لأن السيطرة على البحار لطالما كانت مفتاح السيادة البحرية والهيمنة العالمية، بزغت فكرة قناة بنما كمشروع طموح تجسد الإدراك المبكر للأهمية الاستراتيجية الاستثنائية لموقع برزخ بنما. فمنذ القرن السادس عشر، أدركت قوى عديدة، بدءًا بالإسبان، القيمة الجيوسياسية لهذا الممر المائي المحتمل. وفي القرن التاسع عشر، سعى الفرنسي فرديناند دي ليسابس، بطل قناة السويس، لشق هذا الشريان الحيوي، لكن جهوده باءت بالفشل بعد تسع سنوات من التحديات الطبيعية القاسية. وفي مطلع القرن العشرين، حسمت الولايات المتحدة هذا الطموح لصالحها، فاستغلت الوضع السياسي في كولومبيا لدعم استقلال بنما، وحصلت بموجب معاهدة هاي-بونو فاريلا عام 1903 على الحق الحصري في بناء وتشغيل القناة. ومنذ افتتاحها عام 1914، ظلت القناة ذات أهمية استراتيجية للولايات المتحدة حتى معاهدات عام 1977، حين وقع الرئيس الأميركي جيمي كارتر معاهدات توريخوس-كارتر، ليتم بموجبها التنازل عن القناة وتسليمها إلى بنما بحلول عام 1999. إلا أن هذه السيادة البنمية لم تدم طويلًا دون تحديات، فمع وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية، عادت قضية السيطرة على القناة إلى الواجهة، حيث استنكر بشدة تخلي الولايات المتحدة عن هذه البنية التحتية الحيوية، مؤكدًا على ضرورة استعادتها لما تمثله من أهمية قصوى لقوة واشنطن التجارية والعسكرية، خاصة في ظل تنامي النفوذ الصيني في المنطقة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :