ارتفاع اسعار الذهب يحفز للحرب التجارية

ارتفاع اسعار الذهب يحفز للحرب التجارية

 

Telegram

 

تواصل أسعار الذهب ارتفاعها محفّزة بالحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على العالم أجمع. التقديرات الصادرة عن مصارف كبرى مثل «جي بي مورغان» و«غولدمان ساكس» تشير إلى أن سعر الذهب سيواصل الارتفاع ليصل إلى 4000 دولار. «جي بي مورغان» يتوقع أن يبلغ سعر الأونصة 3675 دولاراً في نهاية 2025 ثم إلى 4000 دولار في منتصف 2026، بينما «غولدمان ساكس» يتوقع أن ترتفع الأسعار إلى ما بين 3600 و3900 دولار في نهاية 2025.

الموضوع لا ينحصر فقط بالحرب التجارية، إذ إن سعر الذهب في ارتفاع مستمرّ منذ سنوات، بل تحفّز بفعل هذه الحرب والتوترات الأخرى. لكن هذا الارتفاع هو عارض لشيء آخر؛ وهو بداية التحوّل في النظام المالي العالمي، وأبرزها شراهة المصارف المركزية لشراء الذهب، إذ يمثّل طلب المصارف المركزية على الذهب نحو 20% من الطلب العالمي. ما يعني أن المصارف المركزية هي لاعب أساسي في هذه المعادلة.

ففي السنوات الأخيرة، ارتفع طلب المصارف المركزية على الذهب. وبلغ حجم الطلب في سنوات 2019 و2020 و2021 نحو 650 طناً، و255 طناً، و463 طناً توالياً. القفزة النوعية حدثت في سنة 2022، عندما بلغ حجم هذا الطلب 1082 طناً سنوياً، ليبقى على مستوى أعلى من 1000 طن في السنتين التاليتين. وهذا الأمر يتوافق مع الارتفاع في سعر الذهب في هذه السنوات.

عندما يكون الدافع الأساسي لارتفاع أسعار الذهب هو المصارف المركزية، فهذا يعني أن هذا الارتفاع هو ارتفاع بنيوي، وليس مبنياً على مضاربات السوق وغيرها. أيضاً يعني ذلك أنه ارتفاع متين مبني على قاعدة قوية. فعندما تتجه المصارف المركزية في العالم إلى شراء الذهب، هي تعبّر عن اختلال في النظام المالي العالمي القائم على الدولار. قد يرى البعض أن الاتجاه نحو شراء الذهب هو رد الفعل الطبيعي لتهديدات الولايات المتحدة بالعقوبات، لا سيما مع ارتفاع عدد الدول المُعرّضة للعقوبات في السنوات الماضية.

كما إن وضع اليد الذي مارسته الولايات المتحدة، على 300 مليار دولار من احتياطات روسيا بمختلف العملات والأصول، جعل الكثير من الدول تخاف على احتياطاتها. يقول الخبير الاقتصادي مايكل هادسن، إن المصارف المركزية قلقة من تسييس نظام الدولار، خاصةً بعد أن جمّدت الولايات المتحدة وحلفاؤها احتياطيات روسيا من الدولار واليورو رداً على حرب أوكرانيا. وقد أشارت هذه الخطوة إلى دول أخرى بأن احتياطياتها من الدولار قد لا تكون آمنة في حال فقدانها حظوتها لدى الغرب.

من ناحية أخرى، بحسب هادسن، تتجه الدول نحو الذهب كأصل احتياطي «غير سياسي»، لا يخضع لسيطرة الولايات المتحدة أو الغرب. هذا يعني أنه لا يمكن فرض عقوبات على الذهب أو تجميده، على عكس الدولارات أو اليورو المودعة في البنوك الأجنبية.

يجادل هدسون بأن عدداً من الدول غير الغربية، وخاصة في دول الجنوب العالمي، ترغب في التخلي عن الدولار والتحول بعيداً من الأنظمة المالية التي يهيمن عليها الغرب. ويُعدّ تراكم الذهب جزءاً من هذه الإستراتيجية، لا سيما بالنسبة إلى دول البريكس ودول الجنوب العالمي التي تسعى إلى بناء نظام نقدي متعدد الأقطاب. ويكمل هادسن، أنه على عكس العملات الورقية أو السندات الحكومية، لا يوجد جهة مُصدرة للذهب. وتنجذب البنوك المركزية إلى هذه الميزة، خاصة بعد أن رأت كيف يمكن حتى للسندات السيادية (مثل سندات الخزانة الأمريكية) أن تصبح أصولاً محفوفة بالمخاطر السياسية.

صحيح أن الدولار لا يزال العملة المهيمنة عالمياً، سواء على صعيد الاحتياطات أو على صعيد التعاملات التجارية، إلا أن بعض التغيرات في السوق، ومنها الارتفاع في سعر الذهب والأسباب خلف هذا الارتفاع، تشير إلى تغيرات جزئية في النظام المالي العالمي السائد.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram