لبحث أوضاع المخيمات
تُوّجت القمة اللبنانية - الفلسطينية ببيان مشترك يعلن الالتزام «بحصر السلاح بيد الدولة»، في اليوم الأول من زيارة يقوم بها الرئيس محمود عبّاس إلى لبنان هي الأولى منذ عام 2017، تهدف إلى البحث في ملفّ السلاح في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
وأكد بيان مشترك صدر بعد لقاء جمع بين عباس والرئيس جوزيف عون في القصر الجمهوري «التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة اللبنانية، كما على أهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه». وقال البيان إن الطرفين «يعلنان إيمانهما بأن زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد انتهى، خصوصاً أن الشعبين اللبناني والفلسطيني، قد تحمّلا طيلة عقود طويلة، أثماناً باهظة وخسائر فادحة وتضحيات كبيرة».
وشدد الجانبان على تعزيز التنسيق بين السلطات الرسمية، اللبنانية والفلسطينية، والالتزام بضمان الاستقرار داخل المخيمات الفلسطينية ومحيطها، في حين أكد «الجانب الفلسطيني التزامه بعدم استخدام الأراضي اللبنانية منطلقاً لأي عمليات عسكرية، واحترام سياسة لبنان المعلنة والمتمثلة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والابتعاد عن الصراعات الإقليمية». وكان اتفاق بين الطرفين، بحسب البيان، «على تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وضمان عدم تحول المخيمات الفلسطينية إلى ملاذات آمنة للمجموعات المتطرفة».
وحسب البيان المشترك، اتفق الجانبان «على تشكيل لجنة مشتركة لبنانية - فلسطينية لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، والعمل على تحسين الظروف المعيشية للاجئين، مع احترام السيادة اللبنانية والالتزام بالقوانين اللبنانية».
ويقيم في لبنان أكثر من 220 ألف فلسطيني في مخيمات مكتظة وبظروف مزرية ويُمنَعون من العمل في قطاعات عدة في البلاد.
السلام العادل والثابت
وعلى الصعيد السياسي، أكد الجانبان «على ضرورة التوصل إلى سلام عادل وثابت في المنطقة بما يسمح للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة كما يعطي كل بلدان المنطقة وشعوبها حقوقها المحقة والمشروعة».
وأدان الجانبان استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وما نتج منه من خسائر بشرية فادحة وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وطالبَا «المجتمع الدولي بالتحرك الفوري والجاد لوقفه وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين الفلسطينيين».
وشدد البيان «على ضرورة تفعيل دور الأمم المتحدة ومؤسساتها في توفير الحماية للشعب الفلسطيني وضمان احترام القانون الدولي وتطبيق قرارات الشرعية الدولية». كما شجب الطرفان «الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان»، ودعيا «المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، إلى الضغط على إسرائيل لتنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل اليه عام 2024 لجهة وقف الأعمال العدائية والانسحاب من التلال التي تحتلها إسرائيل، وإعادة الأسرى اللبنانيين، لتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود المعترف بها دولياً، وذلك تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 الذي التزم لبنان احترام كامل مندرجاته».
وفيما يتعلق بوضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أكد الجانبان «على تمسكهما بحل عادل للاجئين الفلسطينيين، بما يسمح لهم بالعودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها، وفقاً للقرار الأممي 194، ورفضهما كل مشاريع التوطين والتهجير»، كما شددا على «أهمية استمرار دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ومواصلة تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، مع العمل على زيادة مواردها المالية لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها».
*******************************************
افتتاحية صحيفة الشرق:
محادثات لبنانية – فلسطينية تؤكّد التزام حصر السلاح بيد الدولة
حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، عنوان تصدر واجهة الحدث المحلي مع زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبيروت. فـ”زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد انتهى والجانب الفلسطيني يلتزم بعدم استخدام الأراضي اللبنانية كمنطلق لأي عمليات عسكرية واحترام سياسة لبنان المعلنة والمتمثلة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والابتعاد عن الصراعات الإقليمية ، وضمان عدم تحول المخيمات الفلسطينية إلى ملاذات آمنة للمجموعات المتطرفة.”
عبارات وردت في بيان مشترك صدر عن الجانبين اللبناني والفلسطيني اثر محادثات رسمية عقدت في قصربعبدا بين الرئيسين جوزاف عون والفلسطيني محمود عباس الذي لبى دعوة رسمية وجهها اليه عون وتناولت العلاقات الثنائية بين الجانبين والتطورات الإقليمية والدولية.
حصر السلاح
فبعد اجتماع الرئيسين، أصدرا بيانا مشتركا تمسك بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وجاء فيه: يؤكد الجانبان على ضرورة تفعيل دور الأمم المتحدة ومؤسساتها في توفير الحماية للشعب الفلسطيني وضمان احترام القانون الدولي وتطبيق قرارات الشرعية الدولية. يشجب الجانبان الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان، ويدعوان المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، الى الضغط على إسرائيل لتنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل اليه برعاية الدولتين في تشرين الثاني من العام 2024 لجهة وقف الاعمال العدائية والانسحاب من التلال التي تحتلها إسرائيل، وإعادة الاسرى اللبنانيين، لتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود المعترف بها دولياً، وذلك تطبيقاً لقرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701 الذي التزم لبنان احترام كامل مندرجاته. وفي ما يتعلق بوضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، يؤكد الجانبان على تمسكهما بحل عادل للاجئين الفلسطينيين، بما يسمح لهم بالعودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها، وفقاً للقرار الأممي 194، ورفضهما لكل مشاريع التوطين والتهجير. يشدد الجانبان على أهمية استمرار دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ومواصلة تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، مع العمل على زيادة مواردها المالية لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها. ايضا، في مجال الأمن والاستقرار يؤكد الجانبان التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة اللبنانية. كما يؤكدان على أهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه. ويعلنان إيمانهما بأن زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد انتهى، خصوصاً أن الشعبين اللبناني والفلسطيني، قد تحمّلا طيلة عقود طويلة، أثماناً باهظة وخسائر فادحة وتضحيات كبيرة. يشدد الجانبان على تعزيز التنسيق بين السلطات الرسمية، اللبنانية والفلسطينية، لضمان الاستقرار داخل المخيمات الفلسطينية ومحيطها.
يؤكد الجانب الفلسطيني التزامه بعدم استخدام الأراضي اللبنانية كمنطلق لأي عمليات عسكرية، واحترام سياسة لبنان المعلنة والمتمثلة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والابتعاد عن الصراعات الإقليمية. يتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وضمان عدم تحول المخيمات الفلسطينية إلى ملاذات آمنة للمجموعات المتطرفة.
الوصول
وكان الرئيس عباس وصل الى القصر الجمهوري في بعبدا عند الثانية الا ربعا من بعد ظهر امس فاستقبله الرئيس عون عند الباحة الخارجية للقصر، حيث توجها معا الى المنصة، وعزف النشيدان الوطنيان الفلسطيني واللبناني ورفع علم دولة فلسطين الى جانب العلم اللبناني. واستعرض الرئيسان عون وعباس حرس الشرف، وحيا الرئيس الضيف العلم اللبناني، ثم دخلا الى صالون السفراء بين ثلة من الرماحة، فالتقطت الصورة التذكارية وعقد لقاء ثنائي بين الرئيسين عون ونظيره الفلسطيني ليتحول بعدها الى لقاء موسع حضره اعضاء الوفدين اللبناني والفلسطيني.
كلمة في السجل
ودوّن الرئيس عباس في السجل الذهبي للقصر الجمهوري الكلمة الآتية:
فخامة الرئيس جوزاف عون، رئيس الجمهورية اللبنانية، يسعدني، في زيارتي الى الجمهورية اللبنانية الشقيقة، وفي مستهل عهدكم الرئاسي، ان انقل لفخامتكم، ولحكومتكم الموقرة، ولشعب لبنان العزيز، اصدق تحيات وتقدير شعبنا الفلسطيني، وتمنياته المخلصة لكم بالتوفيق والنجاح في قيادة لبنان نحو مزيد من الامن والاستقرار والتقدم.
نعبر عن سعادتنا بوجودنا اليوم في بيروت العزيزة، مدينة الكلمة والموقف والثقافة والشعب الاصيل التي نكّن لها، قيادة وشعباً، كل التقدير والوفاء، ونستذكر بإجلال واعتزاز مواقفها المشرفة عبر العقود في نصرة القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق شعبنا.
إن زيارتنا للبنان الشقيق تأتي في سياق تعزيز العلاقة الاخوية المتجذرة بين شعبينا، وفي اطار تأكيدنا على عمق الروابط التاريخية التي جمعتنا منذ النكبة، وعلى امتناننا الكبير لمواقف لبنان المشرّفة، وللتضحيات الجسام التي قدمها الشعب اللبناني، دولة ومجتمعاً، الى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها وما زال يواجهها.
ونحن إذ نعبّرعن اعتزازنا بهذه العلاقات الاخوية، فإننا نؤكد مجدداً أن الشعب الفلسطيني في لبنان هو ضيف مؤقت وثابت على حقه في عودته الى وطنه فلسطين، وفق قرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها القرار 194 ورفض كافة مشاريع التوطين والتهجير.
كما ونشدد على احترام القوانين اللبنانية والالتزام بها، وتعزيز التنسيق الامني بين الجمهورية اللبنانية ودولة فلسطين لضمان الامن والاستقرار داخل المخيمات الفلسطينية ومحيطها، ودعم لبنان في تنفيذ التزاماته الدولية والحفاظ على امنه واستقراره وسيادته على ارضه.
******************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن:
"لاءات" القمة اللبنانية - الفلسطينية
انتهى زمن السلاح الفلسطيني في لبنان
أنهى البيان اللبناني – الفلسطيني المشترك، بعد قمة جمعت الرئيس اللبناني جوزاف عون والرئيس الفلسطيني محمود عباس، في قصر بعبدا، مفاعيل «اتفاق القاهرة»، الذي كان سارياً، على رغم إلغائه، والذي شرَّع العمل العسكري الفلسطيني انطلاقاً من لبنان.
هذا العمل العسكري الفلسطيني، أو كما كان يسمَّى «الكفاح الفلسطيني المسلَّح» في لبنان، كان بدأ إثر هزيمة العرب في حرب حزيران 1967، أو كما سميت «نكسة الـ 67»، منذ ذلك التاريخ، قرر الفلسطينيون عدم الاعتماد على الدول العربية، ولا سيما منها دول المواجهة، فقرروا إنشاء جيشهم الخاص الذي عُرِف بـ «جيش التحرير الفلسطيني».
من الفوضى إلى اتفاق القاهرة
استباح الفلسطينيون لبنان وانتهكوا السيادة اللبنانية في عهد الرئيس شارل حلو، هذه الانتهاكات أدت إلى صدامات عسكرية بين الجيش اللبناني والمسلحين الفلسطينيين، ولم تهدأ إلا بعد توقيع اتفاق القاهرة في خريف العام 1969 الذي شرَّع العمل الفلسطيني المسلح، بعدما كان هذا العمل المسلح موجوداً قبل الاتفاق، بحكم الأمر الواقع.
وعلى رغم اتفاق القاهرة، فإن الفلسطينيين انتهكوا بنوده، فكان الصدام الثاني مع الجيش اللبناني في أيار من العام 1973. ثم كان الانفجار الكبير في نيسان 1975 في عين الرمانة والذي كان مؤشراً إلى بداية الحرب في لبنان.
عام 1982، تذرعت إسرائيل بالوجود العسكري الفلسطيني لتجتاح لبنان، ما أدى إلى خروج منظمة التحرير الفلسطينية، بقيادة ياسر عرفات، من لبنان إلى تونس، لكن المخيمات الفلسطينية بقيت وبقي السلاح فيها.
عهد جديد ومرحلة جديدة
اليوم، ومع المرحلة الجديدة بعد انتهاء «حرب الإسناد والمشاغلة» وقبول لبنان باتفاق وقف إطلاق النار، طُرِح مجدداً وضع المخيمات الفلسطينية انطلاقاً من الفصائل الفلسطينية المسلَّحة. من هنا جاءت زيارة الرئيس محمود عباس للبنان، وكانت القمة اللبنانية – الفلسطينية مع الرئيس جوزاف عون، وكان لافتاً جداً البيان المشترك وأبرز نقاطه:
يؤكد الجانبان التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة اللبنانية. كما يؤكدان أهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه. ويعلنان إيمانهما بأن زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد انتهى.
يؤكد الجانب الفلسطيني التزامه بعدم استخدام الأراضي اللبنانية كمنطلق لأي عمليات عسكرية، واحترام سياسة لبنان المعلنة والمتمثلة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والابتعاد عن الصراعات الإقليمية.
يتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وضمان عدم تحول المخيمات الفلسطينية إلى ملاذات آمنة للمجموعات المتطرفة.
البيان المشترك… تحولات نوعية
مصدر سياسي رفيع قال لـ «نداء الوطن» إن البنود الآنفة الذكر هي مؤشر مهم إلى تحولات نوعية في مقاربة الطرفين اللبناني والفلسطيني للتحديات الأمنية المشتركة، وتكشف عن إرادة سياسية جديدة لإعادة تنظيم العلاقة على أسس سيادية ومؤسساتية واضحة.
ويعتبر المصدر أن تأكيد الجانبين على التزام مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، خطوة استراتيجية تهدف إلى استعادة الدولة سلطتها الكاملة على أراضيها. وهذا المبدأ يعكس قناعة مشتركة بأن التجارب السابقة، التي سمحت بوجود سلاح خارج إطار الدولة، أدت إلى نتائج كارثية على الاستقرارين اللبناني والفلسطيني، على حد سواء. وقد بات من الواضح أن استمرار هذا الواقع لم يعد مقبولاً لا داخلياً ولا إقليمياً، في ظل تبدلات المشهد الأمني والسياسي في المنطقة. كما أن الإشارة إلى أن «زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة قد انتهى» تعني بداية مرحلة جديدة تقوم على منطق الدولة الواحدة القادرة، وتستند إلى إرادة شعبية مشتركة دفعت ثمناً باهظاً للحروب والاشتباكات والصراعات.
رسالة تهدئة
وتابع المصدر أن التركيز على تعزيز التنسيق بين السلطات الرسمية اللبنانية والفلسطينية يؤشر إلى إدراك الطرفين خطورة الانفلات الأمني داخل المخيمات الفلسطينية، خصوصاً بعد الأحداث المتكررة التي شهدتها بعض المخيمات في السنوات الأخيرة. ويُفهم من هذا البند وجود توجه نحو تعزيز الشراكة الأمنية والإدارية، بما يتيح ضبط الوضع في المخيمات ضمن رؤية متكاملة تأخذ بالاعتبار السيادة اللبنانية والخصوصية الفلسطينية.
ويعتبر المصدر أن تعهد الجانب الفلسطيني بعدم استخدام الأراضي اللبنانية كنقطة انطلاق لأي عمليات عسكرية هو تطور لافت، يتقاطع مع إعلان لبنان المتكرر عن سياسة النأي بالنفس. فهذا الموقف لا يضمن فقط تجنيب لبنان تداعيات الصراعات الإقليمية، بل يعكس أيضاً وعياً فلسطينياً بأهمية حماية الوجود الفلسطيني في لبنان من الانزلاق نحو التوظيف السياسي أو العسكري من قبل قوى خارجية.
ويرى المصدر أن هذه النقطة تشكل توافقاً لبنانياً فلسطينياً على ضرورة التصدي لأي نشاطات إرهابية أو متطرفة، خصوصاً مع ازدياد المؤشرات إلى محاولات بعض الجماعات استغلال هشاشة الوضع الأمني داخل المخيمات. إن هذا التعاون لا يهدف فقط إلى ضبط المخيمات، بل يندرج أيضاً ضمن الرؤية الشاملة للأمن الوطني اللبناني والأمن الجماعي الفلسطيني، ويقطع الطريق أمام أي محاولة لتحويل المخيمات إلى بيئة خارجة على القانون.
العبرة في التنفيذ
ويختم المصدر أن «هذه البنود مجتمعة تدل على تحول في العقل السياسي والأمني لدى الطرفين، يقوم على مبدأ الشراكة في تحمل المسؤولية، ويؤسس لإطار تفاهم أمني قد يشكل مرجعاً لأي تفاهمات مستقبلية على مستوى الدولة والمخيمات. إلا أن نجاح هذا المسار مرهون بترجمته إلى إجراءات عملية وتوفير غطاء سياسي داخلي ودولي يضمن تطبيقه بعيداً عن الحسابات الفئوية أو الضغوط الخارجية.
في المحصِّلة، تبقى العبرة في التنفيذ، خصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي يعد فيها الفلسطيني بالتزامه احترام السيادة اللبنانية، فهل يلتزم هذه المرة؟
عباس الذي جاء إلى بيروت حاملاً معه ملفات سياسية وأمنية ملحة تهدف إلى تعزيز التعاون بين السلطة الفلسطينية والدولة اللبنانية، سيستكمل لقاءاته في بيروت ويستقبله رئيس الحكومة نواف سلام ظهر اليوم في السراي الحكومي.
غارات إسرائيلية مكثفة
وعشية الاستحقاق البلدي والاختياري في جولته الأخيرة جنوباً السبت، ارتفع منسوب الحماوة مع تعدد الخروقات الإسرائيلية حيث استهدفت غارة إسرائيلية صباح الأربعاء سيارة في بلدة عين بعال الواقعة في قضاء صور، أدت إلى مقتل حسين نزيه برجي من بلدة الرمادية. وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف القيادي في «حزب الله» حسين نزيه في الغارة على صور.
أيضاً، استهدفت مسيّرة، آلية بوكلين، في بلدة ياطر، مما أدى إلى وقوع قتيل. ومساء استهدف الطيران الإسرائيلي دراجة نارية في بلدة عيترون والمستهدف هو محمد ابراهيم حيدر.
الأوضاع الأمنية عشية الاستحقاق الانتخابي، تابعها رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة أمس مع وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار حيث جرى البحث في المستجدات والتحضيرات لإنجاز المرحلة الأخيرة من الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي الجنوب والنبطية.
ونشرت وزارة الداخلية والبلديات قرار تقسيم مراكز الاقتراع في محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية، وتتمنى على الناخبين التأكد من ورود أسمائهم في المراكز قبل التوجه للتصويت، حرصاً على حسن سير العملية الانتخابية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :