الفايننشال تايمز: محاولات الإصلاح الاقتصادي في لبنان تطلق معركة إعلامية
أثارت المساعي لإصلاح النظام المصرفي في لبنان رداً قوياً من معارضي الإصلاحات التي يدعمها صندوق النقد الدولي والتي يقول المسؤولون إنها ضرورية إذا أرادت البلاد التعافي من الانهيار المالي عام 2019.
هكذا لخصت صحيفة “فايننشال تايمز” المقاومة للإصلاحات الاقتصادية والتي اتخذت شكل هجمات إعلامية متكررة وقضايا قضائية تستهدف منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك المنظمات غير الربحية التي انحازت إلى صندوق النقد الدولي وتقول إنها ضحايا حملة تشويه.
وتتابع الصحيفة إن إعلاميين وقنوات إخبارية لبنانية اتهمت صانعي السياسات الإصلاحيين والمنظمات غير الحكومية والصحافيين التي حققت في الفساد المالي بأنها جزء من مؤامرة ممولة من جورج سوروس للإضرار بالاقتصاد اللبناني.
كما واجهت وسائل الإعلام المستقلة شكاوى قانونية متعددة فيما وصفته “هيومن رايتس ووتش” بأنه “تسليح لقوانين التشهير الجنائي”.
وفشل لبنان حتى الآن في تنفيذ معظم الإصلاحات التي طالب بها صندوق النقد الدولي منذ أن فقدت العملة أكثر من 90 في المئة من قيمتها وتم تجميد الودائع المصرفية في أزمة عام 2019، مع خسائر تقدر بأكثر من 70 مليار دولار، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عداء كبار رجال الأعمال والممولين.
لكن رئيس الوزراء نواف سلام والرئيس جوزيف عون اللذين وصلا إلى السلطة في وقت سابق من هذا العام بعد إضعاف “حزب الله” خلال الصراع الأخير مع إسرائيل يتعرضان لضغوط من المانحين الأجانب لإصلاح النظام المصرفي. وقد تعهدا بوضع الإصلاحات التي لم يقرها أسلافهما.
وتنقل الصحيفة البريطانية عن ديالا شحادة، محامية ميغافون، إحدى وسائل الإعلام التي تواجه مزاعم، عن “حملة سياسية … بهدف الدفاع عن مصالح الطبقة المصرفية”.
وفي إشارة إلى زخم مؤيدي الإصلاح، عدّل مجلس النواب الأسبوع الماضي قواعد السرية المصرفية للسماح بمزيد من الشفافية، في حين أن المحاولات السابقة لم تلبِّ مطالب صندوق النقد الدولي.
وأشاد سلام بالقرار ووصفه بأنه “خطوة ضرورية نحو الإصلاح الاقتصادي المنشود الذي تعهدت حكومتنا بتحقيقه”، وأساسي “لمحاسبة المذنبين”.
وتناقضت رسالته مع رسائل وسائل الإعلام الرائدة التي انتقدت المجتمع المدني بشدة: فقد هاجمت قانون السرية المصرفية ووصفته بأنه “خيانة” للمودعين، وعارضت بندًا في التشريع الجديد يسمح بالكشف عن سجلات تعود إلى عقد من الزمن.
معركة إعلامية
ومع ذلك، لا تزال الإصلاحات الأكثر إثارة للجدل معلقة، ويؤكد تصاعد حدة المعركة الإعلامية التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة وأجندتها.
ولضمان التوصل إلى اتفاق طال انتظاره مع صندوق النقد الدولي، يحتاج لبنان إلى إقرار قوانين لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وتوزيع خسائر أزمة 2019، وإعداد خطط لسداد ديون المودعين. ويبقى السؤال المحوري هو: ما حجم العبء الذي يجب أن تتحمله الدولة مقابل البنوك التجارية؟
وقال أيمن مهنا، المدير التنفيذي لمؤسسة سمير قصير، وهي هيئة رقابية إعلامية مقرها بيروت: “الجهات الفاعلة في القطاع المصرفي التي كان لديها الكثير لتخسره والكثير لتخفيه هي تلك التي تستثمر بكثافة أكبر في دعم خطاب معين في وسائل الإعلام”.
وأضاف: “حتى الآن، لم تنجح الحملة في تحقيق أهدافها السياسية. ولهذا السبب نتوقع أن تستمر الحملة وأن تزداد ضراوة”.
وافق مجلس الوزراء على مسودة قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وبدأت لجنة المالية في مجلس النواب مناقشتها هذا الأسبوع. لكن التشريع الخاص بتوزيع الخسائر وسداد أموال المودعين لم يوافق عليه أي منهما بعد.
وصرح الأمين العام لجمعية مصارف لبنان هذا الأسبوع أن القطاع المصرفي يريد أن يجد مشروع قانون إعادة الهيكلة “توازنًا واقعيًا بين الإصلاح المالي وحماية حقوق المودعين”.
ولطالما كانت البنوك اللبنانية من أبرز المعلنين على القنوات التلفزيونية في البلاد، التي تعتمد نماذج أعمالها على دعم المصرفيين والسياسيين، وفقًا لدراسات أجرتها مبادرة السياسة، وهي مؤسسة فكرية مقرها بيروت.
ووصفت العديد من وسائل الإعلام أعضاء البرلمان الذين يدعمون عملية التنظيف بأنهم عملاء لأجندة أجنبية. “أخطبوط سياسي واقتصادي حقيقي يتربص بلبنان”، هذا ما جاء في تقرير على قناة MTV اللبنانية، واصفًا جماعة “كلنا إرادة” المناصرة للسياسات، وموقعي الأخبار “ميغافون” و”درج” بأنهما عميلان للممول الأميركي سوروس، وهو اتهام ينفيانه.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي