لقد انهالت عليه النيازك وقُصف بالقنابل، والتهمته الكائنات وضيقت النباتات الخناق عليه. واجه غضب الآلهة وغزو الفضائيين، ونجا من طفيليات ذكية صنعها البشر هربت من المختبرات. في فيلم الكوارث "2012" الصادر عام 2009 للمخرج رولاند إيميريش، اضطرب كوكب الأرض بفعل توهج شمسي هائل، بينما اختار ريتشارد كيلي في تحفته الفنية الغريبة "حكايات ساوث لاند" الصادر عام 2006 محفزاً غير مقصود متمثلاً في مصافحة عابرة بين شخصين غريبين. إنسوا مشهد جانيت لي وهي تستحم أو درو باريمور وهي تتحدث على الهاتف: فالضحية الأبرز في السينما ليست سوى الكوكب نفسه الذي يساق مراراً إلى المذبحة بأساليب إبداعية مروعة. يبدو أن هناك شيئاً واحداً تحبه هوليوود أكثر من النهايات السعيدة، وهو النهاية التعيسة للجميع من دون استثناء.
ومرة أخرى، يموت العالم في فيلم "النهاية"، وهو فيلم غنائي مترف ومتأرجح أشبه بتحية أخيرة على المسرح، تؤدي فيه تيلدا سوينتون دور الأم لآخر من بقي من البشرية. وتدور الأحداث في منجم للملح يقع على عمق نصف ميل تحت الأرض، حُوّل بعناية إلى منزل عائلي فاخر. وتزين الجدران لوحات مونيه، ويتنقل في أرجائه خادم راقص بتهذيب بالغ، يملأ الكؤوس بالنبيذ الفاخر كل ليلة. لكن الكوكب احترق، مما يعني أن كل من كان على السطح لقي حتفه. بالطبع، يعترف من في الملجأ بأن التغير المناخي هو السبب، لكنهم لا يزالون يجادلون حول العلم وينفضون أيديهم من أي شعور بالذنب. ويعيدون ملء كؤوسهم، ويتبادلون الابتسامات حول مائدة العشاء، بينما عقارب ساعة القيامة تدق معلنة تجاوز منتصف الليل. وفي معظم الأفلام الموسيقية، تكون الأغاني مشرقة ومتفائلة، وكأنها تمهد الطريق نحو المستقبل. أما هنا، فهي أشبه بمحاولات يائسة للتشبث بالحياة، أو مرثيات غارقة في الحنين، تلوح بأسى إلى الماضي عبر المرآة الخلفية.
بصورة غير مباشرة - وربما من دون قصد - يلقي فيلم "النهاية" نظرة على الماضي أيضاً. فهو من كتابة وإخراج جوشوا أوبنهايمر، وهو اسم يبدو مثالياً لمخرج يتناول في عمله قدرة الإنسان على تدمير الكوكب. وكما تحمل شخصيات الفيلم ماضيها معها إلى المخبأ تحت الأرض، كذلك يفعل الممثلون الذين يجسدونها.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :